أثار موضوع تخفيض التصنيف الائتماني لتونس جدلا كبيرا في الساحة السياسية والاقتصادية في البلاد وخارجها دون ان تبادر الحكومة باتخاذ ما يجب اتخاذه لمواجهة ما صدر. هذا وكانت وكالة "ستاندرد آند بوورس" قد خفّضت يوم الاربعاء الماضي من التصنيف الائتماني لتونس بدرجتين على المدى البعيد إلى "بي بي" لتضعها في فئة المضاربة وذلك بسبب عدم الاستقرار السياسي وضعف القدرة على النهوض بالاقتصاد، على حدّ قول الوكالة. وللبحث في الكيفية الطلوبة لتجاوز هذا التصنيف كان لقاء "الصباح نيوز" مع مراد الحطاب الخبير البنكي في إدارة المخاطر ولوحات القيادة الذي أبرز أنّ التقرير الذي أصدرته "ستاندرد آند بوورس" حول التصنيف الائتماني لتونس يثير تحليله عدّة التباسات تتمثّل أساسا في غلبة الجانب السياسي للتقييم وعدم وضوح الفرضيات التي بني عليها استشراف المعطيات المستقبلية عموما وكذلك عدم الخوض في واقع القطاع المالي والمصرفي وآفاق تطوّره. وفي هذا الإطار، قال الحطاب :" تجدر الإشارة انطلاقا من خبرتي كمختص في إدارة المخاطر المصرفية وتعوّدي على التعامل مع هذا الصنف من التقارير إلى أنّه يتمّ اعتماد منهجية محددة لإعدادها". كما بيّن الحطاب أنّ هذه التقارير يقوم أساسا على معطيات رسملة الاقتصاد ودرجة سيولته وكذلك نوعية الأصول المالية المتداولة بصفة عامة. وأضاف الخبير البنكي أنّ هذه الجوانب لم يتمّ التطرّق إليها حسب الطرق المعتادة لوكالات الترقيم بصفة ضافية وذلك لإكساء التقرير صبغة موضوعية تنبني على تقييم المخاطر وإبراز خطط الدولة التونسية للتعامل معها وتغطيتها على المدى القصير والمتوسّط ودون الخوض في التفاصيل الفنية. ومن جهة أخرى، أكّدّ مراد الحطاب أنّ هذا الأمر يقتضي ان تبادر رئاسة الحكومة التونسية بصفة جدية وعاجلة بتشكيل لجنة من الخبراء في مجال إدارة المخاطر وكذلك المهنيين في سوق المال وإطارات من المعهد الوطني للاقتصاد الكمّي وتعمل هذه اللجنة على إعداد تقرير مضاد يوجّه ل "ستاندرد آند بوورس" يتمّ إشهاره لدى مختلف الهيئات الاقتصادية والمالية والدولية التي تتعامل معها البلاد التونسية "قصد توضيح الرؤية والوقوف على الجوانب المنهجية الدقيقة التي تسمح بفهم حقيقة التصنيف الذي أسند لتونس" على حدّ قول الحطاب. وشدّد على سرعة إعداد هذا التقرير المضاد، قائلا: "إعداده أهمّ بكثير من عملية الإنجاز في حدّ ذاتها وذلك نظرا لسرعة ردود الفعل على الأسواق الدولية". كما أبرز الحطاب خطورة ما جاء في تقرير "ستاندرد آند بوورس" وإمكانية انعكاساته على المدى القصير جدّا على الموقع الاستراتيجي للاقتصاد الوطني في الساحة المالية العالمية. وعن تأثير "ستاندرد آند بوورس" على الوكالات الأخرى، قال الحطاب ل "الصباح نيوز" أنّه من المتوقّع جدّا أن "تنساق بقية الوكالات والهيئات في نفس سياق التصنيف الائتماني ل"ستاندرد آند بوورس" نظرا للتأثير الكبير لهذه الوكالة على المحللين الماليين في العالم بصفة عامة وفي منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بصفة خاصة".