عاجل/ الإعتداء على مستشفى القصرين: هذا ما تقرّر ضد المتّهمين..    منوبة: تقدّم موسم الحصاد بنسبة 81% وتجميع قرابة 320 قنطارا    تنسيقية العمل من أجل فلسطين تدعو إلى "تسليط الضوء على الحصار على غزة وليس على قافلة الصمود في حد ذاتها"    رونالدو يعبر عن صدمته بوفاة زميله ديوغو جوتا    الجائزة الكبرى لبارا ألعاب القوى: ذهبية وفضية لتونس    18 سنة سجنا لناقل طرود من الكوكايين من فرنسا إلى تونس    لطيفة العرفاوي تعلن:"قلبي ارتاح"... ألبوم جديد من القلب إلى القلب    إدارة مهرجان الحمامات الدّولي: بيع التّذاكر يتمّ حصريا عبر الموقع الإلكتروني الرسمي للمهرجان    لديك أموال في حساب متروك؟.. هذا ما عليك فعله لاسترجاعها..    أكثر من 63% من التلاميذ نجحوا في مناظرة النوفيام 2025    عاجل/ بعد ما راج عن موجة حر الأسبوع المقبل في تونس: عبد الرزاق الرحال يكشف ويوضح..    عاجل/ جريمة مروعة تهز هذه الولاية: شخص يقتلع عيني زوجته..!    بسبب الأسماك النافقة: الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري يوجه هذه الرسالة للمواطنين..    عاجل : إلغاء الإضراب فى الخطوط التونسية الفنية    فرنسا تشترط الإفراج عن رعاياها لرفع العقوبات على إيران    "الصحة العالمية" تعلن إجلاء 23 مريضا من غزة..    نتائج التحاليل تؤكد: لا خطر صحي في استهلاك الدلاع التونسي    عاجل/ الرصد الجوي يصدر نشرة متابعة..وهذه التفاصيل..    تعرف شنوّة تعني الأعلام في البحر؟ رد بالك!    ''الستاغ'' تغرق في الديون: أكثر من مليار لدى الحرفاء و7 آلاف مليار لدى الدولة    عاجل : طلاق بالتراضي بين فوزي البنزرتي و الاتحاد المنستيري ...تفاصيل    تنظيم سهرة فلكية بعنوان 'نظرة على الكون' بقصر اولاد بوبكر بمنطقة البئر الاحمر بولاية تطاوين    ''فضيحة اللحوم الملوثة'' في فرنسا: وفاة طفل وإصابة 29    "الزنجبيل".. ينصح به الأطباء ويقي من أخطر الأمراض..    جندوبة: حريقان يأتيان على هكتار من القمح وكوخ من التبن    اختتام اللقاءات الأكاديمية ببيت الحكمة يوم السبت بمحاضرة عن "الثقافة الوطنية في عصر العولمة" يقدمها الأستاذ توفيق بن عامر    700 مليون د خسائر محتملة.. "الستاغ" تدخل في إضراب عام رفضاً لسياسة التهميش    اضطراب في تزويد عين الناظور ببنزرت بماء الشرب وهذا موعد الاستئناف    الدفاع عن المستهلك: أسعار معقولة في السوق...وهذه المنتجات الأكثر ربحًا    بلدية تونس تدعو متساكنيها الى الاسراع بالانتفاع بالعفو الجبائي لسنة 2025    مرتضى فتيتي يطرح "ماعلاباليش" ويتصدّر "يوتيوب" في اقلّ من 24 ساعة    الهلال السعودي يعلن انضمام المغربي حمد الله للمشاركة في كأس العالم للأندية    نجم المتلوي: تواصل التحضيرات .. وإيفواري يخضع للإختبارات    رد بالك من الماسكارا اللي تقاوم الماء..هاو علاش    برد الكليماتيزور بالليل... خطر صامت؟    "نتنياهو" يتوعد بالقضاء على حماس..#خبر_عاجل    عاجل : يوسف البلايلي ينشر ''هذه الرسالة'' بعد إيقافه في مطار باريس    محرز الغنوشي: أمطار رعدية بهذه المناطق.. بعد هذا الوقت    بشرى سارة لمرضى السرطان..    مقتل 4 أشخاص وإنقاذ 23 إثر غرق عبارة قبالة بالي    وزارة الصحة تعقد اليوم جلسة تفاوض جديدة مع الأطباء الشبان..    كولومبيا تضبط لأول مرة غواصة مسيّرة لتهريب المخدرات    محمد صلاح يتصدر قائمة أغنى اللاعبين الأفارقة لسنة 2025 بثروة قدرها 110 ملايين دولار    عاجل: صفقة جديدة للنادي الإفريقي    لي سيو-يي.. رحيل مفاجئ لنجمة الدراما الكورية يثير التساؤلات    ما تخبئه الكواكب ليوم الخميس 3 جويلية: يوم حاسم لمواليد الأبراج المائية والنارية    كوريا الشمالية تصعد لهجتها ضد الولايات المتحدة    تراشق فايسبوكي بين خميس الماجري ومحجوب المحجوبي: اتهامات متبادلة بالتكفير والتطبيع و«الإفتاء للراقصات»    باجة: رياح رملية قوية وتحذيرات من تقلبات جوية وأمطار غزيرة    وزير التجهيز: تقدم ملحوظ في أشغال الطريق السيارة تونس-جلمة [فيديو]    أخبار الحكومة    لدى لقائه الزنزري.. سعيد يعطي تعليماته باعادة هيكلة عديد المؤسسات العمومية    تاريخ الخيانات السياسية (3) خيانة بني أبيرق في عهد رسول الله    عاجل/ تغييرات في رحلات "تونيسار" من وإلى فرنسا خلال هذه الفترة    وفاة مفاجئة للمطرب المصري الشاب أحمد عامر    3 حاجات لازم تخليهم سرّ عندك...مش كلّ شيء يتقال    ماهر الهمامي يدعو إلى إنقاذ الفنان التونسي من التهميش والتفقير    تاريخ الخيانات السياسية (2)... قصّة أبي رُغال في هدم الكعبة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في الذكرى العاشرة " للثورة التونسية ": تونس.. الي اين؟
نشر في الصباح نيوز يوم 07 - 12 - 2020


بقلم كمال بن يونس
عشية "الاحتفال" بمرور 10 أعوام على انفجار "الثورات العربية" انطلاقا من تونس تشهد أغلب المدن الكبرى في تونس تحركات احتجاج عشوائية واضطرابات غير مسبوقة شملت شبكات توزيع قوارير الغاز و القضاء والمستشفيات ومؤسسات المحروقات والفوسفاط والنقل..
هذه التحركات ، خرجت أحيانا عن سيطرة النقابات والأحزاب والسلطات ، زادت من إرباك السلطات في وقت حذر فيه كثيرون من " ثورة جياع " يقودها الشباب المهمش والعاطلون عن العمل مثلما حصل في جانفي 1984.
وتتزايد التحذيرات من تسجيل "اضطرابات تخرج عن السيطرة" بسبب تضاعف عدد العاطلين عن العمل بسبب وباء كورونا.
فهل تؤدي تحركات الجيل الجديد من الشباب العاطل عن العمل إلى تعديل بوصلة السياسيين والنقابات أم يحصل العكس فتتعمق الهوة بين الرؤساء الثلاثة وبين السلطات المركزية والفئات الأكثر تضررا من الأزمة الاقتصادية ومن وباء كورونا خاصة في العاصمة والجهات الداخلية المهمشة؟
يذكر ان تقارير " منتدى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية كشفت " كشفت أن عدد الإضرابات والتحركات الاجتماعية ناهز هذا العام ال6500 ، رغم قانون الطوارئ وفرض حظر شبه كامل للجولان طوال أشهر بسبب وباء كورونا .
وقد أدركت قرطاج والقصبة هشام المشيشي خطورة الموقف ، فلوحتا باستخدام القوة والتدخل لمنع التحركات التي تعطل مؤسسات ضخ النفط والغاز وتوزيع مواد الاستهلاك.
وقد سبق لرئيس الحكومة هشام المشيشي ان طلب من رئيس الجمهورية قيس سعيد الدعوة إلى اجتماع طارئ لمجلس الأمن القومي بكل أعضائه ، أي بحضور الرؤساء الثلاثة وقيادات المؤسستين الأمنية والعسكرية .
وأشرف رئيس الحكومة على اجتماع مشترك مع وزراء الدفاع والداخلية والعدل أصدر فيه أوامر واضحة لقوات الجيش والأمن وللنيابة العمومية بالتدخل لفرض القانون ومنع تعطيل العمل والانتاج و الاعتصامات في الطرقات وعلى السكك الحديدية .
لكن يبدو أن التهدئة مستبعدة حاليا..
وتكشف صيحات الفزع التي أطلقها عدد من السياسيين والنقابيين وعلماء الاجتماع ان الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية اصبحت أخطر بكثير من أن تعالج في اجتماع رفيع المستوى يشارك فيه مسؤولون كبار في الدولة يتنازعون "الصلاحيات "ويخوضون صراعا على المواقع " بسبب الثغرات الكبيرة داخل دستور 2014 ".
وقد حذر عدد من الخبراء من سيناريوهات " مخيفة " تهدد البلاد منها الفوضى و" الإنهيار الشامل " أمام انتفاضات "الجياع والعاطلين وعصابات التهريب والفساد ".
وأعرب هؤلاء الخبراء عن قناعتهم بكون " النظام السياسي الذي تشكل بعد ثورة 2011 قد انْتهى" وأنه "في مرْحلة الموْت السَريري، وينْتظر من يُشفق عليه ويُطلق "رصاصة الرحمة"..(؟!!)
في المقابل اعتبر بعض المراقبين أن الذين يصفون الاضطرابات الحالية بكونها " موجة ثورة جديدة " واهمون ومخطئون ..
في السياق ذاته حذر الأكاديمي والخبير السياسي الكبير حمادي الرديسي في تصريح من " الاضطرابات الفوضوية الحالية التي سوف تزيد من إضعاف الدولة والمجتمع والنخب الوطنية "، وشبهها بتلك التي يشهدها لبنان والعراق منذ أكثر من عام" وكانت نتيجتها عكسية ".
وتوقع حمادي الرديسي ، الذي نشر مؤخرا مع مجموعة من الجامعيين كتابا عن " السياسات الشعبوية" في تونس منذ 2011 ، أن تفشل الاحتجاجات الشبابية الجديدة في تحقيق أهدافها مثل القضاء على البطالة الفقر وغلاء الأسعار والتهميش.
وحمل الرديسي ورفاقه في كتابهم مسؤولية فشل السياسات الاقتصادية والاجتماعية إلى "المواقف والسياسات الشعوبية " للرئيس قيس سعيد وحلفائه دعاة التمرد على "الدولة المركزية " وتشكيل" مجالس محلية ولجان شعبية وتنسيقيات " تنقلب على أجهزة النظام الوطنية والجهوية التقليدية"(؟) .
كما حملوا مسؤولية الأزمة الخانقة إلى زعامات" الاسلام السياسي اليمينية " الشعبوية" وأحزاب أقصى اليسار من جهة ولقيادات " التيار الشعبوي الليبيرالي اليميني " وقيادة" الحزب الدستوري الحر"من جهة ثانية.
واعتبر الرديسي وفريقه أن " تمجيد النظام السابق بأسلوب شعبوي مثلما تفعل عبير موسي ورفاقها" قد يضعف خصومه ، المحسوبين على " الإسلام السياسي"و" اليسار الراديكالي" أو على أنصار الرئيس قيس سعيد، لكنه لن يكون قادرا على أن "يقدم البديل " ولا أن يتطور "من قوة هدم إلى قوة بناء."
في نفس السياق حذر الأكاديمي والكاتب أيمن البوغانمي ، الذي أعد بدوره كتابا جديدا عن " الشعبوية السياسية" ، من أن تتسبب الاضطرابات في شل مؤسسات الدولة والمجتمع بسبب صمت غالبية النخب عن غلطات كبار المسؤولين في الدولة والأحزاب والنقابات والمجتمع المدني..
وقد تعاقبت التحذيرات داخل البرلمان ووسائل الإعلام والجامعات من أن تكون الاضطرابات العنيفة والفوضوية والشاملة التي تشهدها تونس منذ أسابيع مؤشرا عن " زلزال" أو " إعصار اجتماعي - سياسي" يؤدي إلى انهيار كثير من مؤسسات الدولة ..
وزاد التخوف في ظل تعاقب الدعوات إلى رئيس الجمهورية في وسائل الإعلام التقليدية والاجتماعية ليأذن للمؤسسة العسكرية بالتدخل لحماية مؤسسات الإنتاج والتسويق والخدمات العمومية ..فيما طالب آخرون الجيش بالتدخل " لإنقاذ البلاد " ،بما يوحي ببروز تيار "شعبوي" يسعى الي تبرير "منعرح امني عسكري".
واستفحل الأمر بعد أن تعددت الدعوات الموجهة إلى قيس سعيد من قبل عدد من خبراء القانون والسياسيين من أجل تنظيم "استفتاء شعبي" يؤدي إلى تغيير النظام السياسي واستبدال " النظام البرلماني - المجلسي " الحالي بنظام رئاسي يدعم مؤسسة رئاسة الجمهورية على حساب البرلمان والحكومة.
و تصدر هذه الدعوات بالخصوص أستاذ القانون ووزير العدل والتعليم العالي قبل 2011 الصادق شعبان ، والإعلامي ورجل الأعمال عمر صحابو و الوزير السابق وزعيم حزب التيار الديمقراطي اليساري محمد عبو والمؤرخ الجامعي خالد عبيد ..
وقد برر هؤلاء موقفهم بتخوفهم من " تزايد تأثير قوى الإسلام السياسي" عموما وحزب النهضة خاصة في المرحلة القادمة .
وتراوحت ردود الفعل على الدعوات الي استبدال النظام البرلماني بنظام رئاسي بين الترحيب والانتقاد ، وتبادل الاتهامات بين" الأوفياء للثورة " وخصومها بتحمل مسؤولية تدهور الأوضاع العامة في البلاد منذ 10 أعوام.
في الاثناء طالب عدد من علماء الاجتماع ، مثل محمد الهادي الجويلي ، إلى فهم انفجار الاحتجاجات الاجتماعية الحالية " بخيبة أمل الجيل الذي كان في مرحلة الطفولة عند سقوط حكم زين العابدين بن علي قبل 10 أعوام ثم بلغ سن الشباب "في عشرية حكومات ما بعد الثورة ".
ويعتبر هؤلاء أن " الجيل الجديد من الشباب لم يعد معنيا بالجدل بين الجيل السابق من السياسيين والمثقفين ولا بمعاركهم الحزبية والايديولوجية
والدينية .." وهو يعتبر أن " الدولة المركزية فقدت مشروعيتها " وأن المطلوب اليوم إعطاء دور أكبر " للحكم المحلي " و" للتنسيقيات المحلية " المتمردة على كامل المنظومة السياسية القديمة ببرلمانها وسلطاتها التنفيذية والقضائية ..الخ
واشار الباحث والأكاديمي عبد اللطيف الحناشي الى أنّ "حجم القطيعة الحاصلة بين النخب الحاكمة والمجتمع وعجز المؤسسات عن تمثيل مطالب التونسيين والتونسيات وتشريكهم في برامج الانقاذ؛ يدفع بمنظمات المجتمع المدني والقوى الديمقراطية والاجتماعية إلى التعبير عن مخاوفها واستنكارها لغياب المسؤولية وحثها على الالتزام بدورها في التعبئة الاحتجاجية ومناصرة القضايا العادلة وبلورة مقترحات وحلول وطنية ومحلية".
في هذا السياق
العام تطرح مجددا قضية غياب
التوازن بين دعاة
" التغيير " و المحافظين ..بين
"النظام القديم " و" النظام الجديد" ، بين " الأوفياء لثورة
2010-2011"
جوأنصار المنظومة السياسية والاقتصادية التي حكمت البلاد منذ 1956 بزعامة الحبيب بورقيبة ثم منذ 1987بزعامة زين العابدين بن علي .
ويتهم " الأوفياء لخط الثورة " ، بينهم الرئيس الأسبق محمد المنصف المرزوقي ، معارضيهم بتفجير مزيد من أعمال العنف والاحتجاجات ل" محاولة شيطنة الثورة والسياسيين الذين حكموا البلاد منذ 2011 مقابل غض الطرف عن غلطات مرحلتي بورقيبة وبن علي ، بهدف افتكاك مزيد من المواقع لرموز النظام السابق .
ويتهم هؤلاء حكومة هشام المشيشي بكونها " تعتمد أساسا على وزراء كانوا من نشطاء حزب التجمع الدستوري الديمقراطي "، وبكون " غالبية المسؤولين في الدولة اليوم من رموز النظام القديم ومن خريجي المدرسة العليا للادارة التي لم يكن المعارضون في عهد بروقيبة وبن علي يدخلونها".
كما تشير استطلاعات الرأي أن شعبية ممثلي " الحزب الدستوري الحر" بزعامة عبير موسي في ارتفاع بسب غلطات السياسيين" اليساريين والاسلاميين" وقادة الأحزاب والنقابات .
لكن هذا المناخ لا يبرر الحديث عن سيناريو انهيار الدولة والطبقة السياسية الحالية ، لأسباب عديدة من بينها عراقة المؤسسات في تونس ووجود إرادة لدى غالبية صناع القرار في مختلف الأحزاب والنقابات على تجنب سيناريو دفع البلاد نحو " سيناريو الفوضى الشاملة " أو نحو " منعرج عسكري"..رغم اقرار الجميع بخطورة الوضع بصفة غير مسبوقة ..
والسؤال الكبير اليوم هو :هل تستحث المخاطر التي تهدد المجتمع والدولة صناع القرار والطبقة السياسية لتدارك الأمر قبل أن يغرق المركب بالجميع...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.