التقت نخبة من الخبراء من مختلف أنحاء المنطقة في مجالات طب الأطفال والأمراض المعدية في تونس، نهاية الاسبوع المنقضي في تونس لحضور القمة المغاربية لمرض التعفن بجرثومة المكورات الرئوية (Les infections pneumococciques). وقد أظهرت أهم النتائج أن سلالات البكتيريا(Les sérotypes) التي تسبب مرض الالتهاب الرئوي أصبحت وبشكل متزايد أكثر مقاومة للعلاج بالمضادات الحيوية، وبالتالي أكدت القمة على الحاجة إلى الوقاية، بالنظر إلى عبء المرض في تونس. وقد ثبت أن الوقاية من خلال التطعيم تمثل وسيلة متميزة وفعالة من حيث التكلفة للحد من معدلات الإصابة والوفيات الناجمة عن الأمراض المعدية مثل مرض المكوّر الرئوي. ويوصف مرض المكوّر الرئوي بأنه مجموعة من الأمراض التي تسببها بكتيريا العقديات الرئوية، والمعروفة أيضا باسم المكورات الرئوية4. وتستوطن المكورة الرئوية في الجهاز التنفسي العلوي، ويمكن أن تسبب التهابات غازية، بما في ذلك تجرثم الدم (التهاب في الدم) والتهاب السحايا(التهاب الأغشية المحيطة بالحبل الشوكي أو الدماغ)، والالتهاب الرئوي والتهابات أخرى في الجهاز التنفسي. ويعد المرض أحد الأسباب الرئيسية للوفاة في العالم. وقد أظهرت دراسة حديثة أن مقاومة علاج المكورات الرئوية بالمضادات الحيوية العادية عالية في تونس، وأن 48.5٪ فقط من الصبغيات تجاوبت مع البنسلين. وتعد قضية المقاومة هامة للغاية حيث ظهر أن 45.5% من المكورات الرئوية تقاوم عدة صيغ من المضادات الحيوية. وهو اتجاه مقلق بشأن علاج مرض المكوّر الرئوي عند الرضع والأطفال.
ويجري تطبيق برنامج وطني للتحصين في تونس6. ومع ذلك، فإن لقاح مكافحة مرض المكوّر الرئوي غير مدرج على الجدول الزمني لعمليات اللقاح، وهو ليس إلزامياً حتى الآن في تونس6. وقد أظهرت الدراسة نفسها أن الحماية النظرية التي يوفرها اللقاح للأطفال والرضع تصل إلى 78.5٪ في تونس. وتدعم هذه الدراسة النتائج التي توصلت إليها منظمة الصحة العالمية في أن مرض المكوّر الرئوي هو أحد مسببات الوفاة الرئيسية التي يمكن الوقاية منها عن طريق اللقاح عند الرضع والأطفال الذين تقل أعمارهم عن 5 سنوات في جميع أنحاء العالم.
وقال الأستاذ الدكتور محمد الطاهر صفر، رئيس قسم طب الأطفال بمستشفى المهدية: "يتسبب مرض المكوّر الرئوي بحالات الوفاة عند الأطفال أكثر من أي مرض آخر. وقد تم توثيق عبء المرض بشكل دقيق في تونس، حيث يسبب في المتوسط ثمانية بالمائة من وفيات الأطفال دون سن 5 سنوات. ونظراً لارتفاع مقاومة العلاج بالمضادات الحيوية، فإننا بحاجة إلى المزيد من التركيز على منع المرض بشكل فعال، وليس الاعتماد على العلاج. وأعتقد أن لقاحات مرض المكوّر الرئوي يجب أن تصبح إلزامية للأطفال دون الخامسة من العمر."
ثمة أكثر من 91 سلالة أو "أنماط مصلية" (Les sérotypes) من المكورات الرئوية، غير أن مجموعة فرعية صغيرة من هذه السلالات تسبب معظم الأمراض الرئوية في تونس، تأتي 63٪ من إجمالي حالات مرض المكوّر الرئوي نتيجة العدوى بالأنماط المصلية الأكثر انتشاراً، وهي (19F (17%)، 19A (11%)، 14 (11%)، 23F (9.5%)، 6B 9%) و6A (5.5%). وقد ارتفع انتشار السلالة 19A بشكل كبير من 2.6%إلى %2. ويساعد تحديد توزع سلالات المكورات الرئوية على تخطيط استراتيجيات الوقاية من هذا المرض في المستقبل، وضمان إعطاء الأولية لتغطية السلالات الأكثر شيوعاً التي تسبب المرض. وقال الأستاذ الدكتور محمد الطاهر صفر"إن الصعوبات المرتبطة بعلاج مرض المكوّر الرئوي أصبحت أكثر وضوحاً، ناهيك عن الاضطراب العاطفي والجسدي الذي يمكن أن يسببه المرض. ولا شك أن لكل طفل الحق في الحماية من هذه المعاناة، وتتمثل الوسيلة الأنجع لتحقيق ذلك في اللقاح والتحصين. ولدينا اليوم فرصة للحصول على اللقاحات مع أوسع تغطية ضد الأنماط المصلية الأكثر شيوعاً التي تسبب المرض، وينبغي علينا أن نعمل معاً لضمان حماية أفضل لأطفالنا".