سئل الحذيفة ابن اليمان (من معاصري الخليفة الفاروق عمر بن الخطاب) ما النفاق فقال : "ان تقول بالإسلام ولا تعمل به" !! ويبدو ان أصدق وصف يمكن إطلاقه على الاشتباكات التي دارت ، والدائرة حاليا في مختلف المناطق بليبيا هو "حرب النفاق" المنطلقة من "الفوضى الهلاّكة" !! فهل يعقل ان تنشب حرب في بلاد كليبيا النقية من المذاهب والشيع والطوائف بين فئتين كل منهما "يدين بالاسلام، او يقول به" ؟!! .. ويقتل فيها ال "مؤمن" بالقرآن "مؤمنا" مثله وكلاهما يعرف ان الله قال في القرآن : "ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم" ؟!! وهل لعاقل ان يصدّق ان تستخدم أطراف الاقتتال الاسلحة الثقيلة عشوائيا دون تقدير لسقوط قذائف ال (غراد)و ال (هاون) على رؤوس الابرياء من النساء والاطفال والشبوخ وهم في بيوتهم ، وفي شهر رمضان احد الاشهر الحرم التي كانت الجاهلية الاولى تتوقف فيه عن الحروب والغزوات ؟ لأن القتال في الشهر الحرم (كبير وصدّ عن سبيل الله) ؟!! والسؤال الذي ينبت على حواشي الواقع: أيعقل أن يقتل الليبي أخاه الليبي لترضي عنكم الامارات والسعوديه او قطروفرنسا وبريطانيا التي تعرب عن قلقها بسبب مخاوفها من تزايد وتدفق الهجرة من الشواطئ الليبيه !! ولا ننسي امريكا التي تدعم مواطنها فما نشره البيت الأبيض عن المكالمة بين ترامب والمدعو حفتر-في تقديري-الا دليل علي الولاء والطاعه من قبل الاخير لامريكا وحتى لا ننسى وبعد طول صراع ورفض متبادل للقاء، تعهّد الأخوة الأعداء (السراج وحفتر) في إحدى ضواحي باريس، في الأشهر القليلة الماضية،على العمل سويًا لإخراج بلادهما من الفوضى ودعوا في بيان وقع بإمضائهما وتضمن عشر نقاط لوقف إطلاق نار لا يشمل مكافحة الإرهاب وإجراء انتخابات بالتعاون مع المؤسسات المعنية، وبدعم وإشراف منظمة الأممالمتحدة.معتبرين أن حل الأزمة الليبية لا يمكن أن يكون إلا حلاً سياسيًا يمر عبر مصالحة وطنية تجمع بين الليبيين كافةً والجهات الفاعلة المؤسساتية والأمنية والعسكرية في الدولة التي تبدي استعدادها المشاركة بهذه المصالحة مشاركة سلمية، وعبر العودة الآمنة للنازحين والمهجرين واعتماد إجراءات العدالة الانتقالية وجبر الضرر والعفو العام. وإن بدت بنود هذا الاتفاق الذي تضمن وقف مشروط لإطلاق النار والعمل على إجراء انتخابات في أغلبها مطالب الليبية، فقد أثار امتعاض العديد من الأطراف المحلية والأجنبية، وأدى إلى طرح تساؤلات عدّة عن طبيعة أهداف فرنسا،وسر التوقيت المفاجئ لمبادرة رئيسها إيمانويل ماكرون،التي جمع فيها السراج مع عدوّه اللدود حفتر. الدبلوماسية التونسية على الخط لتغليب الرتق على الفتق: شكّلت آخر مستجدّات الأوضاع في ليبيا محور اللقاء الذي جمع الشهر المنصرم( يوم الجمعة 19 أفريل) الرئيس الباجي قايد السبسي بوزير الشؤون الخارجية خميّس الجهيناوي الذي اطلع رئيس الدولة على فحوى اتصالاته بعدد من الأطراف الليبية. وكان خميّس الجهيناوي التقى بتونس برئيس مجلس الدولة الليبي خالد المشري وأجرى اتّصالا هاتفيا مع القائد العام للجيش الليبي المشير خليفة حفتر جدّد فيه الدعوة إلى وقف فوري لاطلاق النار في ليبيا وحقن دماء الليبيين وشدّد على ضرورة استكمال بقية مراحل المسار السياسي الجاري تحت رعاية الأممالمتحدة في أقرب الآجال، معتبرا أنه لا يمكن التوصل إلى تسوية للأزمة الليبية إلا بالحوار والتفاوض. وأكّد خميّس الجهيناوي وفق بلاغ صادر عن وزارة الشؤون الخارجية أهمية العمل على إيجاد أرضية توافق بين مختلف أطراف الاقتتال الدائر حاليا في طرابلس وعدد من المناطق الليبية الأخرى، تفضي إلى وضع الآليات الكفيل بحل الخلافات بين الليبيين بعيدا عن لغة السلاح، مشددا على أن ما يجمع الفرقاء في هذا البلد الشقيق أكثر مما يفرقهم. وأكّد المشير خليفة حفتر، وفق البلاغ، حرصه على إنهاء العمل العسكري في عدد من مناطق ليبيا في أقرب الأوقات، لافتا إلى أنّ قواته بصدد محاربة أطراف مسلحة غير نظامية تسيطر على عدة مناطق العاصمة دون وجه حق،وأنها حريصة على حقن الدماء والحفاظ على أرواح المدنيين. كما عبر عن امتنانه لمواقف رئيس الجمهورية الباجي قايد السبسي من الأزمة في ليبيا وجهوده الدؤوبة من أجل التوصل إلى حل ليبي ليبي، ولمواقف تونس الداعمة للشعب الليبي. وأجرى الوزير في هذا الإطار نفسه اتصالين هاتفيين مع كل من الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة رئيس بعثة الدعم الأممي إلى ليبيا غسان سلامة، ووزير الخارجية الليبي محمد الطاهر سيالة. ولكن.. لقي ما لا يقل عن 400 شخصًا مصرعهم وأصيب آخرون منذ بدء هجوم الجيش الوطني الليبي المؤيد لخليفة حفتر ضد العاصمة الليبية، بحسب حصيلة ذكرتها وزارة الصحة في حكومة الوفاق الوطني - دون ذكر عدد المدنيين بين الضحايا. هذا في حين أعلن الجيش الوطني الليبي مقتل عدد14 من مقاتليه. ومع تصاعد القتال تتبتعد ليبيا أكثر عن حل دبلوماسي. خلاصة القول:لاحظ المؤرخ الأمريكي لورنس لافور في كتابه -حول تحديد أسباب الحرب العالمية الأولى- أن الأحداث الجيوسياسية ترجع إلى جذور تؤدي إلى زعزعة استقرار بعض المناطق أكثر من غيرها. في الحقيقة، يتم اللجوء إلى زعزعة الاستقرار لإحداث تأثيرات عميقة، في السياقات التي يمكن فيها للعوامل الأيديولوجية والتاريخية والثقافية والاقتصادية أن تحدث خللًا في توازنات القوى. وهذا ينطبق بالتأكيد على الوضع الحالي في ليبيا، التي اهتزت جراء تغيير موازين القوى والاتجاهات السياسية المعقدة في المنطقة. لقد أدى الفراغ الأمني بعد عام 2011 إلى إحباط محاولات الانتقال من الحرب إلى السلم، مما زاد من تعقيد الاختلالات الداخلية. وقد أتاح هذا الوضع للجماعات الجهادية فرصًا لإنشاء جسور حصينة ومراكز قوى، فضلًا عن السعي لتحقيق نفوذ في مجالات عدة. لقد قلل الغرب من شأن المشاكل التي ظهرت في أعقاب سقوط القذافي، برغم أن التطورات كانت معقدة للغاية. من الصعب فهم الوضع السياسي الليبي الحالي، إذ يوجد في البلاد برلمانان وطنيان يتنافسان مع بعضهما البعض، وثلاثة رجال أقوياء، وعدد كبير من الفصائل والجماعات المسلحة ذات الأجندات والأهداف السياسية المختلفة. جميع مراكز القوى الليبية، الرسمية والقائمة بحكم الواقع، تثبت أحقيتها في إنقاذ ليبيا من الفوضى، ولكن من الصعب تحديد هوية الجهة القادرة فعليًا على السيطرة على السلطة والمؤسسات، سواء من الجيش أو الميليشيات. في الحقيقة، تعتزم طرابلس ومصراته وبنغازي، وإلى حد كبير طبرق ودرنا، لعب أدوار سياسية حاسمة في البلاد. وإذا كانت المدن تعكس مصالح الأعضاء البارزين في المجتمعات المختلفة، فلا ينبغي إهمال المواقف المتقلبة للأفراد الذين لا يتمتعون بقوة سياسية، إذ يمكنهم الاعتماد على علاقات جيدة مع جهات فاعلة أخرى مستعدة لدعم طموحاتهم ومنافساتهم. على سبيل المثال، النائب عبد السلام كاجمان قريب جدًا من جماعة الإخوان المسلمين، بينما عضو البرلمان السابق المثير للجدل، صلاح بادي، مقرب من الجنرال نوري أبو سهمين وخليفة غويل. ويظل المشهد الليبي مفتوحا على احتمالات شتى أسوأها استمرارية إراقة دماء الإخوة/الأعداء،هذا في الوقت الذي يترصّد فيه الغرب الكولونيالي الفرصة للإجهاز على الجميع والإستمتاع بالتالي- بالكعكعة اللذيذة- بمفرده..