أيام قليلة وتتحول أحدى معاقل رموز الفساد في العهد البائد الى معقل لمقاومة الفساد ..فلجنة التنسيق بالمدينة التابعة للتجمع الدستوري المنحل ستتحول الى مجمع قضائي متخصص في قضايا الفساد المالي والاقتصادي ...مجمع سيضم صفوة القضاة المختصين في المجال ممن باشروا ملفاتها منذ الثورة وكانت لهم خبرات سابقة في مباشرة قضايا مماثلة ... " الصباح نيوز" التقت بالقاضي محمد العسكري عضو ديوان وزير العدل والمكلف بمتابعة تنفيذ قرار الحكومة المتعلق باحداث المجمع القضائي الذي خصنا بكل التفاصيل عن هذا المشروع... خصائص المجمع
يقول محدثنا ان المجمع هو اول تجربة في المجال اقتضتها الحاجة الداعية للإسراع في كشف الحقائق ومحاسبة المسؤولين عن الفساد ومن مهامه التتبع والتحقيق في القضايا الاقتصادية والمالية خاصة منها المتشعبة والتي تقتضي أساليب بحث خاصة لتحديد موضوع الاستيلاءات والطرق المتوخاة لارتكاب الجرائم وجمع الادلة والاستعانة بالخبراء والفنيين المتخصصين في المجالات ذات العلاقة بتلك القضايا على غرار خبراء الصرف والسوق المالية والبنوك والمحللين الماليين وغيرهم من خبراء الشؤون العقارية والمعلوماتية واجمالا الاختصاصات الفنية الدقيقة ويعلل محدثنا ذلك بان الهدف من ذلك اقتفاء اثر الأموال والبحث عن مصادرها من خلال دراسة الوثائق البنكية والمالية والجبائية والمحاسبية ودراسة السندات دراسة معمقة وتحليل جميع المعطيات التي تكفل الوقوف على الحقيقة وتعقب العمليات المسترابة حتى ان وقع تحويل الأموال الى ممتلكات اخرى عقارية او منقولة فان المتابعة تسهل في اطار مكافحة غسل الأموال اذ عادة ما يلجأ الأشخاص المورطون في قضايا الفساد المالي الى تحويل جزء هام من الأموال المستولى عليها إلى الخارج سواء نقدا أو عن طريق وسطاء او شركات وهمية لإخفاء المصدر غير الشرعي لتلك الأموال .. وهذا الأمر يتطلب اللجوء الى التعاون الدولي عبر إصدار انابات قضائية دولية الى الدول المعنية ومتابعة تنفيذها بالسرعة والنجاعة المطلوبين ، وهذا امر يتطلب معرفة دقيقة بالاتفاقيات الدولية المتعلقة بمكافحة الفساد سواء كانت ثنائية أو إقليمية أو دولية كالاطلاع على قوانين الدول الاجنبية وضرورة التقيد بها لاسيما في غياب اتفاقيات ثنائية مع تونس
قضاة مختصون
وحسب محدثنا فيتطلب المجمع امكانيات بشرية ولوجستية فمن حيث الامكانات البشرية فسيتم تمكين المجمع من قضاة مختصين تلقّى اغلبهم دورات تكوينية اشرف عليها خبراء دوليون وتونسيون مختصون في المجال أصبحت لديهم المؤهلات اللازمة للتحقيق في هذه القضايا وفق أسس علمية وفنية الى جانب التجربة المكتسبة في الميدان من خلال القضايا التي سبق التحقيق فيها... والى جانب هؤلاء القضاة سيكون هناك خبراء على الذمة للتعاون مع القضاة بحيث يقضون جزءا كبيرا من وقتهم للعمل معهم في اطار تنفيذ المأموريات المسندة إلى جانبهم سيكون هناك كتبة مهرة من الذين يجب ان تتوفر فيهم شروط اتقان اللغات لتحرير المكاتبات للخارج إضافة للإداريين الذين سيسهرون على توفير كل ما يستحقه المجمع من خدمات ، علما ان سلطة الاشراف بالتعاون مع مؤسسات دولية وبعض الدول الاوروبية ستوفر كل الامكانات اللوجستية والمادية للمجمع من تجهيزات على غرار الانترنيت والهواتف في مقر قال عنه محدثنا انه يتأقلم وحاجيات مجمع مختص اذ توجد مكاتب مرفقة بمكاتب صغيرة تصلح لكتاب قضاة التحقيق وقاعة انتظار مع إمكانية توفر مكان خاص بالموقوفين وسيسهر على متابعة الملفات القضائية ما بين 10 الى 15 قاضي تحقيق و5 مساعدين لوكيل الجمهورية قادمون من المحكمة الابتدائية ومكلفون بمتابعة قضايا الفساد وستتحول العديد من ملفات الفساد التي هي من أنظار قضاة تحقيق المحكمة الابتدائية بتونس رفقة قضاة التحقيق الذين سينتقلون للعمل بالمجمع في حين ستظل ملفات أخرى بعهدة قضاة التحقيق الذين اقتضت الحاجة أن يظلوا في مواقعهم وحسب محدثنا فان عدد ملفات الفساد حاليا يناهز الخمسمائة ملف منها زهاء الاربعمائة واردة من لجنة تقصي الحقائق والبقية وردت من متضررين او من محامين أو جمعيات او ادارات او وزارات وقال محدثنا ان هناك زهاء الخمسين قضية غسل اموال و348 قضية متعلقة بالرئيس السابق ومن معه وقال ان هناك حوالي المائة قضية في محاكم داخلية وتوقع وجود مائتي ملف فساد مالي غير متعلق بالعهد السابق ويتوقع مصدرنا ان ترد من لجنة تقصي الحقائق بعد إعادة تركيبتها عديد القضايا على اعتبار انها لم تنظر الا في ما دون نصف الملفات المعروضة عليها ولا يزال هناك 6الاف ملف في الانتظار .... وأضاف ان هناك الى حد الان 51 إنابة عدلية دولية وجهت ل 22 دولة 22 إنابة منها أصلية والبقية تكميلية وهو ما يتطلب على حد تعبيره تبادل مراسلات وتواصل بين قضاة التحقيق ونظرائهم الأجانب لانجاز الأعمال المطلوبة بسرعة وحسب محدثنا فان المتدخلين مع المجمع اطراف عدة منها الأجنبي على غرار البعثات الديبلوماسية والانتربول ومنها ما هو تونسي على غرار لجنة التحاليل المالية ولجنة استرجاع الاموال بالخارج والشرطة العدلية والمجتمع المدني كجمعيات مكافحة الفساد وكذلك هيئة مكافحة الفساد ولجنتي التصرف والمصادرة لجنة المصادرة جانبت الصواب
والحديث عن لجنة المصادرة يقودنا للبلاغ الذي أصدره رئيسها مؤخرا والذي اثار جدلا على اساس ان من اكتسب مالا فاسدا وصرح به لجنة يعفيه من المتابعة القضائية عن هذا يقول محدثنا ان اعمال اللجنة وصلاحياتها محددة بالمرسوم عدد 13 وبالنسبة للصلح في المادة الجزائية فهو منظم وفق المادة 4 من مجلة الإجراءات الجزائية التي تنص ان الدعوى العمومية تنقضي بالصلح في الحالات التي ينص عليها القانون صراحة كالصلح بالواسطة الجزائية عن طريق النيابة العمومية او بين المتهم والمتضرر في حالات حددتها القوانين الخاصة كقانون البيئة والديوانة والمراقبة الاقتصادية والاعتداء بالعنف بين الازواج او بالعنف من الخلف الى السلف او في قضايا اهمال العيال وغيرها من الحالات التي نصت عليها القوانين، وفي غياب نص قانوني صريح لا يخوّل الصلح في قضايا معينة لا تنقضي فيها الدعوى العمومية ويبقى القضاء سواء سلطة التتبع او المحاكمة متعهدا بالنظر في القضية فالمرجع هو النص القانوني والعلوية للقانون الذي يكون الفيصل وفي مسالة توسيع دائرة المرسوم يرى محدثنا ان المرسوم جمع بين نظامين نظام قائمة اسمية وآخر موضوعي وفق معايير ولكن المشرّع لم يضع بشكل واضح الأحكام الخاصة بشروط توسيع القائمة وإجراءاتها ومن له صلاحية التوسيع ... وبالتالي وعلى حد تصريح محدثنا فانه طالما تتعلق المسالة بنظام استثنائي وبتسليط عقوبة فانه لا يمكن ان تقوم اللجنة بهذا العمل وبالتالي يصبح التوسع من مشمولات القضاء الذي يتولى النظر في توفر شروط المصادرة ويقوم بها طبقا لإجراءات تمكن كل طرف ان يدافع عن نفسه ويطعن في القرارات التي تمس بمصالحه وختم محدثنا بالقول ان ملفات الفساد ستكون جزءا من اختصاص المجمع الى جانب جرائم اخرى كالبورصة والاستثمار والتي لها انعكاسات كبيرة على الاقتصاد والتي ستكون من اهتمامات المجمع على غرار ما هو جاري به العمل في العديد من الدول الديمقراطية التي بادرت منذ سنوات عديدة ببعث مثل هذه المجامع كفرنسا التي بعثت مجمعا منذ سنة 1999واسبانيا وسويسرا وغيرها