لا يختلف اثنان في أن الدبلوماسية السعودية عرفت في الفترة الأخيرة نشاطا مكثفا في اتجاهات مختلفة ومتجددة، وقد تجسم ذلك خلال الزيارات التي أداها ولي العهد السعودي إلى عديد البلدان من أهمها منطقة المغرب العربي و من ضمنها تونس التي استقبلت في شخصه مسؤولا حداثيا ومجددا للدولة السعودية العصرية التي تشهد منذ مدة أحداثا ايجابية خاصة في الميدان الصناعي جعل من المملكة أنموذجا يحتذى به في التصنيع، وفي معدل النمو المتصاعد وذلك باستثمار ايجابي للموارد البترولية ومصادر الطاقة المتجددة و غيرها و بالمزيد من الاهتمام بالخبرات الشبابية الوطنية التي أصبح يعول عليها لانجاز مشاريع صناعية ضخمة جعل العالم العربي ينظر بإعجاب لمسيرة السعوديين في هذا المجال، وسمح للمملكة بتبوء مكانة مرموقة على المستويين الإقليمي و الدولي. فزيارة رئيس الحكومة يوسف الشاهد إلى السعودية تعتبر ترجمة واقعية لرغبة السعوديين في تفاعلهم على المستوى العربي و الإقليمي للقطع أمام العداء الذي تذمره إيران وحلفاؤها لها والتي يسوؤها العهد الجديد الذي يبشر به ولي العهد شعبه الملتف أصلا حول قيادته، فالتونسيون أنفسهم يترقبون هذه الزيارة لمزيد تقوية العلاقات التقليدية بين الشعبين خاصة و تونس في حاجة ماسّة إلى مساعدة أصدقائها في الوضع الراهن الذي يمر به اقتصادها المتعثر ثم أن اليد العاملة التونسية بالرغم من تواضع عددها تعتبر المنتفع الأول من هذه الزيارة التي ستكون دافعا للتبادل التجاري الضعيف أصلا بين البلدين، ومن البديهي أن المملكة ستضع في اعتبارها الموقف الرسمي التونسي الداعم لها في قضية المرحوم الخاشقجي والقاضي بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للغير بالإضافة إلى تعاطف عدة فئات من المجتمع التونسي مع سمو ولي العهد الذي اتهمه أعداء المملكة والمنافسين لها في الريادة و منطقة الخليج العربي بالوقوف وراء هذه الجريمة لان التونسيين يعتقدون أن القضاء السعودي وحده كفيل بالبت في هذه القضية الداخلية التي برزت منها حقائق مستجدة نأت بولي العهد عن مؤاخذات في شأنها مما نتج عند تراجع عدة مواقف كانت معارضة و متأثرة بمروجي الإشاعات المغرضة و ببعض مفتعلي الفتن. ومن الطبيعي أن يقتنع الأشقاء السعوديون بعمقهم الاستراتيجي في علاقتهم مع دول العالم العربي وتندرج زيارة رئيس الحكومة التونسية إلى المملكة في هذا الإطار و كلنا أمل أن تشفع باتفاقات تعاون و شراكة وتحفيز المستثمرين من الجانبين و مزيد دعم الأشقاء السعوديين للمجهود الوطني لتعبئة الموارد المالية للتخفيف من وطأة الصعوبات التي تمر بها بلادنا و من المتوقع أن تتفهم القيادة السعودية إلى كل هذا فتعلو الرغبة المشتركة لتعزيز سبل التعاون و التبادل التجاري وتوحيد الرؤى السياسية و الثقافية والأمنية من أجل تمتين جسر التواصل بين الشعبين لمزيد الاستقرار والتصدي للتحديات التي تواجه البلدين والعمل المشترك لتجفيف منابع الإرهاب اعتمادا على خبرات و قدرات أمنية وطنية تُذكر فتُشكر.