تكتسي الممرات البحرية أهمية اقتصادية و سياسية مهمة لذلك نراها عبر التاريخ تثير الكثير من الخلافات و الأزمات وتعتبر الممرات التي تقع ضمن الحدود البحرية العربية لها أهمية بالغة باعتبارها تلعب دورا أساسيا في الحركة التجارية عموما و النفطية على وجه الخصوص و بالمناسبة نشير و أن العالم العربي يضم أهم هذه المضايق أو الممرات البحرية و هي : 1/ مضيق باب المندب الذي يصل البحر الأحمر بخليج عدن و المحيط الهندي وتديره كل من اليمن و جيبوتي و أرتيريا و يصل أيضا بين قارتي آسيا و افريقيا. 2/ قناة السويس و هي قناة مائية تقع إلى الغرب من شبه جزيرة سيناء و هي عبار عن ممر مائي بطول 163 كم في مصر بين بور سعيد على البحر الأبيض المتوسط و السويس على البحر الأحمر وتمر منها السفن القادمة من دول المتوسط و أوروبا 3/ مضيق هرمز الذي يوجد بمنطقة الحليج العربي و يفصل ما بين مياه الخليج العربي من جهة و مياه خليج مكران و بحر العرب و المحيط الهندي من جهة أخرى و تشرف سلطنة عمان على حركة الملاحة البحرية فيه باعتبار و أنّ ممر السفن يأتي ضمن مياهها الاقليمية. و يبلغ عرض هذا المضيق حوالي 50 كم و بعمق 60 مترا و تمر من خلاله ما بين 20 إلى 30 ناقلة نفطية يوميا قادمة من السعودية فضلا عن بقية الدول مثل العراق و الكويت و قطر و البحرين. و في نظر القانون الدولي يعتبر المضيق جزءا من أعالي البحار و لكل السفن الحق و الحرية في المرور فيه ما دام لا يضر بسلامة الدول الساحلية أو يمس نظامها و أمنها.لكن و تحديدا يعتبر مضيق هرمز من أهم هذه المضايق البحرية بالنظر للدور الاستراتيجي الذي يلعبه في مجال التجارة الدولية عموما و النفطية خاصة و يبقى هذا المضيق إلى اليوم موضوع رهان استراتيجي بين الدول الكبرى من أجل الوصول إلى نفط منطقة الخليج و من هذا المنطلق نجد تفسيرا لما يحصل اليوم بالمنطقة أوّلا سواء للتهديد الايراني الأخير من امكانية اغرقها لهذا المضيق لعلّها بذلك تحصل على اجراءات تخفيف على الحصار المفروض عليهاو ثانيا للحشد العسكري الكبير الذي أرسلته أمريكا للمنطقة و ثالثا من جهة تلك الجهات المتخفية التي تعمل على صب الزيت على النار لخلط الأوراق و الاستفادة من كل هذه الأحداث ؟ و السؤال الذي يفرض نفسه في هذا السياق مفاده هل المنطقة تعيش حرب الممرات البحرية؟و لماذا الآن بالذات خاصة بعد كل المدّ و الجزر السابق بين الولاياتالمتحدة التي تحاصر ايران اقتصاديا و بين إيران التي كعادتها تتحدى القوة الأكبر في العالم؟ و هل هي الحرب الاقتصادية بعد فشل الحروب العسكرية بمفهومها الكلاسيكي؟ و هل المنطقة مقبلة على تصعيد خطير قد تحرق الأخضر و اليابس بها ؟ للإجابة على كل هذه الاستفسارات نقول منذ الوهلة الأولى وأنّه عمليا يمكن لإيران أن تغلق المضيق بكل سهولة سواء من خلال زرع الألغام أو عبر استخدام الزوارق السريعة التي يمتلكها الحرس الثوري و لكن كيف ستتصرف الولاياتالمتحدة تجاه ذلك و خاصة إذا ما طالت مدّة الإغلاق فذاك يعني توقف الحركة الاقتصادية لجل دول العالم و خاصة النفطية منها بالنسبة لأمريكا. فهل تردّ أمريكا عسكريا على أي محاولة ايرانية من ذلك القبيل؟ فضلا عن أنّ اغلاق المضيق قد يتسبب في حرب اقليمية بين ايران و دول الخليج التي ترى و أن المضيق هو جرز من أمنها القومي و ممر استراتيجي لتدفق نفطها نحو العالم . هذا قد تؤدي كلّ هذه المغامرات و المغامرات المضادة إلى زعزعة أمن المنطقة برمتها مع امكانية تدخل دول اقليمية الذي قد يزيد من تعقيد الوضعية؟ أمام كل هذا أرى و أنّ على الولاياتالمتحدة فتح باب الحوار مع ايران و تهدئة اللعب و حسب نظري لا يوجد شيئا ستخسره ايران بعد كل هذا الحصار المفروض عليها فضلا عن كونها قوّة اقليمية لا يستهان بها و له أذرعا متواجدة تقريبا في كل مكان و قد ظهرت بوادره اليوم في الهجوم بطائرات مسيّرة عن بعد و هي ملغمة على بعض المواقع النفطية بالسعودية و ذلك من قبل الحوثيين. و عليه لا بدّ من التعاطي مع هذه المسألة بكل موضوعية لأنّها قد تتسبب في نشوب حرب عالمية ثالثة خاصة إذا ما علمنا و أنّ الحربين العالميتين السابقتين أسبابها اقتصادية و خاصة و أنّ ايران لا شيء ستخسره بعد هذا الخصار الذي يخنق اقتصادها و يؤثر على استقرارها الداخلي؟