احتجاجات قابس.. الإفراج عن 15 موقوفا    بداية من يوم غد.. نقل السوق الأسبوعي بالقيروان إلى محيط ملعب حمدة العواني    «الشروق» تواكب عودة اللفت السكري إلى سهول جندوبة .. توقعات بإنتاج 30 ألف طن من السكر    جيش الإحت.لال يعلن العودة إلى تطبيق وقف إطلاق النار بغزة    أخبار الاتحاد المنستيري: الهيئة تعزل الوحيشي والجراية يحمل الآمال    طقس الليلة.. سحب كثيفة مع امطار احيانا غزيرة بهذه المناطق    معهد علي بورقيبة بالمحرس .. تلاميذ الباكالوريا بلا أستاذ مادة رئيسية منذ شهر!    في افتتاح «أكتوبر الموسيقي» بحمام سوسة: توزيع أركسترالي جيّد لأغاني عبد الحليم    استغرقت 7 دقائق.. الكشف عن تفاصيل جديدة لسرقة متحف اللوفر الفرنسي    أقل من 17 ألف تونسي يحمل صفة متبرع في بطاقة التعريف    عاجل: البرلمان البرتغالي يصوّت على منع النقاب في الأماكن العامة    عاجل: تونس الأولى عربياً وإفريقياً تتأهل للنهائي العالمي للروبوتات    دراسة علمية تربط بين تربية القطط وارتفاع مستوى التعاطف والحنان لدى النساء    لا تدعها تستنزفك.. أفضل طريقة للتعامل مع الشخصيات السامة    يتقدمهم البطل احمد الجوادي.. 51 رياضيا تونسيا يشاركون في دورة العاب التضامن الاسلامي بالرياض    كاس الكنفدرالية الافريقية لكرة القدم: النجم الساحلي ينهزم امام نيروبي يونايتد الكيني صفر-2    آخر أجل للترشح لجائزة عبد العزيز البابطين للإبداع الشعري يوم 31 جانفي 2026    بطولة الرابط الثانية (الجولة5): تعيين مباراة تقدم ساقية الدائر وامل بوشمة يوم الاربعاء القادم    اختتام فعاليات الدورة السادسة للصالون الدولي للأجهزة والخدمات والتكنولوجيات الحديثة للسلامة    أكسيوس: إسرائيل أخطرت إدارة ترامب مسبقًا بغارات غزة    اليوم يا توانسة: الجولة العاشرة من الرابطة المحترفة الأولى ..شوف الوقت والقنوات    قابس: نقابتا أطباء القطاع الخاص وأطباء الأسنان تؤكدان أن الوضع البيئي خطير ويستدعى تدخلا عاجلا    اليونسيف تدعو الى الالتزام بوقف إطلاق النار في قطاع غزة من أجل حماية مستقبل الأطفال..    مشروع قانون المالية 2026 يقترح اقتطاعات جديدة لدعم صناديق الضمان الاجتماعي وتوسيع مصادر تمويلها    بلاغ هام للإدارة العامة للديوانة..    المستشفيات عاجزة والمعامل مهترية من السبعينات: الوضع كارثي    البرلمان يَعقدُ جلسة عامّة حول قابس بحضور وزيرَيْن..    يوم مفتوح للتقصّي المُبكّر لارتفاع ضغط الدم ومرض السكري بمعهد الأعصاب..    عقود التحذيرات انتهت.. رقائق البطاطس تولي آمنة!    مرسيليا يقتنص صدارة البطولة الفرنسية بفوز كبير على لوهافر    تحذير: أمطار رعدية غزيرة وجريان أودية في جنوب تونس وغرب ليبيا    تنبيه صحي: تناول دواء Gripex وFervex مع الدويات هذه...خطر قاتل    4 اختبارات دم ضرورية بعد سن ال 40    باكستان وأفغانستان تتفقان على وقف فوري لإطلاق النار    الطقس يتبدّل نهار الأحد: شتاء ورعد جايين للشمال والوسط!    رئيس كولومبيا يتهم واشنطن بانتهاك مجال بلاده البحري وقتل مواطن    عرض موسيقي تكريما للمطربة سلاف يوم 23 اكتوبر الحالي    أريانة : افتتاح الموسم الثقافي 2026/2025    "ترامب الملك" يلقي القاذورات على المتظاهرين!    بيع دراجة بابا الفاتيكان في مزاد علني    رابطة الأبطال الإفريقية – الدور التمهيدي الثاني (ذهاب): الترجي الرياضي يقترب من دور المجموعات بانتصار ثمين خارج الديار    المحرس.. تلاميذ البكالوريا بمعهد علي بورقيبة دون أستاذ في مادة رئيسية    نفس الوجوه تجتر نفسها .. هل عقرت القنوات التلفزية عن إنجاب المنشطين؟    نابل تختتم الدورة 11 لمهرجان الهريسة .. نكهة وتراث    الرابطة المحترفة الثانية: نتائج الدفعة الأولى لمباريات الجولة الخامسة..    ارتفاع مرتقب للاستثمار في الصناعات الكيميائية والغذائية في السداسي الثاني من 2025    معهد الرصد الجوي للتوانسة : برشا مطر اليوم و غدوة..!    الغاز والبترول في تونس: الاستهلاك في ارتفاع والإنتاج في تراجع    بعد أن شاهد فيلم رُعب: طفل يقتل صديقه بطريقة صادمة!!    التوأمة الرقمية: إعادة تشكيل الذات والهوية في زمن التحول الرقمي وإحتضار العقل العربي    إمرأة من بين 5 نساء في تونس تُعاني من هذا المرض.. #خبر_عاجل    عاجل/ وزير الإقتصاد يُشارك في اجتماعات البنك العالمي وصندوق النقد.. ويجري هذه اللقاءات    مشروع قانون المالية 2026: رضا الشكندالي يحذّر من "شرخ خطير" بين الأهداف والسياسات ويعتبر لجوء الدولة للبنك المركزي "مغامرة مالية"    اليوم: الامطار متواصلة مع انخفاض درجات الحرارة    عاجل: الكاتب التونسي عمر الجملي يفوز بجائزة كتارا للرواية العربية 2025    لطفي بوشناق في رمضان 2026...التوانسة بإنتظاره    خطبة الجمعة .. إن الحسود لا يسود ولا يبلغ المقصود    5 عادات تجعل العزل الذاتي مفيدًا لصحتك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رجب حاجي يكتب لكم : الهادي البكوش في كتابه الجديد غالط التاريخ ونسي "تسميم بورقيبة"
نشر في الصريح يوم 25 - 05 - 2018

توالت في السّنوات الأخيرة كتابة السّير الذّاتيّة، لمن أسعفه الحظّ لقيادة تونس، والتّصرف في دواليبها، وللقارئ نظرته في كلّ ما أتت به ذكرياتهم، وتخميناتهم، و لكن هذا الأخير، لن يجد بتاتا جوابا عن نكسات الحكم، ولا تجاربه الفاشلة، فالكلّ يرمي المسؤوليّة على محرّر الأمّة الحبيب بورقيبة، وهم كانوا يزعمون الانتماء الى أفكاره، والذّود عن آرائه، لكن في الواقع، يلتجؤون الى المراوغات، للبقاء في أعلى سلّم الدّولة، والتّمتّع، وذويهم، بمزايا السّلطة، خان جلّهم، أمانة زعيمهم، وتصرّفوا ،بدون وعي، في ما كلّفهم به، ولم يكونوا البتّة أوفياء، لما دعوا اليه، من نكران الذّات، وعلويّة المصلحة العامّة، ولم يقتدوا بسيرة زعيمهم، ولا بنظافة يده وشاركوه بالقول، في ما كان يرمي اليه، من تشييد دولة مستقلّة، يسوسها القانون، ويطيب فيها العيش. والغريب في الأمر، انّ سلسلة الكتب الّتي صدرت عن مسؤولين في الدّولة، ترمي بإطناب في باطنها الى التهرّب من مسؤوليّتهم التّاريخيّة، و حتّى بعضهم ذهب الى اغتنام فرصة انتقال أحد ركائز النّظام البورقيبي، أذكر خاصّة ابنه الرّوحي المغفور له الأستاذ محمد الصياح، طاب ثراه، الى جوار ربه، لينهالوا في تحريف التّاريخ، بتنوير دورهم، في جميع المجالات الّتي مرّت بها تونس، وكأنّهم من البناة الأوائل، وهم في الواقع بيادق لم يعرفوا للسيّاسة مرجعا، ولا للمصداقيّة سلوكا، وصلوا الحكم، فعبثوا به حسب أهوائهم، وتصرّفوا فيه بكلّأريحيّة، لانّ غطائهم موجود في القصر، من وراء السّتار.تعطى لهم الأوامر من أهل الحلّ والعقد، وهم أهل التّنفيذ، والطّاعة المطلقة، يتمارون في خدمة أسيادهم، وأولياء نعمهم. وبالرّجوع الى الواقع، كشفت الأيّام عن مدار بعضهم، وهم بالأحرى مدبّرو الانقلاب الطبّي الّذي لم يبح الى اليوم بأسراره، فالرّواية الّتي كيّفها اثنان ثالهم في المهجر، لم تكن بنفس النّغمة، ولا في نفس الاتّجاه، وكلّ ينكر دور صاحبه، في إدارة العمليّة، ومزاياهم على تونس أن دفعوا بها من النّور الى الظّلمات الكثيفة، الّتي حكمتها، طوال عشرات السّنين، دكتاتوريّة لامثيل لها في تاريخها، صفّ من الموالين ترعاهم رعاية الرّئيس المخلوع وحاشيّته، وتدفّق عليهم الأموال، بدون حدود، حتى أنّهم ذهبوا الى تصوّر "تونس الغد"، وهوما عاشوه بين الحقيقة والخيال. استولوا على ما بنته أجيال الاستقلال، وانتحلوا منهم آراءهم، واستولوا على المضمون والشكل من انجازاتهم، واستحوذوا على حزبهم، و لجأوا الى اتلاف معظم وثائقهم، بدون رقيب يذكر او نظير يرشد أو يلفت الانتباه. كانوا مبدعين في المضايقات، مختصّين في الدّسائس، قوامهم التّبجّح والافتخار الافتراضي، اغتصبوا المقود و غيّروا اتّجاه السّفينة الى منعرج خطير، لم يدركوا، عن لاوعي، مساره. فعمّت الكارثة، وتوالت سنوات القهر، و"المرور سكوتا بين المسامير" الى ان منّ الله بالانفراج، بغثّة وسمينهكانت لهم المسؤوليّة في ذلك،لأنّهم لم يحسنوا التّصرف في الموروث، وللتّاريخ معهم، أشدّ الحساب، ولو نظرنا بإيجاز آخر ما صدر، كتاب الوزير الأول للانقلاب الطبّي، الهادي البكوش، الّذي صدر بالّلغة الفرنسيّة، تحت عنوان "بكلّ صراحة"، والقارئ يترقّب بفارغ صبره العثور على كشف أسرار، لم تطرق بعد، أو خبر صحفيّ مؤثّر، وهذا الرّجل عاش مع القصر ودواليبه، وكان فيه مقرّبا ومبجّلا، صورة في صفحة الغلاف لبورقيبة معبّرة عن مواصلة سيره، يحذوه على نفس الدرجة البكوش̴ وال يلوح عليه الانتباه و يبقى مقصد الصّورة مبهم والصورة نفسها̴ ليست في محلّها، خاصّة اذا تذكرنا أن الكاتب هو وزمرته من سجن الزّعيم في عقر داره، أمّا عن مضمون الكتاب فحدّث ولا حرج،فهو عبارة عن ترجمه ذاتيّة للكاتب، يذكر فيها تقلّباته في الحكم، ودوره في الانقلاب على بورقيبة، وهو من خاطر بشبابه من أجل تونس لتحريرها من الاستعمار، والمرور بها الى عصر الحداثة والرّقي. ولم يتطرّق الكاتب بوضوح لما اكّده في منبر من منابر الحوار انه وزملاؤه، فكّروا في "تسميم بورقيبة للتّخلّص منه" وغفل عن الإدلاء عن" ظروف نقل الزّعيم و عن قرار وضعه تحت الإقامة الجبريّة" ولا تمرّ صفحة من كتابه بدون ذكر محمد الصياح وما يكنّه له من عداء، بدون أيّ مبرّرات تستحقّالذكر والاعتبار. والغريب أنّه لم يتطرّق بعمق الى تجربة التّعاضد التي كان يدّعي أنّه من روّادها، فيغيب إذا في صردها التّحليل الموضوعي، والدّلائل العلمية. وتنطبق الملاحظة الأخيرة، على كلّ ما يؤكده الكاتب، طوال أكثر من أربع مائة صفحة، يعتبرها حقيقة لكنها منقوصة، ولا أعتقد ان سرد الاحداث والتّباهي بها بدون أدلّة علميّة موثّقة، لها قيمة للمؤرّخ. فهي تجربة فرديّة، لا تفيد لا من حيث المنهج، ولا من حيث البحث، لأنّها في معظمها غير نزيهة، ينقصها البعد التّاريخي، ويغلب عليها حبّ الأنانيّة، وهي روايّة أو صفحات من ذكرى بحثا عن المغفرة عن الأخطاء المرتكبة، في حق شعب آمن بمصيره، تحت قيادة فذة، قوامها"الصّدق في القول والاخلاص في العمل"
وفي تعليقي على الكتاب، أشعر،بكلّ أسف،أنّ الكاتب لم يستخلص عبرا من ممارساتهللمسؤوليّات الحكومية والحزبيّة التي تقلّدها، والّتي كان الزعيم بورقيبة ومحمد الصياح وكنت ايضا من بين ضحاياها على مرّ الزمن، حتّى أنّي أخرجت من الجامعة في آخر المطاف، وقد رفض مطلب استبقائي على قيد التدريس، بينما منحت لغيري، رغم رسالة وزير التّعليم العالي الّذي يشيد فيها بأنّه" يتشرّف بإعلامي بإحالتي على التّقاعد" "ويقدّم لي أحرّ التّهاني لما بذلته من جهد في خدمة قطاع التّعليم العالي" و لست ،كما هو معروف، من ذوي أصحاب الدّكتوراه الفخريّة من جامعة سوسة، و الشهائد المنقوصة، الّتي لم تذكر في الكتاب، بل متحصّل على دكتوراه في علم الاحصاء من باريس ودكتوراه في الاقتصاد من آكس، ولأوّل مرّة في تاريخ الأطروحات الاقتصاديّة يشارك في اللجنة الفرنسية تونسي كعضو سادس وهو الأستاذ الشاذلي العياري أدامه الله في صحّة وعافيّة، أمّا وصل تصريحي بمكاسبي ومكاسب زوجتي فهو موجود بدائرة المحاسبات، تحت عدد 2146 مؤرّخ في 9 جويلية 1987 و أمّا رئيس اللّجنة الوطنيّة لتقصّي الحقائق في مراسلة بتاريخ 7 فيفري 2011تحت عدد 1/695 " بعد درس الملفّ يتبيّن انه يجب عليكم الاتصال بالمصالح الاداريّة للوظيفة العموميّة لدرس وضعيتكم "و القضاء الاداري للتّعويض.." غادرت التعليم العالي برتبة أستاذ مساعد بعد عشرات السّنين من أداء الواجب وكذلك زوجتي وهي مساعدة في الطبّ اختصاصها أمراض الدّم،ولولا الطاف الله لأطردنا من الوظيفة العمومية وذلك بشهادة وزير الداخلية آنذاك
ولم يستخلصالكاتب من تجربته للانقلاب، و ما غاب عنه عند تولّيه المسؤوليّات هو أنّأرضيّة نجاح الخيار الديمقراطي، على أسس قوامها العدل والشفافية، واليد المفتوحة للغير، والعمل على انقاض البلاد من الوحل التي هي فيه، لايمكن أن تكون على يده، لأن حقائقه مبتورة،بعيدة كل البعد عن الواقع. ولعمري أن السير الفردية التي يراد منها تصفية الحسابات، لا تهيّأ الى المشاركة في الإصلاح الجماعي، لمن يريد الخير للبلاد. جميل أن يكون هذا الرّجل اليوم متحمّسا ومخلصا يدّعي الزّعامة، مظهرا تلك الشّخصيّة المريحة الّتي بيدها الحلّ والعقد، متناسيا أنّ أهل جيله يعرفون واقعه عن كثب، ولا تغرنّهم ادعاءاته لتبييض مساره، يعرفون دوره في ما آلت إليه تونس من مآسي،لم توضّح في كتابه. ولو كان نزيها بالفعل، لما ذكر لنا انجازاته في المسؤوليات التي تحملها والتي هي مفقودة تماما في كتابه
ورجائي للّذين مارسوا الحكم ومسؤوليّته،كمثله،التّخلّي عن هذا المسار، وترك أجيال أخرى،تواصل نهضتها، وتواكب عصرها، وتحقّق أهداف ثورتها، وتكون بحقّ قدوة يستفاد من تجربتها، ودور الصحّافة، الى حد ما، لا لتمجيد السّير الذّاتيّة مهما كان كاتبها، لأنّها في أغلب الأحيان، فيها الكثير من الاتّهامات بدون بحث ولا مؤيّدات، ويمكن وصفها بالمفبركة،بل المطالبة بفتح المحفوظات للعموم، ليركن أصحاب السيّر الىالصّمت، وهو الأجدر بهم. أغلبهمخانوا عهودهم، وتنكّروا لمبادئهم، وحقدوا على أهلهم، وأخذوا من الكذب مطيّة، لتنوير مساراتهم، ولو كان للمتطفّلين على التّاريخ دراية، لكان من الأجدر بهم، تركه للمؤرّخين ذوي الاختصاصات العلميّة الرّاسخة.
ونصيحتي ختاما لهذا الذي اعتنق السّياسة مذهبا مدى الحياة، التّخلي عن هذه الثّورة المباركة، وتركها تشقّ مسارها بكلّ رويّة، لأنّه لا يمكن اليوم لأحد الرّكوب فوق القطار الّذي يجري، لأنّ شعبنا الأبيّ على يقظة مستمرّة، وشباب الثورةبذكائه الحادّ وطموحه المشروع بالمرصاد، يعرف حقّ المعرفة من خان زعيمه ورمى به في السّجن واليوم يتبجح بتصويره الى جانبه بكل وقاحةوتبجّح.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.