تتجاذب الحالة الليبية عدة دعوات للحوار تتفق جميعها على أنها تستهدف مساعدة الشعب الليبي في الخروج من أزمته، غير أنها تختلف في ترتيب أولويات الحوار وتحديد أطرافه الرئيسة. وفي الآونة الأخيرة بدا نوع من عدم التناغم في مسار حوار ما عرف ب"مبادرة دول الجوار"، وتحديدًا بين الجزائر ومصر، على الرغم من كون المبادرة حددت أن التباحث في الملف الأمني سيكون من نصيب حوار الجزائر والتباحث في الملف السياسي سيكون من نصيب حوار القاهرة. وعلمت "بوابة الوسط" من مصادر مطلعة أن حوار الجزائر المفترض إقامته في 14 أكتوبر الجاري قد ينقل إلى مالطا بناء على رغبة جزائرية، وأن الدعوات إليه شرع في إرسالها بداية هذا الأسبوع. ومن خلال ما توفر من معلومات بدا واضحًا ميل الجزائر إلى تبني ممثلي تيار الإسلام السياسي، ومن بين الأسماء البارزة حتى الآن علي الصلابي وعبدالحكيم بلحاج، وهو ما يعكس قلقًا وهاجسًا لدى الجزائر التي تسعى لتتعامل مع ما تعتبره «الإسلام المعتدل» على خلفية قلقها من عودة أشباح من تسببوا فيما عرف ب"العشرية السوداء"!. ووسط هذا التسارع في البحث بين حزمة المبادرات التي فاقت حتى الآن خمسًا، أشارت مصادر إعلامية إلى وجود ما يمكن تسميته ب«حساسية مصرية» على خلفية توسيع الجزائر أجندة حوارها ليشمل بنودًا سياسية كان يفترض أن تكون من اختصاصات حوار القاهرة التي أوكل إليها الملف السياسي في اتفاق دول الجوار، وهو ما فسره بعض المراقبين بأنه خشية جزائرية من توسع دور القاهرة الإقليمي. فيما يعزو آخرون الموقف الجزائري "القلق" إلى ما تسرب من معلومات حول توقيع مصر اتفاقًا عسكريًا سريًا مع ليبيا، وهو ما نفاه وزير الخارجية الليبي محمد الدايري ل"بوابة الوسط". البحث في خلفيات حالة التنافس الصامتة بين مصر والجزائر، يوصل بطريقة مباشرة إلى البحث في موقفهما من ثورة 17 فيفري في بداياتها، ففي حين تحمست القاهرة لدعم الثورة والوقوف إلى جوارها، اتخذت الجزائر موقفًا وصف بالسلبي في مناسبات والمعادي في مناسبات أخرى، غير أن المراقبين يجمعون على تغير الموقف الجزائري وجنوحه إلى لعب دور إيجابي خلال تلك المرحلة. يشير بعض المحللين إلى أهمية الدور المصري بحكم تجارب القاهرة التاريخية في إدارة الحوارات العربية، وفي التغيرات التي شهدتها ليبيا سواء إبان فترة المملكة الليبية، أو قبلها أثناء الاحتلال الايطالي، أو بعدها فترة حكم معمر القذافي.