توقع وزير حقوق الإنسان والعدالة الانتقالية سمير ديلو ان يبلغ العدد الجملي للملفات المعنية بالتعويضات عن الانتهاكات خلال فترة الاستبداد15 الف ملف، موضحا ان الوزارة تلقت إلى حد الآن أكثر من 10آلاف ملف. ونفى ما روج من أخبار مؤخرا حول الأرقام المتعلقة بحجم التعويضات قائلا انها " مجرد إشاعة وأرقام واهية يندرج نشرها إما في إطار إطلاق معلومة خاطئة بغية الفوز بالمعلومة الصحيحة او انها من باب ممارسة الضغط فقط"، معلقا على ذلك بالقول"نحن لا نخضع للابتزاز بأي طريقة". وأكد الوزير انه ليس على من ضحوا في مقارعة الطغيان ان يخجلوا من المطالبة بالتعويض المادي والأدبي وبإعادة الاعتبار وجبر الأضرار، باعتبار ان مقتضيات نجاح مسار العدالة الانتقالية هو جبر الضرر المادي والمعنوي بالإضافة إلى كشف انتهاكات الماضي ومحاسبة مرتكبي الانتهاكات وصولا إلى المصالحة. طرق التعويض ومصادره وعن مصادر التعويض قال ديلو إن من مقتضيات العدالة الانتقالية ان يكون واجب التعويض محمولا على الدولة وذلك بالإضافة إلى الاعتذار للضحايا حيث يمكن في إطار استمرارية الدولة ان يعتذر الخلف عن جرم السلف، مبينا ان الحكومة الحالية رغم انها "لم تسجن ولم تعذب ولم تشرد" فهي تعتذر باسم المجموعة الوطنية للذين عذبوا وشردوا وسجنوا وهجروا وغربوا. وردا على سؤال حول مقترح استاذ القانون قيس سعيد الداعي إلى "صلح" مع رجال الأعمال المتورطين في الفساد في مقابل تعهدهم بانجاز مشاريع تنموية بالجهات، اكد ديلو ان "جرائم الدم لا يمكن مقايضتها بالمال ولا يمكن ان تتم معالجتها الا قضائيا" قائلا "لو لم يكن لدينا ما نؤاخذهم عليه لما طالبناهم بشئ وما دمنا نطلب منهم القيام بتضحية عبر بذل المال يعني ذلك اننا نتعهد في مقابل التزامهم المادي بصرف النظر عن وجه من اوجه المحاسبة". وأضاف ان مقترح الأستاذ سعيد قد يكون مقترحا وجيها لكنه ليس الوحيد، اذ هناك حسب قوله "تصورات أخرى لحل هذا المشكل تقوم على شمولية التمشي الواجب اعتماده في تكريس العدالة الانتقالية. وقال انه "من الوجيه ان نعالج مثلا قضية رجال الأعمال الممنوعين من ممارسة أعمالهم عبر إجراءات عاجلة لتمكينهم من المساهمة في دفع عجلة الاقتصاد". وأوضح في هذا السياق ان السلطة التنفيذية لم تقم بتحجير السفر على هؤلاء الأشخاص الذين يتجاوز عددهم ال400 رجل اعمال، بل هو قرار صادر اما عن المحاكم ام قضاة التحقيق، وكل مراجعة لهذه القرارات لا بد ان تتم في اطار احترام استقلالية السلطة القضائية. مسار العدالة الانتقالية وحول ما يوجه من انتقادات بخصوص تقدم مسار العدالة الانتقالية، قال الوزير،ان هذا الملف يعد من الملفات القليلة التي تم إطلاقها مباشرة بعد الثورة، في إطار حوار حقيقي وبحثا عن الوفاق، مبينا أن الوزارة شرعت قبل اكتمال هيكلتها، في استقبال منظمات المجتمع المدني وممثلي مختلف الأطياف السياسية، وذلك إعدادا لمسار حقيقي ينطلق رسميا بمصادقة المجلس التأسيسي على القانون الأساسي للعدالة الانتقالية. وبخصوص الفترة التي ستشملها العدالة الانتقالية أوضح الوزير ان هذه القضية ستتم مناقشتها في ندوة يوم غد السبت التي تأتي تواصلا لندوة إطلاق الحوار الوطني، حول العدالة الانتقالية المنعقدة منتصف الشهر مبينا انه سيتم تقديم مقترحات ملموسة وجمع كل مكونات المجتمع المدني بغية رفع بعض الالتباس حول تفاصيل تنظيم الندوة الأولى التي تمت خلالها، على حد تعبيره "مؤاخذة الوزارة على عدم منح الكلمة لممثلي المجتمع المدني"نافيا ان تكون للحكومة أو الوزارة رغبة "في الهيمنة على مسار العدالة الانتقالية" الذي قال "نريده توافقيا تشاركيا". جرحى الثورة وفي رده على الانتقادات بشأن عملية إرسال الجرحى للعلاج في قطر، في حين ان تونس فيها من الكفاءات واستقبلت آلاف الجرحى الليبيين وتكفلت بهم أوضح وزير حقوق الإنسان والعدالة الانتقالية ان قضية العلاج بالخارج "لم تعد قضية طبية تقنية فنية بحتة، بل قضية سياسية اجتماعية ونفسية إعلامية" مؤكدا أن الأطباء التونسيين ووزارة الصحة ما زالوا حسب رأيه "يصرون على ان العلاج بالخارج لا يكون الا على أساس معيار طبي بحت وبناء على رأي الخبراء". ولاحظ ان هذا الرأي صحيح في المطلق، لكن يحتاج إلى تعديل على أرض الواقع لان القضية دخلت فيها"بعض المزايدات" على حد تعبيره ،ملاحظا ان بعض الذين كانوا يدعون إلى فتح أبواب العلاج بالخارج "انقلبوا على أعقابهم وأصبحوا يتباكون على الخبرة التونسية وعلى التفريط فيها لصالح الخبرات الطبية الأجنبية". أما بخصوص ما سجل من حالات إهمال جرحى، أفاد ديلو بأنه رغم وجود البعض منها فان غالبية الحالات التي عرضت على أساس انها تحمل رصاصات بأجسادها مر عليها أكثر من سنة هي حالات لا يمكن حسب رأي الخبراء معالجتها خشية من تعكر صحة عملية المعنيين بالأمر او خوفا على حياته. وفي ما يتعلق بالكشف عن شبكة لمروجي شهادات طبية مزيفة لفائدة جرحى مزعومين للثورة، قال الوزير إنه يجري الآن التثبت من المعطيات المتعلقة بهذه القضية التي تعتبر حساسة سواء بالنسبة للأطباء الذين من المفترض انهم قاموا بالعملية او المستفيدين من الشهادات المزورة معربا عن الأمل في الا يوظف هذا الملف في اي اتجاه وعن ألمه لوقوع هذه العملية. حقوق الإنسان وعقوبة الإعدام وحول سؤال تعلق بمدى الالتزام باحترام وتطبيق كل ما وقعت عليه تونس من اتفاقات ومعاهدات دولية في مجال حقوق الإنسان، افاد سمير ديلو ان هذه مسالة تحت الدرس موضحا انه سيتم "احترام كل ما يجب ان يحترم، وتوقيع كل ما يجب ان يوقع وتفعيل كل ما يجب ان يفعل". وعن موقفه من عقوبة الإعدام سيما في سياق ما نقل عن أحد المحامين خلال محاكمة قناة "نسمة تي في" بان الجريمة التي أدين بها مدير القناة تستوجب عقوبة الإعدام، لاحظ الوزير ان ما قيل "غير مناسب لكن لا يمكن لأحد أن يلوم محاميا على ما يرد في مرافعته طالما كانت من مقتضيات أدائه الواجب" حسب اعتقاده. وأكد ان عقوبة الإعدام قضية لا يجب ان تدخل في إطار من المزايدة السياسية ولا الابتزاز السياسي موضحا انها قضية خلافية بالأساس وان الخلاف فيها ليس سياسيا او ثقافيا ولا قانونيا فحسب بل هو من وجهة نظره "خلاف بين مكونات رئيسية في المجتمع والإحالات فيه إحالات دينية لان الذين يدافعون على إبقاء هذه العقوبة يعتبرون ان ذلك من مقتضيات حسن تطبيق التعاليم الدينية". واعتبر أن إبداء الرأي في الموضوع لا يفترض الانتصار لهذا الرأي او ذاك بل مراعاتهما كأمر واقع والأخذ بأقوى ما في الرأيين. وأكد ان الحل سيكون بفتح المجال لحوار وطني للوصول إلى توافق حول ما هو أسلم "الإبقاء او الإلغاء". وبين ان مقاربة الحكومة الحالية لمسألة حقوق الإنسان ترمي أولا إلى القطع مع ذهنية الماضي التي كانت تعتبر حقوق الإنسان مسألة سياسية إعلامية بامتياز وتعتمد فيها السلطة مقاربة إنكارية. وأفاد بأنه سيتم الحرص على محاسبة مرتكبي الانتهاكات واتخاذ الإجراءات حتى لا تتكرر. وأكد انه لن يتم الاقتصار في التعامل مع قضية حقوق الإنسان واحترامها على مسالة الانتهاكات بل ستكون المقاربة من منظار اشمل وأوسع يطال الإطار القانوني والبناء المؤسساتي وتغيير الذهنيات والعقليات وتطوير التكوين والرسكلة، فضلا عن العمل على إرساء ثقافة حقوق الإنسان. قضية المفقودين وردا عن سؤال يتعلق بالمفقودين التونسيين بالخارج البالغ عددهم حسب معطيات كتابة الدولة للهجرة والتونسيين بالخارج 300 شخص، لاحظ وزير حقوق الإنسان والعدالة الانتقالية انه تمت إعانة بعض عائلات المفقودين لمساعدتهم على السفر إلى ايطاليا وزيارة بعض محلات الإيقاف ومد الساهرين عليها ببصمات أبنائهم المفقودين حتى يمكن مقارنتها، مضيفا ان هناك من فقد غرقا منذ سنوات في عرض البحر وكل ما على الحكومة فعله حسب اعتقاده "هو الا تدخر جهدا من اجل مساعدة العائلات على التعرف على مصير أبنائها" (وات)