Titre    قضية سرقة وتخريب بمصنع الفولاذ بمنزل بورقيبة: هذا ما تقرر في حق الموقوفين..#خبر_عاجل    المهدية : غرق مركب صيد على متنه بحّارة...و الحرس يصدر بلاغا    جندوبة: انزلاق شاحنة بالطريق الوطنية 17 بطبرقة    إمضاء اتفاقية تعاون بين وزارتي المالية والتجارة حول تبادل المعطيات والبيانات    خدمة الدين تزيد ب 3.5 مليارات دينار.. موارد القطاع الخارجي تسعف المالية العمومية    التونسي يُبذّر يوميا 12بالمئة من ميزانية غذائه..خبير يوضح    المهدية: غرق مركب صيد بحري وعمليات البحث متواصلة عن البحارة    حريق بمنزل في نابل واسعاف طفلة..    تونسيات متوّجات عالميا...مازالت المرأة المبدعة تعاني الإقصاء الممنهج    سمير ماجول : '' إننا إذ نسجل بارتياح تحسن المؤشرات وعودة الإقبال على الوجهة التونسية ''    رئيس الجمهورية يجدّد في لقائه بوزيرة العدل، التاكيد على الدور التاريخي الموكول للقضاء لتطهير البلاد    بطولة كرة السلة: النتائج الكاملة لمواجهات الجولة الأخيرة من مرحلة البلاي أوف والترتيب    بركان ينفت الذهب.. ما القصة؟    موجة حر شديدة في هذه المنطقة.. والسلطات تتدخل    الكيان الصهيوني و"تيك توك".. عداوة قد تصل إلى الحظر    يُروّج للمثليّة الجنسية: سحب كتيّب من معرض الكتاب بتونس    بطولة مدريد للماسترز: اليابانية أوساكا تحقق فوزها على البلجيكية غريت    الترجي يطالب إدارة صن داونز بالترفيع في عدد التذاكر المخصصة لجماهيره    كأس ايطاليا: أتلانتا يتغلب على فيورينتينا ويضرب موعدا مع جوفنتوس في النهائي    عاجل/بعد التحقيق معهما: هذا ما تقرر في حق الصحفية خلود المبروك والممثل القانوني ل"IFM"..    شهداء وجرحى في قصف صهيوني على مدينة رفح جنوب قطاع غزة..#خبر_عاجل    اليوم: عودة الهدوء بعد تقلّبات جوّية    شهادة ملكية لدارك المسجّلة في دفتر خانة ضاعتلك...شنوا تعمل ؟    قفصة: تورط طفل قاصر في نشل هاتف جوال لتلميذ    ماذا يحدث في حركة الطيران بفرنسا ؟    أبطال إفريقيا: الترجي الرياضي على مرمى 90 دقيقة من النهائي    لا ترميه ... فوائد مدهشة ''لقشور'' البيض    كتيّب يروّج للمثلية الجنسية بمعرض تونس للكتاب..ما القصة..؟    أكثر من نصف سكان العالم معرضون لأمراض ينقلها البعوض    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    الجزائر: هزة أرضية في تيزي وزو    "تيك توك" تتعهد بالطعن على قانون أميركي يهدد بحظرها    قيس سعيد: الإخلاص للوطن ليس شعارا يُرفع والثورة ليست مجرّد ذكرى    "انصار الله" يعلنون استهداف سفينة ومدمرة أمريكيتين وسفينة صهيونية    اتحاد الفلاحة ينفي ما يروج حول وصول اسعار الاضاحي الى الفي دينار    في معرض الكتاب .. «محمود الماطري رائد تونس الحديثة».. كتاب يكشف حقائق مغيبة من تاريخ الحركة الوطنية    وفد من مجلس نواب الشعب يزور معرض تونس الدولي للكتاب    دوري أبطال إفريقيا: الترجي في مواجهة لصنداونز الجنوب إفريقي ...التفاصيل    المرسى: القبض على مروج مخدرات بمحيط إحدى المدارس الإعدادية    وزارة الصناعة تكشف عن كلفة انجاز مشروع الربط الكهربائي مع ايطاليا    الليلة: طقس بارد مع تواصل الرياح القوية    انتخابات الجامعة: قبول قائمتي بن تقيّة والتلمساني ورفض قائمة جليّل    عاجل/ جيش الاحتلال يتأهّب لمهاجمة رفح قريبا    تونس: نحو إدراج تلاقيح جديدة    هوليوود للفيلم العربي : ظافر العابدين يتحصل على جائزتيْن عن فيلمه '' إلى ابني''    اسناد امتياز استغلال المحروقات "سيدي الكيلاني" لفائدة المؤسسة التونسية للأنشطة البترولية    اللجنة الجهوية لمتابعة تطوير نظم العمل بميناء رادس تنظر في مزيد تفعيل المنظومة الذكية للتصرف الآلي    أنس جابر تواجه السلوفاكية أنا كارولينا...متى و أين ؟    المنستير: افتتاح الدورة السادسة لمهرجان تونس التراث بالمبيت الجامعي الإمام المازري    في أول مقابلة لها بعد تشخيص إصابتها به: سيلين ديون تتحدث عن مرضها    السيطرة على إصابات مرض الجرب المسجلة في صفوف تلامذة المدرسة الإعدادية الفجوح والمدرسة الابتدائية ام البشنة بمعتمدية فرنانة    دراسة تكشف عن خطر يسمم مدينة بيروت    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    أولا وأخيرا .. الله الله الله الله    مصر: غرق حفيد داعية إسلامي مشهور في نهر النيل    بعد الجرائم المتكررة في حقه ...إذا سقطت هيبة المعلم، سقطت هيبة التعليم !    خالد الرجبي مؤسس tunisie booking في ذمة الله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الصريح تحتفل بمولده (6) : قراءة في الحوار الذي دار بين هرقل وأبي سفيان حول رسول الله صلى الله عليه وسلم

لقد بهرت شخصية سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم من آمن به واتبعه ومن كفر به وحاربه أخذ الجميع بمكارم أخلاقه ومحاسن أعماله.
وإذا قال قائل ليس غريبا أن يثني أصحاب محمد عليه السلام وأهله على سيرته فماذا سيكون موقفهم إذا كان المثني على محمد المادح له الذاكر لكريم خصاله من لم يؤمن به ومن لم يصدقه؟
إن كتب التاريخ والسيرة تورد أن سيدنا محمدا صلى الله عليه وسلم المبعوث رحمة للعالمين بادر إلى إرسال رسائل إلى ملوك زمانه في فارس وبلاد الروم ومصر والحبشة عرض عليهم فيها الدين الجديد.
كان من بين هؤلاء هرقل ملك الروم وهو من أهل الكتاب ولما بلغه كتاب الرسول عليه الصلاة والسلام دعا بإحضار من كان موجودا بأرض الروم من العرب لتزداد رؤيته عمقا ولتكون صورة هذا الرسول الجديد كاملة لديه.
قيل لهرقل إن بالمدينة تجارا من مكة يعرفون محمدا فأمر بإحضارهم وكان منهم أبو سفيان وسأل هرقل عن أقربهم نسبا إلى الرسول فكان أبو سفيان فقربه منه وأدناه إليه وقال لهم: إني سائله عن أمور فان كذبني فكذبوه.
يقول أبو سفيان: فوالله لولا الحياء أن يؤثروا علي كذبا لكذبت عليه.
سأله عن نسبه فأجاب أبو سفيان: انه ذو نسب فينا
فقال هرقل: وكذلك الرسل تبعث في نسب قومها.
وسأله: هل قال احد منكم هذا القول؟ فقال أبو سفيان: لا.
فقال هرقل: لو كان احد قال هذا القول قبله لقلت رجل يتسي بقول قيل قبله.
ثم سأله: هل كان من آبائه من ملك؟
فأجاب أبو سفيان بالنفي.
فعقب هرقل بقوله: لو كان من آبائه من ملك قلت رجل يطلب ملك أبيه.
وسأله هل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال؟ فأجاب أبو سفيان:لا
فعقب هرقل: اعرف انه لم يكن ليذر الكذب على الناس ويكذب على الله.
وسأله بعد ذلك: أأشراف الناس اتبعوه أم ضعفاؤهم؟ فأجاب أبو سفيان: الضعفاء اتبعوه.
فقال هرقل أولئك هم أتباع الرسل.
وسأله: أيزيدون أم ينقصون ؟ فقال أبو سفيان: إنهم يزيدون.
فقال هرقل: كذلك أمر الإيمان حتى يتم.
وسأله: هل يرتد احد سخطا بعد أن يدخل في دينه؟ فأجاب أبو سفيان بالنفي.
فقال هرقل: وكذلك الإيمان حين تخالط بشاشته القلوب.
وسأله هل يغدر؟ فقال أبو سفيان: لا.
فقال هرقل: وكذلك الرسل لا تغدر.
وسأله: بما يأمركم؟
فأجاب أبو سفيان: يأمرنا أن نعبد الله ولا نشرك به شيئا ونهانا عن عبادة الأوثان وأمرنا بالصلاة والصدق والعفاف.
هنا قال هرقل مستنتجا: إن كان ما تقول حقا فسيملك موضع قدمي هاتين وقد كنت اعلم انه خارج ولم أكن أظن انه منكم فلو اعلم أنني اخلص إليه لتجشمت لقاءه ولو كنت عنده لغسلت قدميه.
يا له من مأزق وقع فيه أبو سفيان ويا له من حرج لم يستطع إنقاذ نفسه منه، فهرقل قرّبه إليه وأدناه منه ثم اشهد عليه من معه ودعاهم إلى تكذيبه إن هو كذب عليه.
ولكن أبا سفيان وهو الذي لم يُسلم بعد ولم يؤمن بنبوة محمد لم يمنعه عن الكذب إلا الحياء وكان بود أن يكذب، إنها فرصته المواتية كي ينقص من شأنمحمد عند هرقل.
وكم كانت أسئلة هرقل دقيقة وكم هي معبرة عن ذكائه ومعرفته بأخبار الكتب والرسالات وطبائع الناس.
استعمل ما يعرفه من أمر الرسل والأنبياء في الحكم لمحمد عليه السلام، فالله تبارك وتعالى يختار رسله من خيرة خلقه وأعلاهم نسبا وشرفا (الله يصطفي من الملائكة رسلا ومن الناس).
ولو ادعى احد من العرب النبوة قبله لقيل أن محمدا يسير على منواله ولو كان احد من آباء محمد ملكا لأمكن القول انه يسعى لاسترداد ملك آبائه. فقد نشا يتيما فقيرا وعرضت عليه الأموال والحكم والنساء فقال: والله لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في شمالي على أن ادع هذا الأمر ما تركته إلا أن اهلك دونه.
لقد اقر أبو سفيان أن محمدا لم يؤثروا عليه كذبا، لقد كانوا يلقبونه بالصادق الأمين في الجاهلية قبل الإسلام.
واستنتج هرقل من خلال من يتبعونه ومستوياتهم المادية والاجتماعية عاملا آخر يصدق نبوته، إذا لم يكن هرقل مثل كبراء قريش والعرب الذين استنكفوا أن يؤمنوا بنبوة محمد لان ضعفاءهم وعبيدهم وعلى حد تعبيرهم "الأرذلون" اتبعوه!!
إن ازدياد المؤمنين بالدين الجديد وتكاثرهم وإصرارهم وثباتهم على الإيمان أكد لهرقل أن هذا النبي ودينه الجديد ليس بدعا وإنما هو استمرار رسالات السماء.
لأجل ذلك فان محمدا عليه الصلاة والسلام لم يأمر قومه إلا بما فيه فلاحهم وصلاحهم عاجلا وآجلا وهو أن يعبدوا الله ولا يشركوا به شيئا ونهاهم عن عبادة الأوثان وأمرهم بالصلاة والصدق والعفاف وكل ذلك خير لو كانوا يعقلون.
هنالك أعلن هرقل ما لم يكن يتوقعه أبو سفيان ألا وهو انتشار هذا الدين الجديد في الآفاق وبلوغه إلى موضع قدمي هرقل.
إن هرقل كان على علم بقرب بعثة النبي الخاتم، لقد بشرت بذلك توراة موسى وأناجيل عيسى التي لم تنلها أيدي التحريف والتزييف.
انه شرف لم يدرك قيمته العرب فما كان اليهود أو النصارى يتصورون أنهم سيحرمون من هذا الفضل العظيم وهو أن خاتم الأنبياء والمرسلين وأنه لن يكون منهم بل سيكون من العرب.
لقد استعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم معهم كل طريقة لإقناعهم وكان يقول لهم: قولوا لا إلاه إلا الله تفلحوا. فما آمن منهم إلا من شرح الله صدره. وانه لعز ما فوقه عز، وانه لذكر لا يوجد أعلى منه ذكر (وانه لذكر لك ولقومك وسوف تسالون). ولكن (انك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء).
إن هرقل أعلن أمام ملاه وبطانته وكبار قومه وأمام أبي سفيان ومن معه من التجار العرب بكل تواضع واعتزاز انه لن يستنكف أو يستكبر، بل انه يتشرف ويعتز لو كان يعلم انه يمكنه الوصول إلى هذا النبي، فهو يتمنى لقاءه ويود صادقا أو يتشرف بغسل قدميه قربة إلى الله.
ماذا يا ترى سيكون موقف أبي سفيان بعد هذا الامتحان الذي اخضع له وهذا الإحراج الذي وقع فيه وتلك الشهادات في رسول الله صلى الله عليه وسلم التي اجبر على الإدلاء بها في مجلس هرقل. إن هذا الموقف وغيره من المواقف تركت ولاشك في نفس أبي سفيان آثارها ولعلها من الأسباب التي دفعته إلى دخول الإسلام ولو أن ذلك جاء متأخرا بعض الشيء، فقد اسلم أبو سفيان عام الفتح وأكرمه الرسول عليه الصلاة والسلام فقال: (من دخل دار أبي سفيان فهو آمن).
تروي كتب التاريخ أن هرقل أمر بعد هذا المجلس بتعطير الرسالة التي جاءته من رسول الله ودعا إلى الاحتفاظ بها في مكان أمين فلما بلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا له بقوله (اللهم ادم ملكه ما دام كتابي فيهم). فبقي الملك متوارثا في تلك الأسرة إلى أن أتلفت منهم رسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.