تونس وإستونيا تعززان شراكتهما في التعليم والاقتصاد خلال لقاء نيويورك    هذا ما قرّره القضاء بشأن صخر الماطري    الحماية المدنية: 484 تدخلا خلال ال 24 ساعة الماضية    شنية حكاية المنصة الرقمية الجديدة اللي باش تنظّم العلاج في تونس؟    استئناف البرنامج الخصوصي لتعديل التزويد والأسعار بلحوم الدواجن بولايات اقليم تونس الكبرى    المشاركة التونسية في الصالون الدولي للسياحة "Top Résa" ... خيار استراتيجي يعكس رؤية متكاملة لتعزيز مكانة تونس كوجهة سياحية متجددة ومنافسة    عاجل/ الخارجية الاسرائيلية توجه رسالة جديدة لمنظمي "أسطول الصمود" وتتوعد..    هيئة المحامين تدعو المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية واتحادات المحامين إلى التحرك الفوري ومساندة "أسطول الصمود"    اللجنة الدولية لكسر الحصار عن غزّة تكشف عن انطلاق أسطول جديد من إيطاليا بعد غد السبت    الدنمارك: إغلاق مطار آلبورغ بسبب رصد مسيّرات    بطولة العالم للتجديف: ثنائي تونسي يتوج بالميدالية الفضية    الرابطة الأولى: تعيينات حكام مقابلات الجولة الثامنة ذهابا    الرابطة الأولى: النتائج الكاملة لمنافسات الجولة السابعة ذهابا.. والترتيب    قصر المعارض بالكرم يحتضن لاول مرة في تونس مهرجان الرياضة 2025 من 6 الى 9 نوفمبر المقبل    إصابات بالجملة في مباراة الاتحاد المنستيري والبنزرتي: شنوا صار ؟    4 سنوات سجنا لقابض بوزارة بتهمة الاستيلاء على أموال عمومية    الدورة ال20 لمهرجان أيام السينما المتوسطية بشنني تحت شعار 'الحق في المستقبل' من 15 الى 19 اكتوبر 2025    خبراء في الصحة يوصون بضرورة اتخاذ جميع الإجراءات اللازمة للحد من انتشار الأمراض الناتجة عن التغيرات المناخية    الاعلان عن نتائج المناظرة التونسية للمنتجات المحلية يوم 2 ديسمبر المقبل    عاجل - تمويل ليبيا: القضاء الفرنسي يدين ساركوزي و يقول كلمته    عاجل/ تقلبات جوية جديدة ستتواصل حتى الأسبوع القادم وستشمل هذه الولايات..    عاجل/ دول تحذر مواطنيها المشاركين في "أسطول الصمود" من هجوم إسرائيلي وشيك عليها..    عاجل/ 50 مصابا في هجوم مسيّرة على إيلات ونتنياهو يتوعد الحوثيين..    ينتحل شخصية وكيلة جمهورية و يثر ضجة في الجزائر ...شنوا الحكاية ؟    المترولوجيا...علم القياس اللي يحمي المستهلك: وكالة المترولوجيا تطالب بتمويل خريجي الجامعات في هذا المجال    بنزرت: جدل واسع حول "تسارع" أشغال تهيئة قسم التوليد المغلق منذ 2019 مع اقتراب 15 أكتوبر    اليوم: تواصل الاضطرابات الجوية والأمطار الغزيرة بهذه المناطق    عاجل: 500 دجاجة في مذبحة عشوائية...ظروف ''مقزّزة'' تهدّد صحة التونسيين    عاجل: الحشرة القرمزية تكبر وتهدد المحاصيل، وعلاجها غامض!    تعرفش شنيا ما لازمكش تاكل قبل النوم؟    لأول مرة: سر طول عمر أكبر معمّرة في العالم... !    عاجل/ تلميذ يعتدي على زميله بآلة حادّة في سيدي حسين..    المعطيات التي تتعلق بإغلاق المؤسسات الصناعية رسميا في تونس تظل بيانات خاصة بالجهات المختصة - وكالة النهوض بالصناعة والتجديد -    نابل: دار الثقافة محمود المسعدي تازركة تحتضن تظاهرة "عالمنا فن" تحت شعار "إبداع يجمعنا، عنف يفرقنا" يومي 26 و27 سبتمبر الجاري    كميات البذور الممتازة المتوفرة تتجاوز 500 ألف قنطار في ظل توزيع قرابة 160 ألف قنطار الى حد الآن - مسؤول بوزارة الفلاحة -    القيروان: انطلاق انجاز السوق المركزي سيدي عرفة بكلفة تناهز 11 مليون دينار    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    رئيس الجمهورية: مشروع قانون المالية يجب أن يعكس الدّور الاجتماعي للدّولة    وزيرة الثقافة تدعو الى إطلاق حملة تنظيف واسعة للمناطق الأثرية تنطلق من تونس الكبرى    فاتحة البقاء    يوم الجمعة بالمسرح البلدي بصفاقس...عرض «فيروزياد» تكريما لفيروز وزياد الرحباني    ولدت في تونس وتوفيت في فرنسا...رحيل أيقونة السينما الإيطالية كلاوديا كاردينال    عودة الغائب    بطولة الرابطة 1: نتائج الدفعة الثالثة والترتيب بعد الجولة السابعة    التدخين في تونس: أزمة صحية تبحث عن حلول    طقس الليلة.. سحب محليا كثيفة مع امطار رعدية بهذه المناطق    عاجل/ بالأرقام: تضاعف نسق بيع السّيارات الشّعبية.. وهذه العلامات الأكثر رواجا    عاجل: تصفيات كأس العالم 2026 – هذا هو موعد مباراتي تونس ضد ساو تومي وناميبيا!    تيك توك يكشف سر قاعدة الأصدقاء السبعة: كيف تبني صداقات متوازنة؟    لقاح mRNA الروسي للسرطان: هل هو بداية النهاية لهذا المرض؟ اكتشف التفاصيل!    سيدي حسين: أب يحتجز ابنته لسنة كاملة والنيابة تأذن بإيقافه    "حتى التراث من حقّي": تظاهرة ثقافية بمركز تقديم تاريخ ومعالم مدينة تونس    ظهر اليوم...تطورات في الوضع الجوي تشمل هذه الجهات    برشا تشويق في الرابطة: 4 ماتشوات في نفس الوقت وهذه أبرز المواجهات    عاجل: الموت يغيّب كلوديا كاردينال عن عمر ناهز 87 عاماً    عاجل : هذا هو موعد شهر رمضان 2026 فلكيا    يا توانسة.. هلّ هلال ربيع الثاني 1447، شوفوا معانا دعاء الخير والبركة الى تدعيوا بيه    السينما التونسية تتألّق في مهرجان بغداد السينمائي... التتويج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تحقيقات «الصباح»: من «عليسة» إلى.. البوعزيزي الانتحار حرقا «موضة».. أم «مرض العصر»؟

هل أضحى الانتحار حرقا عدوى يعبر من خلالها المنتحر عن البؤس الإجتماعي الذي يعيشه ويبررها بالمظالم التي يتعرض لها؟ أم أنه بات عنوانا لما يسمى بالربيع العربي؟ وهل تحوّل الإنتحار من تعبير عن اليأس والإنهزامية والفشل الى عمل بطولي وتجسيدا للأزمات السياسية والإقتصادية التي تعيشها بلادنا حيث بتنا كل يوم نسمع عن حادثة انتحار أسبابها متعددة ولكن نتيجتها واحدة.. جثث متفحمة بقسم الأموات بمستشفيات عدة وبقايا منتحرين يحاول الأطباء ترميم أجسادهم بمستشفى الحروق البليغة ببن عروس.
"الصباح" حاولت البحث في هذا الموضوع وتحصلت على آخر الإحصائيات كما حملت بعض التساؤلات الى أخصائيين نفسانيين وإجتماعيين وعادت بالعمل التالي:
من عليسة الى الثورة
وحول الدوافع النفسية أفادنا الدكتور وحيد قوبعة الخبير في علم النفس أن التونسيين عرفوا الإنتحار حرقا منذ عليسة حيث أضرمت في جسدها النار وماتت محترقة هي وأطفالها بسبب شعورها بالهزيمة وهناك مثل يقول "النار ولا العار" أي أن الإنسان قد يلجأ الى النار لغسل العار والذل الذي يشعر به مشيرا الى أن هدف البعض من هؤلاء لفت انتباه الآخرين وإن العديد منهم يضرمون النار في أجسادهم ويظنون أنهم سينجون غير أن النيران سرعان ما تلتهم أجساد أغلبهم وحتى الناجين منهم ينجون بتشوهات في الوجه والجسد.
وقال الدكتور قوبعة إن نسبة الإنتحار حرقا في الجزائر مثلا أقل بكثير من نسبتها في تونس لأن في تونس هناك خلفية ثقافية تعود الى تدمير قرطاج وانتحار عليسة حرقا كما سبق وأن ذكرنا.
وحول هذا الموضوع أفادنا السيد يسري الدالي الأخصائي النفساني أن الانتحار ظاهرة نفسية اجتماعية وهو يدل على هشاشة نفسية وشخصية غير سوية وتعود أسبابة الى إضطرابات نفسية عميقة بالإضافة الى العوامل الإجتماعية كالفقر والتهميش والبطالة والمرض.
وقال يسري الدالي إن محمد البوعزيزي لم يكن أول من انتحر حرقا جراء مظلمة فقد سبقه بعدة أشهر شاب بولاية المنستير أضرم النار في جسده أمام مقر الولاية وقبله بسنتين أحرق شخص نفسه أمام قصر قرطاج كما تكررت العملية خلال سنوات خلت.
شخصية "سيكوباتية"
حول طبيعة شخصية المنتحر حرقا أفادنا الدكتور الدالي أن هذه الشخصية تسمى شخصية "سيكوباتية" أي أنها شخصية رافضة للإلتزام بالقانون والنواميس الإجتماعية وهي شخصية سرعان ما تشعر بالإحباط وتسقط أمام أول عثرة في حياتها ولذلك فهذه الشخصية عندما تجد من يعارضها أو يقف ضدها تكون ردة فعلها عنيفة وتشعر بالغليان وبثورة داخلها وهؤلاء نوعا ماء مسرحيون يحبون البروز ولفت الإنتباه حتى عن طريق اختلاق المشاكل.
"العدوان المرتد"
وحول هذه الشخصية قال الدكتور يسري الدالي إن "السيكوباتية" في أغلب الأحيان مرتبطة بالفقر وأصحابها لهم شخصية عدوانية عندما تعجز عن رد الفعل توجه عدوانيتها الى نفسها لذلك نجد أغلب "السيكوباتيين" يشوهون أجسادهم ويعتدون على أنفسهم بشفرات حلاقة أو يطفئون السجائر في أيديهم لذلك يجب معاملتهم بحذر لأن هؤلاء عندهم نزعة عدوانية خاصة عندما يتعرضون للظلم والقهر والإحتقار أمام الآخرين فلا يمكن لأي كان أن يتصور ما يمكن أن يفعلوه وكيف سيترجمون سخطهم وغضبهم وفي أغلب الأحيان يعتدي "السيكوباتي" على نفسه بالحرق لأن في ذلك عملية تنفيذية فيها مسرحية وهناك متفرجون ولما تمتزج كل هذه المعطيات وتكون هناك أرضية نفسية مهيئة لذلك لا يمكن أن تولد غير الإنتحار بتلك الطريقة وذلك يسمى "العدوان المرتد" الذي يكون موجها نحو الذات ويكون في شكل مسرحي فرجوي وكأن المنتحر ينتقم لنفسه من المجتمع وكأنه يريد أن يثبت ذاته حتى في طريقة موته.
وبالنسبة لانتشار عدوى الإنتحار حرقا وما شهدته تونس من حالات مشابهة لحالة البوعزيزي بعد الثورة والى يومنا هذا وانتشار تلك الحالات ببلدان الربيع العربي أفادنا الأخصائي النفساني يسري الدالي أنه عندما تنتقل العدوى من أحد إلى آخر فهذا يعني أن الشخصية الأساسية موجودة وهؤلاء المنتحرين حرقا تربطهم نفس مكونات تلك الشخصية من حيث الميل الى لفت الانتباه والعدوانية نحو الذات.
العوامل الإجتماعية
قال الأستاذ يسري الدالي إن الانتحار من الناحية الإجتماعية هو ظاهرة تعكس النسيج الإجتماعي الذي يعيش فيه الفرد وهنا يمكن أن نتساءل عن دور المؤسسات فمثلا لو أن الوالي خرج لمحمد البوعزيزي وأصغى إليه واستمع الى مشكلته ولم يتجاهله لما أضرم النار في جسده.
وأشار الي أن الوضع لم يتغير بعد الثورة إذ بات تركيز الهياكل والمؤسسات منصب على مصالحهم واللهث وراء المناصب والكراسي ولم يعد المسؤولون متحمسين لما هو إجتماعي، كما ساهمت المعارضة في إشعال الفتنة وتجييش المنتحرين وكان من المفروض وبعد مرور ثلاث سنوات على اندلاع الثورة ألا نرى مثل هذه الحوادث ولكنها للأسف تفاقمت وكأنها عملية ممنهجة.
ان عدوى الإنتحار حرقا لم تقتصر على إصابة بعض البلدان العربية فقط بل شهدت بلدان أوروبية حوادث مماثلة عبر من خلالها أصحابها عن رفضهم للواقع واحتجاجهم على الظروف الإجتماعية والإقتصادية السيئة وآخرها إقدام كهل على سكب البنزين على جسده وإضرام النار فيه في ساحة القديس بطرس في مدينة الفاتيكان، ولكن يبقى من المحزن أن يضطر الإنسان الى اختيار الحلول اليائسة التي يحرّمها الشرع ويرفضها المجتمع.
أعلى نسبة للشباب وأقلها للمراهقين
حول آخر الإحصائيات التي سجلتها الحماية المدنية أفادنا الرائد منجي القاضي أنه خلال الفترة الممتدة بين17 ديسمبر2010 و26 ديسمبر2013 تم تسجيل 193 حالة أي بمعدل 5 حالات كل شهر، وقد سجلت أعلى نسبة انتحار حرقا بين الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين20 و40 سنة حيث أقدم117 شخصا على وضع حد لحياتهم حرقا، وأما الفئة التي لم تتجاوز أعمارهم 20 سنة فقد تم تسجيل 33 حالة وهي النسبة الأقل فيما سجلت 43 حالة انتحار حرقا في صفوف الأشخاص الذين تجاوزوا سن الأربعين.
وفي نفس السياق أفادنا مصدر مطلع بوزارة الداخلية أنه تم تسجيل 32 حالة انتحار حرقا خلال الستة أشهر الأولى لسنة 2013 فيما تم تسجيل 60 محاولة انتحار حرقا حيث أصيب أصحابها بأضرار وتمت مداواتهم.
وبالرجوع الى سنة 2012 فقد وقع تسجيل 63 حالة وفاة جراء الإنتحار حرقا فيما سجلت 99 محاولة انتحار حرقا، وفي سنة 2011 سجلت91 حالة انتحار حرقا و112 محاولة انتحار حرقا وهي تعد أعلى نسبة مقارنة بسنتي 2012 و2013.
الصباح بتاريخ 2 جانفي 2014


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.