تتسم الأوضاع بولاية قفصة و عموم الحوض المنجمي هذه الأيام بالتوتر الشديد و بإرتفاع ملحوظ لمنسوب الإحتقان في نفوس الأهالي و ذلك نتيجة لجملة من العوامل و الأسباب التي تأتي في صدارتها البطالة و إنعدام التنمية الحقيقية و غياب أسباب العيش الكريم فضلا عن تعطل المشاريع الإقتصادية الكفيلة بالإرتقاء بمستوى عيش المواطن و ذلك رغم الوعود التي قطعتها على نفسها الحكومات المتعاقبة . هذا العنصر في حد ذاته ساهم في بروز عقلية ما لدى العامة تقوم على عدم الثقة في وعود المسؤولين سواء منهم المركزيين أو المحليين الأمر الذي زاد في تغذية هذا التوتر و الشعور بالغبن خصوصا لما يكلع المرء على بعض الأرقام التي لها دلالات عميقة لا يرتقي لها الشك و ذلك تحديدا بشان مؤشرات النمو حيث تشير الإحصائيات الرسمية الصادرة من قبل وزارة التنمية و التعاون الدولي إلى أن نسبة البطالة بعموم ولاية قفصة قد بلغت 27 فاصل 3 بالمائة فيما يساوي المعدل الوطني 15 فاصل 3 بالمائة و ذلك في غضون تذيل معتمديات الولاية وفقا لنفس الدراسة ترتيب معتمديات البلاد التونسية من حيث مؤشر التنمية.. مشاريع معطلة و أخرى موؤودة اليأس الذي يسيطر على أذهان المتساكنين له ما يبرره و زيادة إذ يكفي أن تلقي نظرة على قائمة المشاريع المعطلة أو التي وأدت أصلا في المهد على غرار المستشفى متعدد الإختصاصات الذي أقرته الحكومة التونسية في إطار التعاون مع نظيرتها الفرنسية و الذي بات يراوح نفسه منذ الإعلان عن قرار إنشائه حيث ظلت القرارات التي إنبثقت عن الإجتماع الوزاري بمقر الحكومة بتاريخ 15 ماي 2015 و التي حثت على ضرورة الإنطلاق في تنفيذ مكونات هذا المشروع الهام و الحيوي لفائدة الجهة ظلت حبرا على ورق و هو ما يراه أغلب المواطنين ضربا من ضروب التسويف و نهجا واضحا للتضليل على عجز القائمين على السلطة بالبلاد في معالجة الأوضاع المتردية التي تعيشها هذه المنطقة . دائما بشأن المشاريع المعطلة بالجهة نشير إلى مشروع إنجاز المعهد العالي للرياضة و التربية البدنية و بعث مركز للتكوين المهني بالمتلوي و ثان ببلخير فضلا عن إستكمال مشروع جسر وادي الكبير و معمل الإسمنت بالقطار و في نفس الإطار نلاحظ التلكؤ في إنجاز المسلك السياحي الذي من شأنه أن يساهم في إيجاد موارد رزق للعديد من العائلات حيث يعتقد الملاحظون أنت هذا المشروع قد تم وأده قبل ولادته.. إنقطاع مسترسل لماء الشرب هذا المشهد البائس زاد حدة خلال الفترة الماضية بسبب الإنقطاع المسترسل لماء الشرب على أجزاء واسعة من مدينة قفصة و المناطق المنجمية بشكل عام حيث إقترن ذلك مع إرتفاع الحرارة إذ تحول إنقطاع الماء الصالح للشراب إلى ظاهرة حقيقية زادت في إرتفاع حجم الإحتقان لدى المواطنين خاصة و أن هذه الظاهرة قد إرتفعت وتيرتها بشكل ملحوظ تزامنا مع شهر رمضان المعظم و هو ما إعتبره البعض عقابا جماعيا ممنهجا على أهالي هذه المنطقة و حرمانا من أبسط ضروريات الحياة.. القوافل و منظومة الفساد و مما زاد في إذكاء جذوة الإحتقان ما تعرضت له الجمعية الأولى بالجهة ألا وهي قوافل قفصة من مظلمة في ختام الموسم الحالي و ذلك عقب مباراة الباراج أمام إتحاد بن قردان حيث وصف أغلب أنصار الجمعية و رجل الشارع القرارات المجحفة التي أصدرتها الجامعة التونسية لكرة القدم تجاه قوافل قفصة نتاجا طبيعيا لممارسات ما وصفت بمنظومة الفساد و يعني بها أصحاب هذا الرأي جامعة الكرة حيث بدا لهم واضحا الإنحياز المفضوح من قبل حكم المباراة و الطاقم المرافق له للفريق المنافس بحكم إنتماء رئيس الجامعة وديع الجريء إلى منطقة بن قردان كما يعد الرئيس الأسبق للنادي المذكور . العقوبات الصادرة من قبل ما وصفت بجامعة العار أججت غضب الجماهير التي تحركت في مسيرات ليلية و نادت بإنصاف فريقها و بمحاسبة المذنبين و على رأسهم رئيس الجامعة التونسية لكرة القدم و هو مطلب ملح باتت ترفعه أغلب الجماهير و حتى العامة الذين إعتبروا هذه المنظومة سببا مباشرا في وأد أحلامهم و إعدام آمالهم في رؤية فريقهم المفضل مجددا ضمن علية الفرق التونسية و من وراء ذلك " قطع الأكسجين الذي يستنشقونه " ألا و هو الكرة لتزيد متاعب هذه الجماهير و يرتفع حجم المعاناة لديهم.. يأس و إحتقان الحديث عن الكرة يجرنا إلى مسألة الترفيه و الوسائل الضرورية التي من شأنها أن تزيح السآمة و تبعد الملل عن أذهان المواطنين فهي منعدمة أو تكاد الأمر الذي يولد الشعور بالحرمان لدى أغلب الشرائح الإجتماعية و العمرية فحتى الوسائل التي أتاحتها الطبيعة لمتساكني هذه الربوع من حيث العيون الجارية على غرار الأحواض الرومانية و مسبح سيدي أحمد زروق و الجداول التي كانت تنساب بمنطقة الثالجة حيث كانت هذه الوسائل تلبي حاجيات المتساكنين من حيث الترفيه و أساسا السباحة فضلا عن وظائفها الأخرى مثل الشرب و سقي المساحات الخضراء و الضيعات غير أن هذه العيون المائية جفت منذ سنوات بمفعول الإستعمال المكثف للمياه الباطنية عند إستخراجها بغية غسل الفسفاط لتتحول هذه المادة إلى نقمة بما ينجر عنها من أمراض جراء الأنشطة التابعة لها حيث ساهمت فضلا عن ذلك في تفشي ظاهرة التلوث البيئي..