يبدو أن العواصف التي أحدثتها جلسة مجلس الأمة الكويتي، الخميس الماضي، لن تنتهي باستقالة الحكومة، إذ أعفى أمير الكويت، اليوم الاثنين، وزيري الدفاع والداخلية من مهامهما في حكومة تصريف الأعمال بعد تراشق بين الوزيرين حول دواعي استقالة الحكومة. وقبل أمير الكويت استقالة الحكومة، الخميس الماضي، متبعاً إياها بقرار تكليف الحكومة ذاتها لتصريف الأعمال إلى حين تشكيل حكومة جديدة، قبل أن يصدر مرسوماً، اليوم الاثنين، بإعفاء كلٍ من وزير الداخلية خالد الجراح ووزير الدفاع ناصر الصباح من حكومة تصريف الأعمال، وتعيين الشيخ جابر مبارك الصباح رئيسا للوزراء وتكليفه بتشكيل الحكومة الجديدة، إلا أن المبارك اعتذر عن تولي المهمة، حسبما أفادت وكالة الأنباء الكويتية في وقت مبكر من صباح الاثنين. وبرر الصباح رفضه بما طاله من "افتراءات وادعاءات بها شبهة مساس بذمته"، بعد أن وجهت له تهم بالدفع باستقالة الحكومة للهروب من مساءلة مجلس الأمة في مخالفات وشبهة جرائم متعلقة بالمال العام تجاوزت 240 مليون دينار كويتي (790 مليون دولار) من "صندوق الجيش"، مضيفاً "أجد من الواجب علي أولا أن أثبت براءتي وبراءة ذمتي وإخلاصي في خدمة وطني، وما يستلزمه ذلك من أن أرفع لشخصكم الاعتذار عن هذا التعيين راجيا تفضلكم بقبوله". الدفاع، بهدف تقديم خدمات اجتماعية إنسانية لمنتسبي الوزارة، تصدر مشهد الفوضى السياسية في الكويت بعد أن كشف وزير الدفاع الكويتي الشيخ ناصر الأحمد الصباح، أمس الأول أن الأسباب الحقيقية لتقديم الحكومة استقالتها هو "تجنبها تقديم إجابات بشأن ما تم توجيهه من استفسارات لرئيس مجلس الوزراء حول التجاوزات التي تمت في صندوق الجيش والحسابات المرتبطة به"، نافيا ما يثار بشأن خلافات شخصية بينه وبين أعضاء مجلس الوزراء، أو أن تكون الرغبة في إعادة ترتيب الفريق الحكومي سببا في الاستقالة. وفي بيان له قال الشيخ ناصر صباح الأحمد الصباح، إنه أبلغ النائب العام بهذه التجاوزات والمتسببين بها، موضحا تفاصيل الأزمة منذ بدايتها وحتى استقالة الحكومة الخميس الماضي، مؤكداً في الوقت نفسه أن التجاوزات المالية في صندوق الجيش سبقت توليه حقيبة الدفاع. وبرر الصباح تصريحه بتفاصيل القضية بأن ديوان المحاسبة وجه العديد من الخطابات الرسمية لوزارة الدفاع، واستفسارات من قبل بعض النواب، وحاول البعض منهم "التلميح بمساءلتي فيما يتعلق بالعديد من تلك التجاوزات، وكأنها تمت بموافقتي وقبولي وأثناء فترة تسلمي لحقيبة الوزارة"، الأمر الذي استدعى كشف القضية بعد فشله في الحصول على أي توضيحات من قبل رئيس مجلس الوزراء، بحسب قوله "وجهت عدة مخاطبات منذ شهر يونيو (حزيران) الماضي إلى رئيس مجلس الوزراء ونائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية، لاستيضاح الحقيقة بشكل كامل، وتبرير عمليات التحويل الضخمة التي تمت في شبهة هذه التجاوزات، واتخاذ القرارات الصائبة والواجبة العمل بها". الاتهامات التي ألقى بها الصباح استدعت رداً من قبل خالد الجراح، وزير داخلية حكومة تصريف الأعمال، الذي شغل منصب وزير الدفاع قبل ذلك، ليصدر بياناً رفض فيه "ما أثير من اتهامات وطعن بذمته المالية دون دليل"، مؤكدا أنه "على أتم الاستعداد للمثول أمام القضاء الكويتي لكشف الحقيقة المخفية بشأن صندوق الجيش وحساباته"، وفقما ذكرت صحيفة الأنباء الكويتية. واتهم الجراح وزير الدفاع الكويتي بأنه "تعمد إخفاء الحقيقة الكاملة عن الشعب الكويتي، لاسيما الردود الواردة له وفي هذا التوقيت بالذات بعد استقالة الحكومة، رغم ادعائه بعلمه بالشبهات منذ أكثر من 7 أشهر، مما يثبت الأهداف والتطلعات السياسية التي يبتغيها، التي لا تنطلي على أهل الكويت ولا تغيب عن فطنتهم". وصرح رئيس مجلس الأمة الكويتي مرزوق الغانم، اليوم، بأنه قضية "صندوق الجيش" ستكون على طاولة المجلس في جلسته المقبلة للنقاش حول ملابسات ما تم كشفه اليوم.