لا أظنّ أن هناك في إيطاليا وربما في أوروبا كلها من هو أقوى من بيرلسكوني ومن هو «أشجع» منه.. هذا الرجل تلاحقه الفضيحة تلو الفضيحة.. وتطارده الاتهامات.. وتملأ تصرفاته الغريبة والشاذة صفحات الصحف وبرامج الإذاعات والفضائيات.. ومع ذلك فهو صامد.. ومستمرّ.. ويواصل رئاسته للحكومة الإيطالية بكل ثقة في النفس وراحة بال! إن الفضائح التي تلاحقه هي من الوزن الثقيل وفضيحة واحدة منها قد تعصف بحياة هذا السياسي أو ذاك النجم ومع ذلك فالرجل ينام ملء جفونه.. ويضحك باستمرار.. ويطلق النكت.. ويسخر من خصومه الذين يعملون على تشويه سمعته والنيل منه.. بصراحة لم أفهم شخصية بيرلسكوني هذا؟ هل هو مجنون؟.. ولكن المجانين لا ينجحون في إدارة المشاريع وهو ناجح في مشاريعه.. وناجح في السياسة بدليل أنه رئيس حكومة ولم يسقط رغم كل الضربات التي تلقاها.. هل له شخصية خاصة لم يعرفها التاريخ من قبل؟.. إنني أحاول أن أفهم سرّ بيرلسكوني ولكنني لم أستطع فهمه!!! إن بيل كلينتون عندما تورط في فضيحة مونيكا لوينسكي اضطرب.. وكاد يسقط.. ويخرج من البيت الأبيض مهزوما مدحورا.. وترنح.. وكانت علامات الحيرة والحرج والشعور بالضيق تظهر على وجهه بكل وضوح.. وعندما ظهر وخاطب الشعب الأمريكي وأعلن أمامه اعترافه وقدم اعتذاره كان وجهه في منتهى الذبول والشحوب.. ولو لم يكن جالسا على مقعد لانهار وسقط.. ولفقد وعيه تماما.. هذه فضيحة واحدة ومع ذلك نالت من أقوى رئيس دولة في العالم بينما بيرلسكوني لم أره ولو مرة واحدة في حالة غضب.. أو استياء.. أو حرج.. إنه يضحك باستمرار وكأن الفضائح التي تلاحقه لا تعنيه هو شخصيا وإنما تعني بيرلسكوني آخر مجهولا ولا يعرفه.. من أين يأتي هذا الرجل بقوة الأعصاب.. والهدوء.. والبرودة.. والقدرة على المقاومة والدخول في معارك شرسة.. علما بأنه ليس صغيرا في السنّ فهو في خريف العمر؟؟ هل أستطيع أن أزعم بأن بيرلسكوني ليس مجرد سياسي ورجل أعمال عادي وصاحب مشاريع إعلامية وسياحية وتجارية فقط؟؟ وإنما هو فنان له فلسفة في الحياة يمكن تلخيصها في جملة واحدة وهي: أنا مفتون بالنساء ومن أجلهن أضحّي حتى بسمعتي.. بيرلسكوني يستمد قوته من النساء الفاتنات الصغيرات فهو ضعيف أمامهن ولكنه قويّ في غير هذا المجال..