أنا رجل من الناس يعجبني الاتصاف بالحماس واعتبره افضل مظاهر صدق وقوة الاحساس ولا يعجبني في المقابل لذلك الباردون الساكنون الذين لا ينفعلون ولا يتاثرون ولا يعبرون بتلقائية وعفوية قولية وحركية عما يشعرون وعما يحسون والذين كان يسميهم احد اساتذتي رحمه الله (أعمدة من جلمود) اقول هذا الكلام بعد ان سمعت وعلمت ان المدرب المتمكن الناجح فوزي البنزرتي قد شد انتباه الرياضيين وغير الرياضيين والمسؤولين وغير المسؤولين في البلاد المغربية بحماسه المفرط الذي عرف به اثناء منافساته الرياضية ...ولما كان الشيء بالشيء يذكر فانني اعلن واقول انني رغم معارضتي للزعيم الراحل بورقيبة رحمه الله وغفر له خطاياه في كثير من ارائه ومواقفه السياسية والدينية الا انني اقول واعترف انني كنت من المعجبين بخطبه الحماسية التي كانت تجلب انتباه وتفرض احترام كل الطبقات السياسية وانني مازلت اذكر الى اليوم اغلب خطبه الشهيرة الحماسية في بيان موقفه ورايه في كل الأحداث السياسية المصيرية التي مرت بها البلاد التونسية وخاصة خطبته الشهيرة امام القذافي في البارماريوم التي اضحكت الحاضرين واضحكت التونسيين واضحكت القذافي ونبهته لاخطائه في سياسة الليبيين وكذلك خطبته الشهيرة في فتنة التعاضد والتي اعتمد فيها على حركة يديه وعلى لمس ثيابه وعلى تعابير وجهه ليشرح ويبين تلاعب وغش وخداع بعض المسؤولين في تلك الفترة له ولغيره من التونسيين لاقناعه واقناعهم بنجاح تجربة التعاضد التي كان اغلب التونسيين تقريبا لها من الرافضين والتي كادت تؤدي الى اقتتال وحرب اهلية بينهم لولا ان ستر الله تعالى وحفظ تونس وهو القوي المتين... اما في خارج بلادنا التونسيين فانني اظن ان قوة وموهبة هتلر السياسية التي قاد بها المانيا الى محاربة شطر الكرة الأرضية هو حماسه في خطبه النارية التي كانت تهز مشاعر الألمان وتدفعهم تحت تاثيرها الى طاعته والدخول في حروب ضد الانس والجان...اما في مجال الفن والابداع فانني اظن ان من اسباب نجاح كوكب الشرق ام كلثوم اضافة طبعا الى صوتها الجميل الفتان هو حماسها في اداء اغانيها معتمدة على اشارات يديها وقسمات وجهها وحركة رجليها وهل يشك عاقل في هذا الأمر وهذا الحال وهو يسمعها ويراها تؤدي اغنية الأطلال خاصة في المقطع الذي تقول فيه بكل ابداع وبكل حرفية اعطني حريتي اطلق يدي)؟...اما في مجال الخطب الجمعية فلا شك ان الخطيب المصري (كشك) الذي اشتهر في السبعينات قد ابدع في الأنفعال وفي الحماس حتى تسابق على حضور خطبه الاف الناس وانتشرت خطبه في جميع البلدان الاسلامية واصبحت علامة فارقة بين عهد الخطب الجامدة الميتة الخشبية وعهد الخطب الفاعلة المؤثرة الحية... والحديث في امثلة اثر الحماس الفعال في كسب اعجاب الناس وحبهم في كل مجال وفي كل باب يطول بلا شك ولا جدال وقد نعود اليه في مقال اخر ان شاء الله تعالى واهب الحياة ومنزل الكتاب الذي يمن على من يشاء من عباده بالقوة والبلاغة والفصاحة والحماس والحكمة وفصل الخطاب