يلقّبها البعض ب"تاتشر تونس" ويعتبرها آخرون "أقوى إمرأة في تونس"، غير أن ودواد بوشماوي تفضّل دوما العمل خارج الضوء وتنفي وجود أي نية لديها في دخول ميدان السياسة. وترأس بوشماوي (53 عاما) منظمة الأعراف (الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة) منذ اندلاع الثورة التونسية التي أدت لسقوط حكم الرئيس السابق زين العابدين بن علي واستقالة الرئيس السابق للمنظمة الهادي الجيلاني الذي كانت تربطه علاقة جيدة بعائلة بن علي. تنتمي بوشماوي لعائلة عريقة لها باع في مجال الأعمال وخاصة في مجال شركات النفط، وتعد أول امرأة عربية ترأس منظمة تضم جميع رجال الأعمال والصناعيين والتجار في بلادها. حافظت بوشماوي خلال وجودها على رأس المنظمة على علاقة جيدة مع مختلف الأطراف السياسية (الإسلاميين والليبراليين واليسار) في البلاد، كما قامت بدور كبير داخل الرباعي الراعي للحوار الوطني الذي ساهم في تقريب وجهات النظر بين الفرقاء السياسيين وقاد تونس إلى الإستقرار السياسي والاقتصادي ومهد لاحقا لتشكيل حكومة تكنوقراط برئاسة مهدي جمعة. وتُعرف بمواقفها المتوازنة من الأحداث السياسية في البلاد، حيث رفضت تولي رئاسة حكومة بديلة اقترحتها «جبهة الإنقاذ» المعارضة في تحد لحكومة الترويكا بعد مقتل القيادي المعارض محمد البراهمي في 2013. وقالت حينها "أشكر كل من رأى أنني قادرة على القيام بمسؤولية سياسية... اؤكد اني غير معنية باي منصب أو مسؤولية سياسية" مشيرة إلى أن عملها الأساسي ينحصر في مساعدة الاقتصاد التونسي لتجاوز المرحلة العصيبة التي يمر بها. كما أكدت لاحقا أن المنظمة التي تقودها ليست مع المعارضة ولا مع الترويكا، مشيرة إلى أنها تقف في صف المحايدين تجاه الخلافات السياسية في البلاد، لكنها أشارت إلى أن الرباعي الراعي للحوار الوطني (الذي تشكل منظمة الأعراف جزءا منه) لن يبقى صامتا في حال فشل الأحزاب السياسية في تشكيل حكومة وحدة وطنية. وتقول إنها نجحت في إعادة هيكلة منظمة الأعراف وتحسين صورتها كمنظمة نقابية تتمتع بالحيادية والاستقلالية وتعمل في إطار الشفافية من أجل مصلحة البلاد. وكانت منظمة الأعراف قدمت رؤيتها لتونس عام 2020، وهي عبارة عن خريطة طريق تسعى لإنعاش الاقتصاد عبر تعزيز فرص الإستثمار الخارجي وتوظيف المنظومة الضرائبية في دفع النمو الاقتصادي وتعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص وإعادة النظر بقوانين العمل في محاولة لمكافحة البطالة ودعم الفئات الفقيرة. وتؤكد بوشماوي دوما على ضرورة تقديم تدريب اقتصادي جيد للدبلوماسيين التونسيين فى الخارج من أجل تمكينهم من جمع أكبر قدر ممكن من المعلومات حول الأسواق الأجنبية والفرص المتوفرة فيها إضافة إلى إبرام عقود مع المنظمات المهنية وإرساء علاقات تتسم بالثقة، مشيرة إلى أنهم مطالبون بنقل صورة جيدة عن بلادهم والرد على الشائعات بهدف طمأنة المستثمرين والحفاظ على الاستثمار الأجنبي المباشر في تونس. ونتيجة لدورها الكبير في الحوار الوطني الذي قاد تونس للخروج من مأزق سياسي كبير، منحت الغرفة الجهوية للنساء صاحبات الأعمال في تونس جائزة "المرأة الأكثر تأثيرا في تونس" لعام 2014 لوداد بوشماوي. وأشارت الجهة المانحة الى أن الجائزة تهدف الى "التعريف بقدرات النساء ذوات التأثير اللاتي عادة ما يبقين فى الظل، وتقريب الوسط المؤسساتي من مواقع أخذ القرار والسلطة بهدف تأمين تفاهم بين الطرفين وإرساء ثقة متبادلة". كما منحتها "شراكة دوفيل" التابعة لمجموعة الثماني جائزة "أفضل امرأة تدير مؤسسة في العالم العربي" إضافة إلى حصولها مؤخرا على "جائزة الأعمال من أجل السلام" لعام 2014 التي تمنحها بلدية أوسلو لقيادات قطاع الأعمال الذين ساهموا في دفع الحوار الإجتماعي وتعزيز الحركة الاقتصادية والسلام في بلدانهم وفي العالم. وترى بوشماوي أن المرأة التونسية حققت مكاسب كثيرة وليست مستعدة للتخلي عنها، وتشيد بدور سيدات الأعمال في بلادها (6 آلاف سيدة) اللاتي يُدرن مؤسسات كبرى تساهم في تنمية الاقتصاد المحلي بشكل كبير، رغم الصعوبات الكبيرة التي يتعرضن لها في ظل سيطرة رجال الأعمال على المجال الاقتصادي، فضلا عن "الصعوبات المالية التي تعترضهن ولا يجدن مساندة مادية من البنوك والمؤسسات الحكومية".