ما زالت الندوة الصحفية التي عقدتها هيئة الدفاع عن الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي حول ما اعتبرته جهازا سريا تابعا لحركة النهضة له علاقة بالاغتيالات السياسية التي حصلت في فترة حكم الترويكا تلقي بضلالها على المشهد السياسي والإعلامي وما زال الكم الكبير من الوثائق التي كشفت عنها الجبهة الشعبة في هذه الندوة والتي وجدت بحوزة المدعو مصطف خذر المحكوم عليه بثمان سنوات سجن بتهمة إمتلاكه لوثائق ليس من حقه الاحتفاظ بها كان قد تحصل عليها بطرق عدة تثير الكثير من الأسئلة حول علاقة هذا الشخص بحركة النهضة وحول حقيقة وجود الجهاز السري الذي تقول عنه الجبهة أنه وراء الاغتيالات السياسية وحول قيمة هذه الوثائق التي وجدت بحوزته وهل ترتقي لتكون دليلا عن وجود جهاز سري كان قد لعب دورا في تصفية بعض المعارضين للسياسيين ؟ وكان آخر تناول لهذه القضية ما قاله القيادي بالجبهة الشعبية زهير حمدي منذ أيام قليلة في قناة نسمة التي استضافته للنقاش معه حول مخرجات الندوة الصحفية الأخيرة ومدى تقدم الكشف عمن كان وراء اغتيال بلعيد والبراهمي بعد أن ربطت الجبهة الشعبية الاغتيالات السياسية بالمدعو مصطفى خذر وبما تدعيه من وجود جهاز سري يرأسه هذا الأخير وله ارتباطات بقيادات بحركة النهضة حيث أجاب بكل وثوقية عن سؤال لماذا لاذت كل الجهات الرسمية بالصمت أمام طلبات هيئة الدفاع عن الشهيدين ؟ ولماذا لم تلق الندوة الصحفية رغم خطورة ما كشفت عنه التجاوب المطلوب من قبل وزارة الداخلية ووزارة العدل و القضاء تحديدا الذي تتهمه الجبهة الشعبية بكونه لم يأخذ المعطيات التي قدمت على محمل الجد ولم تتعامل بكل جدية مع الوثائق التي كشف عنها ورفض فتح بحث وتحقيق بخصوصها ، أجاب زهير حمدي بأن هناك جهات خارجية هي التي تحول وتقف أمام الكشف عن حقيقة الاغتيالات السياسية وأن الذين تم القبض عليهم من العناصر السلفية التابعين لجماعة أنصار الشريعة ما هم في الحقيقة إلا المنفذين المباشرين لكن من يقف وراءهم هي جهات خارجية ترفض الكشف عن حقيقة ما حصل وهذه الجهات حسب زهير حمدي هي التي تتدخل اليوم في القرار السياسي وتقف وراء مساعدة الدولة ماليا وهي كذلك المؤسسات التي ترسم للبلاد خياراتها الاقتصادية والمالية ويضيف بأنه طالما لم نفك ارتباطنا مع هذه الجهات الأجنبية فإنه لا يمكن بحال أن نتقدم كثيرا في معرفة من أعطى الأوامر باغتيال الشهيدين خاصة وأنه حسب زهير حمدي فإن جماعة أنصار الشريعة قد تم اختراقهم من قبل هذه الجهات الأجنبية. قيمة هذا التصريح الذي جاء على لسان زهير حمدي في كونه لأول مرة نسمع قياديا من الجبهة الشعبية يتحدث بصراحة عن ضلوع جهة خارجية في ما حصل من اغتيال سياسي وعن ارتباط جهات أجنبية بعملية اغتيال بلعيد والبراهمي وأن هذه الأخير تلعب اليوم دورا واضحا في منع معرفة حقيقة الاغتيالات وأن ارتباط الحكومة التونسية بها يحول دون التقدم في القضية . قيمة هذا التصريح في كونه يفتح نافذة جديدة في علاقة بالإجابة على سؤال من قتل بلعيد والبراهمي ؟ ويحيل على فرضيات ممكنة حول تورط جهاز مخابراتي تابع لجهة أجنبية في عملية اغتيال الشهيدين وهي الامكانية التي كان المحامي فوزي بن مراد قد لوح بها منذ الأيام الأولى لاغتيال شكري بلعيد حيث يذكر الجميع كيف صرح بأنه يمتلك معلومات خطيرة عن تورط جهاز مخابرات تابع لدولة أجنبية في اغتيال بلعيد ونذكر كيف تمت معاملته بعد هذا التصريح وبسبب كلامه هذا اختفى وتم تغييبه ليغادر الحياة في موت فجائي قيل أنه بسبب نوبة قلبية أودت بحياته ليبقى موته غامضا ويطرح الكثير من الأسئلة حول علاقة ما حصل له بما صرح به عن ضلوع جهة أجنبية في اغتيال شكري بلعيد. قيمة ما قاله زهير حمدي في كونه يضع الأصبع على حقيقة ما حصل للثورة التونسية من منعرجات وتحويل وجهة ومن تدخل أجنبي في مسارها ومن تلاعب بها والتأثير عليها و من وجود أشخاص لهم ارتباطات وأجندات أجنبية قاموا بإفشال الثورة والخروج بها عن مسارها الصحيح ومن هذه الارتدادات حصول اغتيالات سياسية لإدخالها في نفق مظلم حيث أن هناك قناعة اليوم من أن كل ما حصل لم يكن عفويا وكان بتدبير جهات تعادي الثورة وعملت بكل جهد على إفشالها والدلائل على هذا النظر كثيرة وباتت معلومة بخصوص حصول تدخل أجنبي كان مؤثرا بقوة في عملية الانتقال الديمقراطي . ربما ما قاله المغزاوي قد يكون مفاجئا للكثيرين وغير مألوف من شخص ينتمي إلى الجبهة الشعبية التي تعمل جاهدة على اتهام خصمها الايديولوجي واثبات علاقته بالإغتيالين ولكنه تصريح مهم لأنه يكشف عن اللاعب الرئيسي في الثورة التونسية وعن العقل الذي اشتعل لرسم طريقها وتحديد مسارها ولعل هذا ما يفسر الصمت الذي نجده اليوم لدى كل الأجهزة الرسمية تجاه ما كشفت عنه هيئة الدفاع عن الشهيدين من وثائق كشفت بكل وضوح عن علاقة جهات خارجية ليس من مصلحتها أن يتقدم البحث أكثر في الكشف عن العقل المدبر في ما حصل من اغتيالات سياسية في زمن حكم الترويكا