أفادت غرفة "ثوار ليبيا" أنه تمّ اعتقال زيدان وفق فصل الجنايات والجنح المضرة بكيان الدولة . وأعلن المتحدث الرسمي باسم ادارة مكافحة الجريمة عبد الحكيم البلعزي أن رئيس الحكومة علي زيدان محتجز لديها وذلك بموجب أمر قبض صادر عن الادارة وغرفة ثوار ليبيا . ومن جهتها، نفت وزارة العدل والنيابة العمومية الليبية علمها بمسألة الاعتقال أو وجود تحقيق في الغرض. هذا وتم منذ قليل تحرير رئيس الوزراء " على زيدان " حسب ما جاء في تصريح للناطق الرسمي للحكومة المؤقتة " محمد يحيى كعبر " لوكالة الانباء الليبية.
وفي هذا الإطار، اتصلت "الصباح نيوز" بنصر بن سلطانة الباحث في سياسات الدفاع والأمن الشامل ورئيس الجمعية التونسية للدراسات الاستراتيجية وسياسات الأمن الشامل، وتحدّثت معه في الموضوع. واعتبر بن سلطانة ان عدم علم وزارة العدل بالموضوع يبين هشاشة الوضع الأمني في ليبيا وغياب مؤسسات فاعلة وقوية بها، مؤكّدا أنّ السلطات الليبية لا تسيطر على الوضع العام في البلاد حيث أنّ عملية الاختطاف هذه أو الاعتقال خير دليل على ذلك. وبيّن أنّ الوضع الأمني في ليبيا تحت سيطرة الكتائب المسلحة والتي تضمّ كتائب تنتمي لقبائل وأخرى إلى تنظيم القاعدة وكتائب تنتمي إلى تنظيمات إسلامية متطرفة والبعض من أتباع القذافي الذين اندسوا ضمن كتائب الثوار لممارسة العمل المسلح ولحماية مصالحهم تحت غطاء الثورة.
أمّا في ما يهمّ الجانب القانوني لعملية اعتقال زيدان مثلما أعلنت غرفة "ثوار ليبيا"، فقال بن سلطانة أنّ الاعتقال لا يجب أن يتم بمثل هذه الطريقة خاصة وأنّ وزارة العدل أعلنت عدم فتح بحث تحقيقي في الغرض، مشيرا إلى أنّ "ثوار ليبيا" يمارسون سلطة عسكرية موازية للسلطة القائمة وتستمدّ سلطتها من الطابع الثوري. وأضاف : "صوريا هناك حكومة ليبية قائمة ولكن عمليا الحكومة الليبية والمجلس الوطني غير قادرين على فرض سلطة الدولة والقانون. وبالنسبة لعلاقة عملية الاعتقال باختطاف "أبو أنس الليبي" من قبل الولاياتالمتحدةالأمريكية، فقال : "يمكن أن تكون عملية الاعتقال أو الاختطاف لزيدان ردة فعل على اعتقال "ابو انس" الذي له نفوذ كبير في ليبيا ولدى الجماعات المتطرفة...كما أنّ هذه العملية يمكن أن تكون بمثابة تحذير للسلطات الرسمية الليبية أو الغربية ومفاده أنّ يد الجماعات المسلحة يمكن أن تطال أيّ قيادة في الحكومة مهما كانت الحراسة التي تتوفر لديهم".
اختطاف "أبو أنس الليبي" وعودة إلى مسألة اختطاف "أبو أنس الليبي"، أفادنا بن سلطانة أنّها تتنزّل في إطار استراتيجية أمريكية جديدة لمكافحة الإرهاب تمّ اعتمادها من قبل إدارة أوباما وتتمحور حول قيام مجموعات من النخبة العسكرية والأمنية بعمليات نوعية لقتل أو اختطاف عناصر إرهابية مرتبطة بالأساس بتنظيم القاعدة ومورطة في عمليات إرهابية ضدّ المصالح الأمريكية، مضيفا : "لا ننسى أنّ أبو أنس الليبي أحد العناصر الإرهابية المورطة في الاعتداء على سفارتي واشنطن بنيروبي ودار السلام سنة 1998" وفي نفس السياق، بيّن نصر بن سلطانة أنّ منطقة المغرب العربي ودول الساحل والصحراء هي مناطق مستهدفة من قبل الولاياتالمتحدة في إطار سياستها لمكافحة الإرهاب حيث كونت قوة عسكرية تعرف ب"أفريكوم" معنية بالموضوع وتسعى امريكا منذ سنوات لإيجاد قاعدة عسكرية لهذه القوة في أحد المناطق المذكورة.
الوضع في ليبيا وانعكاساته على تونس أمّا عن مدى انعكاس مثل هذه الأحداث في ليبيا من انخرام أمني منذ الثورة وعمليات الاعتقال والاختطاف على تونس، فقال بن سلطانة : "انخرام الوضع الأمني في ليبيا كانت له انعكاسات على تونس من خلال توفير دعم لوجستيكي لأنصار الشريعة بتونس وتهريب أسلحة وتوفير معسكرات لتدريب عناصر تابعة لهذا التنظيم إضافة إلى تهريب السلع والمواد الاستهلاكية وهو ما يؤثر سلبا على اقتصاد البلاد". وأضاف : "لقد بينت الأحداث متانة العلاقة بين أنصار الشريعة بتونس وجهات ليبية مرتبطة بعبد الحكيم بلحاج وأطراف أخرى سواء من خلال توفير الأسلحة أو تدريب بعض عناصر أنصار الشريعة الذين يتبنون العمل المسلح ضدّ نظام الدولة ...وتوفير مراكز تدريب للتونسيين المغرر بهم والذين يتمّ توجيههم للجهاد في سوريا أو شمال مالي أو الجزائر في علاقة بتنظيم القاعدة ببلاد المغرب العربي وببعض الأطراف التونسية من غير أنصار الشريعة...ويبقى القضاء هو القادر على البت في هذه المسألة". وواصل نصر بن سلطانة الباحث في سياسات الدفاع الامن الشامل حديثه، قائلا : "وعملية اعتقال أو اختطاف زيدان ليست بالعملية التي يمكن أن تؤثر على الوضع العام في تونس...فمثل هذه العملية تؤكّد أنّ الخطر القادم من ليبيا خطر حقيقي لا يمكن الاستهانة به ...وهذا الخطر سيتواصل لبعض السنوات باعتبار أنّ الوضع في ليبيا يتطلب سنوات أخرى لاستعادة السلطة لمكانتها...وهذا طبعا في حال إذا لم يتم الانتقال إلى سيناريو مطروح منذ أوائل الثمانينات لتقسيم ليبيا ودول أخرى مثل الجزائروتونس ومصر والسعوزدية...وهذا المخطط تمّ تقديمه سنة 1983 من قبل المؤرخ الأمريكي "برنارد لويس" بطلب من وزارة الدفاع الأمريكية..وكان المجلس العسكري المصري أعلن بعد الثورة اكتشافه لمعلومات تفيد تقسيم مصر ل4 دويلات"
الوضع الأمني في ليبيا والجالية التونسية هذا وتطرقت "الصباح نيوز" في حديثها مع نصر بن سلطانة حول تأثير الوضع الأمني في ليبيا على الجالية التونسية، فقال ان ما يحدث في ليبيا بصفة عامة يؤثر على وضع التونسيين في ليبيا باعتبار تدهور الوضع الأمني ويجعل مختلف الجاليات المقيمة في ليبيا تتعرض لتجاوزات الكتائب المسلحة في ظل غياب واضح لأجهزة الدولة، مضيفا : "لقد شهد عدد من التونسيين المقيمين في ليبيا تجاوزات في حقهم من قبل هذه الكتائب ...ومزيد تدهور الوضع الأمن في ليبيا من شأنه أن يصعّب الحياة على التونسيين المقيمين في ليبيا خاصة في ما يتعلق بحماية حقوقهم المادية وحرمتهم الجسدية" كما بيّن أنّ السلطات التونسية على وعي بهذه الأخطار وتحاول قدر استطاعتها إيجاد حلول ملائمة، وقال : "نحن كتونسيين نعوّل على العلاقات الطيبة بين الشعبين التونسي والليبي بغضّ النظر عن السلطة الحاكمة وتوجهاتها باعتبار أنّ هذين الشعبين كانا على مدى التاريخ سندا لبعضهما البعض في الحالات الصعبة"
العلاقات الدبلوماسية بين تونس وليبيا وعن إمكانية تأثير الوضع في ليبيا على العلاقات الدبلوماسية بين البلدين الشقيقين، أشار بن سلطانة إلى أنّ ما يحدث في ليبيا شأن داخلي لا دخل لتونس فيه وبذلك لا يمكن أن يؤثر على العلاقات الدبلوماسية".