كان لجائحة الكورونا تداعيات كبيرة على المشهد الاعلامي ليس في تونس فحسب وانما في العالم اجمع، على نحو تمت اعادة رسم خارطة طريق لسياسات الدول والأنظمة التي تسير العالم يكون أهل العلم والمعرفة في صفوفها الأولى بعيدا ومنطق الساسة وقوة العسكر والتسلح والمال، إذ من شان هذا التحول والنقلة النوعية في المشهد العام ان تدفع الجميع لمراجعة الخيارات والاهتمامات وإعادة ترتيب الاوراق حسب الأولويات والأمر لا يخص القائمين على الحكم والسياسة بل أيضا لدى عموم الناس، مما يعطي قيمة للحياة وسلامة الجسد وكرامة الإنسان وشروط ذلك. وهذا بدوره يتطلب مراجعة شاملة في مستوى الاختصاصات العلمية في الدراسة والتكوين والمهن لتكون الاختصاصات ذات علاقة بالطب والصحة والبحوث العلمية البيولوجية من الأولويات التي تستاثر باهتمام الأنظمة والأفراد وتحظى باهتمام المستثمرين في مراحل ما بعد الكورونا. وهو قراءة وتصور تختزل في أبعادها رغبة في الاستفادة من الدروس المستخلصة من الرجة التي أحدثها «كوفيد 19» في العالم، وتونس بدرجة أولى. في قطع النظر عن المخلفات السلبية لهذا الوباء في مستوى الأفراد والصحة المصابين وتوقف كلي للأنشطة والأشغال والخدمات باستثناء الخدمات الصحية والأمنية والمالية فإن الجانب الصحي الذي تحقق في المشهد الاعلامي بتونس اليوم هو فتح البلاتوهات والمساحات الحوارية في القنوات التلفزية والاذاعية وفي وسائل الاعلام المكتوبة ورقيا والكترونيا، لوجوه واسماء واختصاصات ظلت خلال السنوات الأخيرة ورغم أهمية دورها، بعيدة عن المشهد العام أساسا منهم الاطباءوالصيادلة والبيولوجيين واهل العلم والمعرفة. يأتي ذلك بعد ان مل الجميع تقريبا ذلك بسبب اكتساح السياسيين باختلاف ألوانها الحزبية وميولهم الفكرية والثقافية المشهد العام مقابل تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والاقتصادية للبلاد. لترتبط إطلالات المشهد الإعلامي اليوم بفئة لا تزال تحظى بعلاقة خاصة مع المواطن قوامها الثقة والاحترام والالتزام بنصائحه وصدقية ما يقول رغم ما عرفناها القطاع في السنوات الأخيرة من تحول ترجمها القطاع الخاص في التغول ووضع صحة وحياة الناس في موضع صعب وترفيع كفة ميزان الخدمات الصحية على نحو لم تعد في متناول نسبة هامة من التونسيين. لتجنب الكورونا المواطن في ظل الحجر الصحي والحظر الملزم للجميع بالبقاء في البيوت عناء الاطلالات والخطابات بتلوينات سياسية ممجة وتضع الجميع في حضرة مادة إعلامية متنوعة ونوعية تقطع مع الرداءة وما هو مألوف في السنوات الأخيرة قوامها العلم والطب والمعرفة واستقراء الوضع الراهن وسبل مسايرة الأزمة والخروج بحلول استشرافية.