المهدية .. للمُطالبة بتفعيل أمر إحداث محكمة استئناف ..المُحامون يُضربون عن العمل ويُقرّرون يوم غضب    بنزرت .. شملت مندوبية السياحة والبلديات ..استعدادات كبيرة للموسم السياحي الصيفي    جندوبة...المندوب الجهوي للسياحة طبرقة عين دراهم.. لدينا برنامج لمزيد استقطاب السائح الجزائري    فازا ب «الدربي وال«سكوديتو» انتر بطل مبكّرا وإنزاغي يتخطى مورينيو    بطولة افريقيا للأندية في كرة الطائرة.. مولودية بوسالم تخسر اللقب اما م الاهلي المصري    أولا وأخيرا .. الله الله الله الله    فيروسات ، جوع وتصحّر .. كيف سنواجه بيئتنا «المريضة»؟    نابل: السيطرة على حريق بشاحنة محملة بأطنان من مواد التنظيف    رمادة: حجز كميات من السجائر المهربة إثر كمين    توزر.. يوم مفتوح احتفاء باليوم العالمي للكتاب    حنان قداس.. قرار منع التداول الإعلامي في قضية التآمر مازال ساريا    التضامن.. الإحتفاظ بشخص من أجل " خيانة مؤتمن "    الليلة: أمطار متفرقة والحرارة تتراجع إلى 8 درجات    عاجل/ أحداث عنف بالعامرة وجبناينة: هذا ما تقرّر في حق المتورطين    النادي الصفاقسي : تربّص تحضيري بالحمامات استعدادا للقاء الترجّي الرياضي    أي تداعيات لاستقالة المبعوث الأممي على المشهد الليبي ؟    عاجل/ منها الFCR وتذاكر منخفضة السعر: قرارات تخص عودة التونسيين بالخارج    إكتشاف مُرعب.. بكتيريا جديدة قادرة على محو البشرية جمعاء!    ليبيا: ضبط 4 أشخاص حاولوا التسلل إلى تونس    ازدحام و حركية كبيرة بمعبر ذهيبة-وازن الحدودي    عاجل/ إنتشال 7 جثث من شواطئ مختلفة في قابس    عاجل/ تلميذ يعتدي على زميلته بآلة حادة داخل القسم    يراكم السموم ويؤثر على القلب: تحذيرات من الباراسيتامول    طبرقة: فلاحو المنطقة السقوية طبرقة يوجهون نداء استغاثة    عاجل/ أمطار رعدية خلال الساعات القادمة بهذه المناطق    عاجل : الإفراج عن لاعب الاتحاد الرياضي المنستيري لكرة القدم عامر بلغيث    سيدي بوزيد: وفاة شخص واصابة 8 أشخاص في حادثي مرور    هيئة الانتخابات:" التحديد الرسمي لموعد الانتخابات الرئاسية يكون بصدور امر لدعوة الناخبين"    طلاق بالتراضي بين النادي الصفاقسي واللاعب الايفواري ستيفان قانالي    الناشرون يدعون إلى التمديد في فترة معرض الكتاب    هذه الشركة العالمية للأغذية مُتّهمة بتدمير صحة الأطفال في افريقيا وآسيا.. احذروا!    عاجل : مبروك كرشيد يخرج بهذا التصريح بعد مغادرته تونس    وزارة المرأة تنظم ندوة علميّة حول دور الكتاب في فك العزلة عن المسن    جربة: إحتراق ''حافلة'' تابعة لجمعية لينا بن مهنّى    الجامعة تنجح في تأهيل لاعبة مزدوجة الجنسية لتقمص زي المنتخب الوطني لكرة اليد    جندوبة: السيطرة على إصابات بمرض الجرب في صفوف تلاميذ    تونس : 94 سائحًا أمريكيًّا وبريطانيًّا يصلون الى ميناء سوسة اليوم    ر م ع الشركة الحديدية السريعة يكشف موعد إنطلاق استغلال الخطّ برشلونة-القبّاعة    نابل: الاحتفاظ بعنصر تكفيري مفتش عنه    مصر: غرق حفيد داعية إسلامي مشهور في نهر النيل    وزير الدفاع الايطالي في تونس    ردا على الاشاعات : حمدي المدب يقود رحلة الترجي إلى جنوب إفريقيا    المرصد التونسي للمناخ يكشف تفاصيل التقلّبات الجوّية    جرايات في حدود 950 مليون دينار تُصرف شهريا.. مدير الضمان الإجتماعي يوضح    صور : وزير الدفاع الايطالي يصل إلى تونس    بسبب فضيحة جنسية: استقالة هذا الاعلامي المشهور..!!    وزارة الخارجية تنظم رحلة ترويجية لمنطقة الشمال الغربي لفائدة رؤساء بعثات دبلوماسية بتونس..    لأول مرة: التكنولوجيا التونسية تفتتح جناحا بمعرض "هانوفر" الدولي بألمانيا    عاجل : وفيات في سقوط طائرتي هليكوبتر للبحرية الماليزية    جمعية منتجي بيض الاستهلاك تحذّر من بيض مهرّب قد يحمل انفلونزا الطيور    حادثة سقوط السور في القيروان: هذا ما قرره القضاء في حق المقاول والمهندس    بعد الجرائم المتكررة في حقه ...إذا سقطت هيبة المعلم، سقطت هيبة التعليم !    باجة: انطلاق الاستعدادات لموسم الحصاد وسط توقعات بإنتاج متوسط نتيجة تضرّر 35 بالمائة من مساحات الحبوب بالجهة    بطولة الرابطة المحترفة الاولى (مرحلة التتويج): برنامج مباريات الجولة الخامسة    وزارة الخارجية تنظم رحلة ترويجية لمنطقة الشمال الغربي لفائدة رؤساء بعثات دبلوماسية بتونس    وزارة الدفاع الوطني تعرض أحدث إصداراتها في مجال التراث العسكري بمعرض تونس الدولي للكتاب    خالد الرجبي مؤسس tunisie booking في ذمة الله    ضروري ان نكسر حلقة العنف والكره…الفة يوسف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



راشد الغنوشي: نقبل الحوار مع رموز النظام السابق...وقضية رفيق عبد السلام ظالمة وكيدية
نشر في الصباح نيوز يوم 14 - 01 - 2014

أجرت صحيفة الوطن القطرية حوارا مع رئيس حركة النهضة ، الذي اماط فيها اللثام حول تحريك قضية «فساد» ضد صهره رفيق عبد السلام، وزير الخارجية السابق، وتتهمه السلطات المعنية فيها ب «التصرف» في منحة مقدمة من الحكومة الصينية، تبلغ قيمتها «مليون دولار»
واليكم تفاصيل الحوار كما ورد في الصحيفة:
يا أبا معاذ، (ابن الغنوشي يدعى معاذ) نبدأ بالحدث البارز، وهو استقالة حكومة علي العريض،وتكليف مهدي جمعة بتشكيل الحكومة الجديدة.. كيف تردون على من يرى أن حكم النهضة سقط في تونس بعد إجبار حكومتكم على الاستقالة، تحت وطأة الضغط الشعبي، وأن وجودكم كأغلبية في البرلمان، لايعني سوى أنكم جزء من مكونات الحكم، ولم تعودوا السلطة الحاكمة في البلاد؟!
- يبدأ بالبسملة، والصلاة والسلام على رسول الله، والثناء على قطر وأميرها، وحكومتها وشعبها، لمساندتهم للثورة التونسية).. ويواصل قائلا:
فأما عن سقوط النهضة، فإن هذا الكلام لايستقيم، لأن الحركة على فرض خرجت من الحكومة، فإنها لم تخرج من الحكم، لأنه أكثر اتساعا من الحكومة، إذ أن الحكم في تونس هو برلماني، أو شبه نيابي، بمعنى أن مركز الحكم فيه هو البرلمان، والمجلس الوطني التأسيسي، حيث تمثل النهضة الكتلة الأكبر في البرلمان، ولذلك فالسلطة بكل تنوعاتها تمر عبر النهضة في الوقت الحالي، وللتأكيد على ذلك فإنه عندما استقال علي العريض، فإن رئيس الجمهورية، وبحسب القانون دعا رئيس حركة النهضة باعتبارها تمثل الكتلة الأكبر في البرلمان، وقدم له طلبا مكتوبا، حتى نقدم مرشحا لرئاسة الحكومة، وبالفعل قمنا بترشيح مهدي جمعة، باعتباره هو مرشح التوافق الوطني أو الحوار الوطني، ونحن جزء منه.
ولكن عفوا مهدي جمعة تم ترشيحه من قبل المجتمعين على طاولة الحوار الوطني، ولم يكن مرشح حركة النهضة؟
-لا.. حركة النهضة اعتمدت مرشح الحوار الوطني، لأنها جزء منه، وقدمته لرئيس الجمهورية، وفقا لما ينص عليه القانون، باعتبار أن الحوار الوطني لم يحل محل النهضة، وظلت كما هي، بإعتبار أنها صاحبة الكتلة الأكبر في البرلمان،هي التي تقدم، ولكن في هذه المرة قدمته باسم الحوار الوطني، التي هي جزء منه، حيث أن الحكم لايزال يمر عبر النهضة.، والحكم في بلادنا، هو أشبه بالحكم البرلماني، ومركز السلطة فيه البرلمان، وبالتالي فإن النهضة لاتزال العنصر الأساسي في هذا الحكم.. وثانيا، فإن رئيس الحكومة المكلف، الذي رشحته النهضة، ورشحه الوفاق الوطني، سيشكل حكومته بحرية، ثم يذهب بها إلى المجلس الوطني التأسيسي، حيث أن هذه الحكومة لن تمر إلا بموافقة حركتنا، لأنها صاحبة الكتلة الأكبر، وبالتالي فإن هذه الحكومة، لاتزال تحت رقابة البرلمان، ولكن بطبيعة الحال فإن هذه الحكومة التي انتجها الوفاق الوطني، ووافقت عليها النهضة، وقدمت رئيسها إلى رئيس الدولة لكي يعتمده، لذا لن نكون عقبة في طريقها وعرقلتها، لأنها ليست حكومة المعارضة، ولا النهضة، ولكنها حكومة وفاق وطني، ولهذا سوف ندعمها، باعتبار أنها ستقود البلاد نحو المحطة النهائية، نحو مرفأ السلام، ونحو إجراء انتخابات حرة مستقلة، وحتى لا تكون هناك ذريعة للتشكيك في هذه الانتخابات، ونحن قبلنا تحييد الحكومة، وليس معنى ذلك أننا قبلنا تحت ضغوط المعارضة، فحكومتنا التي يترأسها على العريض، لازالت تتمتع بأغلبية في البرلمان، وأغلبية في الشارع، ونحن عندما ندعو إلى مظاهرة، وإلى حشد، فإننا أكثر من يحشد في هذه البلاد، وعندما يدعو المتظاهرون إلى مظاهرة، فإن أقصى ما يجمعون لا يتجاوز 20 ألفا، بينما نحن في آخر مظاهرة كنا « 250 « ألف متظاهر في شهر رمضان الماضي، وبالتالي فنحن لم نخرج من الحكومة تحت ضغط من أحد، بل خرجنا منها تقديرا للمصلحة العامة، وحرصا على إنجاح النموذج الديمقراطي التونسي، وأنه أمام حركات التراجع في الدول العربية، فإنه لازال قطار تونس يسير نحو محطة التتويج الديمقراطي، والآن لعلك تطالع استطلاعات الرأي، التي تضع جميعها النهضة في مقدمة الأحزاب، بل أن شعبية حركتنا ارتفعت، وايضا كتلة النهضة هي الوحيدة التي ظلت متماسكة في البرلمان، لم ينقص منها عضو واحد، بل أضيف لنا اعضاء آخرون.
ولكن مهلا يا أبا معاذ، إن نتائج استطلاعات الرأي تشير إلى تصدر حركة نداء تونس للمشهد، وحصولها على النسبة الأعلى بنحو 28 بالمائة، في مقابل 18 بالمائة للنهضة؟
-يلوح بيده في الهواء قائلا بطريقة قاطعة:هذا غير صحيح، بل أنه في آخر استطلاعات للرأي اجرته منظمة (ترواسيه) وهي منظمة معروفة، أعطت للنهضة 31 بالمائة، بينما اعطت لنداء تونس 28 بالمائة.
عفوا يا شيخنا الكبير.. بعيدا عن الاستطلاعات التي ستحسمها نتائج الانتخابات المقبلة، اسمحوا لي أن اسألكم.. لماذا وافقتم الآن على تشكيل حكومة كفاءات، في حين أنكم رفضتم هذا الاقتراح عندما طرحه حمادي الجبالي عندما كان يتولى رئاسة الحكومة الأسبق؟
يعتدل في جلسته ويرد قائلا:
- لكل مقام مقال، وليس في السياسة ما هو دائم، بل هي تقدير لمصلحة في ظرف محدد، وعليه فإنه في ذلك الوقت لم تكن حكومة الكفاءات ملائمة لتونس، ولكن نحن رأينا اليوم وقدرنا أنها أكثر ملائمة لبلادنا، لأنه في الماضي حينما تم طرح حكومة كفاءات، فإن الجانب الخفي فيها كان يستهدف إظهار حركة النهضة بأنها فشلت، وبالتالي فعليها أن تترك السلطة، بينما عندما تقبل النهضة الآن بحكومة كفاءات، فهذا يرجع السبب فيه لاعتبارها خطوة نحو تحقيق الانتقال الديمقراطي في تونس، الذي يقصد من ورائه تحييد الحكومة الجديدة، لتقود الانتخابات، بحيث نسد باب الذرائع أمام أي أحد، فلا يخرج علينا من يتهم هذه الانتخابات بالتزييف، وبالتالي فهناك فرق بين أن تخرج من الحكم في إطار الفشل، لأنك فاشل، وأن تخرج من الحكم حتى تتيح فرصة لنجاح المرحلة الإنتقالية.
ولكن ما الأسباب التي دفعتكم لترشيح أحمد المستيري لرئاسة الحكومة في فترة سابقة، رغم معرفتكم بعدم قدرته على تحمل أعباء الحكم لكبر سنه، واقترابه من العقد التاسع.. أفلم يكن ذلك نوعا من المراوغة أو المناورة السياسية، واستغلال اسم المناضل الكبير لتنفيذ سياسات النهضة؟!
- البلاد كانت بحاجة إلى شخصية من هذا النوع، شخصية فوق الشبهات، لأننا نعترف أن هناك أزمة ثقة، وأن الصراعات وصلت بالنخبة السياسية التونسية إلى أزمة ثقة مستفحلة، والجميع يشك في الجميع، ولذلك كنا بحاجة إلى شخصية فوق الشبهات، والمستيري يملك هذه المواصفات، بسبب ملفه النضالي المشرف، فهو أول من أذن للديمقراطية حينما كان الآخرون في سبات، وهو أول من أنشأ حزبا معارضا، انشق عن الحزب الواحد، وفي زمن لم يكن فيه الإنشقاق يسيرا، لكنه قام بتأسيس حزب معارض، وجريدة معارضة، كما قام بتأسيس رابطة حقوق الإنسان، وبالتالي فإن سجل حياته التاريخي يحمل ملفا مشرفا، وأنا أطلقت عليه اسم « أبو الديمقراطية التونسية «، وهذا جدير به أن يقود مرحلة إنتقالية، أربعة أو خمسة أشهر، بعد أن انتهينا من القيادة الفردية، والزعيم الفردي.. بينما نحن نحتاج إلى شخص يملأ الكرسي، يعطي ويعيد الثقة في الحكم والحكومة، ولكن كون الآخرين لم يقبلوا، فينبغي أن يوجه السؤال إليهم لتفسير سبب عدم قبولهم به، مع أن الغريب في الأمر أنهم رفضوا أحمد المستيري بسبب السن، وبعد يومين أو ثلاثة طرحوا اسما آخر هو مصطفى الفيلالي، مع أن عمره 92 عاما، ولذلك - يقولها وهو يضحك - سقطت حجة السن، عندما طرح من هو أسن.
الترويكا مستمرة
أبا معاذ.. بعد استقالة حكومتكم.. هل تنوون تغيير تحالفاتكم فيما عرف في تونس باسم الترويكا الحاكمة، وتتجهون إلى تحالفات جديدة؟
- نحن حريصون على استمرار تجربة (الترويكا )، أي الحكم الائتلافي في تونس، لان هذا أهم عناصر نجاح التجربة التونسية، التي قامت على الائتلاف بين تيارات مختلفة، سواء الإسلامي المعتدل، أو العلماني المعتدل، وبالتالي فإن مثل هذا الإئتلاف قد منع الإنقسام الإيديولوجي، وتقسيم المجتمع تقسيما إيديولوجيا يؤهل أو يمهد لدخول البلاد إلى مرحلة الاقتتال الأهلي، وقناعتي أنه حتى بعد الانتخابات القادمة فإن البلاد لا تزال بحاجة لمثل هذا النوع من الحكم وربما على مستوى أوسع، وهذا النمط made in tunsian، أي صناعة تونسية، ولازالت البلاد تحتاجها.
تدخلات خارجية
بصراحة، بل وبمنتهى الوضوح والصراحة، ما حقيقة أن حركة النهضة تعرضت لضغوط من الولايات المتحدة الأميركية، ودول الاتحاد الأوروبي، وكذلك الجزائر، لإجباركم أو إقناعكم بقبول مخرجات الحوار الوطني، والذي كنتم ترفضونه من قبل؟!
- لا.. هذا ليس صحيحا، لم يشارك في الحوار الوطني الا التونسيين وحدهم، ولم يكن حاضرا معنا لا ماديا ولامعنويا، أي طرف خارجي.
(أقاطعة) قد يكون حضور الخارج توجيهيا للداخل، أو موجها له نحو اتجاه سياسي معين؟!
- لالا.. أنا قلت أنه لم يكن هناك حضور مادي أو معنوي، وإن كنا نعترف ولا ننكر، بأن كل هذه الأطراف التي ذكرتها لها مصلحة في إنجاح التجربة التونسية، ولها مصلحة في استقرار تونس، وعدم سقوطها في ظل تنامي ظاهرة عصابات الإرهاب، المخدرات، وتهريب العمالة إلى أوروبا، ومن ثم فهناك التقاء في المصالح بيننا، وبين شركائنا وأصدقائنا لإنجاح هذه التجربة التونسية، ونتمنى أن يكون العالم كله معنا لإنجاح تجربتنا، التي نقدر أنها خير للجميع.
خطر الاغتيال
اسمح لنا بأن ننتقل إلى محور آخر.. ما حقيقة إبلاغكم بوجود مخطط يستهدف تهديد حياتكم، واغتيالكم (أطال الله في عمركم)، ومن هي الجهة التي تريد استهدافكم، وما مصلحتها في ذلك؟!
- تم إبلاغي من الجهات المعنية بوجود خطر يتهدد حياتي، وحتى الآن لم يكشفوا لي عما تكون هذه الجهة، ولو علمت الأجهزة الأمنية بهذه الجهة لاعتقلتهم، ولا علم لي بأن هناك من تم القبض عليهم من متورطين في التدبير لهذا الاغتيال، ولا أدري، كيف عرفت الأجهزة الأمنية بذلك، ولكنني أثق في أجهزتنا الأمنية، وإلا ما كان لها أن تشدد الحراسة، كما ترون، لولا يقينها، وأغلب الظن أن هناك خطرا لا يستهدف حياتي فقط، بقدر ما يستهدف إرباك المسار الديمقراطي في تونس، وبالفعل هناك جهات تدخلت أكثر من مرة في تونس عن طريق الاغتيال بالدم، من أجل وقف المسار نحو الديمقراطية التونسية الوليدة، وبالفعل قد نجحوا، ولكن إلى حين، ونحن في جويلية الماضي «كنا في وضعية تشبه وضعية الآن، حيث كان البرلمان يشتغل، وبدأ نقاش الدستور، والهيئة المستقلة للانتخابات، التي تتكون من «9» أعضاء، تم انتخاب «8» منهم، بحيث لم يتبق إلا عضو واحد، إلا وفوجئنا بهذه الجهة تتدخل وتقوم بعملية اغتيال «البراهمي» رحمه الله، لذلك خرج القطار التونسي عن مساره، وظل خارج السكة من ذلك الوقت إلى الآن، حتى رجع الحوار الوطني الذي عاد بالقطار التونسي إلى محطته، بعد أن أوشك القطار أن يتدهور نهائيا، وقد تسبب ذلك في تأخيرنا نحو خمسة أو ستة أشهر.
موجة اغتيالات
في إطار حديثنا عن موجة الاغتيالات.. هل تعتقدون أن الجهة التي اغتالت البراهمي، ومن قبله «بلعيد»، هي التي تستهدفكم الآن؟
أومأ برأسه ورد قائلا:
- أنا أقدر ذلك، وإنها نفس الجهة التي لا ترى لها مصلحة، بل تجد خطرا عليها في نجاح التجربة الديمقراطية التونسية.
ولكن هناك رأيا آخر.. حيث يرى كثيرون أن إعلانكم عن هذا المخطط المزعوم، الذي يستهدفكم في هذا التوقيت بالتحديد، يأتي كمحاولة لإحداث حالة من توازن الرعب على الساحة التونسية، لامتصاص آثار وتداعيات موجة الاغتيالات التي استهدفت رموز الليبرالية السياسية، ممن لاينتمون للتيار الإسلامي؟
- على كل حال، أكبر المتضررين من موجة الاغتيال هو المسار الديمقراطي في تونس، وأكثرهم في الداخل على وجه التحديد هم الذين يحكمون، لأن الذي يحكم هو المسؤول عن استمرار الاستقرار في البلاد، ويكفي أن الاغتيال السياسي الأول قد أسقط حكومتنا الأولى، في حين أن الاغتيال الثاني، تسبب في دخول البلاد إلى مأزق سياسي كبير، وبالتالي كانت النهضة هي أكبر المتضررين من ذلك، لكونها تقود الحكم، وليس منطقيا أن حركتنا استهدفت ذاتها من خلال القيام بجرائم ضد زعماء سياسيين.
ولكن وزير الداخلية علي العريض الذي حدثت الاغتيالات في عهده، تمت مكافأته وتكليفه برئاسة الحكومة السابقة؟!
- هذا التكليف يعني أنه ليس المسؤول عن هذه الاغتيالات.
ولكنه المسؤول عن حماية الأرواح؟
- فيعاجلني، قبل أن أتعمق في السؤال بقوله:
تغير وزير الداخلية، ومع ذلك تم اغتيال البراهمي، والذي لم يتم أيام وزارة علي العريض، بينما في عهد وزير آخر.
ولكن الاغتيال الذي ذكرته تم في عهده كرئيس للحكومة؟!
- الاغتيالات السياسية يمكن حدوثها في ظل أعتى الأجهزة الأمنية العالمية، ولاننسى أن جون كنيدي تم اغتياله، ومازال حتى الآن لا أحد يعرف من اغتاله، رغم أننا نتكلم عن أضخم أجهزة أمنية في العالم، والاغتيال السياسي من الممكن أن يحدث في أي بلد.
أسلحة مخالفة
في إطار حديثنا عن الاغتيالات.. ما حقيقة امتلاك النهضة ميليشيات مسلحة؟
- نحن الذين نقود الحكومة، لايمكن أن نتورط في مخالفات قانونية، نحن من يطبق القانون.
أنا قرأت الخبر في صحافتكم ؟
- يضحك قائلا:
الصحافة لها ما لها، وعليها ما عليها..
استقالة الرئيس
دعنا ننتقل إلى محور آخر.. بعد استقالة رئيس الحكومة، هل ترون أنه قد حان الوقت لاستقالة رئيس الجمهورية، خاصة في حالة رغبته الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة؟
- هذا ليس مدرجا ضمن خريطة الطريق.
بعيدا عن الخريطة التي ذكرتها، هل.....؟!
( يقاطعني قبل أن أستكمل السؤال) بقوله:
- نحن ملتزمون بخارطة الطريق، وهذا ليس جزءا منها.
مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية التونسية.. هل تنوون الترشح لهذا المنصب؟
- أنا شخصيا لا أنوي الترشح.
ومن سيكون مرشح النهضة في هذه الانتخابات؟!
- لم تقرر حركتنا حتى الآن ما إذا سيكون لها مرشح أم لا، ومن هو، أم أنها لن تتقدم بمرشح من حيث المبدأ، فكل هذا وارد.
بعيدا عن الترشيحات السابقة لأوانها.. ما هو موقفكم من تحفظ رئيس الجمهورية على تثبيت عقوبة الإعدام في الدستور التونسي الجديد.. وإلى أي مدى تتفقون معه في أن وجود هذه المادة يمكن استغلالها للتخلص من الخصوم السياسيين ؟
- نحن في بلد تتوافر فيه حرية الرأي، ورئيس الجمهورية رجل حقوقي، والمنظمات الحقوقية العالمية تتفق على مبدأ إلغاء عقوبة الإعدام.
وأنتم ألا تعترضون على وجود مثل هذه المادة، التي تتعارض مع حقوق الإنسان ؟
- وجود هذه العقوبة لا علاقة له بمدى ديمقراطية البلاد لأننا نجد بلدانا أخرى عريقة في الديمقراطية وقوانينها تتضمن عقوبة الإعدام مثل الولايات المتحدة الأميركية. هذه العقوبة تهدف للحفاظ على الحياة البشرية وعلى إنزال أقصى العقوبات على من يزهق أي روح بشرية عمدا, لذا هي عقوبة جزرية وردعية أساسا وردت في جميع الديانات, وموقف القرآن الكريم واضح في ذلك «ولكم في القصاص حياة»، والقاعدة الطبيعية المشهورة «النفس بالنفس».
طالما وصلنا إلى آية من آيات القرآن الكريم.. فلماذا لم نسمع صوتكم بعد رفض المقترحات المتعلقة باعتبار أن الإسلام هو المصدر الأساسي للتشريع في الدستور الجديد؟
( يصمت لحظة) ويرد قائلا:
- الدستور التونسي متشبع بالإسلام، ليس في مادة واحدة فقط، ومتشبع أيضا بالقيم الحديثة، ولذا نعتبره زواجا موفقا بين قيم الإسلام والحداثة، والأمر لايحتاج إلى التنصيص في مادة واحدة، وقلت إن مواد الدستور مشبعة بالإسلام لأن الإسلام كما نفهمه هو دين الرحمة والعدل ودين العمل والعلم..
ولكن حمل الدستور الجديد كثيرا من المواد التي لا تنسجم مع توجهات النهضة، منها حرية العقيدة، مما يعطي حق الردة، وايضا المساواة الكاملة بين الرجل والمرأة، وهذا قد يدفع الجمعيات النسائية إلى المطالبة بالمساواة في الإرث؟!
- دستورنا لا ينص على الردة....
ولكن حرية العقيدة في الدستور تعطي المرتد حقا... فيقاطعني قبل أن أستكمل سؤالي بقوله:
- أنت تستنتج هذا الاستنتاج، وأما حرية الاعتقاد فهذا مبدأ إسلامي صريح، وهناك أكثر من «150» آية تنص على حرية الدين، الضمير، الاعتقاد، وأشهرها ما يحفظه كل المسلمين تقريبا «لكم دينكم ولي دين»، ولسنا بحاجة إلى أحد حتى يعطينا درسا في حرية الاعتقاد، الضمير، لأن هذا أصل في ديننا، وعقب التاريخ كان الإسلام بريئا من الاضطهاد الديني، ويكفي أن تلقي نظرة على تركيبة المجتمع العراقي، وهو أقدم المجتمعات الحضارية الإسلامية، لترى هذه الفيسفاء، وهذا المتحف الديني، حيث كل الديانات السماوية، وأيضا حتى الديانات الوثنية مثل: الصابئة، واليزيديين، بحيث لا أحد يعطينا درسنا نحن المسلمين في حريات الإعتقاد، الضمير، والدين، فهذا مشبعة به نصوصنا، وأيضا طبقناه عبر تاريخنا الطويل، فبرأ تاريخنا من الاضطهاد الديني.
الرجل والمرأة
ولكن ماذا عن المساواة بين الرجل والمرأة.. ألا تخشون من استغلال هذه المادة في المطالبة بالمساواة بينهما في الأرث ؟
يقاطعني بقوله:
- هذا مبدأ إسلامي أيضا، النساء شقائق الرجال ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف.
أكرر طرح سؤالي بقولي: ولكن من الممكن أن يتم استغلال تلك المادة التي ينص عليها دستوركم الجديد للمطالبة بالمساواة بين الطرفين في الإرث ؟
- من الممكن لمن أراد، ولكن ليس هناك تنصيص، فرجالنا ونساؤنا في تونس، بمن فيهم المجلس الوطني، لا يترجمون المساواة بذلك، والموضوع ليس بهذه البساطة، مساواة في الإرث، هناك مساواة في الإرث، بالمعنى العام ليس اختلاف أنصبة النساء على الرجال في بعض الحالات وليس كل الحالات، هناك أكثر من «20» حالة من حالات الإرث، بعضها يرث فيه النساء مثل الرجال، بعضها يرث فيها الرجال أكثر من النساء، وبعضها يرث فيها النساء أكثر من الرجال، وبعضها يرث النساء ولا يرث الرجال، فالمسألة قاعدة «للرجل مثل حظ الأنثيين» لاتعبر عن كل حالات الإرث، بل حتى تلك التي فيها اختلاف بين إرث الرجل وإرث المرأة، لاتخل بمبدأ المساواة منظور إليه إذا نظرنا إلى هذا المبدأ إلى نظرة عامة، أي إلى واجبات الرجل، وواجبات المرأة، فإذا نظرنا نظرة شمولية، فإن اختلاف الذكور عن الإناث لا يخل بمبدأ المساواة ولا العدل.
استقلال القضاء
ننتقل إلى النقطة الأخيرة في موضوع الدستور.. يرى كثيرون أن غياب مواد تضمن استقلالية القضاء عن السلطة التنفيذية في دستوركم الجديد، سترسخ خضوع النيابة العامة إلى الحكومة، ويجعلها مؤسسة ضعيفة تابعة..كيف تردون على هذا ؟
- ليس هناك تصور واحد لهذا الموضوع في الديمقراطيات المعاصرة، بل هناك تصورات مختلفة، بما في ذلك التصور الفرنسي للقضاء، لايناقض كون النيابة العامة تابعة للسلطة التنفيذية.
تعيين الأقارب
بعيدا عن القضاء.. اسمح لنا أن ننتقل إلى محور آخر، أو نقطة جدلية، ومهمة جدا، قد تثير نوعا من الحساسية.. بماذا تردون على من يتهمكم بأنكم مارستم نفوذكم للضغط من أجل تعيين صهركم وزيرا للخارجية في حكومة «الجبالي» رغم أنه لا يملك من المقومات الدبلوماسية ما يؤهله للقيام بواجبات هذا المنصب الرفيع؟!
- لو صح ذلك لبقي رفيق عبدالسلام في مكانه.
يعني أن صهركم فشل ضمنيا في منصبه، ولهذا تم استبداله.. أليس كذلك ؟
- لا، لو كنت انا كرئيس لحركة النهضة قد ضغطت لتعيينه، فما الذي منعني من الاستمرار في ذلك حتى يظل صهرى موجودا حتى الآن، ولكن للإنصاف فإنه رجل كفء، ما كان ليوضع في منصبه إلا بعد مشاورات داخل حركتنا، والتصويت عليه كشأن باقي الوزراء، الذين لم يمر منهم وزير دون التصويت عليه داخل الحركة، ورئيس النهضة ذاته له صوت كبقية الأصوات، وأحيانا يكون مع الأقلية، ومرة أخرى مع الأغلبية، والحركة تحكمها مؤسسات، ولا يقودها فرد، ثم أن رفيق عبدالسلام، يتمتع بكفاءة عالية، فهو استاذ في العلوم السياسية والعلاقات الدولية، وبالتالي فإن هذه هي صناعته، وأكثر المؤهلين لهذا المنصب.
إذن فلماذا تم استبعاده في حكومة علي العريض؟
- تخلينا عنه في الوزارة الثانية، بعدما تنازلت حركة النهضة عن الوزارات السيادية، وبالتالي لم نستثن صهر رئيس الحركة، طالما قبلنا قاعدة تحييد الوزارات السيادية في وزارة علي العريض، فصار عليه ما صار على الآخرين.
ولكنكم كنتم تنتقدون من قبل نظام بن علي بأنه كان يقوم بتعيين اقاربه في المناصب الرفيعة، في حين فعلتم فعلته، بتعيين أحدا أقاربكم ؟
- لالا.. فلا يعني أن تكون القرابة مصدر فساد، فتتحول إلى استبعاد، لا ينبغي أن يقدم أحد بسبب قرابته، ولا أن يؤخر ويظلم بسبب قرابته، لأنه سيقال كنا مظلومين في الماضي بسبب قرابتنا، ثم الآن نحن مضطهدون بسبب قرابتنا أيضا، وإلا ستكون القرابة لعنة.
قضية فساد
بعيدا عن القرابة.. ما موقفكم من قيام النائب العام بتحريك قضية «فساد» ضد صهركم رفيق عبدالسلام؟
- هذه قضية ظالمة، وكيدية ضده.
وهل أنتم مؤمنون ببراءته من هذه التهمة ؟
يرد بنبرة الواثق قائلا:
- طبعا، وليس هناك شك في هذا، وهو متهم باتهامات باطلة وسخيفة، بأنه تصرف في منحة من الصين بقيمة مليون دولار، بينما هى موجودة في خزينة الدولة ودون المساس بها.
الأزمة المصرية
إذا لننتقل إلى الشأن الخارجي.. إلى أي مدى تنعكس تطورات الأوضاع في مصر على الشأن الداخلي في تونس، وما علاقة حركة النهضة بالتنظيم الدولي للإخوان المسلمين؟
- مصر بلا شك دولة كبرى، وما يحدث فيها سوف يؤثر على المنطقة، ربما لانكون في نفس الموقف الذي عليه مصر، والتي هي دولة محورية في نطاق أمتها العربية، ونحن نقدر بأن ما حدث في مصر كان بمثابة الزلزال، ولابد سيكون له تأثير في جملة المنطقة، ولاحظنا بعد الزلزال المصري، ارتفع سقف المعارضة التونسية، واصبحت تطالب الإطاحة بالحكومة والمجلس، وتكونت احزاب وجمعيات تحمل نفس الأسماء الموجودة في مصر، ولكن كما يقال في المنطق، القياس مع وجود الفارق، فقياس الحالة التونسية على الحالة المصرية، هو قياس فاسد، بسبب الاختلاف بين الحالتين، وبين الجيشين المصري والتونسي، حيث أن الجيش التونسي ليست له سوابق في الحكم، وذلك خلافا للجيش المصري الذي ظل مشاركا في الحكم باستمرار، بينما في تونس السلطة لم تكن بيد الجيش بل في يد سلطة قمعية.
عفوا «أبا معاذ» ألمس في تصريحاتكم بشأن الوضع المصري، ومنها ما ذكرته في جوابكم السابق، تدخلا في الشأن المصري؟
- إطلاقا، لاتمثل ذلك، ونحن نتمنى للشعب المصري كل الخير، ونحن ضد الديكتاتورية في بلادنا وبلاد اخرى، ومن حقنا ان يكون لنا موقف من الديكتاتورية والانقلاب، وهل منظمة الوحدة الأفريقية حينما رفضت الاعتراف بالانقلاب تعني أنها تتدخل في الشأن المصري، وهكذا الحال بالنسبة لنا، فنحن جزء من منظمة الوحدة الأفريقية.
تجربة الإخوان
باعتباركم جزءا من المنظومة الإفريقية.. ما هو سر فشل تجربة حكم الإخوان في مصر؟
- الحديث عن الفشل بهذا الشكل، يحتاج إلى تمحيص، فلو تحدثنا عن الفشل، لقلنا إن النخبة المصرية عموما فشلت في إدارة الحوار بينها، ولم تحقق التوافق بين الإخوان وغيرهم، وتوفرت الفرصة للجيش في استغلال جزء من النخبة في مواجهة الآخر، وجماعة الإخوان المسلمين في مصر خسرت خسارة مادية في الأرواح والأموال، ولكن الطرف الآخر الليبرالي خسارته أشد، لأنه ضحى بمبادئه، وعلى سبيل المثال حزب مثل حزب الوفد، الذي ظل نحو « 100» عام يناضل من أجل الحريات، ليجد نفسه في نهاية المطاف تابعا للانقلابيين، حيث هناك نوع من الانتحار الجماعي لليبرالية المصرية. نتمنى كل الخير لمصر كلها ونرجو أن يبتعد الجميع عن منطق الإقصاء المتبادل. لا يمكن حل الخلافات إلا بالحوار، وأرجو أن يجلس جميع الأطراف على طاولة الحوار للوصول إلى توافق يخرج مصر، قلب العروبة، من هذه الأزمة التي تردت فيها.
تنظيم إرهابي
وما هو موقفكم من تصنيف جماعة الإخوان المسلمين، كتنظيم إرهابي؟
- هذه سخافة، فالإخوان قبل أن يولد قادة الانقلاب، كانوا في مصر، منذ قرن ولم يتهموا من الملكية، ولا عبدالناصر، ولا السادات، أو مبارك، على امتداد هذه المسيرة لم يتهمهم أحد بالإرهاب، وإذا كان الشخص لم يمارس الإرهاب في شبابه، أيأتي ليمارسه وهو قد بلغ من العمر « 90» أو «100» سنة؟، بل نتساءل من اين جاء الإرهاب للإخوان، وهؤلاء قد نجحوا من قبل في « 6» انتخابات؟!
وبماذا تفسرون تصاعد العمليات الإرهابية، والتي تستهدف أمن واستقرار مصر؟
- نحن استنكرنا العمليات التي استهدفت فيها مراكز شرطة، كذلك استنكرتها جماعة الإخوان، فنحن ضد العنف.
إذا فمن الذي يقوم بها؟
- الله أعلم.. فربما تكون تنظيمات مصطنعة، حيث رأينا في بعض الأقطار التي وقعت فيها حركات انقلابية، أن السلطة تصطنع أعمالا إرهابية لتجد الغطاء الذي يبرر لها أعمالها القمعية، وربما كانت جماعات مسلحة تابعة للقاعدة، التي وفر لها الانقلاب فرصة لتعود إلى مصر، بعد ان تخلصت من هذه الآفة، والتي أعادها الانقلابيون من جديد.
وصفتم تصنيف الإخوان بأنهم تنظيم إرهابي بالسخافة، فهل ينسحب هذا الرأي، على «أنصار الشريعة»، والمصنف مؤخرا كتنظيم إرهابي؟
- تنظيم أنصار الشريعة في تونس يتبنى العنف كأداة للتغيير ويبرره ويمارسه ويعتبره جهادا، وقاموا بممارسة هذا في اعمالهم، بينما الإخوان لم ينظروا للعنف في أدبياتهم، بل ينظرون للديمقراطية، وهم ضحايا للعنف.
ولكنكم اعتبرتم أن أنصار الشريعة في فترة سابقة بمثابة ابنائكم، وقبل فترة قمتم باستقبالهم ربما في هذا المنزل؟
- كان ذلك قبل أن يصلوا إلى مرحلة حمل السلاح والقتل، وكنا نحاول أن نحاورهم، ونقنعهم بأن تصوراتهم خاطئة وفهمهم للإسلام غير صحيح، وأردنا أن نغريهم بالانخراط في العمل تحت مظلة القانون، وبالفعل هناك أكثر من حزب سلفي اقتنع باطروحاتنا وبدأ يعمل في إطار القانون، ونحن ليست لدينا مشكلة مع الأفكار، طالما لم تلجأ للعنف، فإن القانون يحميك، ولذلك كنا نحاورهم، ولكن عندما لجأوا إلى الضفة الأخرى من الشاطئ، وتحولوا من حالة فكرية كنا نجادلها إلى حالة أمنية، تركنا الأجهزة المعنية تتعامل معهم، بينما نحن حتى الآن ندعو للحوار معهم، داخل السجون وخارجها، فهؤلاء ابناء تونس، ومن الأبناء من هو بار، ومن هو عاق.
في إطار دعوتكم للحوار مع أنصار الشريعة، هل توافقون على الحوار مع رموز النظام السابق؟
- نحن نحاور الجميع، وكحزب لانملك من الأدوات إلا الحوار، بينما الدولة لديها من التطبيقات الكثير، لتطبيق القانون، بينما نحن لانملك من الأدوات حتى من الذين داخل السجون سوى إقناعهم بأهمية الحوار، وأن الصلح خير.
اتحاد المسلمين
شيخنا الجليل، اسمح لنا أن ننتقل إلى محور آخر من محاور الحوار.. كيف تنظرون إلى أداء الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، ألا ترون أنه صار يزاحم في مواقفه المؤسسات السياسية المعنية على حساب اهتمامه بالقضايا الدينية؟
- هو يمارس نشاطه في إطار اهتمامه بالقضايا الدينية ولا يخرج عن الدين أصلا، باعتبار المنظور الفكري الذي يقوم عليه الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين لايقصي السياسة من الدين، ولا الاقتصاد، أو العلاقات الدولية، فالإسلام له نظرة شاملة على كل الناس، ولذلك عندما يناصر إنسان في مكان ما لا نقول إنه ليس من الدين، في حين أن «بابا الفاتيكان» يتدخل في القضايا الدولية ويناصر، أو يؤيد قضايا أخرى فلا يتحدث عن ذلك أحد، فلماذا يستكثرون ذلك على الإسلام، أن يتدخل للدفاع عن المظلومين في فلسطين، أو سوريا، أو مصر، فما هي مبررات ذلك؟!.
شيخنا الجليل.. في إطار حديثكم عن المبررات، ما مبرر إثارة قضية جهاد النكاح، التي اثيرت مؤخرا، وتحدثت عن تورط فتيات تونسيات في هذا الموضوع، فكيف تلقيتكم هذا الخبر، وما حقيقته، خاصة بعدما اثاره وزير داخليتكم تحت قبة البرلمان؟
- بالتأكيد تلقينا هذا باستنكار شديد، وكذلك الحال تلقته المنظمات النسائية باستنكار شديد، وحتى الآن لم يعلن عن اسم واحد من اسماء هذه الفتيات، وظل المصدر الوحيد المتيقن هو « قناة الميادين».
ولكن حينما يقف وزير الداخلية التونسي تحت سقف برلمانكم، ويعلن عن ذلك بشكل رسمي، يصبح الأمر جديرا بالاهتمام؟
- مع احترامنا للوزير فإننا نقر بأنه قد أخطأ التقدير.
مع كامل تقديري لجوابكم، ما موقفكم من الحراك المتصاعد في تركيا ضد اردوغان وسياساته، وهل تعتقدون ان هذا يؤشر إلى قرب نهاية حكم الاسلاميين في الجمهورية التركية؟
- لانقدر ذلك، فحكم العدالة والتنمية في تركيا أعمق وأرسخ في ذلك من أن تهدده هذه المكائد من هنا وهناك، فنحن امام تجربة عريقة في التنمية، نقلت تركيا نقلة كبيرة جدا في النمو، ومن دولة هامشية، إلى دولة اقليمية معتبرة، الدولة « 15»، « 16» في التنمية الاقتصادية، فهذا الجبل لاتهزه الرياح.
ولكن اردوغان يطالب الحكومات بتحقيق مطالب الشعوب خارج بلده، بينما لايستجيب للمطالب الشعبية المتصاعدة في تركيا؟
- تركيا بلد ديمقراطي، ولا يستطيع احد ان يتهمها بأنها تقمع الصحافة، ولا يتهمها انه حظرت الاحزاب، الجمعيات، المظاهرات، او قامت بتزييف الانتخابات.
ولكن الديمقراطية الحقيقية تعني أكثر من ذلك؟
- بالتأكيد، ولكن لاتنسى أن للديمقراطية أنيابا ايضا.
بعيدا عن الانياب أو المخالب.. هناك فتور في علاقاتكم مع دول الخليج بسبب مواقفكم وتصريحاتكم التي تعتبرها عواصم خليجية بأنها تدخل في شأنها الداخلي؟
- نحن نكن كل التقدير والاحترام للاشقاء الخليجيين.
هل أنتم راضون عن علاقتكم مع دول الخليج، المانحة والمستثمرة في تونس؟
- علاقاتنا عادية، ونعمل على تطويرها مع جميع الأشقاء الخليجيين، وقد قدمت قطر مشكورة الكثير من الدعم لتونس الثورة، وكذلك السعودية قدمت لتونس صندوق التنمية السعودي، الذي قدم مساعدات واستثمارات في تونس. ونحن نأمل أن تتحسن وتتطور علاقاتنا مع الأشقاء في الخليج على قاعدة الأخوة والمصالح المشتركة والاحترام المتبادل.
وجود « بن علي» في المملكة، الا يسبب لكم نوعا من الإزعاج؟
- هذا لا يسرنا، ولكن ليس بن علي من الأهمية حتى نضحي بعلاقتنا مع الشقيقة السعودية من اجل ذلك.
وهل طلبتم بشكل رسمي تسليمه إلى تونس؟
- نعم، فنحن تقدمنا بطلب رسمي إلى الانتربول الدولي لتسلمه تطبيقا للقانون.
في إطار حديثكم عن دولة القانون، كيف تابعتم انتفاضة الضرائب، التي قامت في آخر ايام حكومة العريض، الا تعكس حالة التململ التي تسود الشارع التونسي ضد حكم النهضة؟
- ما كان يسرنا وقوعها، بل تفهمناها، واصدرنا بيانا نعلن فيه تفهمنا للتحركات الشعبية، ودعونا المتضررين إلى تفهم الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد، وأن يكون الاحتجاج سلميا، والا يسمحوا للخارجين على القانون بأن يندسوا بينهم ويحرقوا مقرات الشرطة، وطالبنا الحكومة بمراجعة قراراتها ذات الصلة، وبالفعل تراجعت.
في الوقت الذي تعاني منه تونس ازمة اقتصادية طاحنة وتوشك على الافلاس، نجدكم تطالبون بانشاء صندوق الكرامة لتعويض الاسلاميين عن سنوات الجمر ايام سنوات الحكم السابق.. كيف تفسرون هذا التناقض؟
- لا أرى هناك أي تناقض.. فثورتنا ثورة كرامة، ولا كرامة لجائع، والاضطهاد لم يمس النهضويين فقط، بل بدأ في الثمانينات، بدأ اضطهاد الاسلاميين، بل منذ الاستقلال، الذين اختلفوا مع النظام، حيث راحت ارواح العديد في زمن بورقيبة ثم استمرت حركات القمع للقوميين واليساريين، صندوق الكرامة لإعادة كرامة الذين سحقهم النظام السابق، والميزانية الاخيرة نصت على استحداث الصندوق دون تخصيص موارد له، لذا لن يكلف هذا الصندوق ميزانية الدولة شيئا. فقط تم إقرار إنشاء الصندوق، اما موارده فهي عبارة عن تبرعات من الأفراد والمؤسسات من الداخل، ومساعدات من الخارج، ونشكر قطر التي تبرعت بمبلغ «20» مليون دولار لاعانة المناضلين، لترقيع اوضاعهم، خاصة وأن منهم من دمرت عائلاتهم تدميرا، ومن الجحود أن نستكثر على هؤلاء إنشاء صندوق مالي لمساعدتهم، ولسنا شذوذا عن دول مرت بحالاتنا.
عفوا شيخنا الكبير، وبصفتكم أحد الضحايا المتضررين من النظام السابق، فهل كان لكم نصيب من أموال هذا الصندوق؟
- مجلس الوزراء الذي سن المشروع، استثنى القيادات حتى لاتكون شبهة ان هؤلاء سنوا مشروعا لمصلحتهم، فلذلك استثنى النهضويين وغيرهم من قادة التيارات السياسية، ذلك تجنبا للشبهات.
أخيرا، نصل إلى محطة سؤالنا النهائي، ألا يزعجكم تزايد شعبية ونجومية الباجي قائد السبسي مؤسس حركة نداء تونس في الشارع التونسي، خاصة وأنه المنافس الأبرز لكم ولحركة النهضة؟
- السبسي صديق، وقاد تونس في مرحلة مهمة من المراحل الانتقالية التي قادت البلاد إلى الانتخابات، نحن نقدر له هذه المكانة، والنهضة جاءت ثمرة انتخابات قادها الباجي، ونقدر هذا الدور، وفي المقابل حكومتنا هي التي أعطت حزبه التأشيرة، فهو رئيس حزب مثل بقية الاحزاب، وشارك معنا في الحوار الوطني، ونقدره كشريك وزميل، نتفق معه في أشياء ونختلف في اشياء.
ولكن حزبه يتمدد ويكسب مساحات شعبية على حساب رصيد حركة النهضة؟
- على كل حال مادامت العملية تدور في إطار الممارسة الديمقراطية فهذا لايزعجنا، لأن هدفنا الرئيسي الأول هو انجاح ديمقراطيتنا الوليدة، وأما الهدف الثاني ان تنجح النهضة، وأن تفوز في الانتخابات المقبلة حتى نرسخ معا قواعد الديمقراطية في البلاد.
أعتقد أنك نسيت يا «أبا معاذ» أن تذكر الهدف الثالث، الذي تسعون لتحقيقه، وهو عدم فوز السبسي وحزبه في الاستحقاق الانتخابي المقبل؟
يضحك قائلا:
- هذا قانون منافسة، ونحن سنحترم ونعترف بكل ما تفرزه صناديق الانتخابات، المهم كما أسلفنا القول أن تترسخ الديمقراطية، ان تكون المعارضة جزءا من معادلة الحكم، والمعروف أن الديمقراطية لاتضمن لك نجاحا دائما، ولا تتركك في موقع اليأس، فأنت اليوم في السلطة، وربما تخرج غدا، وتحل محلك المعارضة، وهكذا يتم تداول السلطة، بطريقة حضارية، ففي أدبيات الديمقراطية لا رابح ولا خاسر دائما (الوطن القطرية)


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.