أثارت دعوات رجال دين سنّة وشيعة، بخصوص المسيحيين وتحريم معايدتهم في أعياد الميلاد ورأس السنة، غضباً في العراق، لا سيما كلام مفتي الجمهورية، مهدي الصميدعي، الذي قال «لا يجوز الاحتفال برأس السنة ولا التهنئة لها ولا المشاركة فيها». وأضاف، قبل أيام، حسب الصفحة الرسمية التابعة لدار الإفتاء عبر «فيسبوك»: «قال ابن القيم رحمه الله، من هنأ النصارى في أعيادهم كمن هنأهم في السجود لصلبانهم». وأصدر المجمع الفقهي العراقي، السبت، بيانا قال فيه إن «التهنئة في العام الجديد جاءت من باب التوقيت الزماني الذي تستخدمه بلادنا في الحساب الفلكي ولا يدخل في باب العقائد». وأعتبر أنه «يجوز تهنئة غير المسلمين برأس السنة الميلادية وتبادل الهدايا معهم»، مؤكداً أن «المسيحيين أخوة لنا في الوطن والإنسانية وقد تعرضوا لبلاءات مثلنا وشوهت صورة ديننا عند الكثير منهم، وحقهم علينا أن نبرهم». وبيّن أن «ذلك لا يعني موافقتهم في الاعتقاد ولا يعني جواز الذهاب لكنائسهم وحضور طقوسهم ولكل منا عقيدته» وأشار إلى أن «التهنئة في العام الجديد جاءت من باب التوقيت الزماني الذي تستخدمه بلادنا في الحساب الفلكي ولا يدخل في باب العقائد». وأكد البيان، أن «إجازة التهنئة لا يعني حضور الحفلات التي ترتكب فيها المخالفات الشرعية»، مؤكداً أن «لا يجوز للمسلمين مخالفة الشريعة لا في أعيادنا ولا أعياد غيرنا». الكنيسة الكلدانية، شجبت كلام الصميدعي في بيان نشر على موقعها الالكتروني مشيرة إلى أن «المعروف عن رجل الدين من أي دين كان أن يدعو إلى الأخوّة والتسامح والمحبة وليس إلى الفرقة والفتنة». وأضافت أن «من يتبنى (هكذا) خطاب هو شخصية غير مكتملة، من المؤسف أن نسمع (هكذا) أدبيات مستهلَكة بين حين وآخر». وطالبت، الحكومة العراقية ب«التحرك ضد هذا النوع من الخطب ومقاضاة مروّجيها خصوصاً عندما تصدر من منابر رسمية». وحسب بيان الكنيسة «هذه مفاهيم خاطئة وخبيثة وبعيدة عن المعرفة الصحيحة بالأديان». وتقدمت 63 عائلة مسيحية بدعوى قضائية إلى محكمة في بغداد ضد الصميدعي. وقالت في دعواها: «في حال تعرضت أي عائلة مسيحية في بغداد والمحافظات إلى تهديد أو ترحيل قسري فنحمل الصميدعي كافة المسؤولية بخصوص ما سيحدث لأبناء المكون المسيحي». كذلك، ردت وزارة الأوقاف والشؤون الدينية في حكومة إقليم كردستان، على الصميدعي، واصفة أفكاره ب«الداعشية». ودعت، الحكومة العراقية إلى «اتخاذ الإجراءات القانونية» بحق الصميدعي، مشيرة إلى أنها «تقف بالضد من تلك الفتوى الخاطئة التي تشبه أفكار تنظيم داعش المتطرف». وأوضحت أن «كان الأجدر بالصميدعي أن يتحدث عن التعايش السلمي واحترام المذاهب والأديان الأخرى، وليس التهجم على المكون المسيحي واستخدام لغة جارحة ضدهم». وتابعت أن «الوزارة ومن منطلق إيمانها الراسخ بالحريات الدينية ومبادئ التعايش السلمي بين جميع المكونات وحفاظا على الأمن المجتمعي، ترفض ما صدر عن الصميدعي جملة وتفصيلا وتدعو إلى اتخاذ الإجراءات القانونية ضده». في السياق نفسه، أثارت تصريحات رئيس الوقف الشيعي، علاء الموسوي، غضبا، بعد اتهامه المسيحيين بارتكاب جميع الرذائل في احتفالات الميلاد. وقال الموسوي، خلال مقطع فيديو متداول إن «المسيحيين يرتكبون جميع الرذائل في ذكرى مولد السيد المسيح، وهذا لا يليق بنبي»، فيما أشار إلى أن «بعض المسلمين بدأوا بالتأثر بهم والمشاركة في الحفلات الفاسدة». وأضاف أن «احتفال المسيحيين بميلاد سيدنا عيسى غير صحيح، لأن ميلاد عيسى ليس في الأول من جانفي ، وإنما في تاريخ آخر، لكن هذا ما أراد الملوك الوثنيون في روما تثبيته». وأوضح أن»هناك مشكلة أخرى تكمن في كيفية الاحتفال، فهم لا يتركون رذيلة إلا ويرتكبونها من شرب الخمر والعربدة، وغير ذلك من فظائع في شرق الأرض وغربها». «دواعش مخفيون» وسارع القيادي المسيحي، جوزيف صليوا، للرد على الصميدعي محذراً من مخاطر من سّماهم ب «الدواعش المخفيين»، مؤكداً أن هؤلاء أخطر من زعيم تنظيم الدولة الإسلامية، أبو بكر البغدادي. وقال تعليقا على فيديو الموسوي: «سبق وحذرنا من داعش المخفي، في مؤسسات الدولة، وفي بعض مما تسمّى بيوت الله»، مبيناً أن «هناك من يطلق خطبا داعشية تحريضية، تبث السموم والكراهية». وبيّن أن «هؤلاء يجب أن يعاقبوا وفق القانون، وعلى الحكومة أن يكون لها موقف واضح وصريح من هكذا شخصيات تبث الفرقة والكراهية بين العراقيين». إلى ذلك، حدد المرجع الديني الأعلى علي السيستاني، السبت، الحكم الشرعي من تهنئة المسيحيين واليهوديين بأعيادهم. جاء ذلك في رد على سؤال وجه إليه من قبل أحد أتباعه يسأله فيه: «هل يجوز تبادل الود والمحبة مع غير المسلم إذا جارا أو شريكا في عمل أو ما شابه؟.. فقال السيستاني: إذا لم يكن يظهر المعاداة للإسلام بقول أو فعل فلا بأس بالقيام بما يقتضيه الود والمحبة من البر والإحسان إليه». كما أفتى، حسب الموقع الرسمي للمرجعية الدينية ب «جواز تهنئة الكتابيين من يهود ومسيحيين، وغيرهم من «الكفار» بأعياد، رأس السنة، عيد ميلاد السيد المسيح وعيد الفصح» (القدس العربي(