الجدل لا يزال قائما حول مشروع تعديل القانون الانتخابي و سوف لن يهدأ بل يبدو و أنّه محل رفض عام مؤسساتيا و مجتمعيا و منظماتيا و حتى سياسيا باعتبار المواقف الرافضة له من هنا و هنالك. و لسائل أن يسأل لماذا هذا الرفض الشبه العام لهذا المقترح التعديلي للقانون الانتخابي؟ و بدون الدخول في سجال سياسي عقيم نقول و أنّ عرض هذا القانون في الوقت بدل الضائع أي 40 يوما تقريبا قبل موعد انطلاق الانتخابات ليس بريئا بالمرّة مهما كانت التبريرات المقدمة و الشطحات السياسية التي اعتدنا عليها لتبرير ما لا يبرّر لا بالمنطق و لا بموضوعية الأشياء؟ وبالتالي هذا الوقت الذي اختير لعرض مشروع هذا القانون يحمل بين طياته نوايا من اقترحه و الذي يبدو في ظاهره لتحسين و تنقية المناخ الانتخابي و بالتالي السياسي و لكن في باطنه يحمل أهدافا يريد هذا الطرف تحقيقها في قالب تشريعي ملفوفا خارجيا بمنمقات و تبريرات لا يمكن لأيّ عاقل أن يسقط في فخاخها لأنّ اختيار هذا التوقيت في آخر السباق يعني مما يعنيه و أنّ " الوجيعة " و الخوف من " الخروج من المولد بلا حمص " كما يقول المثل المصري دفع هؤلاء كما نقول في المجال الرياضي أن " يلعب الكل في الكلّ " و لكن حيوية المجتمع التونسي و اهتمامه بالشأن العام يبدو و أنّها العقبة الكأداء وجه هذا التعديل باعتبار التناغم بين ما يراه الشعب التونسي و ما يذهب في اتجاهه ممثلو الشعب التونسي بمجلس النواب و بالتالي فإنّ حظوظ تمريره بالمجلس تبدو ضعيفة جدّا. لرفضه خاصة من قبل منظمة الأعراف و الاتحاد العام التونسي للشغل و أغلبية الشعب التونسي حسب ما أفرزته من آراء في هذا الصدد مواقع التواصل الاجتماعي. هذا إضافة إلى قراءة قانونية في مضمون هذا المقترح التعديلي الذي يثير اشكالا هاما حيث أنّ بعض مضامين التنقيح وردت فضفاضة و قد تتيح مستقبلا مجالا هاما للتأويل و الاستعمالات الخاطئة عند التنفيذ و بالتالي القوانين تأتي لفض اشكالات لا لخلق خلافات و المتعارف عليه أيضا و أنّ القانون الانتخابي من القوانين الاجرائية التي تتطلب التفصيل و التدقيق و لا يصح عليها أن يطغى عليها العبارات العامة و الفضفاضة و التي يمكن أن تكون حمّالة لأكثر من وجهة. و شخصيا كنت انتظر من هذا المشروع التعديلي أن يكون أكثر وضوحا و تدقيقا كاشتراط نقاوة السوابق العدلية لدى المترشحين للانتخابات الرئاسية أو البرلمانية فضلا عن تسوية الوضعية الجبائية للمترشحين و لكن يبدو و أنّ الانتقائية في اختيار بعض مضامين هذا المشروع التعديلي تدفع نحو حماية من هم في السلطة باعتبار عدم طرح ضمن هذا التعديل كما ذكرنا مسألة نقاوة السوابق و التركيز على كل ما من شأنه حصر الخصوم السياسيين و اقصائهم بالتالي من السباق الانتخابي. و من هذه المنطلقات أرى و أن هذا المشروع لا و لن يمرّ إلاّ إذا حدثت معجزة لدى نواب الشعب الأشاوس وهو ما قد يضع الأسس – إن تمت المصادقة عليه - لخلق دكتاتورية جديدة بالبلاد انطلاقا من القوانين و تطويعها لخدمة فئة سياسية معيّنة، كما كان يتمّ سابقا. عندها سنقول وداعا ل 8 سنوات من الانتقال الديمقراطي و عادت حليمة إلى عادتها القديمة و عدنا و العود أحمد و لكن بأيّ ثمن ستكون هذه العودة و على حساب من في هذا الوقت بدل الضائع...؟