كأس العرب: المنتخب المغربي أول المتأهلين إلى الدور نصف النهائي    في أولى جلسات ملتقى تونس للرواية العربية : تأصيل مفاهيمي لعلاقة الحلم بالرواية وتأكيد على أن النص المنتج بالذكاء الاصطناعي لا هوية له    الصحة العالمية تحسمها بشأن علاقة التلاقيح بمرض التوحّد    تونس تسجل نموًا ملحوظًا في أعداد السياح الصينيين بنهاية نوفمبر 2025    رئيسة الحكومة والوزير الأول الجزائري يفتتحان، في تونس، المنتدى الاقتصادي التونسي الجزائري    بطولة القسم الوطني "أ" للكرة الطائرة: برنامج مباريات الجولة الخامسة    الليلة: أجواء باردة وضباب كثيف بأغلب المناطق    عاجل/ العثور على جثتي شابين مفقودين في هذه الجهة وفتح تحقيق في القتل العمد    ليبرتا ومصرف الزيتونة: تمويل العمرة متاح للجميع وبشروط سهلة    منوبة: التاكيد على اهمية مصادقة مجلس النواب على استعمال "الدرون" في الإنتاج الثقافي    عاجل: انطلاق صرف المنح العائلية لهؤلاء    إيقاف لاعب تنس لمدة 20 عاما بسبب التلاعب بنتائج المباريات    عاجل: كميات كبيرة من القهوة المهربة تُباع للتونسيين ودعوة للتدخل    قبل الصلاة: المسح على الجوارب في البرد الشديد...كل التفاصيل لي يلزمك تعرفها    طبيب أنف وحنجرة يفسّر للتوانسة الفرق بين ''الأونجين'' و الفيروس    صدر بالمغرب وتضمن حضورا للشعراء التونسيين: "الانطلوجيا الدولية الكبرى لشعراء المحبة والسلام"    توزر: ضبط كافة المواعيد المتعلقة بإتمام إجراءات الحج    هيئة الصيادلة تدعو رئيسة الحكومة الى التدخّل العاجل    شركة تونس للطرقات السيارة تواصل أشغال التشوير لضمان أعلى مستويات السلامة    هل الحكومة تنجّم تفرض نفس نسبة الزيادة على القطاع الخاص؟ الإجابة تنجّم تفاجّئك!    طبرقة وعين دراهم تولّي قبلة الجزائريين: أكثر من مليون زائر في 2025!    عاجل/ قائمة المنتخب الوطني المدعوة لكان المغرب 2025..    زوجين طاحوا في فخ دار وهمية: و1500 دينار ضاعوا..شنيا الحكاية؟    اختراق هاتفك بات أسهل مما تتوقع.. خبراء يحذرون..#خبر_عاجل    عاجل - ترامب في تصريح صادم : يختار هؤلاء ويطرد ملايين من دول العالم الثالث    عاجل/ اسرائيل تحسمها بخصوص سلاح "حماس"..    تأجيل محاكمة مراد الزغيدي وبرهان بسيس والنظر في مطالب الإفراج    جريمة مروعة: ينهي حياة زوجته الحامل بعد 4 أشهر من الزواج..    تونس تسجل "الكحل العربي" على قائمة اليونسكو للتراث العالمي    لحاملي ''الباسبور التونسي'' : شوفوا كفاش تتحصلوا على فيزا أمريكا خطوة بخطوة    خولة سليماني تكشف حقيقة طلاقها من عادل الشاذلي بهذه الرسالة المؤثرة    عاجل : عائلة عبد الحليم حافظ غاضبة و تدعو هؤلاء بالتدخل    نشط ضمن تنظيم انصار الشريعة وكان الناطق الرسمي باسم السلفية. الجهادية : 55 سنة سجنا في حق بلال الشواشي    في جرائم ديوانية وصرفية: 30 عاما ضد رجل الأعمال يوسف الميموني    بنزرت : تنفيذ حوالي 6500 زيارة تفقد وتحرير ما يزيد عن 860 مخالفة اقتصادية خلال 70 يوما    نابل: تقدم أشغال تجهيز 5 آبار عميقة لتحسين التزود بالماء الصالح للشرب    كأس العرب: مدرب المغرب ينشد العبور لنصف النهائي.. ومدرب سوريا يؤكد صعوبة المهمة    الإتحاد المنستيري: مواجهتين وديتين في البرنامج.. ولاعب جديد يغادر المجموعة    بدأ العد التنازلي لرمضان: هذا موعد غرة شهر رجب فلكياً..#خبر_عاجل    تطور جديد في أزمة صلاح مع سلوت.. جلسة تهدئة بلا اعتذار وتوتر يتصاعد داخل ليفربول    هام/ هذا موعد الانتهاء من أشغال المدخل الجنوبي للعاصمة..#خبر_عاجل    البُحيرة: السجن لحارس مأوى عنف سيدة بسبب معلوم ''Parking'' السيارة    النوم الثقيل: حاجة باهية ولا خايبة؟    جوائز جولدن جلوب تحتفي بالتونسية هند صبري    الدورة الخامسة لمعرض الكتاب العلمي والرقمي يومي 27 و28 ديسمبر 2025 بمدينة العلوم    حذاري: 5 أدوية تستعملها يوميًا وتضر بالقلب    واشنطن تطلق تأشيرة "بطاقة ترامب الذهبية" للأثرياء الأجانب    عاجل:تونس على موعد مع أمطار قوية..التفاصيل الكاملة..وين ووقتاش؟!    الضباب في الصباح: شنوّا هو وشنوّا أسبابه؟    وزير التجهيز يطلع على تقدم الأشغال في القسطين 3 و4 من مشروع الطريق السيارة تونس- جلمة    رابطة أبطال أوروبا : فوز بنفيكا على نابولي 2-صفر    عاجل: توقف حركة القطارات على خط أحواز الساحل    فتح الحسابات بالعملة الأجنبية: من له الحق؟.. توضيح رئيس لجنة المالية بمجلس النوّاب    هيئة أسطول الصمود التونسية لكسر الحصار عن القطاع تقدم تقريرها المالي حول حجم التبرعات وكيفية صرفها    مادورو.. مستعدون لكسر أنياب الإمبراطورية الأمريكية إذا لزم الأمر    محمد بوحوش يكتب ... سوسيولوجيا المسافات    عاجل: دولة عربية تعلن تقديم موعد صلاة الجمعة بداية من جانفي 2026    اكتشف معنى أسماء كواكب المجموعة الشمسية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد نجيب عبد الكافي يكتب لكم : عندما يبرز الذئب أذنيه
نشر في الصريح يوم 25 - 05 - 2019

كلما طرق سمعي أو قرأت شيئا عمّا سمّاه الذين في قلوبهم مرض ربيعا ، وما هو إلا خريف بسحبه وعواصفه ، وأجوائه الثقيلة التي لا تزال بلدان الربيع المزعوم ترزح تحت وطأتها ، وما لم يزل كم هو ؟ الله أعلم ، إلا وعدت بخيالي وذكرياتي إلى أربعة عقود إلى الوراء ، عندما عشت فعلا ، لا تخيّلا ، ربيعا حقيقيا ، تمتعت به وأبهرني ، لدى قوم عانوا ما عانينا ، وقاسوا ما قاسينا وأكثر، فلما جاءهم التغيير قدّروه حقّ قدره ، فأحسنوا تركيزه وترسيخه ، فنجحوا ونعموا. الغريب في كلّ هذا ، والملفت للنظروإجباري على الاستغراب والتساؤل ، هو أنّ ذاكرتي احتفظت ، أكثر ما احتفظت به ، هو جزئيات ونوافل ساندت العمل الرّسمي والخطوات الصعبة الأولى فانتصر السّلم والوفاق والسير، فتحقق المطلوب وبلغت الغاية في وقت قياسيّ نال الرّضاء والإعجاب. لست أدري ، ولا أزال أتساءل ، عن رسوخ تلك النوافل أو تلك الجزئيات التي واكبت عملية التحوّل الكبرى بمخططاتها ، بخطاها الجريئة ، بحواراتها الفعلية الحقيقية الصادقة الباحثة عن أسلم وأسرع وأنفع الحلول خاصة منها الضررية المستعجلة. لعل بقاء تلك الروافد في ذاكرتي عائد لما يُسمّى " انحرافا مهنيّا" إذ هي ليست سوى وسائل تربويّة وتثقيفية وتذكرة وتعليم. فمن أغان وطنيّة جدّية إلى أخرى هزليّة نقديّة ، إلى تمثيليّات تنقل عن طريق قناة المرئية الوطنية ، الوحيدة آنذاك ، أو مسلسلات محليّة ومستوردة ، تعالج مواضيع وطنية وتاريخية وبطولية في مقاومة الظلم ، تبدي جميعها محاسن الحريّة والديمقراطية ، ومع كلّ هذا نشرت المقالات ، وألقيت المحاضرات الدورية المتتالية. ثمّ أضيف – كما تضاف التوابل للطعام ليزداد طعما ولذة ، عبارات وحكم ومقولات وعظات ، كانت تلقى هنا وهناك ، بمناسبة أو بدونها ، ، تأتي على لسان خطيب ، أو ضمن تعليق لمتحدث إذاعي ، أو كمحور مقال ، أو كمعلّقة في حافلة أو عربة قطار. عبارات بليغة ، تذكّر وتُنهي وتعظ مثل: الحرية لا تميّز أحدا / حريتك تنتهي حيث تبدأ حرية الآخر/ ما من أحد يملك كل الحقيقة / الاتهام لا يكون إلا بالبرهان والدليل الملموس / الديمقراطية واجبات تنحدر منها حقوق / الحرية ليست إباحية أو دعارة / الانتقام همجية والعفو كرم ونبل.
أليست هذه ، وغيرها لم أذكره ، دروسا عفوية خفيفة سريعة ، تدخل الأسماع فتغمر العقول دون جهد ؟ وأهم من هذا هو أن المتلقي لا يشعر بفرض رأي أو إملاء قانون أو تلقي أمر. إن هذا الأسلوب لعمري هو من أهمّ واسمى اساليب التعليم الحديثة والتربية المعاصرة. إن أهل العلم والإختصاص كثيرا ما أوصوا ، وألحّوا ، على تطبيق أساليب لا يشعر منها المتعلّم بفرض أو خضوع لقرار وشدّة ، فابتدعوا قواعد مثل : تعلّم وأنت تلعب ، دع المتعلّم يستنتج ، أضحكه يتلقى ، بالابتسامة تبلغ الرسالة.
هذا وكثير منه شاهدته وسجلته لدى الآخرين فلمست ، كما لمس الجميع ، النتائج الإيجابية والنجاح النهائي. هل جرى لدينا وفي ما حولنا ، أو يجري ما يشابه ما ذكرت مما شاهدت لدى الآخرين؟ لست أدري ، ولم أقرأ أو اسمع عن ذلك شيئا. لذا فسأكتفي بنقل ما اقتطفت من قراءاتي عن تونس و"ربيعها " ، جاء بلغات ثلاث أو أربع ، من كُتّاب ومحلّلين وإعلاميين شرقا وغربا ، فأعرضه على من سيضحي بوقته ويقرأ ما أكتب ، وله بعد ذلك الحكم ، إن أراد. مقتطفات هذه احتفظت بها كي أتبيّن الحق من الباطل – إن استطعت وواكبتني الظروف – لعلي أكون من المرشدين. سأنقلها كما جاءت في كُنّشي ، بلا نظام ولا تعليق ، وليتبيّن الذين يتحرّكون في فضاءات السياسة اليومية ما يُقال عمّا هم صانعون.
" إن المشهد في تونس مؤس سياسيا واجتماعيا. غياب مؤسف للتضامن وتنافس يعمل فيه كلّ واحد لنفسه. فروق كبيرة بين المدن والدّواخل. غياب السلطة الموزّعة بين مراكز متطاحنة إن علنا أو سرّا. هذا وذاك والآخر والذي بجانبه يعتبر كل منهم نفسه سلطة ولو محليا ، ويجهد نفسه في ما يعنيه ويفيده أي " كلّ واحد يكنس داره ". خلافات وانقسامات يُشتَمّ فيها العداء ، لا مكان لمصلحة البلاد والشعب فيها. كلّ هذا بينما العناصر الناشطة تتصارع دون جدوى في الواجهة ، آخرون ينهبون ويغنمون في الخلفية. لا مكان للبحث عن شريك أو متعاون بل هو عمل دؤوب لنيل السلطة ولو بكنس الخصم أي المنافس."
أين الحقيقة والواقع من كلّ هذا ؟ لست في وضع وليس بإمكاني إبداء رأي أو إعلان حكم استنادا على هذه الآراء التي قد تكون خاطئة ، أو هي مغرضة ، ولعلّ بعضها أملته مشاعر عدائية ، أو هي ترمي لغاية وأهداف معنيّة ، لذا فتصديقها والأخذ والعمل بها ليس من التعقل في شيء ، فأقتصر على الإبلاغ ولكلّ وجهة هو موليها. لكنّي ، وأنا المغرم بالأمثال الشعبية ، المتبع نهجها ونصائحها ، لأنها مبنيّة على التجارب ومستنتجة من الواقع المعاش ، فأقول كما قال المثل: " ما تقول طق ، كان ما فيها شق " وبعبارة أوضح لابد أن يكون لكلّ ما كتب وقيل فنقلته ، داع أو دواع ، ولا يمكن أن يبنى كله على الكذب والافتراء. فالكلمة إذن للشعب ، والشعب وحده يستطيع أن يكذّب ويُسفّه ، أو يُصدّق ويوافق وضمن هذا الشعب قراؤنا الكرام.
بقي موقفي الخاص ، ومشاعري ورأيي ، أبثها وأعترف بها هنا علنا فأقول " يكاد تفاؤلي ينهار ، وثقتي في شعبنا أخذت تهتزّ لأني لا أشاهد ولا أسمع ما يبعث على الاطمئنان والثقة ، ونحن ، أعيدها وأكرّرها ، على شفا حفرة الانتخابات بينما الصورة الضبابية لا تزال على حالها ولم يتحرّك بعد من يمكنه ويستطيع أن يقشع ذلك الضباب فتظهر الصورة الحقيقية المرغوبة ، صورة شعب متحد متكتل ، ولو لحين ، وراء تنظيم وقادة مخلصين ، فيضعون القاطرة على سكتها وبعدها لكلّ رأيه ولكلّ كلام.
مدريد 16 – 5 – 2019.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.