كنت قبل ما يقارب اربعين سنة تقريبا وفي الصفحة الدينية بجريدة الصباح نشرت بعض المقالات هي عبارة عن قراءة لبعض احزاب الامام ابي الحسن الشاذلي رضي الله عنه تابعها عديد القراء الذين لم يكن لهم سابق اطلاع عليها وقد طلب مني بعضهم ممن اعتز بارائهم واذواقهم الرفيعة ان اواصل هذا العمل الادبي والروحي وفد قمت بشيء من ذلك على صفحات جرائد الصريح والصباح والحرية وغيرها عند افتتاح واختتام ال الموسم الشاذلي كل عام و لا ادعي فضل السبق في التنبيه الى قيمة الادب الروحي فكثيرون قبلي عكفوا على هذا الصنف من الادب وعرفوا به وبمضامينه وبمستواه المهذب للاذواق والاخلاق وعلى راس هؤلاء( الدكاترة)زكي مبارك رحمه الله ولقد ظللت موصولا بالاحزاب الشاذلية اجد في تكرار تلاوتها متعة واية متعة واشعر كل مرة وانا اقراها اواستمع الى من يقراها اواشارك في حلقة قراءتها في المقام والمغارة وحيثما جرى العمل الشاذلي فيشتد اعجا بي بهذه الاحزاب التي لم تنل حظها ويا للاسف الشديد من تعميم الاستفادة منها بالوسائل المتاحة وهي اليوم والحمد لله كثيرة وفي المتناول وقد اقترحت اكثر من مرة على مؤلفي الكتب المدرسية ان يقتبسوا فقرات من هذه الاحزاب و تطوعت باعداد منتخب من هذه الادعية التي تضمنتها احزاب الامام الشاذلي وهي عندي جاهزة لا اشترط اي شرط من اجل تعميم الاستفادة منها وهي على ذمة من يطلبها من هؤلاء يوم الخميس الماضي6سبتمبر2018 كان الجمع الشاذلي بين صلاتي المغرب والعشاء على موعد في مقام سيدي الشريف بحلق الوادي وكان الحزب الثاني الذي وقعت قراءته بعد حزب البحر هو حزب التوسل وهو حزب على قصره مقارنة باحزاب اخرى للامام الشاذلي(مثل الحزب الكبير وحزب البر وحزب الحمد) يمثل قمة البلاغة الاد بية والقوة الروحية والنفحات الربانية التي اوتيها الامام الشاذلي رضي الله عنه ولحزب التوسل توجه رائع. والتوجهات ليست من الاحزاب وانما صاغها كبارشيوخ الشاذلية وهذا التوجه هو مجموعة من الابيات الشعرية الجميلة وهي توسل الى مولاك في كل معضل توسل محتاج اتى بتذلل توسل بذات الله ثم صفاته وباحمد المختارطه المفضل اذا كنت في هم وغم وشدة فلازم على تكرار حزب التوسل الم تعلم ان الشاذلي اعتنى به ووصى به فافهم وكن ذا تامل وابسط اكفك عند سرد دعائه واسال الاهك بالامام الشاذلي وقل يا الاهي يا ملاذي وملجائ اني توسلت فاستجب لتوسلي يبدا الامام الشاذلي حزب التوسل بقوله (اللهم انا نتوسل بك اليك اللهم انا نقسم بك عليك) ياله من استهلال بارع ويالها من دالة على الله وياله من حسن ظن بالله القائل في الحديث القدسي( انا عند حسن ظن عبدي بي فليظن بي خيرا) ثم يتوجه ابوالحسن بالرجاء الى الله الذي منه واليه يعود الفضل فيقول (اللهم كما كنت دليلنا عليك فكن شفيعنا لديك) فمنك الهداية وانت عرفتنا بك فاشفع لنا عندك . ثم يقول ابو الحسن ناسبا الى ربه كل حسنة اكتسبها فهو المعطي والموفق للخير ومرجعا ما اتاه من سيئات الى قضاء الله وقدره فهو القاضي بالسيئات(اللهم ان حسناتي من عطا ئك وسيا تي من قضائك فجد اللهم بما به اعطيت على ما به قضيت حتى تمحو ذلك بذلك) . فالشكر لله اولا واخرا على ما وفق اليه من الحسنات ولاعذر عن الوقوع في المعاصي ويستدل ابو الحسن على ما يذهب اليه بقوله جل من قائل (لايسال عما يفعل وهم يسالون) يمضي ابوالحسن في هذا السياق فيقول'(اللهم لولا عطاؤك لكنت من الهالكين ولولا قضاؤك لكنت من الفائزين وانت اجل واعظم واعز واكرم من ان تطاع الا با ذنك ورضاك او ان تعصى الا بحكمك وقضائك) نعم لولا توفيق الله وعونه لعبده لكان من الهالكين ولولا ان الله قضى بما في علمه لكان العبد من الفائزين الناجين والله تبارك وتعالى هو العلي القدير الفاعل لما يريد وهو سبحانه اجل واعظم واعز واكرم من ان يطيعه عبد من عباده الاباذنه ورضاه جل وعلا ولايمكن ان يعصى الا اذا حكم وقضى بذلك ثم يقول ابوالحسن بعد ذلك((الهي ما اطعتك حتى رضيت ولاعصيتك حتى قضيت اطعتك بارادتك والمنة لك علي وعصيتك بتقديرك والحجة لك علي فبوجوب حجتك وانقطاع حجتي الا ما رحمتني وبفقري اليك وغناك عني الا ما كفيتني يا ارحم الراحمين يا ارحم الراحمين يا ارحم الراحمين) ياتي ذلك متناسقا منسجما مبنى ومعنى مع ما سبقه من تجليات روحية عميقة فالمنة هي لله في القيام بالطاعة والحجة البالغة هي لله عند الوقوع في المعصية بتقديره .ان ابا الحسن يتوجه الى الله مستشفعا اليه بوجوب حجته سبحانه وانقطاع حجة عبده طالبا منه الرحمة ويستشفع اليه بفقره وفاقته ويستشفع اليه بغناه جل وعلا عن عباده ان يكفيه كل امر وكل هم وكل غم خاتما دعاءه بما يناسب ذلك من الاسماء والصفات الالهية ياارحم الراحمين يارحم الراحمين يا ارحم الراحمين رجا ء استجابة دعائه يمضي ابو الحسن متدرجا في هذا السياق مفصلا القول مصورا لحاله مع ربه في مكاشفة ومصارحة وفي صدق واخلاص لله رب االعالمين فيقول(اللهم اني لم ات الذنوب جراة مني عليك ولااستخفافا بحقك ولكن جرى بذلك قلمك ونفذ به حكمك واحاط به علمك ولاحول ولاقوة الا بك والعذر اليك وانت ارحم الراحمين) انه الاعتراف الذي حاشا ان يرتكبه ابوالحسن جراة منه على الله ولااستخفافا بحقه على عبده ان يطيعه ولايعصيه. ان ذلك وقع منه لانه جرى به قلم المشيئة الالهية ونفذ به حكم الله الذي لامغيرله .والحول والطول كله بالله ومنه والاعتذار هو الى الله ارحم الرحمين ويتابع ابوالحسن مصورا حاله مع ربه( اللهم ان سمعي وبصري ولساني وقلبي وعقلي بيدك لم تملكني من ذلك شيئا فاذا قضيت بشيء فكن انت ولي واهدني الى اقوم ا لسبيل يا خير من سئل يا اكرم من اعطى ياخير من سئل يا اكرم من اعطى ياخير من سئل يا اكرم من اعطى) فسمع العبد وبصره ولسانه وقلبه وعقله كلها بيد الله هو واهبها ومالكها والمتصرف فيها لايملك منها العبد شيئا يدعو ابو الحسن ربه عندما يقضي عليه بشيء ان يكون وليه وان يهديه الى اقوم سبيل فهوسبحانه خير من يسال واكرم من يعطي ويختم ابو الحسن حزب التوسل طالبا من ربه الرحمة فهو سبحانه وتعالى رحما ن الدنيا والاخرة يقول( يارحمان الدنيا و الاخرة ارحم عبدا لايملك الدنيا و لا الاخرة انك على كل شيء قدير يارحمان الدنيا والاخرة ارحم عبدا لايملك الدنيا ولا الاخرة انك على كل شيء قدير يا رحمان الدنيا والاخرة ارحم عبدا لايملك الدنيا ولا الاخرة انك على كل شيء قدير) تلك ايها الفارىء قراءة سريعة لحزب التوسل الذي ترتفع به الاصوات في مجالس الذكر في المغارة والمقام وفي العمل الشاذلي حيثما اقيم في المنازل وفي مجالس الامداح والانشاد يكاد يحفظ مضامينه الراقية السامية الجميع. مضامين تخشع لها القلوب وتذرف بها دموع الخشية لله تبارك وتعالى القائل(الابذكر الله تطمئن القلوب) والقائل( واذا سالك عبادي عني فاني قريب اجيب دعوة الداع اذا دعان) فاللهم امين يارب العالمين.