عقد المجلس الوطني لحزب العمال اليوم الأحد دورته العاديّة الخامسة تحت شعار "دورة الشهيد شكري بلعيد" بمقره المركزي بتونس العاصمة. وحمّل أعضاء المجلس الوطني المسؤوليّة السياسيّة عن اغتيال الشهيد شكري بلعيد إلى الحكومة المؤقّتة ومن ورائها "الترويكا" الحاكمة لما شهده حكمها من تصاعد مريع للعنف السياسي بكلّ أشكاله (من اعتداءات وتهديد وتكفير وقتل) وتهاونها في حماية المستهدفين منه، وتتبّع مقترفيه، بل وتواطئها في تبريره وخلق المناخ السياسي والاجتماعي الملائم له..كما يطالبون بكشف الحقيقة عن جريمة الاغتيال ومن يقفون ورائها أمراً وتنفيذا ومحاسبتهم على جريمتهم النّكراء، وفق ما جاء في نصّ البيان الصادر عن المجلس والذي تلقت "الصباح نيوز" نسخة منه. كما اعتبر المجلس الوطني أنّ البلاد تعيش أزمة حادّة على جميع المستويات السياسيّة والاقتصادية والاجتماعيّة والأمنيّة، في ظلّ تواصل تغييب لخارطة طريق سياسيّة واضحة لبقيّة المرحلة الانتقاليّة وعدم القيام بالإصلاحات الأساسيّة في القضاء والأمن والإدارة وفي تفعيل النصوص القانونيّة وتركيز الهيئات المستقلّة، وذلك بهدف فتح المجال لحركة النهضة الحاكمة لبسط سيطرتها على دواليب الدولة والمجتمع وإعادة انتاج الاستبداد بأغلفة جديدة، محمّلا القائمين على الحكم مسؤوليّة ما آلت إليه الأوضاع في البلاد وفي ما يمكن أن تؤدّي له من مخاطر. وأدان المجلس الوطني لحزب العمال تواصل مسلكيّة التفرّد بالرّأي والمحاصصة الحزبية التي تقودها حركة النهضة في التعاطي مع الأزمة بتكليف علي العريّض بإعادة تشكيل حكومة جديدة بديكور سياسي وحزبي جديد، ممّا يكشف إصرار حركة النهضة تغليب مصالحها الحزبية وتشبّثها بالسلطة مهما كانت التكاليف على حساب مصلحة البلاد والشعب. كما بيّن أن تكليف علي العريض بتشكيل حكومة جديدة هو إعادة إنتاج فشل الحكومة السابقة وتعميق الأزمة ويحمّل حركة النهضة وكلّ الأطراف التي تنخرط معها في هذا المسار مسؤوليّة النتائج الوخيمة له. ومن جهة أخرى، عبّرٍ المجلس الوطني، حسب ذات البيان، عن تمسّكه بمبادرة "المؤتمر الوطني للإنقاذ الذي دعت له الجبهة الشعبية والقوى السياسيّة والمدنيّة والاجتماعيّة التي تبنّت هذه المبادرة، ورأى فيها المخرج الاسلم من الأزمة، وذلك بوضع برنامج إنقاذ وطني يحدّد بدقّة معالم ما تبقّى من المرحلة الانتقاليّة ويضبط الاصلاحات السياسية الأساسيّة ويُقرّ إجراءات اقتصادية واجتماعية عاجلة لانتشال الاقتصاد من الانهيار وتخفيف وطأة الأزمة الاجتماعية على الفئات والشرائح الشعبية. وأيضا بالاتفاق على حكومة أزمة بعيدة عن المحاصصة الحزبية تتبنّى برنامج المؤتمر الوطني للإنقاذ، محدودة العدد ولا تترشّح للانتخابات القادمة. وفي هذا السياق، دعا المجلس الوطني كل القوى السياسية والاجتماعية والمدنية التي تهمّها مصلحة البلاد والشعب إلى الالتفاف حول هذه المبادرة والعمل على إنجاحها، منبها إلى المخاطر الأمنية الأكيدة التي تهدّد البلاد وسط تواصل تكديس السّلاح واستمرار المليشيات والتنظيمات العنيفة في النشاط وتمادي التهديد بالعنف والتصفية والتكفير. كما حمّل مؤسسات الحكم والأطراف الحاكمة مسؤوليتها في ما آلت إليه الأوضاع الأمنية في البلاد وعلى حدودها لتقصيرها الواضح وفشلها التام في هذا المجال. وأكّد ضرورة عقد المؤتمر الوطني ضدّ العنف وحلّ ما يسمّى رابطات حماية الثورة وكلّ الميليشيات، وتجريم التكفير والنّأي بالمساجد عن التوظيف الحزبي والسياسي، وفق نفس البيان. وأدان المجلس الوطني الاتفاقات الاقتصادية والمالية التي عقدتها الحكومة حتى بعد استقالتها مع جهات أجنبية مختلفة والتي ترهن مقدرات البلاد ومستقبل شعبها وسيادة قرارها ويدعو إلى التراجع فورا عنها، كما جدد دعوته إلى تعليق تسديد الديون الخارجية والقيام بعملية تدقيق شاملة ودقيقة فيها داعيا كلّ القوى السياسيّة الديمقراطيّة والتقدميّة أحزابا ومنظّمات لتحمّل مسؤولياتها في دعم وحماية نضالات جماهير شعبنا من أجل الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والسياسيّة لتخفيف أعباء الأزمة العامّة التي تضرّرت منها ضررا كبيرا. وفي ختام بيانه، أكّد المجلس الوطني مواصلة حزب العمّال الانخراط التّام في نضالات جماهير الشعب التونسي من أجل تحقيق مطالب وأهداف الثورة في الحرية والكرامة والمساواة والعدالة الاجتماعية والتنمية المتكافئة. ومن أجل التصدّي لخيارات العنف والاغتيالات والوقوف أمام مساعي إعادة إنتاج الاستبداد والحيف بكلّ أشكاله.