تونس «الشروق»: خطاب الشاهد الذي لم يتجاوز بعض الدقائق ستمتد تأثيرات مضمونه أشهرا طويلة من المنتظر أن تشهد تحولات سياسية كبرى وتغيّرا في الاصطفافات والتحالفات. ارتكز الخطاب الأخير لرئيس الحكومة يوسف الشاهد على ثلاثة محاور أساسية وهي الملف الإقتصادي وتحدّث عنه يوسف الشاهد بذكر بعض الأرقام والمعطيات التي تم الحديث عنها أكثر من مرة، إضافة الى المعطى الاجتماعي ولخّصه رئيس الحكومة في يده المفتوحة لكل الاطراف الاجتماعية، وخصّص النصيب الأوفر من الخطاب إلى الجانب السياسي الذي كان أكثر جاذبية خاصة بعد أن حمّل الشاهد مسؤولية ضعف النداء وفشله الى المدير التنفيذي للحزب حافظ قائد السبسي. خطاب رئيس الحكومة لم يتجاوز الاحدى عشرة دقيقة ستحكُم استتباعاته كل مفاصل المرحلة القادمة حيث يمكن الحديث عن اختلاف كلّي بين تونس ما قبل 29 ماي وتونس ما بعد 29 ماي فبالرغم من التوترات الحاصلة في الفترة الأخيرة واتساع الهوّة بين رئيس الحكومة وحزبه حركة نداء تونس، إلاّ أن خطابه الأخير كان بمثابة قطع كلّي للعلاقة بعد أن حمّل الشاهد مسؤولية كل ماهو سلبي في النداء لحافظ قائد السبسي واعتبره عائقا أمام توحيد العائلة الوطنية والديمقراطية. الارتدادات الحينية لخطاب يوسف الشاهد كان على حزب نداء تونس وتحديدا على كتلته البرلمانية التي حاول القائمون على تسييرها إخفاء ملامح الصراع داخلها، الاّ ان خطاب الشاهد عرّى كليّا الاصطفافات الموجودة داخلها، فمناصرو حافظ قائد السبسي بادروا بالهجوم على يوسف الشاهد، في حين تحرّر بعض نواب الكتلة من تحفّظهم وطالبوا حافظ قائد السبسي بالتنحي عن ادارة الحزب. عملية الفرز داخل الكتلة أصبحت أوضح، والاصطفاف أصبح بيّنا بشكل يجعل هذه الكتلة مرشحة للإنقسام في اقرب وقت. المشهد داخل الكتلة لا يختلف كثيرا عن المشهد في الحزب فبالرغم من أنّ معظم القيادات تدين بالولاء الى حافظ قائد السبسي ومن خالفوه الراي تمت تصفيتهم وإخراجهم من الحزب، إلاّ أن بعض أعضاء المكتب السياسي والتنفيذي للحزب عُرفوا بقربهم من الشاهد وهو ما يجعلهم في مواجهة أكيدة مع الشق الاخر. إخراج الشاهد لخلافه مع حافظ قائد السبسي للعلن يجعل من الانقسام الحاصل داخل النداء يُصبح أكثر وضوحا وأقرب الى القطيعة ما بين شقي الخلاف، وهو ما يؤشّر على قرب نهاية حزب حركة نداء تونس في شكله الحالي وبروز فرضيتين أساسيتين، الاولى تقضي باصلاح الحزب من الداخل وإقصاء حافظ قائد السبسي وهو ما دعا له الشاهد، أو تأسيس حزب جديد يكون بديلا عن النداء ويضم كل المستقيلين من النداء. خارج إطار حركة نداء تونس فان خطاب الشاهد دفع الازمة التي يعيشها المشهد السياسي في تونس الى مداها الاقصى خاصة في مستوى ائتلاف السلطة فحزب حركة النهضة ونداء تونس تحوّلا من حلفاء الى اعداء، أما الشاهد فقد وجد لنفسه نفوذا خارج إطار كتلة النداء، فمعظم النواب الذين قدموا استقالتهم من نداء تونس في فترات سابقة ابدوا تاييدهم الكامل للشاهد وبالتالي انقلب المشهد بشكل لافت. تغيّر المشهد أفضى الى تمتع الشاهد بثقة نواب كتلة النهضة وجزء من نواب النداء ونواب كتلة المشروع ونواب الكتلة الوطنية وبعض نواب آفاق تونس وبعض نواب كتلة الولاء للوطن وعدد من النواب المستقلين . في حين يعارضه جزء من كتلة نداء تونس وباقي الكتل المشكلة للمعارضة منذ 2014، وهو ما يعني نهاية سياسية «التوافق « وتأسيس مشهد سياسي جديد مخالف لملامح المشهد الحالي.