نجحت مؤسسة الجيش في تضييق الخناق على محيط الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة وسط تسريبات عن وجود صفقة يعلن من خلالها الرئيس الجزائري استقالته مقابل تأمين خروج آمن لشقيقيه سعيد وناصر اللذين لا يزال الغموض يكتنف مصيرهما بسبب الشائعات التي ترددت حول توقيفهما خلال الأيام الأخيرة، بإيعاز من قائد أركان الجيش الجنرال أحمد قايد صالح. واستبعد مصدر مسؤول في اتصال مع "العرب" هذه الأنباء، مؤكدا أن "الرجلين ربما يكونان ضمن صفقة سياسية تبلورت بين الرئاسة والجيش، تضمن الخروج الآمن لعائلة الرئيس بوتفليقة، بداية من الأسبوع القادم". وشدد المصدر على أن "قارب النجاة لا يسع الجميع، لأن مهمة إعادة الجزائريين إلى بيوتهم تتطلب التضحية برؤوس كثيرة". ويتجه بوتفليقة إلى التنحي عن السلطة خلال الساعات القادمة، بإعلان استقالته من منصب الرئاسة، وهو واحد من أشكال تفعيل البند 102 من الدستور، الذي دعت قيادة الجيش في وقت سابق إلى تفعليه من أجل احتواء الأزمة المستفحلة في البلاد. وأصدرت الرئاسة الجزائرية بيانا مقتضبا، أكدت فيه عزم بوتفليقة التنحي عن السلطة قبل نهاية ولايته الحالية في ال28 من أبريل الجاري. وأشار إلى أن رئيس الجمهورية سيصدر قرارات وصفها ب"الهامة" قبل استقالته، تضمن استمرارية سير مؤسسات الدولة، ومباشرة مرحلة انتقالية تبدأ من تاريخ إعلان استقالته. ويتوقع أن تتم قبل ذلك تسمية أعضاء جدد في مجلس الأمة (الغرفة الثانية للبرلمان) لشغل المناصب الشاغرة في ما يعرف ب"الثلث الرئاسي"، تكون من ضمنهم شخصية توكل لها مهمة رئاسة الغرفة البرلمانية، خلفا لرئيسها الحالي عبدالقادر بن صالح، لتكون جاهزة لاستلام الرئاسة الانتقالية، التي تنتقل إليها بموجب تدابير الدستور في حالة شغور منصب الرئيس. ولم تستبعد مصادر جزائرية مطلعة في تأكيد ل"العرب" أن يكون رمطان لعمامرة، نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية المبعد من الحكومة الجديدة، هو الشخصية التي ستخلف بن صالح في مجلس الأمة، وهي التي ستستلم آليا الرئاسة الانتقالية للبلاد بعد استقالة بوتفليقة لاحقا. وكان رئيس الوزراء نورالدين بدوي، قد كشف مساء الأحد، عن تشكيلة حكومته الجديدة، التي أبعد منها رمطان لعمامرة، وحذف منها منصب نائب رئيس الوزراء، واحتفظ فيها الجنرال قايد صالح، بمنصب نائب وزير الدفاع الوطني، واستقدمت العديد من الوجوه المغمورة المثيرة للجدل، بينما احتفظت بستة وجوه من الحكومة السابقة. وأظهرت معاينة أولية للائحة الحكومة الجديدة، بصمة جناح الرئاسة في تشكيل الطاقم الوزاري لنورالدين بدوي، رغم أنها جاءت مستفزة ومثيرة للشارع الجزائري، فأغلبية الوزراء الجدد هم على علاقة عائلية أو سياسية بمحيط الرئاسة أو باللوبي المالي والسياسي المؤيد لها.