في ديسمبر وجانفي: التوانسة يستهلكوا يوميّا 180 ألف دبّوزة غاز    وفاة بيونة..الجمهور التونسي عرفها من خلال سيتكوم ''نسيبتي العزيزة''    البرد يخبّي مفاجآت في صحتك: 6 تأثيرات غريبة على جسمك    المنظمة التونسية لإرشاد المستهلك تحذر..#خبر_عاجل    شنوّا الفرق بين البرتقال المستهلك في تونس والموجّه للتصدير؟    مهاجم ليفربول يشري كلب ب120 مليون باش يحمي روحو: شكونوا ؟    اليوم: ماتشوات نار في دوري أبطال أوروبا! شوف شنوّة يستنى فيك    مسيرة نقابية يوم 04 ديسمبر المقبل بمناسبة احياء الذكرى 73 لاغتيال الزعيم فرحات حشاد    تتويج المسرحي التونسي الفاضل الجعايبي بجائزة الدكتور صلاح القصب لسنة 2025    تصدر الترند: مسلسل "ورد وشوكولاتة" يثير جدلا كبيرا: هل غيّر المسلسل قصة مقتل الإعلامية شيماء جمال..؟    "سينيماد" تظاهرة جديدة في تونس تقدم لعشاق السينما أحدث الأفلام العالمية    وزير الصحة يعلن عن إجراءات عملية لتطوير طبّ الإنعاش في تونس    نجمة الكوميديا الجزائرية 'بيونة' في ذمّة الله    مقاسم AFH : طريقة التسجيل والشروط للتوانسة خطوة بخطوة    النادي الإفريقي: الإدارة تواصل هجومها على الجامعة    عاجل/ هذا ما قرره القضاء في حق كل من دليلة مصدق وبرهان بسيس..    هل تحجب تونس بعض مواقع التواصل الإجتماعي؟ وزير تكنولوجيات الاتصال يُوضّح    خليجي يمثل جريمة قطعه العضو الذكري لصديقه المصري وقتله    تونس الثانية عالميًا في استهلاك المقرونة    عاجل/ وزير التكنولوجيا يحسمها بخصوص احداث البنك البريدي..    المنتخب الوطني: اليوم إنطلاق التربص.. و6 لاعبين فقط على ذمة الإطار الفني    عاجل: تونس في مجموعة نارية بكأس أمم أفريقيا 2025! تعرف على خصومها!    الممثلة التونسية عفاف بن محمود تفوز بجائزة أفضل ممثلة عن دورها في فيلم ''الجولة_13''    يوم دراسي بصفاقس حول المكتبات في واقع الذكاء الاصطناعي ... الفرص والتحديات" يوم الاربعاء 26 نوفمبر    من هو اليهودي؟    عاجل: هذا موعد ميلاد هلال شهر رجب وأول أيامه فلكياً    البطولة الاسبانية : إسبانيول يعود إلى طريق الانتصارات بفوز على إشبيلية    عاجل: منخفض جوي أطلسي قادم لتونس غدوة..شنيا معناها    قائمة الفيروسات والأمراض المنتشرة حاليّا في تونس    امرأة تدخل موسوعة غينيس والسبب ''أضخم شعر طبيعي''    أغنى رؤساء الشركات في العالم: شكون يقود الترتيب ؟    عاجل/ رئيس الجمهورية يتوعد: "الدولة لن تقف مكتوفة الأيدي أمام هؤلاء"..    ما تحسبهاش ساهلة! 5 مشاكل صحية بسبب قلة شرب الماء في الشتاء    سيدي حسين: مداهمات أمنية تطيح ب"قطعون" وإيزي" والنقار" و"المهبول "كبار مروجي المخدرات    مشروع ميزانية 2026: ارتفاع نفقات التشغيل والتكوين المهني بنسبة 5 بالمائة    سيف الدين الجزيري يتربع على عرش الهدّافين الأجانب في تاريخ الزمالك    التوقعات الجوية لهذا اليوم..أمطار بهذه المناطق..    بعد تماثله للشفاء... الفنان أحمد سعد يكشف كواليس ما بعد حادث السيارة    شركات طيران تُلغي رحلاتها بعد ثوران بركان في إثيوبيا    الكتلة الهوائية الباردة على الأبواب: الاربعاء والايامات الجاية باش يكونوا باردين    عاجل: أمطار رعدية وسيول محتملة في 7 دول عربية... تحت تأثير الطقس المتقلب    بركان إثيوبي يثور بعد 12 ألف عام والرماد يصل دولا عربية    تركيا تكشف تهريب 52 مليار دولار بسبب الرهانات غير القانونية    "اسم فنزويلا أكبر من أن يخرج من فمك".. كاراكاس ترد على مزاعم وزير الخارجية الإسرائيلي    ترامب يطلق إجراءات لتصنيف فروع للإخوان "منظمات إرهابية    الصين تكشف عن مسيرة ثورية تصطاد الغواصات المختبئة في الأعماق    زيلينسكي: سأناقش قضايا حساسة مع ترامب    أثارت جدلا سياسيا وتشريعيا.. نهاية "وزارة ماسك"    الفتاوى الشاذة والهجوم على صحيح البخاري    مخاطر الانحراف بالفتوى    في ندوة «الشروق الفكرية» «الفتوى في التاريخ الإسلامي بين الاجتهاد والتأويل»    مشروع لإنتاج 75 ميغاواط من الكهرباء من طاقة الرياح في هذه الولاية..    يوم علمي تكويني حول مرض السكري في القدم يوم الاربعاء 26 نوفمبر بمدرسة علوم التمريض بتونس    تكليف ديوان الزيت بإعتماد أسعار مشجعة لزيت الزيتون    تراجع قطيع الأبقار ب20% ووزارة الفلاحة تعلن إجراءات عاجلة لإعادة التوازن    في حقه مناشير تفتيش وبطاقة جلب... محاصرة بارون ترويج المخدرات في خزندار    طقس اليوم: الحرارة في ارتفاع طفيف    اليوم السبت فاتح الشهر الهجري الجديد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد نجيب عبد الكافي يكتب لكم : عندما يبرز الذئب أذنيه
نشر في الصريح يوم 25 - 05 - 2019

كلما طرق سمعي أو قرأت شيئا عمّا سمّاه الذين في قلوبهم مرض ربيعا ، وما هو إلا خريف بسحبه وعواصفه ، وأجوائه الثقيلة التي لا تزال بلدان الربيع المزعوم ترزح تحت وطأتها ، وما لم يزل كم هو ؟ الله أعلم ، إلا وعدت بخيالي وذكرياتي إلى أربعة عقود إلى الوراء ، عندما عشت فعلا ، لا تخيّلا ، ربيعا حقيقيا ، تمتعت به وأبهرني ، لدى قوم عانوا ما عانينا ، وقاسوا ما قاسينا وأكثر، فلما جاءهم التغيير قدّروه حقّ قدره ، فأحسنوا تركيزه وترسيخه ، فنجحوا ونعموا. الغريب في كلّ هذا ، والملفت للنظروإجباري على الاستغراب والتساؤل ، هو أنّ ذاكرتي احتفظت ، أكثر ما احتفظت به ، هو جزئيات ونوافل ساندت العمل الرّسمي والخطوات الصعبة الأولى فانتصر السّلم والوفاق والسير، فتحقق المطلوب وبلغت الغاية في وقت قياسيّ نال الرّضاء والإعجاب. لست أدري ، ولا أزال أتساءل ، عن رسوخ تلك النوافل أو تلك الجزئيات التي واكبت عملية التحوّل الكبرى بمخططاتها ، بخطاها الجريئة ، بحواراتها الفعلية الحقيقية الصادقة الباحثة عن أسلم وأسرع وأنفع الحلول خاصة منها الضررية المستعجلة. لعل بقاء تلك الروافد في ذاكرتي عائد لما يُسمّى " انحرافا مهنيّا" إذ هي ليست سوى وسائل تربويّة وتثقيفية وتذكرة وتعليم. فمن أغان وطنيّة جدّية إلى أخرى هزليّة نقديّة ، إلى تمثيليّات تنقل عن طريق قناة المرئية الوطنية ، الوحيدة آنذاك ، أو مسلسلات محليّة ومستوردة ، تعالج مواضيع وطنية وتاريخية وبطولية في مقاومة الظلم ، تبدي جميعها محاسن الحريّة والديمقراطية ، ومع كلّ هذا نشرت المقالات ، وألقيت المحاضرات الدورية المتتالية. ثمّ أضيف – كما تضاف التوابل للطعام ليزداد طعما ولذة ، عبارات وحكم ومقولات وعظات ، كانت تلقى هنا وهناك ، بمناسبة أو بدونها ، ، تأتي على لسان خطيب ، أو ضمن تعليق لمتحدث إذاعي ، أو كمحور مقال ، أو كمعلّقة في حافلة أو عربة قطار. عبارات بليغة ، تذكّر وتُنهي وتعظ مثل: الحرية لا تميّز أحدا / حريتك تنتهي حيث تبدأ حرية الآخر/ ما من أحد يملك كل الحقيقة / الاتهام لا يكون إلا بالبرهان والدليل الملموس / الديمقراطية واجبات تنحدر منها حقوق / الحرية ليست إباحية أو دعارة / الانتقام همجية والعفو كرم ونبل.
أليست هذه ، وغيرها لم أذكره ، دروسا عفوية خفيفة سريعة ، تدخل الأسماع فتغمر العقول دون جهد ؟ وأهم من هذا هو أن المتلقي لا يشعر بفرض رأي أو إملاء قانون أو تلقي أمر. إن هذا الأسلوب لعمري هو من أهمّ واسمى اساليب التعليم الحديثة والتربية المعاصرة. إن أهل العلم والإختصاص كثيرا ما أوصوا ، وألحّوا ، على تطبيق أساليب لا يشعر منها المتعلّم بفرض أو خضوع لقرار وشدّة ، فابتدعوا قواعد مثل : تعلّم وأنت تلعب ، دع المتعلّم يستنتج ، أضحكه يتلقى ، بالابتسامة تبلغ الرسالة.
هذا وكثير منه شاهدته وسجلته لدى الآخرين فلمست ، كما لمس الجميع ، النتائج الإيجابية والنجاح النهائي. هل جرى لدينا وفي ما حولنا ، أو يجري ما يشابه ما ذكرت مما شاهدت لدى الآخرين؟ لست أدري ، ولم أقرأ أو اسمع عن ذلك شيئا. لذا فسأكتفي بنقل ما اقتطفت من قراءاتي عن تونس و"ربيعها " ، جاء بلغات ثلاث أو أربع ، من كُتّاب ومحلّلين وإعلاميين شرقا وغربا ، فأعرضه على من سيضحي بوقته ويقرأ ما أكتب ، وله بعد ذلك الحكم ، إن أراد. مقتطفات هذه احتفظت بها كي أتبيّن الحق من الباطل – إن استطعت وواكبتني الظروف – لعلي أكون من المرشدين. سأنقلها كما جاءت في كُنّشي ، بلا نظام ولا تعليق ، وليتبيّن الذين يتحرّكون في فضاءات السياسة اليومية ما يُقال عمّا هم صانعون.
" إن المشهد في تونس مؤس سياسيا واجتماعيا. غياب مؤسف للتضامن وتنافس يعمل فيه كلّ واحد لنفسه. فروق كبيرة بين المدن والدّواخل. غياب السلطة الموزّعة بين مراكز متطاحنة إن علنا أو سرّا. هذا وذاك والآخر والذي بجانبه يعتبر كل منهم نفسه سلطة ولو محليا ، ويجهد نفسه في ما يعنيه ويفيده أي " كلّ واحد يكنس داره ". خلافات وانقسامات يُشتَمّ فيها العداء ، لا مكان لمصلحة البلاد والشعب فيها. كلّ هذا بينما العناصر الناشطة تتصارع دون جدوى في الواجهة ، آخرون ينهبون ويغنمون في الخلفية. لا مكان للبحث عن شريك أو متعاون بل هو عمل دؤوب لنيل السلطة ولو بكنس الخصم أي المنافس."
أين الحقيقة والواقع من كلّ هذا ؟ لست في وضع وليس بإمكاني إبداء رأي أو إعلان حكم استنادا على هذه الآراء التي قد تكون خاطئة ، أو هي مغرضة ، ولعلّ بعضها أملته مشاعر عدائية ، أو هي ترمي لغاية وأهداف معنيّة ، لذا فتصديقها والأخذ والعمل بها ليس من التعقل في شيء ، فأقتصر على الإبلاغ ولكلّ وجهة هو موليها. لكنّي ، وأنا المغرم بالأمثال الشعبية ، المتبع نهجها ونصائحها ، لأنها مبنيّة على التجارب ومستنتجة من الواقع المعاش ، فأقول كما قال المثل: " ما تقول طق ، كان ما فيها شق " وبعبارة أوضح لابد أن يكون لكلّ ما كتب وقيل فنقلته ، داع أو دواع ، ولا يمكن أن يبنى كله على الكذب والافتراء. فالكلمة إذن للشعب ، والشعب وحده يستطيع أن يكذّب ويُسفّه ، أو يُصدّق ويوافق وضمن هذا الشعب قراؤنا الكرام.
بقي موقفي الخاص ، ومشاعري ورأيي ، أبثها وأعترف بها هنا علنا فأقول " يكاد تفاؤلي ينهار ، وثقتي في شعبنا أخذت تهتزّ لأني لا أشاهد ولا أسمع ما يبعث على الاطمئنان والثقة ، ونحن ، أعيدها وأكرّرها ، على شفا حفرة الانتخابات بينما الصورة الضبابية لا تزال على حالها ولم يتحرّك بعد من يمكنه ويستطيع أن يقشع ذلك الضباب فتظهر الصورة الحقيقية المرغوبة ، صورة شعب متحد متكتل ، ولو لحين ، وراء تنظيم وقادة مخلصين ، فيضعون القاطرة على سكتها وبعدها لكلّ رأيه ولكلّ كلام.
مدريد 16 – 5 – 2019.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.