دعت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الحقوقية في تقرير لها الحكومة التونسية المؤقتة بالتسريع في تعويض ضحايا العنف البوليسي خلال الثورة التونسية التي أطاحت بحكم الرئيس زين العابدين بن علي في 14 جانفي 2011. وذكرت المنظمة في التقرير الذي نشرته أمس الثلاثاء في تونس أن "عديدا من ضحايا العنف البوليسي الذي وقع أثناء ثورة تونس في 20102011 لم يتلقوا رعاية مناسبة ولم تقدم لهم الحكومة تعويضات كافية عن إصاباتهم". كما بيّنت أنّه "بعد مرور 17 شهرًا على الثورة التي أطاحت ببن علي مازال العديد من جرحى الثورة يعتمدون على المساعدات الخيرية ويعانون من الآلام والإعاقات والحاجة بسبب فشل الحكومة في تمكينهم من التعويض اللازم". وأضافت المنظمة "يتعين على الحكومة تعويض الضحايا عن جميع الأضرار الناجمة عن إصاباتهم بسبب استعمال الشرطة للقوة المفرطة وبشكل غير قانوني أثناء الانتفاضة ويجب أن تشمل التعويضات جبرًا عن فقدان فرص الدراسة والعمل والأرباح الأخرى التي لم تكن لتُفقد لولا الجرائم المُرتكبة". وقالت سارة ويتسن المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في "هيومن رايتس ووتش" "لقد تعرض هؤلاء الأشخاص إلى الإصابة أثناء دفاعهم عن الحرية ولذلك يتعين على الحكومة ألا تدير لهم ظهرها وألا تضيع مزيدًا من الوقت كي توفر لهم الرعاية الصحية التي يحتاجون إليها مجانًا إذا كانوا لا يستطيعون تحمل تكاليفها". هذا وقد قامت السلطات الانتقالية في تونس مباشرة بعد الثورة بتوفير رعاية صحية عاجلة للجرحى واعتمدت إجراءات تم من خلالها دفع تعويضات مالية محدودة للمصابين كما بدأت الحكومة التونسية في توزيع بطاقات علاج للجرحى ورحلت عددا منهم إلى البلاد للعلاج لاستكمال العلاج. غير أن العديد ممن التقتهم المنظمة وتلقوا رعاية صحية في المستشفيات العمومية وجدوا أنفسهم يواجهون عراقيل منعتهم من مواصلة تلقي العلاج. كانت أنواع مختلفة من الأدوية والعلاج الطبيعي والعلاج طويل المدى غير متوفرة في هذه المستشفيات وان توفرت في العيادات الخاصة فإنها تكون باهظة التكلفة وتتجاوز إمكانيات الجرحى. وحسب منظمة "هيومن رايتس ووتش"، يتعين على الحكومة أن تعطي أولوية لإنشاء آلية مستقلة وفقا للمادة 2 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لتقييم احتياجات جرحى الثورة وتمكينهم من التعويض المستحق بشكل شفاف. وأبرزت كذلك أنّه بإمكان المجلس الوطني التأسيسي إصدار مرسوم يتعلق باعتماد برنامج تعويض عبر إنشاء لجنة مستقلة متعددة الاختصاصات للإشراف عليه. ويذكر أنّ تقرير لجنة تقصي الحقائق حول التجاوزات والانتهاكات قد أحصى سقوط 338 قتيلا و2147 جريحا خلال أحداث الثورة التونسية التي اندلعت في 17 ديسمبر 2010 وأسقطت حكم بن علي في 14 جانفي. وزارة حقوق الإنسان توضح قال الناطق الرسمي باسم وزارة حقوق الإنسان والعدالة الانتقالية شكيب دروّيسي في تصريح ل"الصباح نيوز" أن الحكومة تعمل على إيجاد حلول كفيلة لفائدة جرحى الثورة خلافا لما جاء في تقرير منظمة "هيومن رايتس وتش" . وأضاف أن الوزارة تعمل مع رئاسة الحكومة لإيجاد حلول أفضل مما سبق، منها تمكين جرحى وأفراد من عائلات الشهداء من مواطن شغل بدل الاكتفاء بالتنفيل في الوظيفة العمومية. كما أعلن عن التزام وزارة الصحة بإيجاد حلول عملية لضمان حسن معاملة جرحى الثورة بالمستشفيات العمومية. أما بخصوص سفر بعض الجرحى للعلاج بالخارج فأرجع أسباب التأخير في حلّ الموضوع الى انه بصدد إعداد جوازات السفر و بعض الملفات للجرحى. وقال أن هناك إجراءات لإرسال عدد من الجرحى إلى قطر وتركيا مع إمكانية إرسال حالة إلى إيطاليا. كما قال أن وزير حقوق الإنسان والعدالة الانتقالية سمير ديلو كان قد عرض آخر الإجراءات المتبعة لصالح شهداء الثورة وجرحاها والمتمثلة في إسناد بطاقات علاج ونقل مجانية للمصابين. وأوضح بأن هذه البطاقات تبقى صالحة إلى غاية 31 ديسمبر 2012 إلى أن تسند بطاقة موحدة يجمع فيها كل الامتيازات المخصصة لعائلات الشهداء وجرحى الثورة ، مشيرا إلى أن المنتفعين الاساسيين من عائلات الشهداء هم الأب وإلام والقرين والأبناء دون 13 سنة. وأضاف بأن الامتيازات التي سيتمتع بها جرحى وشهداء الثورة هي كذلك تعيين فرد واحد من العائلة في الوظيفة العمومية تبعا لمؤهلاته العلمية المتاحة، بالإضافة إلى أحداث وحدة خاصة بمستشفى القصاب بالعاصمة لمعالجة المصابين. وبين بأنه رغم أن كل التقارير تفيد بأن الخدمات الصحية المسداة في تونس كافية إلا أن هناك 6 حالات سيقع تمكينها من السفر للعلاج أواخر هذا الأسبوع إلى كل من تركيا وقطر للتداوي مفيدا بأن الحكومة تتعهد بايجاد كل الآليات التي تسمح بالتسفير إلى الخارج. وقال بأن الحكومة تتعهد كذلك باسترجاع جميع المصاريف التي أنفقها جرحى الثورة في المصحات الخاصة . وقال رغم انه هناك أطراف في تونس تسيّس الموضوع إلا أن الباب يبقى مفتوحا لكل مكونات المجتمع المدني في تونس للمساهمة في حل الإشكالات التي تعيشها عائلات الشهداء وجرحى الثورة. وأضاف انه رغم وجود تقصير نسبي في ما يخص ملف جرحى وشهداء الثورة فان هذا الملف من اخطر القضايا المطروحة على طاولة الحكومة لكن لم يبلغ درجة التهويل والمغالطات التي تروج لها بعض وسائل الإعلام . وقال أن من حق العائلات تنظيم الاعتصامات والوقفات الاحتجاجية إذا رغبوا في ذلك وفي صورة عدم تنفيذ الحكومة لوعودها، مبرزا أن الحكومة هي أولى الأطراف المسؤولة عن المحاسبة والمساءلة في ما يتعلّق بهذا الملف.