هو مشهدٌ “مَهيبٌ”، هو ذلك المشهد الخِتاميّ، الذي ظهر به الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة وهو يختِم حياته السياسيّة بإعلانه استقالته، وعلى القناة الرسميّة، مُقارنةً بالمشاهد الخِتاميّة التي طالت زُعماء الربيع العربيّ، حيث انتهى الحال ببعضهم، مقتولاً، ومسحولاً، أو مسجوناً، وإلى غير ذلك من نهايات كتبتها شُعوبهم، أو المُتآمرين عليهم، والرئيس بوتفليقة لا يستحق وهو وريث المُناضلين من الرؤساء الجزائريين، إلا نهايةً تليق بتاريخه، وقد اختارها لنفسه، وهو الرجل المُسِن المريض، أو من خلفه ربّما بعنايةٍ تامّة. الرئيس الذي قرّر الاستقالة، استجابةً لطلب شعبه، اختار أن يظهر، وهو يرتدي الزي الرسمي الجزائري المعروف بالقندورة أو الثوب الأبيض، مُعلناً استقالته، ومُسلّماً كتابها، ومُنهياً حقبته التي استمرّت لعقدين، ومن على الكرسي المُتحرّك، ولعلنا نرى في اختياره ذلك اللّباس التقليدي، رسالة لكُل جزائري، ولكُل عربي، ولكُل زعيم، أن الزعماء يرحلون، وتبقى أوطانهم، ورموزها الوطنيّة، وتُراثها، وحتى زيها التقليدي، الذي نجزم أنّ اختياره لم يكن مُصادفة، وقد عاد الرجل مُواطناً بسيطاً، وبالقندورة البيضاء تحديداً، شأنه شأن أي جزائري حُر، لا يُريد لوطنه إلا الحُريّة والعدالة.