أصدر حزب العمال بيانا توضيحيا للرأي العام حول "ترويج رسالة موجّهة من حزب العمال إلى هيئة الحقيقة والكرامة بإمضاء جيلاني الهمامي الناطق الرسمي للحزب". وفي ما يلي نص البيان الذي تلقت "الصباح نيوز" نسخة منه: "عمدت بعض العناصر الاستفزازية إلى ترويج رسالة موجّهة من حزب العمال إلى هيئة الحقيقة والكرامة بإمضاء جيلاني الهمامي الناطق الرسمي للحزب بتاريخ 8 جوان 2016 من أجل تسجيل ملف حزب العمال ضمن ملفات العدالة الانتقالية. وقد استغلها البعض اليوم بمناسبة الحملة التي تشنّها جماعات النظام القديم على "هيئة الحقيقة والكرامة"، للادّعاء بشكل خسيس ومنحطّ بأنّ الرّفيق الجيلاني الهمامي بعث هذه الرسالة بحثا عن "التعويض لشخصه"، أو بأنّ حزب العمّال يبحث عن نصيبه من "الغنيمة". إنّ حزب العمّال يهمّه التّوجّه إلى الرأي العام بالتوضيحات التالية: أوّلا: إنّ هذه الرسالة جاءت إثر فتح الهيئة الباب لقبول الملفات المتعلقة بالانتهاكات المسجلة في عهد الدكتاتورية على الأفراد والأحزاب والمنظمات. وقد قام وفد من حزب العمال بتسليم ملف الحزب المتضمن قائمة في المحاكمات التي تعرّض لها مناضلاته ومناضلوه إلى الهيئة بشكل رسمي. وقد تداولت وسائل الإعلام هذا الحدث. وبناء على ذلك تمّ سماع المئات من المناضلات والمناضلين الذين تقدموا بملفات شخصية وتسجيل شهاداتهم حول ما تعرّضوا إليه من انتهاكات ومن بينهم من حضر في الجلسات العلنية ووقع بث شهادته في وسائل الإعلام. ثانيا: إنّ كلّ الأحزاب والمنظمات والجمعيات التي تعرّض المنتمون إليها إلى الاضطهاد زمن الدكتاتورية تقدمت بملفات مماثلة إلى الهيئة ونذكر منها أحزاب الجبهة الشعبية والحزب الديمقراطي التقدمي والحزب الاشتراكي اليساري وحزب المسار وحزب التكتل وحركة الديمقراطيين الاشتراكيين والاتحاد العام التونسي للشغل والاتحاد العام لطلبة تونس والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان ونقابة الصحفيين والجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات وهيئة المحامين وغيرها من الأحزاب والمنظمات وقد وجهت رسائل في الغرض إلى رئيسة الهيئة باسم المسؤولين الأول او من ينوبهم . ثالثا: إنّ محاولة حصر التّوجّه إلى هيئة الحقيقة والكرامة في البحث عن "التعويضات" أو "جبر الضرر الفردي" ما هو إلّا وسيلة دنيئة للتغطية على ما هو أهم من ذلك وهو كشف الحقيقة والتوثيق وحفظ الذاكرة والمحاسبة واعتذار الدولة للضحايا والتعهد بعدم تكرار الانتهاكات المسجلة وضمان حفظ كرامة الضحايا قبل المرور للمصالحة. وعليه فإنّ تسجيل اسم حزب العمال ضمن قائمة الأحزاب التي تعرّضت إلى الاضطهاد لا يعني البتّة اللهث وراء التعويضات بل هو يندرج صلب العمل على تحقيق الأهداف الكبرى للعدالة الانتقالية. رابعا: وإلى ذلك كله فإنّ حزب العمال يعتبر أنّ من حق ضحايا الاستبداد والدكتاتورية، أفرادا وجماعات وجهات، المطالبة بجبر الضرر وهو أمر غير "التعويضات"، كما أنه حقّ تكفله القوانين الدولية ومورس في مختلف الفترات التاريخية المعاصرة وخاصة في البلدان التي عاشت تحت الدكتاتورية والاستبداد. ويبقى الموقف من جبر الضرر، قبولا أو رفضا، موقفا شخصيا. كما أنّ رفض أيّ ضحية لجبر الضرر من منطلق شخصي لا يعني نفيا لذلك الحق من حيث المبدأ. ولا بدّ من الإشارة في هذا الباب إلى أنّ الرفيق جيلاني الهمامي لا يوجد اسمه ضمن قائمة من حوكموا في قضايا حزب العمال لأنه لم يكن من بين المحاكمين بتهمة الانتماء إليه. خامسا: إنّ القرار الإطاري العام عدد 11 لسنة 2018 المؤرخ في 29 ماي 2018 المتعلق بمعايير جبر الضرر وردّ الاعتبار الصادر عن هيئة الحقيقة والكرامة لا يقرّ، في فصله التاسع عشر تعويضات مادية أو جبر ضرر مادي للأحزاب والمنظمات والجمعيات بل يقرّ لها بما يلي: "يقع جبر الضرر للشخص المعنوي سواء كان جمعية أو حزبا أو منظمة بتمكينهم من استرجاع أرشيفاتهم وممتلكاتهم التي تمّ الاستيلاء عليها". ونحن نعتبر أنّ حزب العمال معني بهذا الأمر وهو يطالب باسترجاع أرشيفه خاصة. سادسا: إنّ هؤلاء الذين يتهجّمون على حزب العمال ليسوا في الموقع الذي يخوّل لهم إعطاءه الدروس أو المزايدة عليه في التضحية والنضال. وهم في الحقيقة أحبّوا أم كرهوا يصطفّون وراء غلاة التجمعيين العائدين إلى الساحة بقوة وفي مواقع أمامية سواء في بعض الأحزاب أو في مؤسسات الدولة، والذين يقيمون الضجيج حول "التعويضات"، لا رأفة بالشعب التونسي الذي ساهموا في نهب خيراته وثرواته بما يساوي مئات المرات قيمة "التعويضات" التي لا تتجاوز مساهمة الدولة فيها ولمرة واحدة ونهائية 10 مليارات من المليمات، ولكن للتغطية على ما هو أهم وهو رغبتهم في إجهاض عملية كشف الحقيقة حول ما ارتكب من جرائم في عهد الدكتاتورية ومساءلة المسؤولين عنها ومحاسبتهم وعرقلة الحسم في الملفات التي قدمت للقضاء المختص ومحاولة عرقلة الندوة التي ستعقدها الهيئة أيام 15 و16 و17 ديسمبر والتي ستكشف فيها مخرجات أعمالها حول الانتهاكات المرتكبة في بلادنا على امتداد ستة عقود. سابعا: إنّ موقف حزب العمال من العدالة الانتقالية هو موقف مبدئي ولا يمثل اصطفافا وراء هيئة الحقيقة والكرامة، فنحن لم نصوّت على تركيبتها في المجلس الوطني التأسيسي، ولا سكوتا على أخطائها وانحيازها في معالجة الملفات، فقد نقدناها في الإبان، ولكننا نرفض السقوط، باسم معارضة الهيئة أو رئيستها، في خانة أعداء العدالة الانتقالية الذين يبحثون عن طمس الحقيقة ويريدون الإفلات من المحاسبة. ونحن سنظل من المدافعين عن استمرار مسار العدالة الانتقالية حتى بعد انتهاء مهمة الهيئة لأنّ هدفنا هو منع عودة الاستبداد وتكرار نفس الانتهاكات."