وزارة التربية تستعد لإطلاق مدارس افتراضية لدعم التلاميذ وتعزيز الخدمات الرقمية..    تحيين مطالب الحصول على مقسم فردي معدّ للسكن    ملف "التسفير": أحكام بالسجن بين 18 و36 سنة والمراقبة الإدارية لخمسة أعوام    الاتحاد الجهوي للفلاحة يقتحم عالم الصالونات والمعارض...تنظيم أول دورة للفلاحة والمياه والتكنولوجيات الحديثة    تحسّن وضعية السدود    معدّل نسبة الفائدة في السوق النقدية    اللجنة العليا لتسريع انجاز المشاريع العمومية تأذن بالانطلاق الفوري في تأهيل الخط الحديدي بين تونس والقصرين    مع الشروق : ترامب.. مائة يوم من الفوضى !    أخبار الملعب التونسي : غيابات بالجملة والبدائل مُتوفرة    وزير الشباب والرياضة يستقبل رئيسي النادي الإفريقي والنادي الرياضي البنزرتي    عاجل/ من بيهم علي العريض: أحكام بالسجن بين 18 و36 سنة في حق المتهمين في قضية التسفير..    القيروان: هلاك طفل ال 17 سنة في بحيرة جبلية!    في افتتاح مهرجان الربيع لمسرح الهواة بحمام سوسة... تثمين للمبدعين في غياب المسؤولين    تونس تسجّل أعلى منسوب امتلاء للسدود منذ 6 سنوات    لماذا اختار منير نصراوي اسم 'لامين جمال" لابنه؟    مأساة على الطريق الصحراوي: 9 قتلى في حادث انقلاب شاحنة جنوب الجزائر    عاجل/ أمريكا تجدّد غاراتها على اليمن    عاجل/ تحويل جزئي لحركة المرور بهذه الطريق    عاجل: إدارة معرض الكتاب تصدر هذا البلاغ الموجه للناشرين غير التونسيين...التفاصيل    تونس تستعدّ لاعتماد تقنية نووية جديدة لتشخيص وعلاج سرطان البروستات نهاية 2025    اتخاذ كافة الإجراءات والتدابير لتأمين صابة الحبوب لهذا الموسم - الرئيسة المديرة العامة لديوان الحبوب    عاجل/ زلزال بقوة 7.4 ودولتان مهدّدتان بتسونامي    أجور لا تتجاوز 20 دينارًا: واقع العملات الفلاحيات في تونس    الليلة: أمطار رعدية بهذه المناطق..    تعاون ثقافي بين تونس قطر: "ماسح الأحذية" في المسابقة الرسمية للمهرجان الدولي للمونودراما بقرطاج    مدنين: مهرجان فرحات يامون للمسرح ينطلق في دورته 31 الجديدة في عرس للفنون    معرض تونس الدولي للكتاب يختتم فعالياته بندوات وتوقيعات وإصدارات جديدة    جريمة قتل شاب بأكودة: الإطاحة بالقاتل ومشاركه وحجز كمية من الكوكايين و645 قرصا مخدرا    عاجل/ تسجيل إصابات بالطاعون لدى الحيوانات..    عشر مؤسسات تونسية متخصصة في تكنولوجيا المعلومات ستشارك في صالون "جيتكس أوروبا"    منوبة: احتراق حافلة نقل حضري بالكامل دون تسجيل أضرار بشرية    غرفة القصّابين: أسعار الأضاحي لهذه السنة ''خيالية''    سليانة: تلقيح 23 ألف رأس من الأبقار ضد مرض الجلد العقدي    مختصون في الطب الفيزيائي يقترحون خلال مؤتمر علمي وطني إدخال تقنية العلاج بالتبريد إلى تونس    فيلم "ميما" للتونسية الشابة درة صفر ينافس على جوائز المهرجان الدولي لسينما الواقع بطنجة    فترة ماي جوان جويلية 2025 ستشهد درجات حرارة اعلى من المعدلات الموسمية    الانطلاق في إعداد مشاريع أوامر لاستكمال تطبيق أحكام القانون عدد 1 لسنة 2025 المتعلق بتنقيح وإتمام مرسوم مؤسسة فداء    حزب "البديل من أجل ألمانيا" يرد على تصنيفه ك"يميني متطرف"    جندوبة: انطلاق فعاليات الملتقى الوطني للمسرح المدرسي    بطولة افريقيا للمصارعة بالمغرب: النخبة التونسية تحرز ذهبيتين في مسابقة الاواسط والوسطيات    خطر صحي محتمل: لا ترتدوا ملابس ''الفريب'' قبل غسلها!    تطاوين: قافلة طبية متعددة الاختصاصات تزور معتمدية الذهيبة طيلة يومين    صيف 2025: بلدية قربص تفتح باب الترشح لخطة سباح منقذ    إيراني يقتل 6 من أفراد أسرته وينتحر    ريال بيتيس يتغلب على فيورنتينا 2-1 في ذهاب قبل نهائي دوري المؤتمر الاوروبي    الصين تدرس عرضا أميركيا لمحادثات الرسوم وتحذر من "الابتزاز"    الأشهر الحرم: فضائلها وأحكامها في ضوء القرآن والسنة    لي جو هو يتولى منصب الرئيس المؤقت لكوريا الجنوبية    أبرز ما جاء في زيارة رئيس الدولة لولاية الكاف..#خبر_عاجل    الجولة 28 في الرابطة الأولى: صافرات مغربية ومصرية تُدير أبرز مباريات    الرابطة المحترفة الثانية : تعيينات حكام مقابلات الجولة الثالثة والعشرين    الرابطة المحترفة الأولى (الجولة 28): العثرة ممنوعة لثلاثي المقدمة .. والنقاط باهظة في معركة البقاء    صفاقس ؛افتتاح متميز لمهرجان ربيع الاسرة بعد انطلاقة واعدة من معتمدية الصخيرة    "نحن نغرق".. نداء استغاثة من سفينة "أسطول الحرية" المتجهة لغزة بعد تعرضها لهجوم بمسيرة    خطبة الجمعة .. العمل عبادة في الإسلام    ملف الأسبوع.. تَجَنُّبوا الأسماءِ المَكروهةِ معانِيها .. اتّقوا الله في ذرّياتكم    أولا وأخيرا: أم القضايا    اليوم يبدأ: تعرف على فضائل شهر ذي القعدة لعام 1446ه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في مقياس الشأن السياسي لمؤسسة "امرود كونسلتينغ" بالتعاون مع "دار الصباح": تراجع نسبة رضاء التونسيين عن رئيسي الدولة والحكومة
نشر في الصباح نيوز يوم 24 - 07 - 2018

ارتفاع نسبة الذين يرون أن حرّية التعبير مهدّدة اليوم إلى 49.4 %
المرزوقي يفتك صدارة ترتيب الشخصيات السياسية القادرة على قيادة البلاد مستفيدا من تراجع شعبية الشاهد وقائد السبسي
64.4% لا يعرفون لمن يصوتون.. وتضاعف نسبة من يرون أن التهديد الارهابي ما يزال مرتفعا
كشف مقياس الشأن السياسي ل"مؤسسة امرود كونسلتينغ" الذي أجرته بالتعاون مع مؤسسة «دار الصباح»، خلال الفترة المتراوحة ما بين 18 إلى 20 جويلية 2018 انخفاضا ملحوظا ولافتا في شعبية كل من رئيس الجمهورية الباجي القائد السبسي، ورئيس الحكومة يوسف الشاهد، فقد سجلت نسبة رضا التونسيين عن أداء كل منهما انحدارا غير مسبوق يسجل لأول مرة منذ أشهر وفاق على التوالي 14 نقطة و10 نقاط، وأيضا في نسبة الثقة التي تراجعت لكل منهما بقرابة 4 نقاط كاملة لكل منهما.
يذكر ان الاستطلاع شمل عينة مكونة من 920 شخصا يمثلون نماذج سكانية من كل أنحاء الجمهورية وينتمون إلى 24 ولاية بما فيها المدن والأرياف، وتتراوح أعمار المستجوبين ما بين 18 سنة فما فوق، ينتمون إلى كل شرائح المجتمع. وتوزع الاستطلاع على 8 محاور تتمثل في تقييم أداء رئيس الحكومة، ولأداء رئيس الدولة، نوايا التصويت للأحزاب السياسية، شعبية الشخصيات السياسية، مؤشر الخطر الإرهابي، مؤشر الأمل الاقتصادي، مؤشر حرية التعبير ومدى تفاؤل أو تشاؤم التونسي.
تدني شعبية رئيس الجمهورية
لم تتجاوز نسبة التونسيين الراضين عن أداء رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي، في هذه الفترة 22.5 % من المستجوبين بانخفاض يفوق 10 نقاط كاملة عما كانت عليه النسبة قبل شهر حيث سجلت ( في جوان 2018) 32.3 %. ما يعني أن قرابة 77 % من التونسيين غير راضين عن اداء رئيس الدولة في الوقت الحالي.
في الواقع، وبالعودة إلى نتائج استطلاعات سابقة أجرتها نفس المؤسسة يتبين أن نسبة الرضا عن أداء رئيس الجمهورية ما فتأت تسجل انخفاضا متواترا ومستمرا منذ انتخابه في أكتوبر 2014، فقد نزلت نسبة الرضا مثلا من 51.4 % في أفريل 2015 ( أعلى نسبة رضا بلغت 53.4 في سبتمبر 2015) لتتدحرج إلى قرابة 50 بالمائة في أكتوبر 2016 قبل ان تنزل إلى 32 % في نوفمبر 2017.. بما يعني ان نسبة الرضا الجملية عن أداء رئيس الجمهورية انحدرت في ظرف ثلاث سنوات ونصف تقريبا ما يناهز 30 نقطة دفعة واحدة.
ويمكن تفسير تضرر شعبية الباجي قائد السبسي بنسبة كبيرة في ظرف وجيز إلى طبيعة الأحداث الاقتصادية والسياسية والأمنية التي عرفتها البلاد خلال هذه الفترة وطريقة تفاعله معها أضرت بشكل لافت وخطير بشعبيته..
ولعل الحوار الذي أدلى به مؤخرا الباجي قائد السبسي قبل أسبوع إلى قناة "نسمة" وما تبعه من جدل سياسي ونقد اعلامي حاد من حيث الشكل والمضمون أثرا بشكل ملموس على آراء المستجوبين.
وكان قائد السبسي قد دعا في هذا الحوار المثير للجدل ولأول مرة، رئيس الحكومة صراحة إلى التنحي عن منصبه باستقالة طوعية او اللجوء إلى البرلمان لكسب ثقة النواب كمخرج للأزمة السياسية المتسمرة منذ أشهر على خلفية دعوات متناقضة صادرة عن أحزاب سياسية ومنظمات وطنية موقعة على وثيقة قرطاج، بين داع إلى تحوير جزئي للحكومة دون المساس برئيسها، وبين ملح على إقالة رئيس الحكومة وتشكيل أخرى جديدة..
ويرى مراقبون أن رئيس الجمهورية فشل هذه المرة في إدارة الأزمة السياسية والتحكم في الصراع السياسي خلافا لمناسبات سابقة (دوره في تشكيل حكومة الوحدة الوطنية 1 و2). فمنذ إعلانه تجميد المناقشات السياسية حول وثيقة قرطاج 2 بسبب عمق الخلافات بين الأطراف المشاركة فيها أحزابا ومنظمات، لم يفلح قائد السبسي في ايجاد مخرج سياسي ينهي الصراع على السلطة.
وقد تكون إطلالة الرئيس في شكل حوار تلفزي، غير موفقة اتصاليا بسبب ضبابية الموقف من الأزمة السياسية وعدم وجود بوادر أمل لعودة الحوار السياسي أو للحسم في مسألة بقاء الشاهد على رأس الحكومة من عدمه. ويرى مراقبون أن دعوة رئيس الجمهورية الشاهد إلى الاستقالة او الذهاب إلى البرلمان لكسب ثقة النواب خروجا عن الحياد السياسي وانحيازا لنجله حافظ قائد السبسي على اعتبار انه كان يجد ربه عدم الانتصار لهذا الطرف او ذاك على خلفية الصراع العلني والخفي بينهما على مستوى الحزبي داخل حركة نداء تونس.
كما أن نقد رئيس الجمهورية لأداء رئيس الحكومة واتهامه ضمنيا بمسؤوليته على تراجع الأداء الأمني بعد إقدامه على إقالة وزير الداخلية السابق لطفي براهم وحديثه عن صراعات خفية بين الأجهزة الأمنية والإيحاء بوجود فراغات على المستوى الاستعلامي والمخابراتي عجّل بوقوع العملية الإرهابية بعين سلطان بغار الدماء يوم 8 جويلية 2018 التي أوقعت 6 شهداء من الحرس الوطني.. من شأنه ان يؤثر سلبا على المتلقين من جل فئات الشعب التونسي باعتبار تراجع الثقة في قدرة السلطة التنفيذية بشقيها على إدارة الصراع السياسي ومن ثمة تحسين الوضع الأمني كان هو الانطباع الأولي لدى الجمهور.
كما أن الاجتماع "التشاوري" الذي أشرف عليه رئيس الجهورية يوم 13 جويلية الجاري مع قياديين من أحزاب نداء تونس والنهضة، واتحاد الشغل، والأعراف إضافة إلى رئيس الحكومة يوسف الشاهد، أثر سلبا على صورة رئيس الجمهورية على اعتبار ان الاجتماع لم يفرز حلا سياسيا واضحا ينهي أزمة الصراع على الحكم بالعكس زادت نتائج المشاورات وتمسك الأطراف السياسية والفاعلين الاجتماعيين والاقتصاديين بمواقفها الطين بلة، وزادت الوضع غموضا وتعقيدا. كما أجّج "التسويق" الإعلامي عن وجود تلاسن بين الشاهد ونجل الرئيس داخل الاجتماع شعورا بالإحباط والسخط والقلق لدى التونسيين.
أمنيا، يمكن قراءة تراجع شعبية رئيس الجمهورية خلال هذه الفترة بغياب تحرك ملموس لرئاسة الجمهورية لفرض رؤية أمنية معينة تقطع مع الشك والتردد في أداء الأجهزة الأمنية خاصة ان اجتماع مجلس الأمن القومي غداة العملية الإرهابية بعين سلطان كانت نتائجه غامضة إذ لم يتم مثلا الحسم في شخصية جديدة تتسلم مقاليد وزارة الداخلية، كما لم يتم الإفصاح عن القرارات المتخذة في هذا الاجتماع.. ممّا ولد شعورا بعدم الثقة والخوف..
فضلا عن ذلك، يمكن تفسير تراجع شعبية رئيس الجمهورية بغياب موقف واضح إزاء ما يجري من تململ اجتماعي في ظل تفاقم الأزمة الاقتصادية واثرها السلبي المتواصل على الطبقات الكادحة والفقيرة والفئات الاجتماعية الهشة وتدهور مقدرتها الشرائية..
تراجع شعبية رئيس الحكومة
على غرار رئيس الجمهورية، فقد رئيس الحكومة من خلال نتائج هذا الاستطلاع الكثير من شعبيته، فقد تراجعت نسبة الرضا عن أدائه بشكل ملموس من 46.4 % في شهر جوان الماضي إلى 32.8 % فقط خلال هذا الشهر أي بتراجع يقارب 14 نقطة. ولم يسبق أن تراجعت شعبية الشاهد بنسبة منخفضة سوى في شهر ديسمبر 2016 حين بلغت نسبة الأداء حينها 28.7 بالمائة لتبلغ ذروتها في جويلية 2017 ب54.4 % مع إعلان الشاهد الحرب على الفساد، قبل ان تبدأ في الانحدار بعد ذلك التاريخ.
ويفسر هذا التراجع الشهري في نسبة الرضا عن اداء رئيس الحكومة الذي يسجل للأول مرة بمثل هذه الحدة منذ أشهر بأسباب عديدة أمنيا، واقتصاديا، وسياسيا.
من الناحية الأمنية، من الطبيعي ان تكون العملية الإرهابية التي وقعت يوم 8 جويلية بغار الدماء وما تلاها من قرارات وإجراءات أمنية وحكومية بما فيها اقالة وزير الداخلية وتعيين وزير العدل وزيرا للداخلية بالنيابة إلى حد هذا اليوم دون تسمية وزير جديد للداخلية، تأثير مباشر على ثقة المواطنين في الحكومة. علما ان العملية الإرهابية تبعتها ايضا تسميات جديدة وتعيينات في المسؤوليات الأمنية أثارت انتقادات واسعة على الصعيدين السياسي والأمني..
كما ان استمرار الوضع الاقتصادي المتسم بغلاء الأسعار وضعف المقدرة الشرائية للمستهلكين رغم التحسن النسبي الطفيف للمؤشرات الاقتصادية على مستوى النمو والصادرات.. زاد في تراجع ثقة المواطنين في رئيس الحكومة.
وقد زاد تراجع مستوى الخدمات على مستوى التزود بالكهرباء والماء خاصة مع ارتفاع درجات الحرارة وتزايد نسق الانقطاعات المتكررة للماء الصالح للشرب والكهرباء في سخط المواطنين وغضبهم على أداء الحكومة والإدارة في نفس الوقت.. فضلا عن عدم التوصل نهائيا إلى حسم مفاوضات الزيادة في الأجور في القطاعين العام والخاص إلى اليوم والغموض الذي ما يزال يرافق ملف جرايات المتقاعدين والحديث عن تواصل أزمة الصناديق الاجتماعية، وتواصل فقدان الأدوية الحياتية والأساسية مع استمرار الأزمة المالية للصيدلية المركزية.. كل ذلك من شأنه ان يؤثر سلبا على الموقف من أداء رئيس الحكومة.
سياسيا، لم يعد خافيا في الوقت الراهن، الأثر السلبي للصراع على السلطة على صورة رئيس الحكومة، وهو الذي اختار نهج التصعيد في صراعه مع نجل الرئيس حافظ قائد السبسي في علاقة بالأزمة الداخلية داخل حزب نداء تونس الذي ينتمي إليه الشاهد.
كما ان تواصل الخلاف السياسي بشأن بقاء الشاهد من عدمه على رأس الحكومة أضر بشكل قاطع على شعبيته، فضلا عن دخول رئيس الجهورية على الخط خلال هذه الفترة وانتقاده الخفي حينا والمعلن حينا آخر لأداء رئيس الحكومة وتحميله مسؤولية الأداء الأمني ودوره في الأزمة السياسية الراهنة ضاعف من تخوف المواطنين وتراجع ثقتهم في رئيس الحكومة من ناحية قدرته على تجاوز الأزمة السياسية وخروجه منها بسلام وتغليبه المصلحة الوطنية على المصلحة الحزبية والشخصية.. خاصة في ظل الحديث عن وجود طموح سياسي متصاعد لرئيس الحكومة في انتخابات أكتوبر 2019 قد يضعف من تركيزه على إدارة الحكومة والتفكير في حلول أمنية واقتصادية للأزمة التي تمر بها البلاد.
الشاهد يخسر الصدارة والمرزوقي المستفيد الأبرز
في إجابة عن سؤال تلقائي للعينة المستجوبة، حول الشخصية السياسية التي يراها التونسيون اليوم القادرة على قيادة البلاد، وفي تأكيد على تراجع شعبية الشاهد وقائد السبسي في نفس الوقت، فشل من رئيس الحكومة يوسف الشاهد في المحافظة على آخر نسبة حصل عليها في شهر جوان وكانت تضعه في صدارة ترتيب الشخصيات السياسية بأكثر من 10 بالمائة من المستجوبين.
فلم يتمكن الشاهد هذه المرة من إقناع المستجوبين في قدرته على قيادة البلاد ليتراجع ولأول مرة منذ أشهر عديدة إلى مرتبة ثانية بنسبة 6.3 بالمائة. ويفسح المجال امام المنصف المرزوقي رئيس الجمهورية السابق الذي حل أولا.
وتراجع أيضا ترتيب رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي الذي خسر 4 نقاط كاملة في سلم الترتيب لينحدر من 9 بالمائة الشهر الماضي إلى نسبة 5.1 بالمائة.
وبالتالي يكون المنصف المرزوقي المستفيد الأكبر من هذا التراجع ويحتل ولأول مرة منذ مغارته الحكم المرتبة الأولى في ترتيب الشخصيات السياسية بتحقيقه 6.6 بالمائة متقدما ب1.4 نقطة عن جوان الماضي.
ويتأكد من خلال هذا التصنيف عمق الأزمة السياسية والاقتصادية التي تمر بها البلاد في الوقت الراهن وأثرها على ثقة المواطنين في مرؤوسيهم في الحكومة ورئاسة الجمهورية ولكن أيضا فقدان ثقتهم في جل الشخصيات السياسية بشكل عام وفي الأحزاب بشكل خاص.
فرغم تراجع الثقة في يوسف الشاهد بسبب تنامي خلافاته السياسية مع الأحزاب ورئاسة الجمهورية وخاصة مع اتحاد الشغل، ظلت النسب متقاربة في ما يهم الثقة في الشخصيات السياسية وضعيفة في نفس الوقت.
لكن اللافت للنظر صعود شخصية المرزوقي ولو بنسبة طفيفة في صدارة ترتيب الشخصيات السياسية القادرة على قيادة البلاد، كبديل محتمل لبقية الشخصيات قد يفسر برغبة المستجوبين في البحث عن شخصية قيادية بديلة قادرة على انقاذ البلاد..
كما يمكن تفسير تراجع الثقة في شخصية رئيس الجمهورية بسبب عدم قدرته على إدارة الأزمة السياسية وفشله في الخروج بتوافقات سياسية مطمئنة.
الملاحظ أن شخصيات سياسية معروفة سجلت تحسنا في سلم ترتيبها مثل الصافي سعيد الذي حل رابعا بعد قائد السبسي ويحقق 3.7 % من ثقة المستجوبين بعد ان كان في مرتبة خامسة في الاستطلاع السابق، وأيضا الصعود البين لشخصية مهدي جمعة رئيس الحكومة الأسبق الذي صعد إلى المرتبة الخامسة بنسبة 2.9 % وهو الذي كان في فيفري الماضي في المرتبة التاسعة. كما حافظت شخصية سامية عبو على المرتبة السادسة رغم حصولها على نسبة أعلى ب2.2 بالمائة.
ورغم تحسن نسبة الثقة في شخصيات مثل راشد الغنوشي، ومحسن مرزوق، وحمة الهمامي، وناجي جلول إلا انها حافظت على مستوى ترتيبها بنسب ضعيفة للغاية لا تتجاوز 1.8 %. وهو ما يعكس فقدان المواطنين الثقة في جل الشخصيات السياسية المعروفة على الساحة.
لكن التراجع الأكبر المسجل خلال هذا الشهر نجده عند شخصية محمد عبو التي تراجعت إلى المرتبة السابعة بنسبة 1.8 % وهو الذي حقق في الترتيب السابق نسبة 4.6 % وحل في المرتبة الرابعة. وقد يفسر هذا التراجع ربما بتراجع الحضور الإعلامي والسياسي لمحمد عبو (مقابل بروز زوجته سامية عبو من خلال تدخلاتها المثيرة للجدل في البرلمان).
نوايا التصويت
في إجابة على سؤال تلقائي للعينة المستجوبة، حول الحزب الذي سيصوّت له المستجوبون اذا«كانت الانتخابات التشريعية غدا» أكّد 64.4% أنهم لا يعرفون وهو ما يعكس فقدان ثقة التونسيين في الأحزاب السياسية .علما ان شريحة الذين لا يعرفون لمن سيصوتون ارتفعت بأربع نقاط كاملة مقارنة بالشهر الماضي. وهي نسبة واقعية للغاية وتجسد مفعولها في الانتخابات البلدية التي عرفت ارتفاعا مخيفا لنسبة الناخبين العازفين عن التصويت أو الذين لم يسجلوا أسماءهم ضمن سجلات الناخبين.. ومع احتداد الأزمة السياسية بالبلاد، من الطبيعي ان تزيد هذه النسبة في الارتفاع.
وفي قراءة لترتيب الأحزاب عرفت جلها انخفاضا في منسوب الثقة، مع حفاظ حزبي النداء والنهضة على صدارة الترتيب على التوالي في مرتبة أولى وثانية. فرغم حفاظه على الصدارة خسر نداء تونس نقاطا في نسبة الرضا بشكل بين بعد ان تراجعت نسبة الثقة من 16.6 % إلى 15.3 %. تراجع طفيف رغم حدة الأزمات والخلافات السياسية التي تعصف بالحزب. في حين تراجعت نسبة الثقة في حركة النهضة من 14.9% إلى 12.7 %.
وحافظ حزب التيار الديمقراطي على المرتبة الثالثة رغم تراجع نسبة المستجوبين الذين ينوون التصويت له من 7.8 % في شهر فيفري الماضي الى 3.4 % في شهر جوان و3.3 % خلال هذا الشهر.
ويلي التيار الديمقراطي في المرتبة الرابعة تحالف الجبهة الشعبية التي تدحرجت نسبة نوايا التصويت لصالحها من 5% في فيفري الماضي الى 2.6 % في جوان لتعرف مزيدا من التراجع خلال هذا الشهر بنسبة لم تتجاوز 2.2 %.
وحلّ حزب آفاق تونس في المرتبة الخامسة في نوايا التصويت ليحافظ على النسبة الضعيفة التي حققها خلال الشهر الماضي وهي 1 %.
مؤشر الخطر الإرهابي
في سؤال حول تقييم المستجوبين للخطر الإرهابي وما اذا كان ما يزال مرتفعا أو انخفض، رأى 34.1% من المستجوبين أن الخطر الإرهابي ما يزال مرتفعا، مسجلة تضاعفا مرتين مقارنة بالشهر الماضي (16.6%). وتعكس هذه النسبة المرتفعة لأول مرة منذ ديسمبر 2016 حالة عدم الشعور بالأمن والاستقرار، بعد العملية الإرهابية الأخيرة التي وقعت في عين سلطان بمنقطة غار الدماء على الحدود مع الجزائر .. وايضا لضبابية تعاطي مؤسستا رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة مع الحدث الأمني بعد اقالة وزير الداخلية وتغيير في التسميات الأمنية التي سبقت العملية الإرهابية.. مما دفع بعودة الشعور الإحباط وعدم الثقة والخوف من وقوع عمليات إرهابية أخرى..
الأمل الاقتصادي
رأى 61.1 % من المستجوبين أن الأوضاع الاقتصادية بصفة عامة تتدهور وقد سجّلت هذه النسبة ارتفاعا بأكثر من ثلاث نقاط مقارنة بشهر جوان (56.8 % ) وبأكثر من خمس نقاط مقارنة بشهر مارس المنقضي.
ويعكس هذا الارتفاع مقابل تراجع نسبة من يرون أن الأوضاع الاقتصادية تتحسن ( 28.2%) حالة الشك وعدم اليقين في إمكانية تعافي الاقتصاد الوطني لنشاطه في القريب العاجل مع استمرار الارتفاع الصاروخي للأسعار في المواد الغذائية والمواد الأساسية والخدمات وكلفة المعيشة مع تراجع في المقدرة الشرائية..
مؤشر حرية التعبير
ارتفعت نسبة التونسيين الذين يرون أن حرّية التعبير مهدّدة اليوم، إلى 49.4 % بعد كانت خلال شهر جوان في حدود 47.9 %.
ويفسر هذا التراجع خاصة مع ما رافق الظهور الإعلامي لرئيس الجمهورية من جدل سياسي وإعلامي وأيضا على خلفية توقيت الحوار التلفزي وطريقة انجازه (مسجل) والقناة التي بث فيه ( قناة خاصة)، مع تواصل تهميش القطاع العام.
كما يفسر ارتفاع نسبة المستجوبين الذين يرون أن حرية التعبير مهددة مع تواصل الاعتداءات على الصحفيين والتضييق على عملهم وسيطرة نزعة التشاؤم بخصوص وجود فرص لتطوير المحتوى الإعلامي وإصلاح القطاع خاصة لدى المرفق العام وفتح منابر الحوار السياسي والاقتصادي والاجتماعي امام الجميع دون ميز او استثناء وحماية حرية التعددية الإعلامية وخاصة في ظل وجود نزعة تحكم وهيمنة إعلاميين من طرف السلطات العمومية وأصحاب المال والنفوذ المالي والسياسي..
مؤشّرا التفاؤل والتشاؤم
للمرة الثالثة على التوالي ومنذ مارس الماضي عرفت نسبة تشاؤم التونسيين ارتفاعا لافتا لتقفز من 29.5 % في جوان الماضي، إلى 32.2 % خلال هذا الشهر. وهي التي لم تتجاوز 25.3 % في مارس الماضي. مقابل تدني نسبة التفاؤل من 63.9 % في جوان إلى 59.7 % خلال جويلية.
ويمكن تفسير ارتفاع مؤشر التفاؤل بسبب ضبابية الأفق الاقتصادي للبلاد الذي ما يزال صعبا ويدفع على الانشغال والقلق، وغموض المشهد السياسي الحالي مع استمرار الأزمة واحتداد الصراع السياسي على الحكم. مع عدم وجود بوادر حقيقية لحل الأزمة..
قراءة وتحليل: رفيق بن عبد الله
الصباح بتاريخ 24 جويلية 2018


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.