أعلن رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي منذ أيام قليلة عن إنهاء "التوافق" بينه وبين النهضة بطلب من هذه الأخيرة. وحول مسار المشهد السياسي وكيفية تشكله في المستقبل، قال المحلل السياسي، عبد اللطيف الحناشي، ل"الصباح نيوز" ان السبسي أعلن القطيعة بينه وبين الغنوشي ولم يعلن القطيعة بينه وبين النهضة وهذا يبقى مجالا للتأويل مشددا على ان النهضة تمثل احد العناصر المهمة التي تقرر مستقبل العملية السياسية في البلاد وهي الأكثر انضباطا من بقية الأحزاب ومادامت حركة النهضة تحمل كل هذه الصفات المتجانسة وفق تعبير محدثنا فهي ستصبح اهم قوة في المشهد السياسي اي بمعنى ان اي طرف سياسي قادم لا يمكن ان ينجح الا بالتوافق معها خاصة اذا استمر النظام السياسي على وضعه الحالي. واضاف محدثنا ان المشهد السياسي في تونس سيتغير واللاعبون هم الذين سيتغيرون وبالنظر الى المشهد الحزبي فان حزب نداء تونس والتحالف بينه وبين النهضة سيتغير بمعنى ان النداء لم يعد الكتلة الأولى في المجلس وأصبح كتلة ضعيفة لا تؤثر تأثيرا عميقا في المشهد الحزبي والسياسي وفي المقابل برزت كتلة جديدة وهي كتلة "الائتلاف الوطني " التي أصبحت قوة معتبرة ويمكن ان نعتبرها بديلا وقتيا لنداء تونس وقد انطلقت قياداتها في تشكيل تنسيقيات لها وبالتالي يمكن ان تتحول من كتلة الى حزب. وفي حال أصبحت الكتلة الجديدة حزبا فان الركن الاساسي في المشهد الحزبي سيتشكل اساسا بين الكتلة الجديدة والنهضة وفي المقابل فان النداء لن يختفي تماما ولكن تاثيره سيكون ضعيفا. وتوقع الحناشي ان يتلاشى حزب نداء تونس لو ظهر حزب جديد يحمل نفس الافكار والقيم خاصة وان الكتلة الجديدة "الائتلاف الوطني" أصولها نداء تونس واختلاف في ما بينها كان بسبب السلوك السياسي والتفرد بالراي لابن السبسي. وشدد الحناشي على ان المشهد السياسي اليوم يتراوح يمينا ويسارا باتجاه الاستقرار ،مستبعدا مغادرة حكومة يوسف الشاهد. ومن جهته قال المحلل السياسي، المنذر بالضيافي، ل"الصباح نيوز" ان اعلان نهاية التوافق بين "الشيخين"، سوف لن يكون له تاثير على عمل اجهزة الدولة، ومؤسسات الحكم، على اعتبار وان التوافق في ادارة البلاد مستمر، وما حصل هو انتقال في العنوان فقط، من قرطاج للقصبة. واضاف ان وقوف النهضة مع "دعم الاستقرار السياسي والحكومي"، هو دعم لرئيس الحكومة في صراعه مع رئيس الدولة، ليحسم بالتالي الصراع بين قرطاج والقصبة لصالح الرئيس الشاب وهو ما يعني ، ان النهضة اختارت الوقوف مع الشاهد، الذي اصبحت له كتلة وازنة في البرلمان، يتوقع ان تتوسع وتتمدد اكثر الى حزب جديد او وضع اليد نهائيا على نداء تونس لتصبح الحكومة تتمتع باغلبية برلمانية مهمة وحتى مريحة. وواصل بالضيافي بان التوافق الجديد القديم سيكون بين الغنوشي والشاهد واكبر دليل على ذلك انه لن يؤثر على اداء مؤسسات الحكم، بل انه سيدعمها ويجدد شرعيتها، هو عزم الشاهد ادخال تعديل مهم على حكومته في الايام القليلة القادمة وهو ما يمثل استجابة لاحد ابرز مطالب النهضة، فضلا عن تلميحه الى انه غير معني برئاسيات 2019 مثلما طلبت النهضة ايضا ومن هنا يتاكد بناء توافق جديد لاستكمال العهدة الانتخابية الحالية. واشار بالضيافي الى ان التوافق لا يستبعد ان يتوفق في ضمان تجنيب حصول انقسام سياسي داخل مؤسسات الحكم (الحكومة والبرلمان) وكذلك الحد من عودة الاستقطاب وصراع الهوية داخل المجتمع. كما اوضح ان هناك تحالف جديد بصدد التبلور، بين رئيس الحكومة وحركة النهضة، وان كان الاسلاميون يقدمون موقفهم المساند للشاهد، على انه بغاية الحفاظ على الاستقرار السياسي والحكومي، في وضع هش خاصة اقتصاديا، لكن في الواقع نجد أن حركة النهضة تعمل جاهدة للابقاء على الوضع الحالي، لانه في صالحها في علاقة بالاستحقاقات الانتخابية المقررة لسنة 2019. كما أن مواقف النهضة الأخيرة تكشف عن رغبتها بل سعيها لمراجعة محتوى او مضمون التوافق مع الرئيس السبسي، التوافق الذي تم في لقاء باريس (صائفة 2013) ، والذي بمقتضاه تم حكم البلاد خلال الاربعة سنوات الاخيرة. وقال بالضياف ان حركة النهضة، اصبحت ترى انه بعد تفكك حزب نداء تونس، وفوزها في الانتخابات البلدية الأخيرة، وبعد تمكنها من السيطرة على مفاصل الحياة السياسية، وأيضا مفاصل الدولة، أصبحت ترى نفسها في موقع قوة، يخول لها اعادة التفاوض حول مضمون التوافقات السابقة، وهي بذلك تريد هندسة توافق جديد لصالحها، من هنا فان أولوية النهضة هي تثبيت موقع ومكانة "الجماعة/ التنظيم" في المشهد السياسي وفي مؤسسات وأجهزة الدولة وفق قوله.