اتركوا البلاد واذهبوا بأحزابكم من حيث أتيتم، تداولتم على المسؤولية، وخبتم فيها بكل المقاييس، واليوم، من حين الى آخر، نسمع بتجمع للدستوريين، يقوده قادة انحازوا الى بن علي، وخدموا ركابه الى ابعد الحدود، اذ اغراهم آنذاك بالمال والمسؤولية الافتراضية، و كان لهم الرقيب، و بالمرصاد لنواياهم، رغم ولائهم المطلق له و لأهله ولعشيرته، هم انحازوا الى صفه، وانطلت عليهم الحيلة،وقادهم في ذلك، رئيس وزراء، مهنته الاصلية النميمة،وبث الانشقاق بين الفرقاءفتنكروا جميعا لبورقيبة ولأفكاره، ودارت الايام، وكشف التاريخبعض الحقائق و ان غابت اخرى،ومن اهمهاالكشف عن الذين اقدموا على الاطاحة بمنقض الامة، الزعيم الحبيب بورقيبة الذي رموا به في سجن وعزلة، شبيهان بما كان قد قضاهما في سجون فرنسا للدفاع عن تونس، بينما ينعم الآخرون في بحبوحة العيش،سواء كانوا في الشرق أو في الغرب، وقد كنا ناملو شاءت الاقدار ان يأخذ مقود البلاد،رجل من خرجي المدرسة البورقيبية، له من المقدرة والكفاءة ما يكفي بمواصلة السير، في المنهج الدستوري الاصيل، لاكتمال رسالة زعيم ضحى من اجلها، بكل شفافية في السلوك، ومقدرة في التصور، وتتبع في الانجاز، فكانت في عهده المدرسة مجانا للجميع، وكانت الصحة موفورة في كل ارجاء البلاد،وكانت بحيرة تونس...واكتملت بوضع أسس لبناء دولة عصرية، ورقي الشعب الى الافضل،وان ظهرت بعض الثغرات،على مدى الزمن،من حين الى آخر، فلكل جواد كبوة، وللعمل الانساني تطور مستدام، ولم يدع أحد انه معصوم من الخطأ،وقد شاركت الامة بوعي، والتفتحول قاداتها،في وحدة قومية، كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا،لبناء مستقبل، ننعم في ظله اليوم بحرية الراي، وامكانية البذل والعطا، ومن الواجب التذكير بهاللأجيال الصاعدة،والتاريخ شاهد على الانجازات التي تحققت في عهد بورقيبة، في عنفوان عطائه، وهي لا تحصى ولا تعد، ولنا في المقارنةبما كانت عليه بلادنا قبل الاستقلال،من تمزق قبلي، و تدهور اقتصادي واجتماعي، و تخلف بجميع انواعه، تديرها ايادي الاستعمار وعملاؤهم في الداخل والخارج،وكان من المنتظر من اجيال الدولة الحديثة،ان يفتح الرئيس الحالي ملف المؤامرة الطبية،ويعلم الشعب بمدبريها، واغلبهم اليوم ينعمون بمزايا نظام افتكوه للإثراء في دواليبه، متنكرون لمن اعطاهم المال والجاه، وكان من الاجدر بهم بعث تجمعهمالدستوري الذي لا علاقة له بالحزب الاشتراكي الدستوري الذي ارادوا استثمار نضاله فانتحلوا اراءه عشرات السنين،ثم امتطوا حصان الثورة، و اختاروا لحمايتهم غطاء احزاب بدون أنصار،يساعدهم في ذلك من افتك الثورة من اهلها، وتصرف فيها عند بلوغه الحكم،كيف ما شاء وكما تمليه عليه احقاده الدفينة، لأنه لم يكن مشاركا في ثورة الاستقلال، ولا في بناء الدولة العصرية، وليس لديه برهان في ذلك، وتاريخه منقوص بدون أدلة، والمحاسبة لكل من عبث بأموال الشعب، وتصرف في المسؤولية بدون روية، لآتية لا ريب فيها، لان عالم اليوم ليس بعالم الامس، والثورة الرقمية تنفض الغبار على رواد الخفى والاوهام،وعن الذين يتسللون تحت ستار الظلام،وتكشف ايضا الاقنعة، مهما كان مأتاها،واليوم ونحن في ديمقراطية عليلة،يتباهى البعض بها، ذهبت ببلادنا الى حيث لا ندري،اذ تزداد الضرائب فيها، وتهوي عملتها، و تتراكم ديونها، وتتصرف في مصيرها اياد خفية،متعددة الاقطاب، وأعداء الثورة بالمرصاد، تتابع عن كثب و تحوّل سير قطارها حسب اهواها ومصالحها، فتشجع المال الفاسد،وتسهر على تعددية الجمعيات والاحزاب، بدعمها الغير مشروط ظاهريا، و الذي في خفاياه العمل على الوصول الى الحكم باي طريقة، و مهما كان الثمن، وستظهر الاطماع، وتجند السواعد، التي لاحت بوادرها من هنا وهاك،استعدادالخوض الانتخابات، التي هي على الابواب، ولنعتبر بالتجارب الجارية حولنا،ولنأخذ نصيبنا من ايجابياتها، لأنه فيها فائدة لبلادنا، يمكن الاستنباط منها طريقة للخلاص من المأزق التي هي فيه، و الغريب انه لازالت الطبول تدق على أن تجربتنا وحيدة في العالم، وان لنا دستور خير ما كتب على الارض، وكل يتباهى به على اوتاره، وحسب نغمات حزبه،والحقيقة الملموسة يعيشها المواطن يوميا، ويشعر بمرارة،ان البلاد على شفى حفرة، والسياسيون الجدد وصحفهم المأجورة، على الربوة،يترصدون المسؤوليات او "التكليف بالمهمات " من لدن أولي الامر، وليس لهم الجرأة الكافية بوصف الوضع الملموس،والسؤال المطروح في البداية، اين الشاهد ووزراؤه للإجابة عن أين نحن من مسيرة الاصلاح والتغيير؟ثم هل التزموا الصمت لانهم عاجزون على مواجهة النقد بالحجة والبرهان؟وهل هم غير قادرين على الدفاع على انجازاتهم المفقودة في جميع الميادينمنذ تداولهم علىالحكم؟ هل السفينة اصبحت بدون مقود، مهددة بالضوضاء؟ فماهوى اذا جدوى نوبل والاضراب العام دخل حيز التنفيذ؟ واين الاقلام والمشاهد الواعية التي تساهم في رجوع الثقة المفقودة ؟ تلك هي اسئلة واخرى تطرح على بساط البحث، والثورة كما نعتقد هي قضية منهج وكيفية مشاركة في الحكم، بدون تدخل احزاب، وما احوجنا في الوضع الحالي لبلادنا لترديد "خذوا المناصب والمكاسب لكن خلّو لي الوطن..."