لو سألت «باش محلّل» قبل 6 شهور من الآن أو بالتحديد في الصيف الماضي السؤال التالي:هل تتوقع أن تقوم ثورة في ليبيا ثم تتدخل أمريكا وبعض الدول الأوروبية في هذا القُطر الشقيق ويصبح «الأمريكان جيراننا»؟ لو سألت هذا السؤال لضحك عليك «الباش محلّل» ولاتهمك بالجنون.. ولأخبر عنك مستشفى المجانين بمنوبة.. وانطلاقا من ذلك علينا نحن التوانسة أن نشعر أولا وبالأساس بدقة وصعوبة وخطورة المرحلة ثم وبالتالي علينا أن نتوقع سيناريوهات كثيرة وخطيرة قد تحدث في المستقبل القريب والبعيد على شاكلة السيناريو الأسود الذي وقع ويقع في ليبيا والذي لم يخطر على بال الجميع من سياسيين ومتابعين ومحللين وحتى منجمين.. أنا شخصيا كتبت قبل نحو عام أقول انني رأيت بدايات وإشارات ومقدمات لدبي جديدة قادمة على مهل في طرابلس وطالبت بأن نتابع ونجتهد لنأخذ نصيبنا في ما سيقام في طرابلس بالذات وليبيا عموما من مشاريع وإنجازات عملاقة.. ولكن لا أحد على الاطلاق كان يتصوّر.. أو يتخيّل.. أن الأوضاع ستسوء في البلد الشقيق الى حدّ التدخل الأجنبي.. وهذه العبارة.. عبارة «التدخّل الأجنبي» عندما ننطق بها تبدو عبارة صغيرة وعادية ولا وزن لها.. ولكن لو نحن حللناها.. وتعمقنا فيها لإكتشفنا أن بداخلها كارثة.. بل كوارث ومصائب وخسائر وسلبيات وأمراض لا حدّ لها ولا آخر.. نعم.. إن بداخل تلك العبارة ينتصب الاستعمار بقامته الطويلة المخيفة.. والذكي هو الذي يشمّ هذه الأيام رائحة الاستعمار التي عادت وانتشرت بقوّة.. وأصبح لها حضور بارز ومكشوف.. ودون أن نثير مشاعر الخوف.. ودون أن نسقط في حالة من الخوف.. نقول إنه من الواجب الوطني العام أن ننتبه قليلا.. وأن لا نترك الحبل على الغارب.. وأن لا نسمح باستمرار حالة التسيّب العام اللفظي والمادي والذي شمل للأسف الشديد كل الميادين دون استثناء.. وأن من الواجب الوطني كذلك أن نتوقع حدوث ما لا يمكن أن يخطر لنا على بال ثم على ضوء توقعاتنا نتخذ من الاجراءات الوقائية والحمائية ما يجنب وطننا الوقوع في المطبّات.. والمستنقعات.. والأوضاع السيئة التي لا تتماشى مع مصلحتنا الوطنية العليا.. إن حالة الانفلات العام لم تعد تليق بنا.. ولم تعد تخدم مصالحنا الاقتصادية والاجتماعية.. وتعرّض بلادنا لأخطار إذا ما حلّت فإننا للأسف الشديد سوف لا نقوى على مجابهتها.. و«الفاهم يفهم».. إنني أدعو الى الحذر.. واليقظة.. وإلى الترفع عن الصغائر والقشور والاهتمام بما يقوّي بلادنا سياسيا واقتصاديا وتجاريا وسياحيا واجتماعيا.. وأعتقد إننا نملك القدرة على ذلك فلدينا الكفاءات والذكاء وحسن التصرّف.. لقد نجحنا نجاحا باهرا دوّخ العالم والآن علينا أن نحسن توظيف ذلك النجاح حتى لا تضيع منّا بلادنا.. وحتى لا تتحول رائحة الاستعمار التي تزكم أنوفنا هذه الأيام بقوة الى شيء كريه يفرض نفسه علينا بوقاحة وشراسة وعنف!!! علينا أن لا نترك أنفسنا نُقاد الى المجهول وذلك برسم الطريق وتحديد الخريطة والسيطرة على أوضاعنا وامتلاك زمام أمرنا.. المجهول الآن وفي هذه المرحلة بالذات هو أكبر عدوّ.. علينا أن نطيح به ونفترسه ونقضي عليه!!!