عاجل : وزارة التجهيز تعلن عن موعد انتهاء أشغال تهيئة المدخل الجنوبي للعاصمة    لقاء تونسي نيجيري يؤسس لتعاون استراتيجي وتجاري دائم    تفعيل خدمات النفاذ المجاني للأنترنات بمطارات صفاقس وتوزر وقفصة وطبرقة وقابس    المهدية: تحيّل باسم ''الستاغ'' وسلب أموال المواطنين    الاتحاد الأوروبي: الوضع في غزّة لا يمكن أن يستمر    الإصابة تنهي موسم المهاجم الدولي إلياس سعد    طقس اليوم: أمطار رعدية وأحيانا عزيزة بهذه المناطق    أمطار رعدية مرتقبة بعد الظهر ورياح قوية بالجنوب    وزارة الصحة: احمي سَمعِك قبل ما تندم... الصوت العالي ما يرحمش    مصطفى عبد الكبير: لا زيادات جمركية على الواردات التونسية نحو ليبيا والحركة التجارية طبيعية    هدف فراتيسي يحسم تأهل إنتر لنهائي رابطة الأبطال بفوز مثير على برشلونة    بطولة الكويت - طه ياسين الخنيسي هداف مع نادي الكويت امام العربي    قتلى وجرحى في قصف متبادل بين الهند و باكستان    الصين: روبوت يخرج عن السيطرة و'يهاجم' مبرمجيه!    باكستان تتهم الهند بشن هجوم على محطة الطاقة الكهرومائية    الترفيع في نسق نقل الفسفاط عبر السكك الحديدية بداية من جوان 2025    كوريا الشمالية.. الزعيم يرفع إنتاج الذخائر لمستوى قياسي ويعلن الجاهزية القصوى    واشنطن تعلن تهريب خمسة معارضين فنزويليين من داخل كاراكاس    ر م ع ديوان الحبوب: جاهزون للموسم الفلاحي    وزير التربية في ابتدائية أولاد بركة بفوسانة...المدرسة آمنة وسيقع التدخل على مستوى السور    المهدية: اختتام مهرجان الوثائقي الجوّال في نسخته الرابعة: الفيلم المصري «راقودة» يفوز بالجائزة الأولى    في تعاون ثقافي قطري تونسي ... ماسح الأحذية» في المسابقة الرسمية للمهرجان الدولي للمونودراما    تنصيب الأعضاء بمباركة الوزارة...تعاونية الرياضيين مكسب كبير    أخبار فلاحية.. أهم الاستعدادات لعيد الإضحى وتأمين أضاحي سليمة    المنزه السادس.. منحرف يعمد إلى مضايقة إمرأة ويهددها بواسطة آلة حادة    أقر اجراءات استثنائية.. مجلس وزاري مضيق حول تحسين جودة قطاع النقل    البرلمان يصادق على قرض من البنك الإفريقي للتنمية قيمته 270 مليون دينار    وزير الداخلية يلتقي المديرة العامة للمنظمة الدّوليّة للهجرة    كاس العالم للاندية 2025: مباراة فاصلة بين لوس انجلس ونادي امريكا لتعويض ليون المكسيكي    ترامب: الحوثيون في اليمن استسلموا للولايات المتحدة    عاجل/ الحملات الأمنية ضد مروّجي المخدرات: حصيلة جديدة للايقافات    زغوان: امتلاء سدود وبحيرات الجهة بنسبة تتجاوز 43 بالمائة    افتتاح مقر جديد بتونس للشركة السويسرية "روش فارما" بتونس وليبيا    عاجل/ الحوثيون يتوعّدون بالرد على العدوان الاسرائيلي والامريكي    فتحي النوري : 120 دولارًا شهريًا... تحويلات التونسيين بالخارج أقل من المعدل العالمي بكثير!!    مجموعة شعرية جديدة للشاعرة التونسية وداد الحبيب    نقابة الصيدليات الخاصة تدعو التونسيين إلى الإقبال على الأدوية الجنيسة    قبل أن تحج: تعرف على أخطر المحرمات التي قد تُفسد مناسك حجك بالكامل!    ثورة في عالم الموضة: أول حقيبة يد مصنوعة من ''جلد ديناصور''    قيمتها تجاوزت ال450 ألف دينار: حجز صناديق موز مهرّب في نابل    تظاهرة ثقافية في باجة احتفالا بشهر التراث    اختتام الدورة العاشرة لمهرجان "سيكا جاز"    قابس: وفاة شخصين وإصابة 8 آخرين في حادث مرور    دليلك الكامل لمناسك الحج خطوة بخطوة: من الإحرام إلى طواف الوداع    انطلاق محاكمة المتهمين في قضية "التآمر على أمن الدولة 2"    بعد نقصها وارتفاع أسعارها: بشرى سارة بخصوص مادة البطاطا..    هام/ تطوّرات الوضع الجوي خلال الأيام القادمة..    منزل بوزلفة: الاحتفاظ بتلميذ من أجل إضرام النار بمؤسسة تربوية    الدورة الثامنة لتظاهرة 'الايام الرومانية بالجم - تيتدروس' يومي 10 و11 ماي بمدينة الجم    قليبية: شاب يعتدي على نساء ب''لاَمْ'' وتحرك عاجل للأمن    نصف نهائي دوري الأبطال: موقعة إنتر وبرشلونة الليلة    كل ما تريد معرفته عن حفلة ''Met Gala 2025''    المنتخب التونسي في ثلاث مواجهات ودية استعداداً لتصفيات مونديال 2026    خبراء يحذّرون و يدقون ناقوس الخطر: ''فلاتر التجميل'' أدوات قاتلة    بطولة روما للتنس :انس جابر تستهل مشوارها بملاقاة التشيكية كفيتوفا والرومانية بيغو    صفاقس : عودة متميزة لمهرجان سيدي عباس للحرف والصناعات التقليدية في دورته31    ملف الأسبوع.. تَجَنُّبوا الأسماءِ المَكروهةِ معانِيها .. اتّقوا الله في ذرّياتكم    أولا وأخيرا: أم القضايا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نوفل سلامة يكتب لكم : الرسام عبد الحميد عمار اختار أن يعيش الحياة على طريقته
نشر في الصريح يوم 02 - 08 - 2019

من الصور التي راجت بكثرة على مواقع التواصل الاجتماعي وتناقلها الناس بكثافة في يوم تشييع جنازة الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي صورة طفل صغير يؤدي التحية العسكرية من على مبنى منزلهم وصورة الشرطي الذي يوزع قوارير الماء على بعض الجموع الذين جاؤوا لتوديع الرئيس وصورة الملتحي وزوجته المحجبة وهي ترفع علم تونس وقد جاءا لمشاهدة موكب الرئيس وصورة الشيخ عبد الفتاح مورو وهو يمشي مترجلا خلف موكب الدفن واضعا يديه خلف ظهره مطرق الرأس في وضعية خشوع وتأثر .. ولكن الصورة التي راجت أكثر من غيرها وتأثر لها كل من شاهدها صورة الفنان التشكيلي " عبد الحميد عمار " الذي ظهر وسط العاصمة أثناء مرور موكب جنازة الرئيس لتوديعه من قبل الشعب التوديع الأخير رافعا يده بالتحية حاملا عكازا ويرتدي ثيابا رثة للغاية مع شعر أغبر ولحية كثيفة ما يوحي بأن الرجل يعيش وضعا مأساويا وحالة من الفقر والعوز وهو الذي كان إسمه في الماضي يملأ الاصقاع مشرقا ومغربا بلوحاته الفنية التي سبقت شهرتها شخصه.
لا أخفي سرا إن قلت إن نشر هذه الصورة في وقت تزامن مع متابعة موكب دفن الرئيس الباجي قد خلف وقعا كبيرا في نفسي وأنفس الكثير من الناس الذين ساءهم حال هذا الفنان وحصلت القناعة بأن الجمهورية التي نتباهي بأن الرئيس الراحل قد عمل على ترسيخها بعد الثورة قد نسيت أبناءها وأن الدولة التي تحدث عنها المرحوم كثيرا ونبه إلى ضرورة الابقاء على هيبتها تضيع مبدعيها وأن هذا الفنان المعروف لم يلق حظه من العناية والاهتمام المستحقين يوم غدرت به الدنيا وانقلبت عليه الحياة وقد كان من المفروض أن يلتفت إليه الجميع وخاصة الجهات الرسمية التي عليها واجب حماية المثقف والمبدع والمفكر حينما يتعرض إلى ويلات الدهر.
وقد دفعتني هذه الصورة المعبرة إلى كتابة مقال ألفت فيه النظر إلى حال هذا الرجل المهمش وأدفع المسؤولين وخاصة وزير الثقافة أن يتخذ من الاجراءات ما يحسن من حاله ويقلل من وطأة الفقر عليه وذلك بوضع جراية تؤمن له على الاقل عيشه اليومي وتحسين مظهره الخارجي وقد كنت على أهبة الكتابة إلى أن استمعت بمحض الصدفة إلى اتصال هاتفي أجرته اذاعة " اكسبراس أف أم " مع السيدة سلمى عمار مستشارة بوزارة الثقافة لاستفسارها حول وضعية الفنان عبد الحميد عمار بعد أن تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي صورته يوم موكب دفن الرئيس قالت فيه بأن هذه الصورة لا تعكس حقيقة حالة هذا الفنان من كونه يعيش وضعا صعبا ويحيى حياة الفقر والعوز بسبب الإهمال وقلة المال وهي صورة لا تعكس حقيقة ما قامت به الوزارة معه من متابعة ومرافقة ولكن حقيقة الأمر أن هذا الفنان ليس فقيرا اضطرارا كما يظن وإنما هو شخصية قد اختارت أن تعيش على الشكل الذي أرادته وما نراه عليه من بؤس هو قناعة منه وطريقة حياة اختارها ونظرة للعيش ارتآها لنفسه بما يعني أن الوضع الذي هو عليه الفنان التشكيلي عبد الحديد عمار ليس بدافع الفقر والعوز وإنما هو اختيار منه أن يعيش كما يعيش " البهيميين " الذين اختاروا حياة التمرد وعدم الاندماج مع الاعراف والمقاييس الاجتماعية وفضلوا أن يلزموا انفسهن بطريقة عيش خاصة بهم .
في الحقيقة لم أصدق ما سمعته على لسان هذه المستشارة وللتأكد من صحة ما قالته استنجدت " بالشيخ قوقل " بعد أن ترحمت على من صممه سندا للباحثين عن المعلومة علي أجد ضالتي في معرفة حقيقة هذا الفنان الذي تعاطفت معه وتعاطف معه كل من شاهد صورته في تلك الحالة التي ظهر عليها فماذا وجدت ؟ وجدت أن مظهر الرجل لا يعكس حقيقة وضعه الاجتماعي وهو رجل ليس في وضعية الفقير او المحتاج كما يخيل للكثير من الناس وإنما الحقيقة هي أن وضعه المادي مريح فهو يتمتع بتقاعد عن عمله بعد أن غادر سلك التدريس وقد سبق له أن عمل في سلطنة عمان في إطار التعاون الفني وانتقل إلى فرنسا وأقام الكثير من المعارض وهو يمتلك مبيتا بالقرب من منطقة الحفصية وأن وزارة الثقافة قد احتضنت الكثير من أعماله الفنية وأقامت له المعارض غير أنه خير أن يعيش على طريقته فالحالة التي هو عليها هي موقف واختيار منه وسلوك يعبر عن نظرته للحياة وموقف من كل ما هو رسمي ومنظم لقد اختار عن قناعة أن يعيش حياة المهمشين على الطبيعة واختار النزوع نحو الحياة المنفردة وأن يعيش في عزلة عن الناس ويهجر كل ما هو تمدن وحضارة وأن يعيش خارج النسق وفق طريقته ونظرته للوجود نتيجة تأثير التمثلات والصور المجردة التي جعلته يفكر بشكل مفارق لما نعيشه ويرسم لنفسه عالمه ووجوده الخاص به وهو وجود رافض لعالمنا الذي يدينه ولا يقبل به.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.