دعاها الى عدم التدخل في شؤون تونس : نجيب الدزيري يكشف عن الدول التي لمح لها قيس سعيد    أستراليا: الهجوم الذي استهدف كنيسة آشورية في سيدني عمل إرهابي    طقس الثلاثاء: أمطار متفرقة والحرارة تتراوح بين 17 و28 درجة    عاجل : دولة افريقية تسحب ''سيرو'' للسعال    قيس سعيد عن الصلح الجزائي: لا نريد التنكيل بأحد    خطير/ حجز 70 صفيحة "زطلة" لدى مسافر تونسي بميناء حلق الوادي..    آخر زلات بايدن: أشاد بدولة غير موجودة لدعمها أوكرانيا    الامارات: سحب ركامية وأمطار غزيرة مرفوقة بنزول البرد    الكيان الصهيوني : الرد على طهران لن يعرض دول المنطقة الى الخطر    بالفيديو.. شجار 3 من لاعبي تشلسي حول تنفيذ ركلة الجزاء    عاجل: قيس سعيد: آن الأوان لمحاكمة عدد من المتآمرين على أمن الدولة محاكمة عادلة    دربي مصر: الجزيري يقود الزمالك الى الفوز على الاهلي    البطولة الوطنية لكرة السلة(مرحلة التتويج): برنامج مباريات الجولة التاسعة    رابطة أبطال أوروبا: مباريات في قمة الإثارة في إياب الدور ربع النهائي    وزارة التشغيل: قريبا اطلاق برنامج "كاب التشغيل" لمرافقة المؤسسات الصغرى والمتوسطة    حركة المسافرين تزيد بنسبة 6،2 بالمائة عبر المطارات التونسية خلال الثلاثي الأوّل من 2024    زغوان: تكثيف التدخلات الميدانية لمقاومة الحشرة القرمزية والاصابة لا تتجاوز 1 بالمائة من المساحة الجملية (المندوب الجهوي للفلاحة)    معرض تونس الدولي للكتاب 2024: القائمة القصيرة للأعمال الأدبية المرشحة للفوز بجوائز الدورة    دار الثقافة بمساكن تحتضن الدورة الأولى لمهرجان مساكن لفيلم التراث من 19 الى 21 افريل    تونس تشارك في اجتماعات الربيع السنوية لمجموعة البنك العالمي وصندوق النقد الدولي.    قرطاج: القبض على منحرف خطير محل أحكام قضائية تصل إلى 20 سنة سجنا    البطولة الافريقية للاندية البطلة للكرة الطائرة: فوز ثاني لمولدية بوسالم    عاجل/ الكيان الصهيونى يتوعد بالرد على ايران..    فتح بحث تحقيقي ضدّ رئيس جمهورية سابق وصاحب قناة خاصّة ومقدم برنامج    الاتحاد الجهوي للفلاحة بجندوبة يدعو إلى وقفة احتجاجية    وزير الشؤون الاجتماعية يزور مقر CNRPS ويصدر هذه التوصيات    والية نابل تواكب اختبارات التربية البدنية لتلاميذ الباكالوريا    هكذا سيكون الطقس هذه الليلة    وزير الدفاع يستقبل رئيس اللجنة العسكرية للناتو    استدراج أطفال عبر الأنترنات: وزارة المرأة والطفولة تلجأ إلى القضاء    معرض تونس الدولي للكتاب.. 25 دولة تسجل مشاركتها و 314 جناح عرض    القصرين: وفاة شابة أضرمت النار في جسدها    منظمة الأعراف تُراسل رئيس الجمهورية بخصوص مخابز هذه الجهة    موعد أول أيام عيد الاضحى فلكيا..#خبر_عاجل    اضطراب و انقطاع في توزيع الماء في إطار مشروع تزويد الثكنة العسكرية بفندق الجديد من ولاية نابل بالماء الصالح للشرب    الدورة السادسة لملتقى "معا" للفن المعاصر بالحمامات يستضيف 35 فنانا تشكيليا من 21 بلدا    وزارة الفلاحة: الحشرة القرمزية طالت 9 ولايات وهي تقضي على التين الشوكي.    بهدف في الوقت بدل الضائع ... محمد علي بن رمضان يقود فرينكفاروش للفوز على زالاغيرسيغي 3-2    أنس جابر تبقى في المركز التاسع في التصنيف العالمي لرابطة محترفات التنس    قتيل وجرحى في حادث مروع بنابل..    إيران تحتجز سفينة إسرائيلية في مضيق هرمز    نصائح للمساعدة في تقليل وقت الشاشة عند الأطفال    المؤتمر الدولي "حديث الروح" : تونس منارة للحب والسلام والتشافي    صفاقس .. رغم المجهودات المبذولة ...الحشرة القرمزية تنتشر بقوة    من «طاح تخبل هز حزامك» إلى «وينك وقت البرد كلاني» .. الأغنية التونسية في غرفة الإنعاش !    القيروان .. مدينة العلوم تساهم في تنشيط مهرجان الإبداع الطلابي بجامعة القيروان    ايطاليا ضيف شرف معرض تونس الدولي للكتاب 2024    الكاف ... قطعان بلا تلاقيح .. الفلاح يستغيث.. الطبيب البيطري يتذمّر والمندوبيّة توضّح    خالد عبيد: "هجوم إيران أسقط أسطورة إسرائيل التي لا يمكن لأيّ قوّة أن تطالها.."    بطولة إيطاليا : توقف لقاء روما وأودينيزي بسبب إصابة خطيرة للمدافع نديكا    المقاومة ترد على عرض الصهاينة: لا تنازل في صفقة التبادل    تألق المندوبية الجهوية للتربية صفاقس1 في الملتقى الاقليمي للموسيقى    تونس: التدخين وراء إصابة 90 بالمائة من مرضى سرطان الرئة    مفاهيمها ومراحلها وأسبابها وأنواعها ومدّتها وخصائصها: التقلّبات والدورات الاقتصادية    أولا وأخيرا... الضحك الباكي    تونس تحتضن الدورة 4 للمؤتمر الأفريقي لأمراض الروماتيزم عند الأطفال    فتوى جديدة تثير الجدل..    الزرع والثمار والفواكه من فضل الله .. الفلاحة والزراعة في القرآن الكريم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اختار مسانديه ومعارضيه.. الرئيس المُكلّف يتحصّن بشرعية الرئيس المنتخب
نشر في الصباح نيوز يوم 25 - 01 - 2020

كشف رئيس الحكومة المكلف إلياس الفخفاخ، أمس في لقاء صحفي عن توجهاته العامة في ما يتعلق بطبيعة الحكومة التي سيعمل على تشكيلها خلال الفترة المقبلة، وعن حزامها السياسي وعن شركائه من الأحزاب والكتل البرلمانية التي اختارها لتشريكها في الحكومة، مؤجلا الإعلان عن برنامج الحكومة الاقتصادي والاجتماعي وأولوياتها العاجلة والآجلة خلال الأسبوع المقبل..
وقال الفخفاخ إنه اختار شكل الإئتلاف الحكومي الذي سيعول عليه في تكوين حكومته وفق نتائج الإنتخابات الرئاسية في الدور الثاني. وأعلن استبعاد حزبي قلب تونس، والدستوري الحر من مشاورات تشكيل الحكومة.
عدة رسائل بعثها الفخفاخ ذات دلالات عميقة ورمزية سيكون لها امتداد سياسي مؤثر في الفترة المقبلة على المشهد السياسي بشكل عام وعلى طبيعة التحالفات والعلاقات داخل المشهد البرلماني، وتؤسس لصراع خفي وحتمي بين من يروم الاحتفاظ بخيوط اللعبة السياسية وبين من يريد افتكاكها..
في قراءة متأنية لأول لقاء صحفي لرئيس الحكومة المكلف وفقا للفقرة الثالثة من الفصل 89 للدستور، يمكن الخروج بالاستنتاجات التالية:
تكريس "حكومة الرئيس"
باختياره للائتلاف الحكومي الذي سيعوّل عليه لتشكيل حكومته وإسنادها سياسيا وبرلمانيا، بنى رئيس الحكومة المكلف مشروع حكومته وبرنامجها على نتائج التحليل الكمي لانتخاب رئيس الجمهورية، ووضع بذلك قواعد للفرز السياسي ستحكم المشهد السياسي خلال الخمس سنوات القادمة، في صورة منحها البرلمان لثقته في الحكومة الموعودة.
فمن الواضح أن السيد الياس الفخفاخ حين تحدث عن مشروعية الرئيس المنتخب، وليس عن مشروعية البرلمان المنتخب، إنما يؤكد دون أن يشعر أنه يكرّس لمفهوم "حكومة الرئيس"، أو كما يحلو للبعض وصفها بحكومة الفصل 89. بل إنه يضع المفهوم في سكة التطبيق الفعلي متجاوزا المحتوى النظري.
وهو بذلك - أي الفخفاخ- يحتمي بمشروعية الرئيس ويستظل بها، المشروعية القوية، والثابتة، وربما الملهمة له خاصة في ما يتعلق بتكريس ما يسمى بمبادئ الثورة وأهدافها، والبحث في سبل تحقيق طموحات الشعب التونسي في ثورته التي لم يجني منها شيئا..
فردا على سؤال أحد الصحفيين بخصوص سر اختياره رئيسا للحكومة وهو الذي لم ينل من أصوات الناخبين في الانتخابات الرئاسية سوى بضع آلاف، قال الفخفاخ إنه اكتسب شرعيته من إختيار رئيس الجمهورية له وليس من نسبة الأصوات التي تحصل عليها في الانتخابات الرئاسية.
وفي موضع آخر، وحين سأل عن مبررات اقصاء حزبين بعينهما عن مشاورات تشكيل الحكومة، قال:"تلك هي إرادة الشعب وما يريد". قاصدا إرادة الناخبين الذين اختاروا قيس سعيد في الدور الثاني من الانتخابات الرئاسية بواقع قارب 73 بالمائة من أصوات الناخبين. وعبارة "الشعب يريد" هي تقريبا الشعار الذي رفعه رئيس الجمهورية قيس سعيد في حملته الانتخابية وما يزال يردده حتى بعد تسلمه سدة الرئاسة.
بدا رئيس الحكومة المكلف في اصراره على خيار الائتلاف الحكومي الذي يريده، كأنه يشرع لأخلقة الحياة السياسية وتكوين حكومة تريد مكافحة الفساد فعلا لا قولا على حد تأكيده. حكومة ترفع شعار الإصلاح الاقتصادي "العميق" والانتصار للفئات الهشة والضعيفة، محاربة الفقر والبطالة من خلال التأسيس لمنوال تنموي جديد، وربما لمنوال سياسي جديد.. فضلا عن القطع مع المنظومة القديمة، وكل ما له علاقة بنظام ما قبل 2011.
المرجعية الرئاسية وليست البرلمانية
اعتمد الفخفاخ المرجعية الانتخابية الرئاسية كقاعدة للتفاوض، وقال انه يستمد شرعيته من مشروعية الرئيس وهو بذلك ليس اختيار الأغلبية التشريعية ولا الأحزاب بل هو اختيار الرئيس المنتخب من قبل الأغلبية، وقام بتقسيم البرلمان إلى قسمين: حلفاء او شركاءالحكومة، ومعارضي الحكومة. ولم يعتمد في تقسيمه على مرجعية الانتخابات التشريعية بل على مرجعية الانتخابات الرئاسية، وهو بالتالي يؤسس لمعارضة قائمة على نظام رئاسي وليس على نظام برلماني.
سيكون لرئيس الجمهورية قيس سعيد، دور محوري وأساسي وقاعدي سيكون لرئيس الجمهورية تأثير قوي لكنه خفي في مشاورات تشكيل الحكومة وحتى في نحت بعض خطوط برنامجها السياسي والاقتصادي والاجتماعي. بل أيضا في مسار حكم السلطة التنفيذية، وعلاقتها بالبرلمان. رغم أنه رمى الكرة في رسالة التكليف إلى البرلمان وحمّل – بشكل ضمني- مسؤولية نجاح الحكومة او فشلها إلى الأحزاب والكتل البرلمانية.
فإن كان رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي قام بدور بارز في اختيار سلف الفخفاخ الحبيب الجملي بل كان يحدد نطاق تحركه ويضع له الخطوط الحمراء والنقاط الخضراء وتدخل في تفاصيل المفاوضات.. يبدو الأمر حاليا معكوسا، إذ لم تعد مفاوضات تشكيل الحكومة بيد الحزب الأغلبي وحلفاؤه، ولم تعد "مونبليزير" أو قصر باردو، هي بوصلة رئيس الحكومة المكلف، بل هي قصر قرطاج وقصر الضيافة.
وما يقيم الدليل على ارتباط مشروع الحكومة المكلف، سياسيا وانتخابيا وروحيا ومعنويا برئيس الجمهورية "المنتخب"، تأكيد الفخفاخ أنه "متفق مع رئيس الجمهورية في الإسراع بالإستجابة لمطالب الشعب". وتعهده ب"تحمل الأمانة بكل صدق وإخلاص وعزيمة ثابتة".
وهنا لا بد من التذكير بأننا أمام رئيس حكومة مكلف مباشرة من قبل رئيس الجمهورية وفقا للفقرة الثالثة من الفصل 89 من الدستور التي تتيح لرئيس الجمهورية اختيار الرئيس الحكومة "الأقدر" في صورة فشل رئيس الحكومة الذي اختير من قبل الحزب الفائز في الانتخابات التشريعية من نيل ثقة البرلمان، وهو ما حصل فعلا.
علما أن رئيس الجمهورية قيس سعيّد، التقى أمس بقصر قرطاج، إلياس الفخفاخ المكلّف بتكوين الحكومة، مباشرة بعد اللقاء الصحفي. وهو الذي صرّح عقب اللقاء بأنه "أحاط رئيس الدولة علما بتطورات مراحل تشكيل الحكومة، وفحوى اللقاءات التي تمت بهذا الشأن، والبرامج التي ستشتغل عليها الحكومة القادمة". وأفاد بأنه "أعلم رئيس الدولة بالخطوات المقبلة، واللقاءات التي سيجريها مع المنظمات والشخصيات الوطنية، مبينا أنه سيواصل إطلاعه على مختلف محطات مسار تكوين الحكومة"، وفق بلاغ رئاسة الجمهورية.
حكومة غير مصغرة
حين سأل الفخفاخ عن مواصفات حكومته المصغرة التي وعد بها، لم يكن جوابه حاسما وغلب عليه التردد، لكنه قال في النهاية إن الحكومة لن تتجاوز عدد وزرائها ال25 وزيرا. دون ان يوضح امكانية اللجوء إلى تعيين كتاب دولة او وزراء مفوضين في ملحقين برئاسة الحكومة. فهل يمكن اعتبار حكومة ب25 وزيرا حكومة مصغرة؟.
فبعض الدول اعتمدت على حكومات لم تتجاوز 7 وزراء، وهناك من اعتمدت على 12 وزيرا، وربما أكثر بقليل.. علما ان حكومة مهدي جمعة كانت تضم 28 عضوا بين وزراء وكتاب دولة، ولم يطلق عليها حكومة مصغرة.
توسيع الدعم السياسي
هل سيعمل رئيس الحكومة المكلف، على تشريك بعض الشخصيات التي اقترحتها الأحزاب والكتل البرلمانية على رئيس الجمهورية، في حكومته في محاولة ذكية لتوسيع ليس فقط الحزام السياسي للحكومة ولكن أيضا الحزام البرلماني خاصة ان بعض الشخصيات المقترحة مثل منجي مرزوق، منجي الحامدي، الفاضل عبد الكافي، حكيم بن حمودة.. وغيرهم، عبروا مباشرة بعد التكليف الرسمي للفخفاخ رئيسا للحكومة، سارعوا بتهنئة الفخفاخ وعبروا عن استعداداهم لخدمة تونس
أمر غير مستبعد، خاصة أن رئيس الحكومة قد يرغب في استرضاء أحزاب بعينها لن تكون ممثلة في الحكومة، وصنفها في المعارضة. وقد يسعى كذلك ( ومن وراءه قيس سعيد) إلى جلب اهتمام المنظمات الوطنية ودعمها للحكومة.
أولوية اقتصادية
لم يتحدث رئيس الحكومة المكلف عن برنامجه الاقتصادي والاجتماعي، لكنه ألمح إلى وجود مشروع برنامج سيعرضه لاحقا على شركاءه السياسيين وعلى الإعلام مكونا من سبع محاور كبرى.
لكن في خطوة ذات دلالات عميقة، كانت أولى لقاءات الفخفاخ أمس كل من محافظ البنك المركزي مروان العباسي، ثم تباعا وزير المالية رضا شلغوم. في مسعى لطلاع عن كثب عن حقيقة الوضع المالي والاقتصادي للبلاد.
المثير للانتباه أن الضيفان غادرا مقر دار الضيافة دون الإدلاء بتصريحات صحفية، وهو ما يؤشر إلى أن الملف الاقتصادي سيكون من أهم أولويات المرحلة القادمة وهو ما يتطلب استقرارا سياسيا واستمرارا للحكومة. وفق ما أشار إلى ذلك الفخفاخ، وهو الذي قال إن لديه برنامجا لتعبئة الموارد المالية وبرنامجا إصلاحيا لخدمة التوجه الاجتماعي للدولة ومعالجة المديونية..
رفيق بن عبد الله


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.