يسود التوتر لبنان بعد مقتل الشيخ أحمد عبد الواحد المناهض للنظام السوري وأحد مناصري النائب خالد الظاهر من كتلة تيار المستقبل، ومرافقه، بنيران الجيش اللبناني وذلك يوم الأحد. وعمت الفوضى الأراضي اللبنانية كافة، مع اقتراب ساعات المساء، وانتقلت أعمال الشغب وقطع الطرق من منطقة إلى أخرى، حتى عمت مناطق الانقسام المذهبي على مساحة الوطن توسعت القراءات الأمنية والسياسية لأسباب ما حصل والتداعيات التي تركها، وآخرها إطلاق نار في محيط الجامعة العربية، خلف كلية الهندسة، الذي نتج عن اشتباك بين تنظيمين محليين تطور إلى استخدام قذائف ال"آر.بي.جي" إضافة إلى الأسلحة الرشاشة، وأُفيد عن نقل تسعة جرحى إلى مستشفى المقاصد حسب ما نقلته قناة الجزيرة. وقد قامت قوات الجيش بعملية انتشار واسعة داخل منطقة الطريق الجديدة، خصوصًا في مكان الاشتباكات، وأطلق المرابطون الرصاص على مناصري تيار "المستقبل" مما أسفر عن إصابة 9 بجروح، فيما رفع منسوب القلق نتيجة توسع أعمال الشغب التي انطلقت من عكار بكل مناطقها في السهل والساحل وصولاً إلى وادي خالد، ومنها إلى طرابلس بمختلف مداخلها وأحيائها في المرحلة الأولى، وهي لم تلملم بعد جراحها نتيجة الخلافات الداخلية فيها. لكن خطورة ما جرى وما رصدته الأجهزة الأمنية المعنية جاء عندما توسعت رقعة الاعتراض لتشمل الطرق الدولية بين طرابلس والحدود اللبنانية – السورية، أولاً قبل أن تمتد إلى الجنوب عصرًا. وقد تجددت منتصف ليلة الاثنين الاشتباكات في الطريق الجديدة وسط بيروت، بين مجموعات مسلحة كانت بالأمس القريب من فريق واحد، وقد تبدلت توجهاتها اليوم. وأعلنت قناة الجزيرة، إن "الاشتباك بدا قرابة العاشرة والنصف ليلا بإطلاق النار على مكتب الحزب الكائن خلف كلية الهندسة في محيط الجامعة العربية، حيث كان برجاوي موجود فيه شخصيا، وما لبث أن تطور الوضع، واستخدمت في الاشتباك قذائف صاروخية وأسلحة رشاشة فردية قبل ان يتدخل الجيش ليعيد الهدوء النسبي إلى المنطقة بعد الحادية عشرة والربع، حيث توقف إطلاق النار لنصف ساعة قبل أن تتجدد الرشقات النارية والقذائف الصاروخية والتي تكثفت بعد الثانية عشرة وسط معلومات عن حريق شب في مركز التيار العربي بقذيفة مباشرة، وسيرت وحدات الجيش دورياتها المكثفة في المنطقة وأقامت حواجز لها على أبوابها لمنع توسع إطلاق النار ومحاصرة منطقة التوتر. من جهته، أكد النائب عن تيار المستقبل في بيروت عمار حوري، عبر تلفزيون "أخبار المستقبل"، أن أحد معاقل "حزب الله" في الطريق الجديدة أطلق النار على مواطنين مما تسبّب في سقوط عدد من الجرحى. وتزامنًا بقي الانتشار المسلح في الأحياء الداخلية للطريق الجديدة وأفيد عن إصابة خمسة أشخاص نقلوا إلى مستشفيات المنطقة وجروح معظمهم طفيفة. وقبيل منتصف الليل، قالت مصادر أمنية، إن "الجيش والقوى الأمنية نجحوا في فتح معظم الطرق في بيروت حسب ما نقلته قناة العربية.
إضراب عام الاثنين هذا ودعت دائرة الأوقاف الإسلامية في لبنان إلى إضراب عام اليوم الاثنين. من جانبه، أعلن "تيار المستقبل"، في بيان أصدره مساء الأحد، المشاركة في الإضراب العام الذي دعت إليه دار الفتوى الاثنين، "احتجاجًا على مقتل الشيخين أحمد عبد الواحد ومحمد حسين المرعب على حاجز للجيش اللبناني في عكار". وشدد التيار على أنصاره "التقيد بوجوب الالتزام بالطابع السلمي للإضراب ولأي تعبير ديمقراطي في إطار القانون"، معلنا استنكاره ل"أعمال الشغب وقطع الطرقات التي شهدتها مدينة بيروت ويعتبرها أعمالاً مشبوهة تقف خلفها زمر معروفة ترتزق عند النظام السوري وأدواته في لبنان"، كما أعلن "رفضه الكامل لأي تعد على بيروت أو أهلها لأي سبب كان". ودعا الحكومة "إلى تحمل مسؤولياتها كاملة لجهة حماية المواطنين وأملاكهم وحرياتهم العامة والخاصة، والانتظام العام المولجة فيه أصلا، وهي مسؤولة مسؤولية كاملة عن وجوب القيام بمهامها والضرب بيد من حديد كل من تسول نفسه العبث بأمن اللبنانيين". وختم بالقول إن "بيروت وأهلها مدعوون إلى التزام أعلى درجات اليقظة وعدم الإنجرار وراء فرق المرتزقة، وذلك حرصا على أمنهم وأمن مدينتهم، والتمسك بالسلم والهدوء والقانون". الحكومة تدعو إلى تحكيم العقل ومن جهته، دعا رئيس الحكومة اللبنانية، نجيب ميقاتي، إثر اجتماع وزاري أمني ترأسه في مقر رئاسة الحكومة المواطنين إلى "تحكيم العقل والإحساس بالمسؤولية الوطنية"، وإلى "ضرورة فتح الطرق وعدم التعرض لمصالح الناس والمرافق العامة". وقال للصحافيين إن مقتل الشيخ عبد الواحد ورفيقه "محزن على جميع اللبنانيين، والمؤلم أكثر أن الحادث وقع مع قوة من الجيش اللبناني في ظروف مؤسفة لا بد أن تتضح معالمها من خلال التحقيق، الذي يتولاه القضاء العسكري المختص". وأشار إلى أن هذا القضاء "لن يتوانى في اتخاذ الإجراءات المناسبة في حق من يثبت تورطهم. لا حصانة لأحد والقانون يبقى فوق الجميع". وأكد أن "الحكومة ملتزمة تنفيذ هذه الإجراءات المسلكية منها والجزائية من دون أي تلكؤ أو محاباة". وناشد الجميع "عدم تمكين أعداء لبنان من تحقيق مآربهم"، داعيا إلى التعامل مع الجيش اللبناني "تعامل الأبناء والأخوة". وقال ميقاتي "المسؤولية التي يتحملها السياسيون توازي المسؤولية التي يتحملها القادة الأمنيون، وكما أن الخطأ الذي يتحمله الأمنيون قد يكون قاتلا كذلك الخطأ الذي يتحمله السياسيون يمكن أن يكون قاتلا"، داعيا إلى "وقف الخطاب المتشنج". وأضاف أن "الأولوية هي لصيانة السلم الأهلي وصيانة الاستقرار في البلد". الجيش يتأسف وكان مصدر في أجهزة الأمن اللبنانية أفاد أن الشيخين عبد الواحد والمرعب قتلا برصاص عناصر من الجيش عندما رفض موكبهما التوقف على حاجز للجيش عند بلدة الكويخات في منطقة عكار. إلا أن مرافق الشيخ عبد الواحد أكد لوسائل الإعلام أن السيارة توقفت عند الحاجز الذي سمح لها بمتابعة سيرها، ثم عاد بعض عناصر الحاجز وأوقفوها "وتعرضوا للشيخ بكلام غير مهذب وطلبوا منه النزول من السيارة" مضيف أنّه "عندما رفض الشيخ النزول وهم بأن يعود أدراجه بالسيارة، "أطلقت النار بغزارة". والمعروف عن الشيح عبد الواحد أنه من المنتقدين للنظام في سوريا، وينشط في مساعدة النازحين السوريين. وشارك في مناسبات عدة داعمة "للثورة السورية". ويأتي هذا التوتر بعد أيام على توقف المعارك في مدينة طرابلس بين سنة مناهضين للنظام السوري وعلويين من أنصار النظام أوقعت عشرة قتلى. كما عبرت قيادة الجيش اللبناني "عن أسفها الشديد لسقوط الضحيتين"، وأعلنت أنها "بادرت على الفور إلى تشكيل لجنة تحقيق من كبار ضباط الشرطة العسكرية، وبإشراف القضاء المختص". (وكالات)