لقد تمّ أمس الأحد تشييع جثمان الرفيق فوزي بن حميدة بحضور أفراد عائلته وثلة من رفاقه في النضال الطلابي في فرنسا وممّن عايشوه بعد عودته إلى الديار التونسية زمن الحراك الوطني وخلال مسيرته المهنية. إنّ الفقيد يعدّ من أنشط النشطاء خلال ستينات القرن الماضي في صلب الاتحاد العام لطلبة تونس الذي التأم مؤتمره التأسيسي منذ 65 عاما (9-13 جويلية 1953 بباريس) . كان ينتسب إلى مجموعة من الفاعلين الذين نذروا شبابهم لخدمة قضايا التحرّر ثمّ بناء الدولة الجديدة ومن ضمنهم على سبيل الذكر لا الحصر يوسف الورداني طيّب الله ثراه ومحجوب القرفالي وعبد الرزاق الكافي والطاهر سريب ومصطفى بن جعفر وفريد مميش وكمال السماري والمنجي بوسنينة. سوف يسجّل التاريخ لحساب فقيدنا تحرّكاته بالقلم وباللسان في محافل المغالبة بين عناصر الطيف الطلابي في مدينة الأنوار. ولقد أهّلته القدرات التي تمكّن منها من خلال تدخلاته العقلانية والصادقة في آن في اللقاءات التي كانت تجمعنا في مونسيني ودار تونس ومقر جمعية طلبة شمال إفريقيا المسلمين بشارع سان ميشال، إلى نيل ثقة المشاركين في المؤتمر الرابع للاتحاد (طبرقة 9-15 أوت 1966) لرئاسة أشغاله بمساعدة الرفيق رضا العسكري أحد قيادي الاتحاد (عضو الهيئة الإدارية 64-65). لقد كان هذا المؤتمر الذي ترأس جلسته الانتخابية الدكتور الصادق المقدّم رئيس مجلس الأمّة محطّة هامّة في سيرورة الاتحاد إذ أنّه التأم إثر حركة تمرّدية قام بها الطلبة الدستوريون خلال انعقاد لقائهم الدوري ببنزرت عبّروا من خلال مسيرة انتظمت في المدينة عن خلافهم مع إدارة الحزب في خصوص تزكية الأمين العام المقبل. إذن لم يكن تسيير المؤتمر في ظل هذه الأجواء أمرا هيّنا ومع ذلك فلقد توفّق الرفيق فوزي في كلّ مراحل المؤتمر الذي كان الرئيس بورقيبة يراقب أشغاله عن قرب وهو المتواجد بعين دراهم. كما إنّ المؤتمرين منحوا ثقتهم لرئيس مؤتمرهم بانتخابه عضوا بالهيئة الإدارية الجديدة التي ترأسها خلال سنتي 66 و67 بكل اقتدار الرفيق محمد بن أحمد. ولقد تزامن انتخاب الرفيق فوزي مع تجديد انتخاب الرفيق مصطفى الزغل الذي فارقنا هو الآخر منذ أيّام (ليلة 27 رمضان) وكان قد أبّنه في مقبرة الجلاز الأستاذ مصطفى صادق المنيف. التحق الفقيد عند عودته إلى أرض الوطن بالديوان التونسي للسياحة حيث التأم جمع من مناضلي الاتحاد من أمثال التيجاني الحدّاد وعادل بوصرصار وعادل كريشان وصلاح الدين قلنزة وعبد الكريم الشارني ومنصف عطاء الله ومحمد العبيدي ونجيب بن ميلاد وبالخصوص محجوب القرفالي وأحمد السماوي - أحد أركان حركة آفاق- اللذين ارتقيا إلى خطّة مدير عام للديوان. غير أنّ سي فوزي لم يترك جانبا ذلك الهاجس النضالي فانخرط إلى جانب رائد الحركة الديمقراطية في تونس الفقيد حسيب بن عمّار في الكفاح بالكلمة في تلك الجريدة الرائدة " الرأي ". لقد كان فوزي بن حميدة وفيّا طوال حياته للمبادئ التي شبّ عليها ولم يتنازل عنها أبدا. فسلام على روحك الطاهرة، وعزاء لأرملتك ولابنتيك ولأحفادك الميامين ولكلّ رفاقك الأوفياء. يقول الحقّ في محكم تنزيله: " يا أيّتُها النفسُ المطمئنّةُ ارْجِعِي إلى رَبِّكِ رَاضِيةً مَرْضيَّة فادْخُلِي في عبادِي وادْخُلِي جَنّتي".