رئيس الجمهورية: تونس تزخر بالوطنيين القادرين على خلق الثّروة والتّوزيع العادل لثمارها    وجبة غداء ب"ثعبان ميت".. إصابة 100 تلميذ بتسمم في الهند    اتحاد الفلاحة: أضاحي العيد متوفرة والأسعار ستُحدد لاحقًا وفق العرض والطلب    بالفيديو: رئيس الجمهورية يزور مطحنة أبة قصور بالدهماني ويتعهد بإصلاحها    قيس سعيد يزور مطحنة أبة قصور بالدهماني ويتعهد بإصلاحها (صور + فيديو)    "نحن نغرق".. سفينة مساعدات متجهة إلى غزة تتعرض لهجوم جوي (فيديو)    سقوط طائرة هليكوبتر في المياه ونجاة ركابها بأعجوبة    كيف سيكون طقس الجمعة 2 ماي؟    طقس الجمعة: خلايا رعدية مصحوبة أمطار بهذه المناطق    صفاقس ؛افتتاح متميز لمهرجان ربيع الاسرة بعد انطلاقة واعدة من معتمدية الصخيرة    الرابطة الأولى (الجولة 28): صافرتان أجنبيتان لمواجهتي باردو وقابس    توتنهام يضع قدما في نهائي الدوري الأوروبي بالفوز 3-1 على بودو/جليمت    بقيادة بوجلبان.. المصري البورسعيدي يتعادل مع الزمالك    قضية منتحل صفة مسؤول حكومي.. الاحتفاظ بمسؤول بمندوبية الفلاحة بالقصرين    مخاطر الاستخدام الخاطئ لسماعات الرأس والأذن    انهزم امام نيجيريا 0 1 : بداية متعثّرة لمنتخب الأواسط في ال«كان»    عاجل/ "براكاج" لحافلة نقل مدرسي بهذه الولاية…ما القصة..؟    الاحتفاظ بمنتحل صفة مدير ديوان رئيس الحكومة في محاضر جديدة من أجل التحيل    في انتظار تقرير مصير بيتوني... الساحلي مديرا رياضيا ومستشارا فنيّا في الافريقي    ملف الأسبوع.. تَجَنُّبوا الأسماءِ المَكروهةِ معانِيها .. اتّقوا الله في ذرّياتكم    خطبة الجمعة .. العمل عبادة في الإسلام    الطبوبي في اليوم العالمي للشغالين : المفاوضات الاجتماعية حقّ ولا بدّ من الحوار    نبض الصحافة العربية والدولية... الطائفة الدرزية .. حصان طروادة الإسرائيلي لاحتلال سوريا    الوضع الثقافي بالحوض المنجمي يستحق الدعم السخي    أولا وأخيرا: أم القضايا    المسرحيون يودعون انور الشعافي    إدارة ترامب تبحث ترحيل مهاجرين إلى ليبيا ورواندا    المهدية: سجن شاب سكب البنزين على والدته وهدّد بحرقها    الجلسة العامة للبنك الوطني الفلاحي: القروض الفلاحية تمثل 2ر7 بالمائة من القروض الممنوحة للحرفاء    الكورتيزول: ماذا تعرف عن هرمون التوتر؟    انتخاب رئيس المجلس الوطني لهيئة الصيادلة رئيسا للاتحاد الافريقي للصيادلة    لماذا يصاب الشباب وغير المدخنين بسرطان الرئة؟    عاجل/ تفاصيل جديدة ومعطيات صادمة في قضية منتحل صفة مدير برئاسة الحكومة..هكذا تحيل على ضحاياه..    بالأرقام/ ودائع حرفاء بنك تونس والامارات تسجل ارتفاعا ب33 بالمائة سنة 2024..(تقرير)    تونس العاصمة وقفة لعدد من أنصار مسار 25 جويلية رفضا لأي تدخل أجنبي في تونس    ارتفاع طفيف في رقم معاملات الخطوط التونسية خلال الثلاثي الأول من 2025    إقبال جماهيري كبير على معرض تونس الدولي للكتاب تزامنا مع عيد الشغل    مصدر قضائي يكشف تفاصيل الإطاحة بمرتكب جريمة قتل الشاب عمر بمدينة أكودة    وزير الصحة: لا يوجد نقص في الأدوية... بل هناك اضطراب في التوزيع    الطبوبي: انطلاق المفاوضات الاجتماعية في القطاع الخاص يوم 7 ماي    عاجل/ مجزرة جديدة للكيان الصهيوني في غزة..وهذه حصيلة الشهداء..    نحو توقيع اتفاقية شراكة بين تونس والصين في مجال الترجمة    يوم دراسي حول 'الموسيقى الاندلسية ... ذاكرة ثقافية وابداع' بمنتزه بئر بلحسن بأريانة    عاجل/ المُقاومة اليمنية تستهدف مواقع إسرائيلية وحاملة طائرات أمريكية..    توقيع عدد من الإصدارات الشعرية الجديدة ضمن فعاليات معرض تونس الدولي للكتاب    صادم: أسعار الأضاحي تلتهب..رئيس الغرفة الوطنية للقصابين يفجرها ويكشف..    التوقعات الجوية لهذا اليوم..طقس حار..    قيس سعيد: ''عدد من باعثي الشركات الأهلية يتمّ تعطيلهم عمدا''    محمد علي كمون ل"الشروق" : الجمهور على مع العرض الحدث في أواخر شهر جوان    توجيه تهمة 'إساءة استخدام السلطة' لرئيس كوريا الجنوبية السابق    كأس أمم إفريقيا لكرة القدم داخل القاعة للسيدات: المنتخب المغربي يحرز لقب النسخة الاولى بفوزه على نظيره التنزاني 3-2    منظمة الأغذية والزراعة تدعو دول شمال غرب إفريقيا إلى تعزيز المراقبة على الجراد الصحراوي    زراعة الحبوب صابة قياسية منتظرة والفلاحون ينتظرون مزيدا من التشجيعات    مباراة برشلونة ضد الإنتر فى دورى أبطال أوروبا : التوقيت و القناة الناقلة    اتحاد الفلاحة: أضاحي العيد متوفرة ولن يتم اللجوء إلى التوريد    رابطة ابطال اوروبا : باريس سان جيرمان يتغلب على أرسنال بهدف دون رد في ذهاب نصف النهائي    سؤال إلى أصدقائي في هذا الفضاء : هل تعتقدون أني أحرث في البحر؟مصطفى عطيّة    أذكار المساء وفضائلها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



راشد الغنوشي: التقيت بابو عياض وهذا ما قاله لي .. والحوار مع بن علي مكن لاسترجاع الاموال المنهوبة شرط ....
نشر في الصباح نيوز يوم 16 - 06 - 2013

أجرى رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي، حوارا مع صحيفة "الخبر الجزائرية" تحدث فيه عن تطورات الوضع في تونس خاصة الأمنية وظاهرة السلفية وأنصار الشريعة ومسودة الدستور والانتخابات المقبلة في تونس والعلاقات مع الجزائر والاتحاد الأوروبي، والإعلام والحريات في تونس.
وفي ما يلي نص الحوار:
دعوتم التيارات السلفية في تونس إلى الحوار والانخراط في العمل السياسي..
باعتبارنا حركة لا نملك من أدوات العمل السياسي عدا الحوار، وعليه لطالما دعونا إلى الحوار السياسي مع التيارات السياسية في تونس، نعتقد أنه ما من مبرر للعمل السري أو العمل المسلح، ما دامت الفضاءات السياسية والثقافية مفتوحة، لذلك نعتبر أن السير في طريق العمل المسلح إنما هو سير في طريق مسدود، لأنه في الواقع من يواجه السلطة إنما يواجه إرادة الشعب، من هذا المنطلق دعونا في السابق ومستمرون في دعوة السلفيين إلى الدخول في السلم، وبالفعل كانت لنا لقاءات في السابق مع قيادات من التيارات السلفية، مع العلم أن هناك ثلاثة أحزاب سلفية تنشط في إطار القانون، عكس أنصار الشريعة الذين لا يعترفون بالقانون إلى الآن ويعتبرون الدولة طاغوتا، وبالتالي يرفضون التعامل وفقا لقوانين الدولة، وهذا بالضبط مصدر الإشكال، ومع ذلك ننطلق في دعوتنا إلى التحاور مع كل التيارات، وكانت لنا لقاءات عديدة في هذا الإطار.
هل كان من بين من التقيتم بهم زعيم أنصار الشريعة أبو عياض؟
كان لنا لقاء مع أبو عياض قبل أن يختفي عندما كان مطلق السراح في محاولة لإقناعه بضرورة العمل السياسي في إطار القانون، وقال لي إنه ينبذ العنف ويتبرأ منه، لكن الواقع عكس ذلك، ولم يكن لنا لقاء آخر بعد اختفائه.
لكن معارضيكم يرون أن ليونتكم إزاء السلفيين كانت وراء استقواء السلفية الجهادية؟
في الواقع الحكومة لم تكن متساهلة أبدا مع من يهدد الأمن العام في تونس، وكانت متنبهة وتعاملت مع الأوضاع كما يجب، حيث قامت بعمليات متابعة للجماعات التي تهرب السلاح من ليبيا وكانت حازمة في ملاحقة الجماعات المسلحة في عمليات سقط فيها ضباط من الجيش ومن المنتمين لهذه الجماعات، وعليه أعتقد أن اتهام السلطة أو حركة النهضة بالتهاون والتساهل اتهام في غير محله، أما عن تخصيص الاتهام لحركة النهضة لأنها تدعو للحوار، فأقول إن النهضة تيار سياسي لا يملك من أدوات العمل السياسي غير الحوار وإدانة كل أنواع العنف من أي طرف كان.
نحن ضحايا اتهامات من كل حدب وصوب وأحيانا تصيبنا نيران صديقة، هناك من يتهمنا بأننا تخلينا عن المشروع الإسلامي، وهناك من يتهمنا بالعمل على أسلمة الدولة، لا هذا ولا ذاك قبل أسبوع كنا في ندوة حول مقاصد الشريعة، سألني أحد الشباب بشكل استنكاري: ماذا قدمتم للإسلام وماذا طبقتم من الشريعة؟ قلت له: قبل سنتين هل كان يمكن أن تسأل هذا السؤال وتعود إلى بيتك آمنا، لماذا ترى أن الشريعة سلسلة من العقوبات، لماذا لا ترى الشريعة عدالة وحريات وأمن، أليس لديكم شيء آخر تقدمونه للناس غير العقوبات، الشريعة عدل كلها ورحمة كلها، الحريات التي يتمتع بها الشعب التونسي أليست مقصدا من مقاصد الشريعة، صحافتنا حرة ومساجدنا حرة وجامعاتنا حرة، أليس هذا جزءا من الشريعة؟ هناك قصور في النظر إلى الإسلام من الطرف العلماني الذي عمل طويلا لأن يكون الإسلام مهمشا، ولأن الإسلام عاد إلى قلب الحياة، ومن جهة أخرى الذين يرون أن الإسلام هو عقوبات، يعتقدون أن النهضة انحرفت عن الإسلام لأنها تتحدث عن الحريات، ولأنه من بين 89 من نواب النهضة في المجلس التأسيسي، توجد 43 امرأة.
ألا تخشون تفاقم نفوذ الجهاديين وتهديد أمن تونس، خاصة في ظل الحديث عن عودة الجهاديين التونسيين من سوريا؟
هناك محاولات لتضخيم الأحداث وبعض الظواهر وإبرازها على أنها الطاغية على الساحة في تونس، مثلما هو الحديث عن الجهادية التي تكاد تقتصر على مجموعة لا تتجاوز عشرات الشباب الذين يعتصمون الآن في منطقة جبلية في منطقة الشعانبي ويحاصرهم الجيش. التونسي لا يميل إلى العنف والطبيعة الجغرافية لا تساعد على تفاقم العنف في المجتمع التونسي، وعليه لا يجب رسم صورة عن وجود متزايد للسلفيين في تونس، والدليل دخول 6 ملايين سائح السنة الماضية ونترقب 7 ملايين هذه السنة، ليس هناك من وجود للسلفيين في تونس بشكل مخيف، وباعتبار أن الجماعات المهددة للأمن توجد تحت مراقبة الجيش، ولا أعتقد أن هناك بلدا في العالم يخلو من بعض الجيوب التي تشهد بعض الأعمال الخارجة عن القانون. في اعتقادي لا بد من الابتعاد عن التضخيم والتهويل، تونس اليوم لا تختصر في السلفية كما لا تختصر في ظاهرة “فيمن”.
هناك تباين في مواقف بعض قيادات حركة النهضة بين ما يقول به عبد الفتاح مورو وبين تصريحات حبيب اللوز المتشددة، أين تقف الحركة بين هذين الموقفين؟
حركة النهضة ليست مجرد تجمع كبير، كما أنها ليست حزبا ستالينيا يعتمد نمطا أيديولوجيا واحدا، وإنما حركة كبيرة تنشط من أربعة عقود وهي ليست ثكنة عسكرية تملي على المنتمين إليها طريقة موحدة في التفكير، كما أنها ليست حزبا نخبويا وإنما جماهيري، له أيديولوجية مرنة لا تخشى نقاش الأفكار، وإن كنا لا نناقش ولا نختلف حول الإسلام الوسطي المعتدل، وإنما نناقش كيفية تنزيل الإسلام إلى الواقع، تماما كما لا نختلف ولا نناقش الديمقراطية ولا يوجد في صفوفها من يناقض حكم المؤسسات، أعتقد أن كل المنتمين للحركة منضبطون بهذا الإطار العام وبهذه القواسم وإن كانت بيننا اختلافات فإنها اختلافات في الآراء.
استقالة شخصيات قيادية في الحركة، على غرار أبو يعرب المرزوقي ورغبة عبد الفتاح مورو في الاستقالة، هل هي تصدع داخلي ؟
يجب التصويب بالقول إن أبو يعرب المرزوقي لم يكن يوما منتميا لحركة النهضة وإنما كان ينتمي إلى الكتلة البرلمانية للحركة، هو شخصية علمية وفكرية مرموقة ومحترمة، إلا أنه لم يكن من أعضاء الحركة، وإنما كان عضوا مستقلا في كتلة النهضة الانتخابية، وبالتالي انسحابه من الكتلة وليس من الحركة، أما فيما يخص الشيخ مورو فهو من مؤسسي الحركة، جمد عضويته خلال محنة التسعينات وعاد خلال المؤتمر الأخير، له من الاجتهادات المحترمة التي إذا وافقت عليها مؤسسات الحركة، أصبحت موقفا رسميا للنهضة وإذا لم توافق عليها ظلت اجتهادات شخصية.
بعد سنة ونصف من الحكم، هل تعتبرون أن حركة النهضة نجحت في أدائها الاجتماعي والاقتصادي والسياسي؟
لا يمكن القول إن حركة النهضة حكمت خلال الفترة الماضية وإنما كان هناك ائتلاف حاكم، وإن تشرفت النهضة بقيادة الترويكا، وحلفاؤنا كانوا شركاء فعليين وليسوا مجرد واجهة، وبالتالي الحديث عن التحالف الحكومي وليس النهضة وحدها. شخصيا أعتبر المحصلة إلى حد الآن ناجحة نسبيا، نجحت في حماية أهداف الثورة، بدءا بحماية الحريات والعمل السياسي والإعلامي والجمعوي، كما أن الترويكا نجحت في الحفاظ على مستوى معقول من الخدمات للمواطن التونسي، بالإضافة إلى توفير الأمن وبعث التنمية الاقتصادية على الرغم من التحديات والعراقيل الكبيرة التي عصفت بالبلاد التي تأثرت بالأزمة الأوروبية، مع ذلك نجحت الترويكا في خفض نسبة البطالة إلى 16 بالمائة. كما نجحت الترويكا في تحقيق واحد من أهم الأهداف وهو سن الدستور الذي يجمع بين قيم الإسلام وقيم الحداثة، ولعل أكثر ما يحسب ضد التحالف بطء التعامل مع ملف محاسبة رموز النظام السابق، وقد يكون هذا السبب وراء محاولات عودة النظام القديم، لهذا كان قانون تحصين الثورة.
الباجي قائد السبسي رئيس حزب نداء تونس اتهم حركة النهضة باستهدافه بقانون تحصين الثورة لإقصائه من الحياة السياسية؟
قانون تحصين الثورة لا يستهدف شخصا بعينه بقدر ما يهدف إلى حماية الثورة ومنع التفاف رموز النظام القديم على الثورة والعودة إلى السلطة، لأنه لا بد من معرفة أن النظام القديم ما يزال موجودا في العديد من الدوائر المالية والإعلامية والإدارة، وبالتالي النظام القديم ما يزال يملك أدوات كثيرة للعودة، ومن حق كل ثورة أن تدافع عن نفسها، والواقع أن حماية الثورة بدأ خلال حكومة السبسي التي قدمت المرسوم رقم 15 الذي منع رموز العهد السابق من المشاركة في انتخابات المجلس التأسيسي، حتى يولد النظام الجديد في غياب وجود جراثيم من النظام السابق. المجلس الوطني التأسيسي لا يضم أي شخص من الذين كانوا ينتمون للنظام القديم والسبب مرسوم حكومة السبسي، لذلك أعتقد أن تمديد العمل بهذا المرسوم لحماية البرلمان المقبل من رموز النظام السابق أمر قامت به كل الثورات وليس موجها ضد شخص ولا حزب، مع العلم أن هناك نقاشا اليوم حول مشروع حماية الثورة، إذ أن هناك مقترحات تقدمت بها اللجنة التشريعية التي صاغت مشروع هذا القانون، تركت مجالات للاستثناء، من قبيل تخصيصها العديد حتى لا يشمل القانون كل قيادات العهد الماضي أو فتح المجال للاعتذار، إذ كل من اعتذر للشعب التونسي يمكن له الحصول على استثناء، كما يمكن فتح إعادة النظر في الشخصيات التي قدمت خدمات للثورة وشملها بالاستثناء، بحيث يصبح المشروع بعيدا وغير مدفوع بنزعة انتقامية، وأعتقد أنه من الطبيعي أن تحمي كل ثورة نفسها من العهد السابق.
بالحديث عن رموز النظام السابق واستعادة الأموال المنهوبة، كيف تفسرون قرار الاتحاد الأوروبي رفع تجميد أرصدة شخصيات من النظام السابق؟
لا أعتقد ذلك، وإن كنت لم أطلع على حيثيات هذا القرار الأوروبي، ما يمكنني قوله أنه لا غرابة في أن تكون بعض “اللوبيات” ضالعة في هذا الموضوع، وبالتالي أوقفت تجميد الأموال أو أن هناك جهات تونسية لم تقم بعملها بدقة من خلال ترك ثغرات تمكن الطرف الآخر من استغلالها، ما هو أكيد أن إجراءات متابعة الأموال واسترجاعها فيه من التعقيدات ما يجعله أمرا يطول.
بكم تقدرون قيمة الأموال المهربة من طرف النظام السابق؟
هذا هو بيت القصيد، لا أحد يملك رقما دقيقا، هناك من يتحدث عن خمسة ملايير دولار وحديث آخر عن عشرين مليارا، هناك خبراء يؤكدون أن الأموال الموجودة في تونس والتي تعود للرئيس وزوجته تقدر بحوالي 50 مليار دولار، ناهيك عن الأرصدة في الخارج، عموما يمكن القول أن نصف الثروة التونسية كانت في حوزة 114 شخص من العائلتين، عائلة الرئيس المخلوع والرئيسة زوجته المخلوعة، تبقى هذه تقديرات الخبراء وتحتاج إلى تدقيق.
لم تحدث اتصالات بينكم وبين الرئيس المخلوع لاقتراح استرجاع الأموال المنهوبة مقابل العفو عنه مثلا؟
مثل هذا الطرح يحتاج إلى وفاق وطني وعليه لا يمكن لأي كان أن يتخذ قرارا نيابة عن الشعب التونسي في التعامل مع ملفات الفساد.
أين وصلت صياغة المسودة النهائية لنص الدستور، خاصة بعد ارتفاع أصوات تنتقد هذه المسودة ؟
المسودة هي ثمرة جهد سنة ونصف من عمل دؤوب شارك فيها 19 حزبا ممثلا في البرلمان، إلى جانب المستقلين الميزة أنه ليس إنجاز خبراء، بقدر ما هو عمل شعبي جماعي، من أحزاب ومجتمع مدني، من داخل البلاد ومن خارجها، إضافة إلى الخبراء.
ويبقى العمل بشريا ليس معصوما من الخطأ، لكن الحوار الوطني بين أهم الأحزاب التمثيلية دام أكثر من شهر، ما جعل النسخة النهائية تنال رضا الجميع، وهي نسخة ليست نهائية. ولذلك نقدر أن هذه المسودة يمكن أن تكون قاعدة للحوار بين الأحزاب الممثلة في البرلمان، كي نصل إلى الشكل النهائي للدستور.
تجنبتم الإشارة إلى “الشريعة” في مسودة الدستور لإرضاء الأطراف الأخرى، هل هذا تنازل أم تكتيك سياسي؟
الإسلام أساسي في الدستور. قيم الإسلام وقيم الحداثة تتزاوج من المساواة بين الجنسين وحقوق الإنسان وغيرها من المبادئ الديمقراطية ولكن في إطار مقاصد الإسلام وتعاليمه. ونص الدستور الجديد تأسس على الثوابت الإسلامية، استجابة إلى حلم تونس القديم، عندما قام علماء الزيتونة، في زمن المستعمر، بسن دستور بني على حلم استيعاب العلوم والحداثة والحكم الشوري في تنظيم التشريع. وإبعاد الشريعة من الدستور لا نسميه تنازلا، نحن نسميه تعاليا، النهضة هي التي تقود الحكم في تونس، والذي يقود هو المسؤول عن جمع العائلة السياسية والوحدة الوطنية، والنهضة إذن قدمت تنازلات من أجل الوصول إلى وفاق وطني. لما طلبنا إدراج الشريعة لم يوافق العلمانيون على ذلك، ونحن لم نر مانعا من سحبها، لأن الدساتير تبنى على توافق وليس على أغلبية، كنا نطالب بنظام برلماني مثلا ثم تنازلنا. لذا قلنا أن الإسلام دين الشعب والبرلمان هو الهيئة الوحيدة التي تشرع دون فيتو أو وصاية، لأننا عملنا على تجنب عوامل الخلاف مع شركائنا، وإبعاد كل عوامل الاختلاف. نعتبر أن الديمقراطية هي أيضا الوفاق. نحن نؤمن أن الإسلام أقر حرية الاعتقاد، فحرصنا على استبعاد ما لا يكون محل وفاق.
لكن الرئيس المرزوقي قال إنه لن يسمح بمرور الدستور بصيغته الحالية؟
أنتم تعرفون أن العملية السياسية قائمة على التفاوض، ونحن وحزب الرئيس المرزوقي “المؤتمر من أجل الجمهورية” في تحالف حاكم صمد في وجه كل الأعاصير ومازال صالحا ليحكم تونس، ومهما تعقدت الأمور، سيخضع الأمر للحوار والتوافق.
هل هذا يعني إمكانية مراجعة مسودة الدستور مرة أخرى ؟
لا أعتقد أنه ستكون هناك مراجعة أخرى لمسودة الدستور، بعد النقاش والحوار الوطني الذي دعا إليه رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ورئيس البرلمان وأفضى إلى وفاق تمت صياغته في النسخة الأخيرة من مسودة الدستور، لا أعتقد أن هناك اعتراضات جوهرية على النسخة الحالية بعد المراجعات السابقة، مع العلم أن الإجماع والتوافق التام من المستحيلات في السياسة، لذلك نعتقد أن الصيغة الحالية هي المشروع النهائي الذي سيقدم إلى البرلمان.
هل بإمكانكم تقدير المواعيد الانتخابية وهل ستكون الانتخابات مجتمعة رئاسية وتشريعية؟
الانتخابات ستكون شاملة، من المحتمل أن تجري قبل نهاية السنة الجارية. لنخرج بعدها بحكومة عادية ونغلق نهائيا المرحلة الانتقالية، لكننا اقترحنا أن تجري الانتخابات التشريعية والانتخابية بين 15 نوفمبر و 15 ديسمبر المقبلين، والهيئة الانتخابية هي التي ستحدد المواعيد الانتخابية، ما يهمنا هو أن ندخل السنة المقبلة 2014 في ظل حكومة عادية وبرلمان عادي.
من سيكون مرشح النهضة للانتخابات الرئاسية حمادي الجبالي مثلا؟

حتى الآن مؤسسات النهضة هي التي تقرر. قبل تحديد الشخص لا بد أن نحسم في المشاركة، خاصة ونحن نعرف أن الإعلان سيكون له تأثيره على الحياة السياسية على وجه عام، وعلى تحالفاتنا مع شركائنا، لذلك قررنا تأجيل النظر في هذا الموضوع، وهذا مقصود، وقبل أن نحدد مرشحنا حمادي الجبالي أو عبد الفتاح مورو أو علي العريض، علينا أن نحدد ما إذا كانت النهضة ستقدم مرشحها أم تقدم مرشحا في إطار تحالف، كل هذه خيارات مطروحة.
ما مدى صدقية عمليات سبر الآراء التي تؤكد أن النهضة تراجعت شعبيا ؟
تعلمون أنه ليس في تونس تقاليد لعمليات سبر الآراء، وهذا فن جديد في تونس، نحن ليست لنا ثقة في نتائج هكذا عمليات، الصادرة عن عدة مؤسسات، تعطيك على قدر ما تعطيها، على قدر أهل العزم تأتي العزائم، بمعنى أن غالبيتها تميل وفقا لجهة التمويل، شعبية النهضة زادت أو نقصت مقارنة مع انتخابات أكتوبر 2011، تقديرنا أن الشعوب لا تعطي ثقتها بسهولة ولا تسحب ثقتها بسرعة، لا تخلو أسرة تونسية من نهضوي، والشعوب لا تعطي ثقتها بسرعة، والنهضة لا بديل عنها في تونس وهي تمثل العمود الفقري للساحة التونسية، والتعددية السياسية لا تلغي العمود الفقري، والنهضة ليس في إستراتيجيتها أن تحكم وحدها، وإنما تسعى للتوافق بين التيار الحداثي المعتدل والإسلامي المعتدل.
هل تتفقون مع توصيف الإعلام التونسي بأنه نتاج للمال الفاسد والتسيس المفرط وقلة المهنية ؟
ليس بهذا التعميم، الإعلام هو جزء من الثورة، وجزء منه من الإعلام المضاد للثورة، الثورة نقلت الإعلام الذي كان يمجد النظام السابق إلى مرحلة الإعلام المستقل، وإلى مرحلة النقد، وأحيانا يكون نقد مبالغ فيه، ولكن برأينا الحكومة تحتاج إلى النقد أكثر مما تحتاج إلى المدح.
لماذا توجه لحركة النهضة والحكومة اتهامات بالموالاة إلى قطر ؟
هذه خطة قديمة اسمها تجفيف الينابيع، النظام التونسي الموجود الآن هو من الحالات التاريخية القليلة التي وجدت فيه حركات إسلامية تقود حكومات وهي مدعومة دوليا وعربيا، النظام القائم بعد الثورة ليست له علاقة مشوشة مع أي جهة، الاتحاد الأوروبي كان يعتقد أنه إذا تسلم الإسلاميون الحكم فإنه ستحدث القطيعة خاصة في حقوق الإنسان، لكن بعد ذلك غير نظرته ورقى اتفاق الشراكة الذي وقع في عهد بن علي إلى مصف الشريك المتميز، حكومة الثورة في تونس لم تهدد العلاقات التونسية لا المغاربية ولا الأوروبية والعربية، والذين يستهدفون قطر أو تركيا أو غيرها، يستهدفون تجفيف الينابيع وغلق مساحات تحرك حكومة الثورة، وهم أنفسهم الذين هاجمونا ولفقوا لنا تهم الحد من الحريات، وثبت أن الشواطئ مفتوحة والفنادق مفتوحة والمساجد مفتوحة، بن علي كان يمنع المرأة من الحجاب، والنهضة بعد الثورة لم تفرض الحجاب، وكل يختار لنفسه نمط العيش الذي يريده، ليس من مهمة الدولة أن تفرض القيم والثقافة، مهمة الدولة تقديم الخدمات للناس وتوفير الأمن والتعليم، وعلاقتنا مع قطر متميزة ومع تركيا ودول الخارج ومع الجزائر.
إلى أي مدى تطورت العلاقات بين الجزائر وتونس في مرحلة ما بعد الثورة ؟
التنسيق الأمني والعسكري في مستوى عال بين تونس والجزائر، والزيارات المتبادلة في أعلى المستويات، أيضا السياحة الجزائرية في أوجها باتجاه تونس، وهذا نعتبره دعما جزائريا لتونس، رئيسا الحكومة التونسي السابق حمادي الجبالي والحالي علي العريض زارا الجزائر. وأعتقد أن العلاقة التونسية الجزائرية مرشحة لأن تمثل رأس القاطرة لتحريك المغرب العربي. هذه زيارتي الثالثة إلى الجزائر وحظيت بحفاوة من المجتمع السياسي، وحظيت برعاية الرئيس بوتفليقة حتى وهو في مرضه، وأتمنى له الشفاء العاجل وأن يعود إلى شعبه سالما معافى، وأحمد الله أننا اطمأننا عليه من خلال الصور، مثلما اطمئن عليه الشعب الجزائري، وفي المرة الماضية حظيت باستقبال كريم من قبل الرئيس بوتفليقة، وأنا شاكر له كل هذا الفضل، كما استقبلت من قبل رئيس الحكومة ومسؤولين جزائريين آخرين.
بشأن الأزمة في سوريا هل أنتم مع الحل العسكري أم الحل السلمي ؟
نحن لسنا طرفا مباشرا في الأزمة السورية، نحن ندعم حق الشعب السوري في أن يتحرر من النظام السوري الطاغي المستبد الذي يحكمه، والثورة السورية كانت سلمية لكن النظام هو المسؤول عن تحويلها إلى مسلحة وهو المسؤول عن الدماء التي سالت.
وفي الختام تحدث راشد الغنوشي عن مغادرته لتونس وقال
"غادرت الجزائر بكرامة إلى لندن في 1992، وأكشف للمرة الأولى طريقة مغادرة عائلتي الجزائر إلى لندن، وما لا أنساه للجزائر أن زوجتي وأبنائي الخمسة غادروا الجزائر على متن طائرة الخطوط الجوية الجزائرية، دون جواز سفر، ووصلوا كلاجئين إلى لندن حيث كنت أقيم
وقد كانت لي علاقة شخصية بالرئيس عبد العزيز بوتفليقة تمتد إلى بدايات التسعينات، عندما كنت معارضا للنظام التونسي، وكان الرئيس بوتفليقة معارضا أيضا، والمعارضة تلم أشتاتها، وكنت ألتقيه ونتناقش كل القضايا حينها، ساهم في إطفاء نار الفتنة، وأدعو له بالشفاء وأن يمده الله بالصحة والعافية
الجزائر التي آوتنا واستقبلتنا في هجرتنا الأولى واحتضنتنا من 1989 حتى 1992، كنا في تلك الفترة الحالكة أكثر من 500 من إطارات النهضة لجأنا إلى الجزائر، ندين للرئيس الراحل الشاذلي بن جديد بالفضل، عندما سمح لي بالإقامة في الجزائر، بطلب من الشيخ محمد الغزالي الذي كان يقدره الرئيس كثيرا، لم يرد الرئيس الشاذلي، واعتبرنا صمته موافقة، وأجرت بيتا في منطقة بوزريعة وتكفل الراحل عبد الحميد مهري برعاية أسرتي وتسجيل أبنائي في المدرسة بن بلة
في عام 1992 غضب الرئيس الراحل أحمد بن بلة غضبا شديدا عندما علم من رئيس الحكومة السابق عبد الحميد غزالي بطلب بن علي تسليمنا إليه، وقال بن بلة: لو علمت بأن بن علي بات يؤثر على قرارات الجزائر لما حررت هذه البلاد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.