انتخاب يوسف البرقاوي وزكية المعروفي نائبين لرئيس المجلس الوطني للجهات و الاقاليم    منها 617 م.د بيولوجية...عائدات تصدير التمور ترتفع بنسبة 19،1 ٪    بعد القبض على 3 قيادات في 24 ساعة وحجز أحزمة ناسفة ..«الدواعش» خطّطوا لتفجيرات في تونس    فضيحة في مجلس الأمن بسبب عضوية فلسطين ..الجزائر تفجّر لغما تحت أقدام أمريكا    هل تم إلغاء حج الغريبة هذا العام؟    شهداء وجرحى في غارات للكيان الصهيونى على مدينة رفح جنوب قطاع غزة    كأس تونس .. بنزرت وقفصة يعبران ولقاء جرجيس و«البقلاوة» يلفت الأنظار    أخبار الترجي الرياضي .. أفضلية ترجية وخطة متوازنة    وزير الشباب والرياضة: نحو منح الشباب المُتطوع 'بطاقة المتطوع'    القصرين...تلميذ يطعن زميليه في حافلة النقل المدرسي    رئيس الجمهورية يُشرف على افتتاح معرض الكتاب    القصرين..سيتخصّص في أدوية «السرطان» والأمراض المستعصية.. نحو إحداث مركز لتوزيع الأدوية الخصوصيّة    بكل هدوء …الي السيد عبد العزيز المخلوفي رئيس النادي الصفاقسي    هزيمة تؤكّد المشاكل الفنيّة والنفسيّة التي يعيشها النادي الصفاقسي    تعاون تونسي أمريكي في قطاع النسيج والملابس    عاجل/ محاولة تلميذ الاعتداء على أستاذه: مندوب التربية بالقيروان يكشف تفاصيلا جديدة    حجز أطنان من القمح والشعير والسداري بمخزن عشوائي في هذه الجهة    معرض تونس الدولي للكتاب يعلن عن المتوجين    وزارة الصناعة تفاوض شركة صينية إنجاز مشروع الفسفاط "أم الخشب" بالمتلوي    المعهد الثانوي بدوز: الاتحاد الجهوي للشغل بقبلي يطلق صيحة فزع    قيس سعيد يعين مديرتين جديدتين لمعهد باستور وديوان المياه المعدنية    ارتفاع حصيلة شهداء قطاع غزة إلى أكثر من 34 ألفا    الوضع الصحي للفنان ''الهادي بن عمر'' محل متابعة من القنصلية العامة لتونس بمرسليا    حالة الطقس خلال نهاية الأسبوع    لجنة التشريع العام تستمع الى ممثلين عن وزارة الصحة    حامة الجريد: سرقة قطع أثرية من موقع يرجع إلى الفترة الرومانية    سيدي بوزيد: وفاة شخص واصابة 5 آخرين في حادث مرور    انتخاب عماد الدربالي رئيسا للمجلس الوطني للجهات والأقاليم    عاجل/ كشف هوية الرجل الذي هدّد بتفجير القنصلية الايرانية في باريس    انطلاق معرض نابل الدولي في دورته 61    الصالون الدولي للفلاحة البيولوجية: 100 عارض وورشات عمل حول واقع الفلاحة البيولوجية في تونس والعالم    تخصيص 12 مليون م3 من المياه للري التكميلي ل38 ألف هكتار من مساحات الزراعات الكبرى    نقابة الثانوي: وزيرة التربية تعهدت بإنتداب الأساتذة النواب.    برنامج الجلسة العامة الافتتاحية للمجلس الوطني للجهات والأقاليم    حادثة انفجار مخبر معهد باردو: آخر المستجدات وهذا ما قررته وزارة التربية..    كأس تونس لكرة السلة: البرنامج الكامل لمواجهات الدور ربع النهائي    انزلاق حافلة سياحية في برج السدرية: التفاصيل    تواصل حملات التلقيح ضد الامراض الحيوانية إلى غاية ماي 2024 بغاية تلقيح 70 بالمائة من القطيع الوطني    كلوب : الخروج من الدوري الأوروبي يمكن أن يفيد ليفربول محليا    بطولة برشلونة للتنس: اليوناني تسيتسيباس يتأهل للدور ربع النهائي    وفاة الفنان المصري صلاح السعدني    عاجل/ بعد تأكيد اسرائيل استهدافها أصفهان: هكذا ردت لايران..    توزر: ضبط مروج مخدرات من ذوي السوابق العدلية    عاجل: زلزال يضرب تركيا    انتشار حالات الإسهال وأوجاع المعدة.. .الإدارة الجهوية للصحة بمدنين توضح    رئيس الدولة يشرف على افتتاح معرض تونس الدّولي للكتاب    تجهيز كلية العلوم بهذه المعدات بدعم من البنك الألماني للتنمية    المنستير: ضبط شخص عمد إلى زراعة '' الماريخوانا '' للاتجار فيها    عاصفة مطريّة تؤثر على هذه الدول اعتباراً من هذه الليلة ويوم غد السبت    خطبة الجمعة..الإسلام دين الرحمة والسماحة.. خيركم خيركم لأهله !    اسألوني .. يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    منبر الجمعة .. الطفولة في الإسلام    ضروري ان نكسر حلقة العنف والكره…الفة يوسف    وزير الصحة يشدّد على ضرورة التسريع في تركيز الوكالة الوطنية للصحة العموميّة    شاهدت رئيس الجمهورية…يضحك    حيرة الاصحاب من دعوات معرض الكتاب    غادة عبد الرازق: شقيقي كان سببا في وفاة والدي    موعد أول أيام عيد الاضحى فلكيا..#خبر_عاجل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ندوة جريدة الشعب حول النظام الجديد للتأمين على المرض
نشر في الشعب يوم 21 - 04 - 2007

إيمانا بدورها في الإعلام الجماهيري الهادف وحرصا على خدمة أهداف الاتحاد منها كوسيلة اتصال بالشغالين واستجابة لتطلعات عموم النقابيين والعمال والمواطنين، نظمت جريدة الشعب منذ أسبوعين بنزل أميلكار منبر حوار حول تطبيق النظام الجديد للتأمين على المرض.
وقد وجهت الدعوة الى كل الاطراف المعنية والمتداخلة في الموضوع بدون استثناء فاستجاب أغلبهم.
هذا المنبر الحواري أشرف على انطلاقه الأخ محمد شندول مدير جريدة الشعب والامين العامالمساعد المسؤول عن الاعلام والنشر والاتصال الداخلي بحضور الأخ محمد العروسي بن صالح رئيس التحرير والاخ فتحي العياري منسق قسم التغطية الاجتماعية بالاتحاد، والذي أر لهذا المنبر بكلمة ترحيبية اولى قبل ان يحيل الكلمة الى الأخ محمد شندول وأن يتولى تنشيط المنبر.
تذليل كل الصعاب
الأخ محمد شندول الأمين العام المساعد المسؤول عن الإعلام والنشر والاتصال الداخلي مدير جريدة الشعب أبرز في كلمته المنطلق الإعلامي لتنظيم هذا المنبر الحواري حيث أشار إلى أن جريدة الشعب يهمها كطرف منتج لمادة إعلامية وبعد المخاض العسير لملف التأمين على المرض أن تنظم هذا المنبر الحواري للاستماع لكل الآراء والافكار لرصد الآراء حول المشروع ككل وتقديم النقاط التي ستدخل حيز التطبيق بداية شهر جويلية القادم لقراء الجريدة بشكل مبسط إضافة إلى توضيح بعض المسائل التي تشغل بال الرأي العام.
الأخ محمد شندول ابرز في كلمته تجاوب الأطراف التي لبت الدعوة وحضرت هذا المنبر الحواري وهو ما يبرز متانة العلاقة التي تجمع الاتحاد العام التونسي للشغل ومن ورائه جريدة الشعب بكل الاطراف الاجتماعيين وهياكل وممثلي أصحاب العمل في مختلف الاختصاصات مؤكدا اعتزاز جريدة الشعب بتنظيم هذا المنبر والخوض في ثنايا وتفاصيل هذا الملف من اجل الخروج بموقف وفاقي يساهم في تذليل الصعاب التي قد تعترض بداية تطبيق النظام الجديد للتأمين على المرض ويتيح للجميع أيضا العمل من أجل إنجاح الخطوات الأولى له في شهر جويلية 2007 ، في انتظار استكمال باقي مكونات الإصلاح وتطبيق النظام بأكمله بداية من شهر جويلية 2008. على أغلب الظنّ.
وختم الاخ محمد شندول كلمته بتوجيه تحية الى اللجنة الفنية المختصة التي مثلت الاتحاد العام التونسي للشغل في مختلف مراحل إعداد النصوص الترتيبية المنظمة لانطلاق مشروع صندوق التأمين على المرض ولعبت ايضا دورا كبيرا ومهما في الدفاع عن مقاربة ومواقف الاتحاد العام التونسي للشغل في هذا الملف الهام في حياة الشغالين والشعب التونسي عموما.
إثر ذلك وبحكم تولّيه تنشيط المنبر وإدارة الحوار بين مختلف المشاركين، دعا الاخ فتحي العياري الحضور الى الإدلاء بانطباعات أولية من شأنها التمهيد للحوار وعلى هذا الأساس كانت البداية بالاخ رضا بوزريبة الامين العام المساعد للاتحاد المسؤول عن التغطية الاجتماعية والصحة والسلامة المهنية، باعتباره ممثل الاتحاد العام التونسي للشغل في الملف ورئيس وفده الى مختلف المفاوضات التي جرت في الغرض.
الأخ رضا بوزريبة: حضور مهم على طاولة واحدة
وفي مستهل كلمته توجه الاخ رضا بوزريبة بتحية إلى إدارة تحرير جريدة الشعب التي نجحت في جمع الاطراف المعنية بملف التأمين على المرض وهو ما لاح جليا في الحضور المهم الذي عرفه هذا المنبر الحواري حيث قال الاخ بوزريبة إننا نتقابل للمرة الأولى بمثل هذا الحضور على طاولة واحدة لمناقشة ملف التأمين على المرض.
وتخلص الامين العام المساعد المسؤول عن التغطية الاجتماعية والصحة والسلامة المهنية للحديث عن المراحل التي قطعت من اجل الوصول الى الاتفاق الحاصل وذلك في علاقة بالحكومة وكل مقدمي الخدمات فأشار الى الصعوبات الكبيرة التي شهدتها مراحل التفاوض بحكم تداخل عديد الأطراف وتباين المصالح والرؤى وهو ما يجعل من الوصول الى نقطة وفاقية من الصعوبة بمكان وتتطلب صبرا كبيرا.
واشار الاخ رضا بوزريبة إلى ان الاتحاد العام التونسي للشغل بحكم إيمانه بضرورة الدفاع عن الأجراء الذين يمولون الصندوق الوطني للتأمين على المرض فانه تفاعل مع الملف اعتبارا لأهمية قيام تغطية اجتماعية وتأمين على المرض يكفل للمضمونين الاجتماعيين حقوقهم وأضاف الأخ رضا بوزريبة قوله «تفاعلنا مع الملف لأننا نعتبره مخرجا مهما من الاشكاليات التي عرفها القطاع الصحي عموما والضمان الاجتماعي على وجه الخصوص رغم الصعوبات التي سجلناها في التعامل مع الاطراف الاخرى».
لا تنازل عن القطاع العام... ونعم للقطاع الخاص
وفي معرض حديثه عن الشروط المطلوبة لإنجاح انطلاق العمل بالنظام الجديد، أكد الأخ بوزريبة أن الاتحاد العام التونسي للشغل لن يتنازل عن بعض الحقوق وعن بعض المسائل الجوهرية وأضاف: أقول هذا للجميع وخاصة الى الصندوق الوطني للتأمين على المرض باعتباره يتفاوض باسمنا مع مقدّمي الخدمات وباعتبار أنّه في بعض الأحيان يبدو وكأنّه واقع تحت ضغط معيّن. وكم أودّ أن تبرهنوا لي اليوم كيف ان ما تقولونه وتقترحونه يمكن أن يخدم مصلحتنا. أقيموا لي الدليل، أنا كمضمون اجتماعي، إن ما تقترحونه وتتحدثون عنه يمكن ان يكون في صالحي، وسأبيّن لكم بدوري كيف أن بعض ما تقترحونه لا يخدم صالحي، لا كفرد، بل كمنظومة كاملة للتأمين على المرض. فبالنسبة لنا، لا شكّ أن الخدمات لها قيمة معينة، لكن الأهم بالنسبة لنا، وأكثر بكثير، هو ديمومة التوازنات المالية، والرأي عندي كمضمون اجتماعي أن أقبل خدمات صحيّة متوسطة احافظ بها على صحتي وسلامتي الجسدية أفضل مما هو موجود لا محالة يسديها لي الصندوق الوطني للتأمين على المرض وأن أضمن توازنات مالية قارة للنظام بأكمله فذلك خير لي من خدمات مكلفة ومبذّرة لكنها تساهم في الانخرام السريع للتوازنات المالية ولننتبه الآن الى مسألة مهمّة وهي أنني الآن كمضمون اجتماعي لا أملك شيئا. أنا أتكفّل بنفسي وأدفع مصاريف علاجي، بل إن اعدادا كبيرة من المضمونين الاجتماعيين لا يستطيعون طلب إجراء عمليات جراحية مثلا عند الخواص، بل ثمّة من لا يفكّر في الامر إطلاقا.
وإذا كان التأمين على المرض سيزيد في منافع المنتفعين حاليا بإمتيازات، ويترك الحال على ما هو عليه بالنسبة للغالبية المتبقية فلا فائدة منه.
قد يزعجكم هذا الكلام الصريح، لكنّه كلام لا يمكن أن يكون إلاّ منحازا للعمال وعموم المضمونين الاجتماعيين، وبودّي أن أسمع منكم مايطمئنني على هؤلاء المضمونين، باعتباري أمثّلهم. أنا أفهم أن عندكم خطوطا حمراء، مثلما عندنا خطوط حمراء لا يمكن أن نتجاوزها وكذلك الصندوق، لكن أتصوّر أنّنا عند نقاش الجزئيات، يمكن أن نصل الى حلول، بل أتصوّر أن كل من يرغب في إنجاح النظام الجديد للتأمين على المرض يستطيع أن يساعد في التوصل للحلول خدمة لنفسه وللمضمون وللبلاد خاصة انه أصبح لا مفرّ من هذه المساعدة باعتبار ان تاريخ الانطلاق قد أصبح على الأبواب.
نقطة أخرى تعرض لها الاخ رضا بوزريبة وهي تخص تأهيل القطاع الصحي العمومي حيث قال «إنّه لا إمكانية لنجاح النظام الجديد للتأمين على المرض بدون تأهيل القطاع الصحي العمومي» واضاف الاخ رضا: أنّ هناك مناطق في بلادنا لا يستطيع أن يذهب إليها الاختصاصيون مثلا ما لم يسبقهم إليها القطاع العمومي، وذلك مهما أوتي هؤلاء من قدرات وتضحية وجانب ملائكي.
لذلك فإنّ تأكيدنا على تأهيل القطاع الصحي العمومي أو العام ليس موجّها ضد القطاع الخاص، وإنّما هو لضمان ليس فقط حقوق المضمونين الاجتماعيين بل نقصد أيضا أولئك المواطنين الذين لا سند لهم ولا امكانيات غير بطاقات العلاج المجاني وما شابهها.»
وأضاف الأخ رضا: إنّ غايتنا نبيلة ولسنا مستعدين للتنازل عن مطالبنا وحقوقنا وثوابتنا في الحفاظ على صحة الشغالين والمضمونين الاجتماعيين مع مراعاة التوازنات المالية لصناديق الضمان الإجتماعي.
وكم أودّ في هذه المناسبة، أن تقنعوني بما تقترحون وعندئذ سأصبح سفيرا لكم عند الاتحاد وعند الشغالين والنقابيين الذين مثلتهم عند الصندوق الوطني للتأمين على المرض، ولا أخفي عليكم ان النقابيين كانوا في البداية رافضين للمشروع ومتخوفين بتعلّة انه مفروض من بعض الدوائر. لكن من خلال النقاش وتبادل الآراء أمكن إرساء مناخ من الثقة ساد المفاوضات التي جرت بيننا وبين الصندوق، وكم أتمنّى أن تسود هذه الثقة بين جميع الاطراف، وأريد أن أتوقف عند هذا الحد لأنّني لا أريد أن أطيل أكثر ممّا فعلت.
السيد الأسعد زروق: لم نخرج عن الوفاق رغم اختلاف المصالح
وبدوره، استهل السيد الاسعد زروق المدير العام للضمان الاجتماعي بوزارة الشؤون الاجتماعية والتضامن والتونسيين بالخارج كلمته الافتتاحية بتحية إدارة جريدة الشعب على الفرصة التي أتاحتها لمختلف المتداخلين في ملف التأمين على المرض حتى يلتقوا معا على نفس المائدة، من أجل المزيد من النقاش وتبادل الآراء، بعيدا عن أجواء المفاوضات التي تكون في بعض الأحيان صعبة، خاصة أنّ هذه المائدة المستديرة التي تنظمها «الشعب» تأتي مباشرة بعد قرار سيادة رئيس الجمهورية بانطلاق العمل بالنظام الجديد للتأمين على المرض بداية من غرة جويلية القادم. وهي فرصة طبعا لتقديم المزيد من التفاصيل والمعطيات عن هذا النظام وإنارة الرأي العام حول تنفيذ انطلاقه وحول الاتفاقيات التي أبرمت إلى حدّ الآن، فضلا عن أن السيد الناصر الغربي ر م ع الصندوق والذي يسهر على المفاوضات مع مقدّمي الخدمات، سيعرّفنا على استعدادات الصندوق لانطلاق العمل بهذا النظام.
وأضاف السيد الاسعد زروق: «إذا كان لابدّ من التذكير بحيثيات الإصلاح، فإنّه وجب القول أنّه ما دام هناك حديث عن إصلاح، فهذا يعني وجود نظام ما. والحقيقة ان النظام الصحي الموجود عندنا يعتبر مفخرة وقد وقعت الإشادة به في عديد المنابر في الداخل وفي الخارج، سواء منه نظام التغطية الذي تؤمنه وزارة الصحة أو نظام التغطية الذي تؤمنه بقية الاطراف من صناديق وتعاونيات وخواص من مقدّمي الخدمات والذين لنا معهم اتفاقيات مثل القلب والشرايين وتصفية الدم، وذلك في تميّز مشهود به لبلادنا خلافا لبلدان أخرى تمنع عن مواطنيها مثل هذه المنافع.
وأضاف السيد الاسعد زروق «إنّ الاصلاح فرض نفسه باعتبار ان التطورات الاقتصادية والاجتماعية وكذلك الديمغرافية التي شهدتها بلادنا تجعل من الصعب المحافظة على المكاسب المتوفرة عندنا إذا لم نتعهدها هي الاخرى بالاصلاح والتطوير. وفي هذا الاطار بادر سيادة رئيس الجمهورية في غرة ماي 1995 من خلال نظرة استشرافية بإعطاء إشارة التفاوض في هذا الملف بين الاطراف الاجتماعيين بدءا بالوزارات المعنية والمنظمات الوطنية وكذلك مقدمي الخدمات الصحية باعتبارهم طرفا فاعلا في الموضوع.
أمّا أهداف الإصلاح فإني ألخصها في ثلاثة أهداف رئيسية:
1 تحسين الخدمات الصحية المقدمة للمضمونين الاجتماعيين باعتبار ان المضمون الاجتماعي مثلما قال السيد رضا بوزريبة هو محور هذا الاصلاح، وهذا مبدأ أساسي.
2 تكافؤ الفرص بالنسبة لكافة المضمونين الاجتماعيين في تلقي العلاج المناسب الذي يتماشى مع حالتهم الصحية بقطع النظر عن وضعهم الاجتماعي.
3 ضرورة التحكم في المصاريف الصحية ضمانا لديمومة نظام التأمين على المرض ولتوازنه المالي.
وقد جاءت هذه الأهداف أو رسمت بشكل يضمن الوفاق بين كل الاطراف المتدخلة رغم تشعب هذا النظام واختلاف المصالح، وهو أمرٌٌ عادي في نظام يمس الامور الاجتماعية والمالية والاقتصادية لذلك كان لابدّ أن يحدث هذا النظام في إطار الوفاق، وأستطيع القول إنّ ما توصلنا إليه خلال سنوات من المفاوضات لم يخرج عن هذا الوفاق بل وفي أقصى درجاته.
هذه المبادئ أردت تأكيدها خاصة أن وزارة الشؤون الاجتماعية والتضامن والتونسيين بالخارج باعتبارها المنسق العام للبرنامج، باسم الحكومة والدولة قد سهرت عليه باتفاق مع كل الأطراف المتدخلة.
جودة، نجاعة وانصاف
في بداية تدخله توجه السيد الهادي العاشوري بتحية شكر الى الاتحاد العام التونسي للشغل وجريدة الشعب على تنظيمهما لهذا المنبر الحواري ثم تولى تقديم بسطة شاملة على تطور الانظمة الصحية ببلادنا والتي اسهمت في تحسين الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين بعد ان اختارت تونس المراهنة على صحة المواطن بتوفير كل الضمانات والمرافق الصحية القادرة على تقديم خدمات صحية تلبي احتياجات المواطن وحقه في الصحة واستطرد السيد العاشوري قائلا: «اليوم نواجه تحديات وتحولات عالمية مهمة انعكست بطبيعة الحال على الوضع الصحي وتطرح علينا عديد الاشكاليات في تكفل المرضى من تغطية وأدوية ومختبرات جديدة بما ينعكس على كلفة للمجموعة الوطنية وللفرد وهو ما يجعلنا وفي ظل التحولات الاقتصادية والاجتماعية وارتفاع مؤمل الحياة للفرد امام تحديات كبيرة لضمان جودة الخدمات الصحية العامة لكسب هذه الرهانات»..
واضاف ممثل وزارة الصحة العمومية قائلا: «نحن في تونس نمتلك ومنذ بداية الاستقلال نظام تأمين على المرض يعتبر مثالا رائدا لعديد البلدان التي تشابهنا في الخصوصيات وحتى المتطورة ايضا هذا النظام له عديد الايجابيات المهمة وله ايضا بعض السلبيات والتحديات المطروحة اليوم علينا تفرض ان يكون تمويل الانظمة الصحية معتمدا اكثر على تمويل عمومي وهو ما تقوم به الدولة وبحد معيّن منذ الاستقلال وتقوم به ايضا الصناديق الاجتماعية ولكن اليوم وفي ظل التطورات الحاصلة يجب علينا تطوير طريقة التمويل بما يكفل مزيد النجاعة وضمان مساهمة جميع الاطراف المعنية بالتغطية في تمويل انظمة التغطية الصحية من اجل ضمان جودة الخدمات الصحية المسداة للمضمونين الاجتماعيين والنجاعة في حسن استغلال الموارد العمومية المتوفرة للقطاع الصحي في ذلك من اجل تحقيق الاهداف المطلوبة للوصول الى الغاية الاساسية وهي الانصاف والعدالة في التمتع بالتغطية الصحية وحسن استغلال الموارد المالية والبشرية أفضل استغلال لتقديم خدمة صحية على نفس القدر من المستوى لا تفرق بين مواطن يقطن بلدة حيدرة او تونس العاصمة وبين عامل حضائر او موظف او اطار فلابد من تقديم نفس الخدمات لضمان الانصاف والعدالة.
هذه الاهداف انبنى عليها نظامنا الصحي في بلادنا منذ الاستقلال نظام يتقاسم فيه القطاعان العام والخاص الادوار والتحول الكبير الذي حدث هو ما ذكره السيد رضا بوزريبة منذ قليل والمتمثل في تمويل عمومي للقطاع الخاص وهو ما يفرض حسب اعتقادي التكامل بين القطاعين كل من موقعه لبلوغ الاهداف المرتقبة على مستوى الجودة والنجاعة والانصاف لاننا لا نعتقد اننا في حالة خصام او عراك بل اننا في حالة تفرض علينا التكامل فكل العاملين بالقطاع الخاص هم من ابناء القطاع العام من اطباء وصيادلة وغيرهم من مكوني المشهد الصحي ببلادنا ولهم ايضا حنين للقطاع العام الذي يبقى المرجع وكلما قام هذا الاخير بدوره الا وانعكس ذلك ايجابيا على القطاع الخاص المطالب بتكملة القطاع العام وكل هذه التوجهات تفرض علينا ترسيخ ثقافة الجودة وتأمين الجودة في مختلف المستويات بناءا على معطيات نتابعها جميعا مع بعضنا كل في ما يهمه على أساس جودة خدماتنا سواء كان ذلك في القطاع العام او في القطاع الخاص على مستوى الاطار والصيادلة والاطار التنظيمي او على مستوى الاطار الاداري هذا على المستوى الاول.
الضرورة الثانية التي تفرضها علينا التوجهات والتحديات المطروحة علينا تتلخص في اعتقادي في ضرورة التفسير والمتابعة وهو ما اشاطر فيه الرأي الذي ذكره السيد رضا بوزريبة على اعتبار ان اهم شيء بالنسبة لنا هو التوازن المالي حتى نتمكن من مواكبة التطورات الحاصلة عالميا على مستوى الابحاث وتكنولوجيات الصحة لاننا نعتقد انه وفي غياب احكام التوازنات المالية فان امكانياتنا المالية لا تساعدنا على مواكبة هذه التطورات وتوفيرها ببلادنا وتقييم خدماتنا ومتابعتها يضعنا بطبيعة الحال امام اهمية الدور الذي سيقوم به صندوق التأمين على المرض الذي سيلعب دورا هاما على مستوى الخدمات الطبية والصيدلانية اضافة الى وزارة الصحة العمومية لمتابعة هذه التوجهات الكبرى التي تمثل الهدف الاساسي والمرجعي لمراجعة منظومة التأمين على المرض
تعميم التغطية الصحية العادلة للجميع
في بداية كلمته الافتتاحية، حيّى السيد الناصر الغربي الرئيس المدير العام للصندوق الوطني للتأمين على المرض بادرة جريدة الشعب بتنظيم هذا الحوار وعبّر عن سعادته بالمشاركة فيه باعتباره فرصة لجميع الأطراف المعنية بهذا الملف للالتقاء هذه المرّة على طاولة النقاش وليس على طاولة التفاوض، ذلك ان الموضوع هام جدا ويستحق أن ننظم في شأنه أكثر من مائدة مستديرة وأكثر من فرصة حوار كما يستحق أن نحيطه بأكثر ما يمكن من الوفاق. فنحن، يقول السيد الناصر الغربي، بصدد اصلاح نظام التأمين على المرض ولسنا بصدد احداث نظام جديد باعتبار أنّه يتوفّر لدينا نظام عشنا في ظله وساهم بقسط كبير في ما وصلنا إليه من حالة صحية جيدة وتطورات ايجابية للمؤشرات الصحية، لكن كل منظومة تقوم بدورها في زمن معين ونجاحها يمثل سببا لتجاوزها فبعد أن قامت بدورها، نجدها بنفسها تهيئ للمرحلة الموالية، فكلما بلغنا مرحلة معينة، إلاّ وطمحنا الى مرحلة أرقى ، وبدائل تعرضها كل الفئات الاجتماعية والتوجهات السياسية، فالهدف وان شئتم الغائية من الاصلاح، هو السعي الى تعميم التغطية الصحية للجميع وتوفير اكثر ما يمكن من العدالة والانصاف ولو أني أميل عبارة الى الانصاف.
إنّ ما نسعى إليه في تونس، وما أذن به سيادة الرئيس وأقرته السلطة التشريعية منذ سنة 2004، وما ساهمت كل الاطراف في بنائه والوصول إليه وهنا أذكر الاتحاد العام التونسي للشغل، في موقع متميّز إنّ ما توصلنا إليه هو الاتفاق على مبادئ، قوتها في بساطتها.
أوّلا: محتوى تغطية موحّد للجميع (Un panier de soins) اي نظام إجباري موحّد للجميع، مع إمكانية وجود أنظمة تكميلية اختيارية تعاقدية تضاف إليه.
ثانيا: نسبة مساهمة متوازية مع الدخل، (pourcentage) موحدة للجميع، ما عدا بالنسبة للمتقاعدين الذين رسمت لهم نسبة تختلف عن المباشرين.
ثالثا: هيكل واحد يدير النظام او البرنامج اي باختصار، نظام موحد، نسبة موحدة وهيكل إداري موحّد، فنكون بذلك وصلنا إلى شعار «كل يتمتع حسب حاجياته ويساهم حسب امكانياته.»
من هنا يظهر أنّ النظام، وان كان يحتوي على جانب فني، يتطلب تضافر كل الجهود وأعلى حدّ ممكن من الوفاق، من دور الدولة كمعدّل وواضع لقواعد اللعبة، ومن الاطراف الاجتماعية المستفيدة والمموّلة التي يجب ان نوفر لها الاطمئنان حول صحتها ذلك أن الاطمئنان هو أحد العناصر الاساسية للتماسك الاجتماعي (La cohésion sociale) .
فالضمان الاجتماعي بصفة عامة والتأمين على المرض بصفة خاصة ليسا قضية فنية يقدر ماهو قضية اجتماعية توفر الاطمئنان الاجتماعي بمعنى اطمئنان الناس على مستقبلهم من خلال التقاعد وعلى سلامتهم المهنية من خلال التأمين على حوادث الشغل والامراض المهنية وعلى صحتهم وتواصل قدراتهم على الانتاج وصحة عائلاتهم من خلال التأمين على المرض الذي يحتوي على فوائد مادية وعينية.
هو إذن قضية تهم الجميع، الدولة، المستفيدين والذين هم الممولون وكذلك مسديي الخدمات الذين يجب ان نوّفر لهم أفقا واضحا يمكنهم من تنظيم انفسهم والقيام باستثماراتهم وبرمجة اعمالهم والغاء جانب المخاطرة الذي يتهددهم عند الانتصاب للحساب الخاص فكلما كان الافق واضحا، كان العمل مريحا.
وهنا أعود فأقول ان الاطراف الثلاثة واعني الدولة والمستفيدين ومسديي الخدمات مطالبون بضمان ديمومة النظام (La perennité) حيث يمكن عندئذ التخطيط والبرمجة والاستثمار.
وفي كل الأحوال، فإنّني أؤكد انّ إصلاح نظام التأمين على المرض، يجب أن يكون تدريجيا عمليا برغماتيا، وان ينطلق من قاعدة صلبة (socle) نطوّرها، ونتعهده بالاصلاح لكن نتفق على قواعد عمل محددة.
من هذا المنطلق، حصل الوفاق، وانطلق النظام كنموذج يعكس قدرة مجتمعنا على صياغة مشاريع كبرى، ثم صدر القانون وبعده الأوامر التي تنظم المراقبة الطبية والاتفاقيات القطاعية المشتركة، فانطلق النظام كما أسلفت من واقع نحاول أن نطوّره، واقع فيه قطاع عام قوي قام بدوره، وبروز قطاع خاص ممتاز وناجع يتعين العمل على الانتفاع من خدماته.
لذلك فإنّ من أهم مبادئ النظام الجديد وكما قال السيد رضا بوزريبة، التفتح على القطاع الخاص على أساس تعاقدي، وهذا ما نحن بصدده وما أرادت جريدة الشعب الغرّاء ان تنيره بهذا الحوار.
منطلقات الحوار
في عود على بدء وبعد هذه الكلمات التمهيدية تولى الاخ فتحي العياري إدارة الحوار بوضع الاطار المنهجي لسير الاشغال مقترحا في الغرض التعرض الى ست نقاط محورية وهي تقديم بسطة سريعة عن دواعي الاصلاح، المنطلقات والاهداف المرتقبة من مشروع التأمين على المرض وخصائص النظام الجديد للتأمين على المرض على المستوى القانوني ومكانة ومصير القطاع العمومي في ظل النظام الجديد وما تطرحه هذه النقطة من أسئلة يبقى اهمها مدى جدية الحكومة في تأهيل قطاع الصحة العمومية وفق الاتفاق المبرم بين الحكومة والاتحاد العام التونسي للشغل ومكانة التعاقد في النظام الجديد للتأمين على المرض والمشاكل والخلافات المطروحة الى اليوم؟ وهل سيتم التوصل الى حلول حتى تنطلق المنظومة بكامل عناصرها؟ الاشكال الذي يطرحه الدواء الجنيس ما يُكتنف هذا الموضوع من غموض يضعه بين الواقع والخيال وهل نحن جاهزون فعلا لبداية التطبيق في مرحلته الاولى والمقررة لبداية شهر جويلية القادم؟
هذه النقاط الست وما تفرع عنها ومنها أيضا من اسئلة شكلت ورقة عمل منهجت للحوار والنقاش الذي دار بين الحضور ليقدم كل طرف وجهات نظره ومقاربته اضافة الى استفسارات رفعت من مستوى الحوار وجعلته يلامس الشفافية في جلسة اراد لها الجميع ان تتخذ من المصارحة شعارا وانجاح البدء الفعلي في تطبيق النظام الجديد للتأمين على المرض غاية ومن تحمل المسؤولية تجاه باقي الاطراف والتعهدات منطلقا بعيدا عن لغة البروتوكولات التي عادة ما تسبق جلسات التفاوض ولعلنا هنا لا نغالي اذا ما قلنا ان جريدة الشعب قد احسنت اختيار الوقت لتنظيم هذا المنبر الحواري الذي لم تستثن منه أي طرف معني بحضوره.
ومن حسن الطالع ان الأغلبية الساحقة حضروا وادلى كل طرف بدلوه، وحتى من لم يحضر فقد اعتذر بسبب التزامات سابقة.
هذه هي دواعي الاصلاح
السيد الاسعد زروق:
اول تدخل في هذا المحور كان للسيد الاسعد زروق المدير العام للضمان الاجتماعي حيث قال:
ان خاصيات الوضع الحالي تتسم باختلافها من القطاع العام الى القطاع الخاص ففي القطاع العام هناك نوعان من التغطية يختار المضمون الاجتماعي احدهما، فاما ان يتوجه ببطاقة العلاج المتوفرة عنده الى الهياكل العمومية للصحة قصد التداوي إمّا للعلاج من الامراض العادية اوللاقامة الاستشفائية وإمّا ان يكون قد اختار نظام إسترجاع المصاريف بالنسبة للامراض طويلة المدى والعمليات الجراحية، وهو في هذه الوضعية يتمتع بحرية اختيار تقضي بأن يدفع التكاليف على أن يسترجعها من الصندوق.
بالنسبة لمن اختار نظام استرجاع المصاريف فانّّه بامكانه الانخراط في نظام اختياري للتأمين على المرض لدى نفس الصندوق (الصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية) يغطي الامراض العادية وتكون المساهمة في النظام الاجباري للتأمين على المرض ب 2 بالمائة، 1 بالمائة على كاهل الاجير و1 بالمائة على كاهل المؤجر. اما المساهمة في النظام التكميلي الاختياري فتكون ب 4,5 منها، 1.5 بالمائة على كاهل المؤجر و3 بالمائة على كاهل الاجير.
أما بالنسبة للقطاع الخاص اي الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي فهناك اختلاف في المساهمات بالنظر الى الانظمة التي ينخرط فيها كل مضمون اجتماعي، انتم تعلمون انّ لدينا تسعة أنظمة للتغطية الاجتماعية في القطاع الخاص فالمضمون الاجتماعي وافراد عائلته يتسلمون بطاقة علاج يمكن ان يعالجوا بها في المؤسسات الاستشفائية العمومية وفي مصحات الضمان الاجتماعي. وباعتبار ان السياسة الاجتماعية المتبعة في بداية الاستقلال ولا سيما في فترة الستينات اتجهت لدعم القطاع العام، كما تم انشاء ما سمي بالانظمة التعاقدية بالنسبة لعدد من المؤسسات، وفي هذا الانظمة نذكر طبعا التأمين الجماعي والتعاونيات، وطبّ المؤسسات، حيث انّ لعدد من الموسسات العمومية مصالح طبية متطوّرة. وهذا يعني أنّ هناك اختلافا في المنافع بالنسبة لشريحة هامة من المضمونين واختلافا في المساهمات، و هناك تعدّْد أنظمة قانونية وتعاقدية، بمعنى أنّ كلّ مضمون اجتماعي موجود أمام نظام معيّن وهو ما نتج عنه عدم تكافؤ في التغطية الصحيّة.
هذا أوّلا، ونعني تشعب الانظمة واختلافا المساهمات والمنافع.
أمّا الاشكالية الثانية التي يطرحها الوضع الحالي فهي ان نسق نموّ المصاريف الصحية في بلادنا طيلة العشرين سنة الماضية كبير جدا حيث انه يزيد بنسبة 10 سنويا اي بحجم اكبر من تطور خيرات بلادنا، وأنّه اذا تواصل على نفس الوتيرة فإنّه سيفرز حتما صعوبات متعدّدة، للمضمون الاجتماعي أوّلا والذي سوف يواجه مشاكل في تمويل النفقات التي تتطلبها صحته، وثانيا للمؤسسات الاقتصادية التي ترتفع بالنسبة لها الكلفة خاصة وهي امام انفتاح كبير وثالثا للانظمة الحالية للتأمين على المرض والتغطية الاجتماعية لدى صناديق الضمان الاجتماعي والتي أخذت تشهد ضغوطات مالية متزايدة.
خلاصة القول، انّ النظام الحالي حقق رغم تشعبه انجازات كبيرة لكنه وصل مثلما قال السيد الناصر الغربي الى وضع يتسم بظهور اشكاليات جديدة افرزها هو نفسه بحكم تغيّر المناخ المحيط به.
يضاف الى ذلك انّ الانظمة الحالية لا تمكّن المضمون الاجتماعي من الاتجاه الى القطاع الخاص الذي يقدّم خدمات ذات جودة معتبرة بحيث اصبح المضمون الذي لا يتمتع بنظام تعاقدي يتحمل بمفرده وزن أو وزر النفقات الصحية في القطاع الخاص، وهو عبء يقلص من القدرة الشرائية للمضمون الاجتماعي وعائلته.
نضيف أيضا، كما أشار إلى ذلك الدكتور الهادي العاشوري ان هناك تطورا تكنولوجيا جعل الكلفة ترتفع بصورة مذهلة وهو ما يعني ان نسب التمويل المعمول بها حاليا لم تعد قادرة او كافية لتغطية هذا التطوّر.
هذه العوامل مجتمعة دفعتنا لاصلاح هذا النظام قصد إيجاد ارضية جديدة، تعطي لكلّ حسب حاجته، ولكلّ حسب امكاناته.
منظومة منقوصة
الاخ رضا بوزريبة:
في تدخله في نفس المحور، قال الأخ رضا بوزريبة ممثل الاتحاد العام التونسي للشغل، «اريد ان اؤكد أنّ إحداث الانظمة الاختيارية هو دليل واضح على محدودية النظام الذي كان موجودا أي الذي مازال قائما، فالتأمين الجماعي والتعاونيات وطب المؤسسة، أنظمة قدمت خدمات إضافية للتغطية والاجتماعية القانونية او الاساسية.
فهناك خدمات لا تغطّيها التغطية الاجتماعية وتولتها الانظمة الاختيارية وهذا دليل اضافي على ان منظومة التغطية الاجتماعية من أساسها وربّما لاسباب اقتصادية نشأت منقوصة، ولذلك وقع تجاوز النقص في بعض القطاعات من خلال التعاونيات والتأمين الجماعي وغيره.
النقلة النوعية
الدكتور رابح الشايبي
لقد طالب أطباء الممارسة الحرة منذ سنوات عديدة بالقيام باصلاحات جذرية على منظومة التغطية الصحية وخاصة في مجال التأمين على المرض وهنا أذكر ان المعهد الوطني للصحة قام في صائفة سنة 1995 بدراسة مستفيضة حول القطاع بمشاركة نقابات القطاع الخاص وسلط الاشراف وكل الاطراف التي لها علاقة. وقد أسفرت هذه الدراسة عن نتائج جادة وهامة حيث أشارت بشكل خاص الى علاقة المواطن بالقطاع الخاص حيث أنّه اصبح صعب المنال عليه وكذلك الى البطالة التي أصبح يشهدها، وكذلك القطاع العام أيضا.
وذكر الدكتور رابح الشايبي بأنّ الدراسة المذكورة تطرقت في نفس الوقت الى نظام التأمين على المرض وأوصت باصلاحه بما يجعله يواكب النقلة التي شهدها المجتمع التونسي ويضمن حقوق كل الاطراف فيه.
الدوافع واضحة
قال الدكتور علي جبيرة أشكركم في البداية على الاستضافة وأريد بالمناسبة أن أؤكّد تأييدنا الكامل للمشروع، ودون العودة إلى التفاصيل، أقول أن دوافع الاصلاح واضحة، ومن الضروري المحافظة على ما تحقق من مكاسب لفائدة جميع الاطراف، وأشدّد على ضرورة الاتفاق من أجل تحسين النجاعة والخدمات المسداة للمضمونين.
مفارقة غريبة
الاخ فتحي العياري
أحببت أن أضيف، ونحن بصدد محور دواعي الاصلاح أنّ هناك صنفا من الأجراء لا يمثلون نسبة كبيرة من جملة المضمونين الاجتماعيين يتمتعون بخدمات صحية إضافية لكن العدد الاكبر من الاجراء والذين يعملون سواء في القطاع العام أو القطاع الخاص، لا يتمتعون الا بنظام واحد وهو النظام الصحي العمومي، لكن عندما يضطرون للتوجه الى القطاع الخاص فانّهم يتحملون النفقات بمفردهم.. اذكر على ذلك مثال طفل ارتفعت حرارته وصار من غير الممكن الانتظار الى اليوم الموالي وتحمّل الوقوف في الطابور، فسارعت عائلته بأخذه الى الطبيب الخاص.. وهنا فإنّها (أي العائلة) تتحمل نفقات العيادة والدواء على حسابها الخاص، اي بمفردها، دون اي امكانية لاسترجاع تلك المصاريف وهنا أصبحنا نعيش مفارقة غريبة تكمن غرابتها في ان الامكانيات المالية التي تذهب إلى القطاع الخاص متأتية في الغالب من الطبقات الأقل دخلا.
وأرى ان السبب في ذلك إنما يعود إلى عدم مواكبة قطاع الصحة العمومية للتطورات الحاصلة مما جعل اعدادا متزايدة من المواطنين يتجهون الى القطاع الخاص رغم الكلفة الكبيرة المرهقة لجيوب الاجراء.
حلّ هذا الاشكال هو في اعتقادي سبب وجيه اقتصاديا واجتماعيا لاصلاح نظام التأمين على المرض، ينضاف الى الاسباب التي ذكرت من قبل.
فرصة للتكامل
السيد النّاصر الغربي
أشكر الأخ فتحي العياري على المثال الذي أثاره وعلى ما سمّاه بالمفارقة، وهي فعلا مفارقة هامة فمن جهة هناك فئات اجتماعية ضعيفة لا تقدر على الوصول الى طب القطاع الخاص، وهناك من جهة أخرى، أطبّاء عاطلون عن العمل أو يعملون في مجالات ليست من اختصاصهم وعلى كلّ فإنّ النظام الجديد للتأمين على المرض سيساهم في إعادة الأمور الى نصابها وسيوفر فرصة التكامل بين جميع الاطراف.
أطباء عاطلون
الدكتور محمد علولو
أكدّ الدكتور محمد علولو على أنّ الاصلاح قد تأخّر نسبيا وأشار الى سلبيات النظام القديم الذي كان يتجاهل دور أطباء الممارسة الحرة معربا عن أمله في أن يفتح النظام الجديد للتأمين على المرض الابواب والامكانيات أمام المضمونين الاجتماعيين للانتفاع بالخدمات الصحية ذات الجودة العالية وأمام قطاع الممارسة الحرّة لتدعيم المنظومة الصحية الوطنية.
وأشار الدكتور سليم بن صالح إلى أنّ عمادة الاطباء أحصت ما لا يقل عن 1840 طبيبا في حالة بطالة منهم 171 طبيبا مختصا.
الخصائص
الاختيار حق ولا للتنازل عن حقوق المضمونين الاجتماعيين..
هل جاء قانون اوت 2004 المحدث للتأمين على المرض مستجيبا لاتفاق ماي من نفس السنة والممضى بين الحكومة والاتحاد العام التونسي للشغل؟ الى اي مدى يمكن القول ان النظام الجديد للتأمين على المرض سيشكل نقطة تحول على مسار نجاعة التغطية الصحية وحق الممضونين الاجتماعيين في التمتع بتغطية صحية تتناسب وحجم التمويل الذي يساهمون به في المنظومة الجديدة؟ سؤال، اثنان، بل اكثر يطرحها المواطن المعني الاول بالنظام الجديد... تتفرع الاسئلة هنا خصوصا في ظل الاختيار الممنوح للمضمون الاجتماعي في التمتع باحد النظامين العام او الخاص..
هذا المحور استرعى اهتمام الجميع خصوصا في ظل جوانبه التقنية وما يعتريه من بعض التعقيد الذي يتجلى عند الانطلاق..
وقد اسهمت النقاشات الحاصلة في منبر جريدة الشعب في مزيد تقريب وتحليل بعض المفاهيم والتعرف اكثر على مواقف الاطراف المعنية بالملف ككل وهو ما سيساهم في تبسيط المفاهيم عند المنتفعين بالنظام الجديد للتأمين على المرض.
القطاع العام.. والتفتح على الخاص
السيد الناصر الغربي
إنّ النظام الجديد للتأمين على المرض، عند تطبيقه الكامل سيكون على درجة كبيرة من البساطة حيث انّّه يوفر لكل المضمونين الاجتماعيين منظومة صحية متكاملة في القطاعين العام والخاص تحتوي على نظام قاعدي اجباري مشترك يستثني الخدمات التكميلية ذات الصبغة الرفاهية، وقد فتح القانون الى جانب النظام القاعدي الاجباري المشترك، مجالا لنظام اختياري تكميلي تديره التعاونيات وشركات التأمين ورخّص المشروع في حالات استثنائية وبمقتضى ترخيص خاص للصندوق الوطني للتأمين على المرض بالتدخل في هذا النظام.
من جهة اخرى، ضبط النظام نسبة اشتراكات ب 6.75 بالمائة من الدخل بالنسبة للنشيطين وب 4 بالمائة من الدخل بالنسبة للمتقاعدين وعندما اقول 6.75 بالمائة، فانني أقصد أننا لن نطلب 6.75 بالمائة جديدة، بل سنصل بالاشتراكات الحالية إلى 6.75 وهناك الآن من المضمونين الاجتماعيين من يدفعون اكثر من ذلك، مثل بعض المضمونين المنخرطين في الصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية، المشتركين في نظام تكميلي يدفعون 4 بالمائة في حين أن القانون لا يطالبهم الا ب 2.75 بالمائة.
فنسبة 6.75 بالمائة إذن يتحملها المؤجر في حدود 4 بالمائة والاجير في حدود 2.75 بالمائة، هذا اولا اما ثانيا فان النظام الجديد للتأمين على المرض سينظم العلاقات، (وهنا اوافق الدكتور علولو تماما من أنّ منظومة الضمان الاجتماعي كانت تدير ظهرها لقطاع الطب الخاص) بمعنى أنّه سيتفتح على القطاع الخاص، لا بمعنى التوسع بل بمعنى البناء الجديد، على ضوء اتفاقيات مع النقابات، مع الهياكل الممثلة وليس مع الافراد، وضبط مهام المراقبة الطبية والدور الموكول لها وتطوير مهامها.
ولهذا الغرض تمّ بمقتضى القانون عدد 71 لسنة 2004 إحداث مجلس وطني للتأمين على المرض، يكون هيكلا للتشاور والمتابعة والاصلاح والتدقيق بضمّ كافة الأطراف المعنية.
وما تم الاتفاق بشأنه هو ان يكون للمواطن حق الاختيار بين ثلاث منظومات.
فبالنسبة للعيادات الخارجية، يتمتع المواطن بحق الاختيار بين القطاع العام حيث ينتفع بكل الخدمات المتوفرة بدون سقف ولا يدفع الا المعلوم التعديلي، لكن عندما يتجاوز المعلوم التعديلي نسبة معينة، يقع اعفاؤه منه.
ويمكن للمواطن ان يتجه للقطاع الخاص وأمامه في هذه الحالة خياران الاول يشبه القطاع العمومي وبموجبه يتمتع بالتكفل المباشر (le tiers payant) بمعنى أنّه عندما يتجه لطبيبه ثم للصيدلي او البيولوجي، فإنّه يدفع المعلوم التعديلي ويتولّى الصندوق خلاص بقية اتعاب مسديي الخدمات، وفي هذا المجال، هناك نوعان من الحالات، الامراض طويلة المدى والامراض الثقيلة التي يتولّى النظام التكفل بكافة مصاريفها وبدون معلوم تعديلي وبدون سقف.
أمّا الامراض العادية ففيها معلوم تعديلي وفيها سقف.
المنظومة الثالثة هي منظومة استرجاع المصاريف، وهي في نهاية المطاف اختيار يمكن للمضمون الاجتماعي ان يستعمله في القطاع العام أو في القطاع الخاص.
وحتى نبقى في العيادات الخارجية، نأتي الى نقطة لا بدّ من توضيحها، وهي المنظومة الخاصة ايّ منظومة الطرف الدافع فإنّها مرتبطة بالمسار المنسق للعلاج (le parcours coordonné des soins) أي ما يقال عنه «طبيب العائلة».
تعرفون أنه في قطاع التأمين على المرض، كغيره من القطاعات، أفكارا سائدة، او إن شئتم توجه يدعو الى تنظيم المسار العلاجي اي أن يتم المرور عبر طبيب عام يتولّى التوجيه الى اطباء الاختصاص، وترى الاغلبية أنّ هذه الطريقة تمكّن من عقلنة المعالجة حيث أنّ الطبيب العام هو الذي يتولّى العلاج او يوجه المريض نحو الاختصاص الدقيق الذي يتناسب مع حالته الصحية، ما عدا حالات واضحة من حيث نوع المرض او السن كأمراض العيون او التوليد وطب الاطفال والاسنان.
أمّا بالنسبة للاستشفاء، فانّ القاعدة هي العلاج في القطاع العمومي لكن سيقع التفتح تدريجيا وكلّما تم الاتفاق في ذلك، على قائمة من الاستشفاءات يتولى الصندوق التكفل بها في القطاع الخاص وطبعا فإن هذه القائمة ستتوسع بالضرورة سنة بعد أخرى.
الحقوق المكتسبة مضمونة
السيد الأسعد زروق
أريد أن أضيف نقطة واحدة وهي ان النظام الجديد آت للاضافة والتنظيم.. وانّه سيحافظ على كل الحقوق المكتسبة، ومن ذلك عقود التأمين الجماعي حيث سيترك النظام الجديد الحرية كاملة للاطراف الاجتماعية لتنظيم التكامل بينها وبين النظام الجديد للتأمين على المرض.
والاكيد على كل حال أنّه لا تأثير مباشر على الخدمات التي يقدمها بحيث أننا لن نطلب إلغاء أية عقود عندما يبدأ تطبيق النظام الجديد للتأمين على المرض.
في مرحلة لاحقة يصير من الطبيعي الحوار حول الموضوع، بحكم التطور، في اطار المؤسسة.
كذلك الشأن بالنسبة للتعاونيات وبعض الانظمة الخصوصية التي سيتواصل الانتفاع بها ولن يمسها النظام الجديد ولن يطرأ عليها اي تغيير عدا ذلك الذي يتم في إطار الحوار الاجتماعي داخل المؤسسة لتنظيم التكامل إذا رأت الاطراف فائدة في ذلك.
الاخ رضا بوزريبة
المسألة ليست أنّ النظام الجديد للتأمين على المرض يترك الحرية للمؤسسة، المسألة بوضوح هي أننا اتفقنا، والحكومة ضامنة، للحقوق المكتسبة، فهناك من قد لا يوفر له نظام التأمين على المرض أيّ جديد، بل قد ينقص له بعض المنافع.
فلقد اتفقنا على أن تبقى الحقوق المكتسبة دون مساس وحتى تكون الامور واضحة، فإنّ كل مضمون لا يقدّم لكم مطبوعة «الكنام»، من حقه وحريته ان ينتفع بغيره من الانظمة وأن يعالج كما يريد.
نحن ضد الجمع بين منفعتين، لا يمكن الاخذ من هنا ومن هناك، نحن مع التنظيم المحكم، بأن يكون الملف واحدا وأن يذهب في اتجاه واحد. وأرجو ان تكون الامور واضحة، فهذه مسائل اتفقنا فيها ولا يمكن التراجع فيها، هي حقوق مكتسبة ويجب ان تبقى كذلك، والا صار عملنا منقوصا، ومهما يكن من أمر، فإن المستشفى العمومي يجب ان يوفر كل شيء حتى يذهب اليه المضمون دون تردد، يجب ان يتوفر كل شيء في القطاع العام، ففي بعض الجهات لا يوجد طبيب عام فما بالك بالمختص.
وأضاف الاخ رضا بوزريبة قوله: «نحن في الإتحاد لا نقبل وباي حال من الاحوال التنازل عن المكاسب والحقوق التي تحققت لمنظورينا والتي كانت نتائج تضحيات جسيمة وبقدر حرصنا على انجاح التطبيق الفعلي للنظام الجديد للتأمين على المرض، فاننا حريصون ايضا على عدم المساس بما تحقق لاننا نعمل دائما من اجل تدعيم ما تحقق...» واضاف الاخ رضا بوزريبة ان الاتحاد العام التونسي للشغل كان في طليعة الاطراف الاجتماعية التي طالبت منذ عقود بضرورة تحمل القطاع العام في المجال الصحي مسؤوليته في تطوير الخدمات التي يقدمها للمواطن التونسي.
ما قاله الاخ بوزريبة جعل السيد الناصر الغربي يتدخل من جديد ليوضح ان القاعدة في التأمين على المرض تقوم على حرية المضمون الاجتماعي في اختيار المنظومة التي يريد الانخراط فيها ويشدد مرة اخرى على ان القاعدة في الاستشفاء تخص القطاع العام والاستثناء هو القطاع الخاص الصحي.
واعاد الاخ رضا بوزريبة التدخل في هذا المحور ليبرز مرة اخرى ان قرار الانفتاح على القطاع الخاص كان قرارا علميا وليس قرارا سياسيا فليكن هذا الانفتاح بعيدا عن كل توظيفات اخرى بما يمكن المضمون الاجتماعي من حقه في الانخراط والاختيار في النظام الذي يريده.
الدكتور سليم بن صالح
أريد أن أسأل سؤالا محدّدا، ففي العيادات الخارجية، هناك نظام عام ونظام خاص، كيف للمواطن ان يختار، وهل يختار نظاما محددا وكم يبقى تحت سقفه.
ثم هل هناك امكانية للانتقال من هذا النظام إلى الآخر أم أنّ الباب مغلق بينهما؟
اقدّم مثالا: صاحب مؤسسة أفلس ولم يعد قادرا على الدفع في القطاع الخاص أو انه أصيب بمرض خطير وله ثقة في أطباء قسم من أقسام المستشفيات العمومية، هل يستطيع ان يذهب إلى ذلك القسم للتداوي والخضوع لعملية جراحية او غيره؟ هل يقع التكفل به أم لا. وهل العكس ممكن أم لا؟
الاخ رضا بوزريبة
الامر يهم صحة المواطنين والمضمونين، لذلك يجب أن تكون الامور علمية، ان يكون القرار علميا، فهل ان التفتح ينفع المضمون الاجتماعي في صحته أم لا؟ هل يؤثر على علاقته مع الصندوق؟ هل يؤثر على التوازنات المالية؟ هل يحلّ مشكل القطاع العام ام القطاع الخاص ام الاثنين معا؟ يجب ان نتولاّه بالدرس، ما مدى منفعته للعباد وللبلاد كلّها، بعيدا عن أيّة توظيفات.
نعم للانفتاح، على ان يكون مبنيا على قرار علمي، ان يكون من اجل المصلحة، ومصلحة الوطن بصورة عامة.
السيد عبد الرؤوف القرقني
عندما يجد مضمون اجتماعي نفسه في علاقة اشكالية بين القطاعين العام والخاص، هل يتدخل الصندوق لفض الاشكالية ام لا؟
ومثال ذلك أن مريضا نقل من أحد المستشفيات نحو مصحة خاصة ومعه طلبية، والذي حصل انّ المصحة رفضت تقديم الخدمة المطلوبة كما رفضت الطلبية الصادرة عن المستشفى.
فماذا يفعل الصندوق حماية للمضمون الاجتماعي؟
أزيد في التوضيح، فأقول انّ مريضا يحتاج الى فحص بواسطة آلة، وصادف ان كانت آلة المستشفى العمومي معطبة، فأوفده الى مصحة بها تلك الآلة. فماهو دور الصندوق في هذه الحالة؟
الاخ فتحي العياري: أظن ان القانون يمنع المستشفى من ارسال مريض الى مصحة خاصة
الدكتور الهادي العاشوري:
ليس هناك أي قانون يمنع مثل هذه العملية وليس هناك اي قانون يمنع المصحّة الخاصة من تقديم خدمة طلبها المستشفى العمومي.
وهنا لا يجب الزج بالصندوق في هذا الموضوع، لان الامر يخص علاقة أطباء ببعضهم البعض، ان الرفض في مثل هذه الحالات غيرمقبول بالمرة لعدة اعتبارات مهنية واخلاقية انسانية بالاساس ولكن وجب الاحتياط من امكانية حصول مثل هذه الحالات.
الدكتور سليم بن صالح:
لكن ما العمل عندما يرفض القطاع الخاص؟
الدكتور الهادي العاشوري
أولا، لا يرفض
ثانيا. ما تتحدث عنه، يهم حالات استثنائية ولن يهم 95 بالمائة من التوانسة.
يجب ان نفهم التوجه العام، فالمريض عندما يأتيني لعمل فحص «بالسكانير» في مستشفى عمومي، يجب ان يتمكن من ذلك، لكن في صورة العكس، هناك تنظيم في وزارة الصحة يقضي بتوجيه المريض الى مستشفى عمومي اخر، واذا استحال ذلك تماما في القطاع العمومي، فلا شيء يمنع من توجيه المريض الى القطاع الخاص، بل ونتصور منطقة ليس فيها «سكانير» عمومي بينما يوجد فيها سكانير خاص، عندئذ يقع توجيه المريض الى القطاع الخاص وعندنا الآن مثال على ذلك وهو مستشفى الحبيب ثامر وعلاقته في هذا الشأن بالذات مع المستشفى العسكري، ويمكن ان تكون العلاقة مع مصحة خاصة، المهم ان تقضي حاجة المريض، فضلا عن ان المعلوم مضبوط مسبقا ومعروف من جميع الاطراف.
الاخ فتحي العياري
هل من توضيح أكبر لهذه النقطة
السيد الناصر الغربي:
بالنسبة للتغطيات الحالية، لن يكون هناك تغيير، والقاعدة هي هل هناك عمليات مفتوحة للقطاع الخاص أم لا. اما الباقي فانه أمر عادي، فالوضع يتواصل كما هو عليه، وليس عندنا من قدْ مات بسبب عدم علاجه او اي سبب اخر، والوضعية التي اشار اليها الاخ تهم الوضع الحالي، اما نحن فاننا بصدد الحديث في هذا المنبر عن النظام الجديد وما سيضيفه وما سيبدّله.
اما ان تتعطل آلة في مستشفى ما، أو انها لا توجد، فانني أذكّر هنا بما سبق ان أشار اليه السيد رضا بوزريبة من ان المسألة علمية، يعني الاحصائيات، القدرات الموجودة في القطاع العام، وفي القطاع الخاص، مدة الانتظار، وأكد بالخصوص ان الاتحاد ليس ضد التفتح على القطاع الخاص، شرط ان يكون المنطلق هو المصلحة العامة، المصلحة الوطنية، وصحة المضمون الاجتماعي الذي لا يمكن ان ينتظر سنة مثلا للحصول على موعد.
الدكتور منذر الشعبوني
قال «اننا نطلب من المضمون الاجتماعي ان يختار واحدا من طريقين بينما جرت العادة ان تتوفر عندنا مسالك توفر هي الاخرى مرونة معينة.
وقد ناضلت شخصيا ومنذ أمد بعيد من اجل ان تتوفر هذه المسالك المتعددة... وعلى هذا الاساس كنت طرحت سؤالا لم أتلق الى حدّ الان جوابا عنه وآمل ان أحصل عليه في هذا المنبر.
فالمضمون الاجتماعي الذي يختار القطاع الخاص، والذي يصل، هو وعائلته الى سقف التغطية الاجتماعية في ظرف وجيز، هل يتحمل باقي النفقات التي يحتاج إليها على حسابه الخاص، هل يستطيع ان يتوجه الى القطاع العمومي، الى المستشفى؟ هو سؤال محدد وكم أتمنى ان احصل على اجابة محددة بشأنه.
السيد الناصر الغربي:
بنفس الارادة السياسية، وبنفس النضالية سوف نتمكن من التغلب على كل الصعوبات وتجاوز كل المشاكل في القوانين والاوامر الترتيبية.
وحتى في الوضع الحالي، فان الصناديق وافقت على وضعيات استثنائية، بحيث انه ليس عندنا من مات، او من يموت، بسبب عدم التكفل به في القطاع العام او القطاع الخاص.
ثم إن الامراض الثقيلة والمكلفة ليس فيها تسقيف (pas de plafond) ، وقد اعددنا قائمة طويلة تشبه القائمة التي يجري بها العمل في اكثر البلدان المتقدمة، بل وقد اضاف ممثلو الاتحاد جملة فحواها انه اذا تبين وجود مرض ثقيل جديد، فانه يضاف للقائمة.
اما بالنسبة للعمليات الجراحية، فان القاعدة تتمثل في أن يواصل المضمون التوجه الى المستشفى العمومي، فيما يتكفل القطاع الخاص بالحالات المعينة، فنحن لسنا في مرحلة الموت او الحياة، نحن بصدد الامراض العادية وهذه فيها سقف، اما الثقيلة، فهي بدون تسقيف.
الدكتور سليم بن صالح:
هل يمكن ان نعرف كم يكون هذا السقف؟ للفرد أو للعائلة؟
السيد الناصر الغربي:
سنرى ذلك من بعد
الدكتور المنذر الشعبوني:
أنا أشارك زميلي في هذا التساؤل لان الامر المتعلق بالموضوع لم يصدر الى حد الان. فالفصل 5 من القانون الذي يجب ان يحدد اجراءات التكفل لم يحرر بعد، لم يقع التفاوض بشأنه وبالطبع لم يقع اصداره.
لهذا السبب تساءلنا كمهنيين، كيف يمكن ان يبدأ تطبيق النظام الجديد للتأمين على المرض بإمضاء الاتفاقيات (les conventions) بدل البدء، مثلما نص المشرّع على ذلك، بضبط اجراءات التكفل في الفصل 5 والفصول 7 و 8 و 9 التي تخص العقد الاطاري.
وإننا إذ نرحّب بالاتفاقيات القطاعية، ذلك انه كان لابد من عمل شيء ما فاننا نرى انه كان من الصواب، البدء من حيث أشرت، فتصير الامور أوضح للمضمون الاجتماعي وللمواطن بصورة عامة، وهنا أقول ان الامور ليست واضحة بالنسبة للمواطن، وانه يجب القيام بمجهود كبير في مجال الاعلام ويسرني ان أحيي تنظيم هذا المنبر.
وبالعودة الى سؤالي، فإنني لا أقصد الموت، بل أقصد ان المضمون استنفد حقوقه ووصل السقف نتيجة مرض الزوجة والأولاد ومرضه هو نفسه، مرة او مرات، اقصد امراضا عادية، فماذا يفعل؟ أريد جوابا مدققا، وأطالب بأن يقع التصنيص عليه في الاوامر.
السيد الأسعد زروق
تعرفون ان القانون المشار اليه هو قانون توجيهي، اما التفاصيل فتتضمنها الاوامر، وهي الاخرى لم تشذّ عن قاعدة الاصلاح، فقد وقعت مناقشة كل صيغ التكفل مع كل الاطراف المعنية وخاصة مع الاطراف الاجتماعيين، وقد أخذ كل ملف ما يلزمه من الوقت.
والموضوع الذي أثاره الدكتور الشعبوني، وقع التفاوض فيه والوصول الى صيغة يمكن ان نطرقها في المحور السادس عندما نتحدث عن مرحلية التطبيق. وقد تحدث السيد الناصر الغربي عن المنظومات الثلاث وعن المرحلية (c'est un rythme de croisière) فالنظام الجديد الذي نحن بصدده، تكوّن على اساس النظام القديم مع الاستئناس بالتجارب الناجحة في البلدان الاجنبية، مع انتقاء ما هو ملائم لتونس والتوانسة.
وللاجابة الدقيقة عن تساؤل الدكتور الشعبوني، أقول أن النظام الحالي أي القديم ليس فيه مسالك (passerelles) بمعنى ان المضمون الاجتماعي في الصندوق الوطني للتقاعد والذي يتمتع ببطاقة علاج، اذا أراد التوجه للقطاع الخاص، فانه لن يتمكن من تكفل.
أما الاصلاح فقد نصّ على التكفل بالعمليات الجراحية الموجودة في القائمة سواء في القطاع العام او الخاص حسب المقاييس التي نحددها او حسب النظام كلل.
وبالنسبة للأمراض الثقيلة، فقد نص الاصلاح على التكفل بها سواء في القطاع العمومي او الخاص.
وبما ان المرحلة انتقالية وتتعلق بارساء عقلية جديدة، فقد اخترنا التدرج خاصة إذا أخذنا بعين الاعتبار التوازن المالي المطلوب لانجاح الاقتصاد الصحي (l'économie de la santé) بمعنى انه بالنسبة للأمراض العادية، سنحدد سقفا له علاقة بقيمة المصاريف المطلوبة، والتي ستحدد بطريقة علمية كما اشار الى ذلك السيد رضا بوزريبة، ويناقشها الاطراف الاجتماعيون استنادا ايضا الى منظومتنا الاحصائية المشهود بكفاءتها.
وعندما ينطلق تطبيق المنظومات، سوف يقع تحديد السقف ويقع الاعلان عنه، وذلك بهدف ان تشمل التغطية 95 بالمائة على الاقل من المضمونين فيما تبقى ال 5 بالمائة للحالات الاستثنائية.
السيد سامي السليني
أودّ في البداية ان أشكر جريدة الشعب ونظراءنا في الاتحاد العام التونسي للشغل على هذه المائدة المستديرة التي وفروها لنا وخاصة قسم التغطية الاجتماعية ودعوتنا للاسهام فيها، باعتبار رغبتنا جميعا في ان يجد العامل وصاحب العمل وكل المتدخلين والمواطن بصفة عامة، المعلومة الصحيحة وما يشفي الغليل على جملة من التساؤلات والانتظارات من هذا الاصلاح.
فالمضمون الاجتماعي وصاحب العمل ينتظران الجديد من هذا الاصلاح بما انه ستقع اضافة الى مساهمتهما، وبالتالي يتساءلان عن المقابل الذي سيجنيانه مقابل تلك الاضافة.
وعاد السيد سامي السليني للحديث عن خصائص النظام الجديد للتأمين على المرض فأشار الى توحيد النظام والصبغة التشاركية التي جرت فيها المفاوضات والنقاشات منذ 8 او 9 سنوات، والى المكتسبات المعرفية التي تتوفر للجميع من خلال معالجة هذا الملف خاصة ان اتحاد الصناعة والتجارة يمثل عدة اطراف منهم اصحاب العمل كممولين للنظام ومنهم العاملون المستقلون وكذلك عدد من مسديي الخدمات المنخرطين في جامعة الصحة التابعة لاتحاد الصناعة والتجارة.
وذكر السيد سامي السليني بهاجس مافتئت منظمته تنبّه اليه وهو تكريس تنفيذ هذا النظام في اطار من الشراكة الكاملة بين القطاعين العمومي والخاص.
وتحدث عن المجلس الوطني للتأمين على المرض المزمع تأسيسه ودعا الى ضرورة اجتماعه على الاقل مرة كل سنة للتقييم والتقويم، والتأكد من حسن صرف نسبة ال 75.6 وحسن التصرف فيها، وحسن التصرف في توازنات الصندوق ومراعاة ظروف المؤسسة والنظر في أوضاعها وكل المستجدات التي تحيط بها.
وختم السيد سامي السليني تدخله بالاشارة الى ضرورة تنفيذ برنامج اتصالي واعلامي واسع وكبير يخدم اهداف الجميع ويصل بالنظام الى بر الأمان.
السيد الناصر الغربي:
أنا أعترف يتقصير معيّن في مجال الاتصال والاعلام وسنناقش المسألة.
الاخ رضا بوزريبة:
أن أعتبر أن ما أتى به الاصلاح مهم جدا، فهو سيمكن المضمون الاجتماعي المنخرط «بدار الأولاد» من الانتفاع بالثلاث منظومات خلافا لما هو موجود حاليا حيث يقتصر على بطاقة العلاج.
وأضاف الاخ رضا بوزريبة، يجب ان نعلم منذ الان ان تأميننا على المرض لن يكون مثاليا، لذلك يجب ان نجتهد وسوف تصادفنا أخطاء عند التطبيق، من المؤكد اننا سنصلحها.
أما الحديث عن ان مضمونا وصل الى السقف في القطاع الخاص وبعدها يتوجه الى القطاع العام، فهذا غير منطقي ويجب ان لا نغفل التصرفات الخرقاء التي يؤتيها «البعض» من المضمونين الاجتماعيين ومن الاطباء ومن مسديي الخدمات ومن أعوان الصحة وغيرهم، كما أنني بالتجربة أعرف انه قليلا ما تجاوز مضمون هذا السقف الذي تتحدثون عنه، ولذلك فان التمسك بالحديث عنه يبدو غير ذي موضوع.
واشار الاخ رضا بوزريبة الى ضرورة التحلي بالثقة والحرص على تقديم خدمة راقية والاصرار على ضمان التوازنات المالية للصندوق أولا وأخيرا.
الاخ فتحي العياري:
أثار ملاحظة تتعلق بتمثيلية الاطراف في الصندوق الوطني للتأمين على المرض باعتبارها تمثيلية متطورة، فكل الاطراف ممثلة في مجلس الادارة، وفي المجلس الوطني، وبالنسبة للمهنيين، هناك لجان وطنية ولجان جهوية، بما يعني ان بداية تطبيق النظام لا تعني نهاية مشاركة الاطراف.
القطاع العام
تحديات كبيرة والتأهيل ضروري
اي مكانة للقطاع العمومي وماهو المصير الذي ينتظره في ظل النظام الجديد للتأمين على المرض؟ هل بامكان القطاع العمومي اقتحام المنافسة المفروضة عليه فرضا في ظل الواقع الجديد؟ هل ان الوزارة قادرة فعليا على تأهيل القطاع وفق ما تنص عليه الاتفاقية المبرمة بين الاتحاد والحكومة؟ وأي علاقة ستقوم بين القطاعين العام والخاص.
هذه الاسئلة طرحت نفسها بالحاح شديد عند التطرق للمحور الثالث من الندوة / المنبر الذي نظمته جريدة الشعب ليكون الدكتور الهادي العاشوري اول المتدخلين حيث اكد ان الوزارة تواصل تدعيم مواردها البشرية بنية تأهيل القطاع الصحي العام مستشهدا في هذا السياق بوجود ما لا يقل عن 50 ألف عون يعملون في القطاع اضافة الى ما تم القيام به من خطوات على درب اصلاحات شملت اعادة اصلاح التعليم الطبي وشبه الطبي في السنوات الاخيرة.
وعند حديثه عن التحديات المطروحة امام القطاع بين الدكتور العاشوري ان اساس هذه الاشكاليات يتمثل في التنظيم والتصرف لتوفير الحد الادنى من الاستقلالية والتصرف بما يمكن المؤسسات الصحية العامة من المرونة المطلوبة وتشريكها في السير اليومي وهو امر لا يحجب ايضا المساءلة عند الضرورة.
وأشار الدكتور العاشوري إلى الصيغة التشاركية في التصرف داخل المؤسسة الاستشفائية التي تضم في صلبها مجموعة من المهن، منها المتعارف عليه ومنها الجديد، والتي يجب تشريك أصحابها في إدارة المؤسسة، وأوضح أنّ الاصعب في التأهيل هو السلوكيات، ومن ذلك، ضرورة الدفاع او تقوية شعور الانتماء إلى المؤسسة، وتحمّل المسؤولية المشتركة في الاداء.
وقال الدكتور العاشوري أنّه بناء على قناعة مشتركة بيننا وبين إتحاد الشغل، انتهينا إلى ان نظام التأمين على المرض هو حافز للقطاع الصحي العمومي حتى يراجع أموره، ومعنى ذلك يقول الدكتور العاشوري ان القطاع الصحي العمومي تتوفر أمامه فرصة للارتقاء والتقدم وان يقدم من الخدمات ما يفوق تلك التي يقدمها القطاع الخاص وإننا في إطار لجنة كوناها للغرض بصدد التقدم في مراجعة بعض الامور.
وتحدث الدكتور العاشوري عن دور وزارة الصحة التي يهمها امر المستشفيات مثلما يهمها أمر بقية المتدخلين في القطاع، وهي المرجعية فيما يخص الصحة في البلاد، وأنّ الصندوق الوطني للتأمين على المرض هو آلية من آليات تنفيذ سياسة الدولة في ميدان الصحة.
إنّها مبادئ هامة ولا يجب في كثير من الحالات أن نحمّل الصندوق ما لا طاقة له به أو أن نحوّل عمل وزارة الصحة أو وزارة الشؤون الاجتماعية الى كراس شروط، فعلى كل طرف ان يقوم بدوره ويجب ان نؤكد هنا أننا لسنا في وضعية نزاع كما لسنا في وضعية كارثة
(ni en situation de conflit, ni en situation de catastrophe).
بل إنّ القطاع العمومي في حالة حسنة، يقدّم خدمات جليلة، كما ان القطاع الخاص يقدّم خدمات جليلة هو الآخر، وخلاصة القول أننا بصدد البحث معا عن السبل المثلى التي تضمن للمواطن التونسي أفضل علاج.
الاخ رضا بوزريبة
إنّ وجود قطاع صحي قوي هو شرط أساسي لانجاح مشروع التأمين على المرض ونجاح الصندوق الوطني للتأمين على المرض وبالتالي نجاح كامل المنظومة الصحية بشكل عام.
وإذا كان صحيحا ان وزارة الصحة هي المسؤولة عن القطاع الصحي، فإنّ الصندوق هو أكبر مسؤول وأكبر حاضن للتغطية الصحية وللمضمونين الاجتماعيين باعتبار أنّه إذا حسبنا 4 أنفار لكلّ مضمون من المليونين ونصف منخرط، لا يبقى إلاّ القليل القليل ممن لا يغطيهم الصندوق، ولذلك فانّ نجاح الصندوق هو نجاح التغطية الصحية التي نتحدث عنها.، ولذلك أيضا عندما نؤكد على تأهيل القطاع الصحي العمومي، فإننا لا نقصد التنافس للتنافس أو التكامل للتكامل والواقع أنّه سيحصل تنافس ونحن نتمنى ان يحصل التكامل وأنا بالمناسبة ألح على أن عددا من المضمونين الاجتماعيين في حاجة الى الحد الادنى من الخدمات التي لا يستطيع القطاع الخاص توفيرها، وأحببنا أم كرهنا، فإننا جميعا لا نستطيع أن نفرض على طبيب خاص ان ينتصب رغما عن إرادته في بقعة لا يريدها ولا يرضاها، الواحد منا يفكر في المصلحة العامة وفي مصلحة الوطن ومصلحة المرض ولكن أيضا يفكّر في مصلحته الخاصة فالطبيب ينتصب في تونس العاصمة وإذا لم يكسب، ينتقل الى سوسة، والى صفاقس، لكن لا يذهب الى الداخل، الى الاعماق.
لذلك فإنّ ما لا يستطيع ان يوفره القطاع الخاص يتولّى القطاع العام توفيره وانجازه للجميع ولكن خاصة لأولئك الذين لا حول لهم ولا قوّة. في الاتحاد، مبدؤنا ثابت إذن في الدفاع عن القطاع العام لكننا لسنا إطلاقا ضد القطاع الخاص ونؤكد أن مرجعية الصحة هي القطاع الصحي العمومي وأنّه بدون خارطة تضمن أكثر ما يمكن من العدالة الصحية، فان النظام الجديد للتأمين على المرض لن ينجح وأزيد في التأكيد على ان الاتحاد رغم إنحيازه المطلق للقطاع العام فليس له مشكل مع القطاع الخاص.
وإني بالمناسبة أطلب من الاخوان العاملين في القطاع الخاص أن يتعاملوا مع القطاع العام بإيجابية وأرى أنّه بتنظيم العمل، فإن القطاع الخاص سيحوز على أوفر قسط خاصة في العيادات الخارجية (ambulatoires)، وأنّ عددا كبيرا من الأطباء العاطلين عن العمل ستتوفر لهم فرص العمل ولذلك فإن تأهيل القطاع الصحي العمومي هو في نظر الاتحاد شرط لانجاح التأمين على المرض وليس المقصود منه الوقوف ضد القطاع الخاص.
الاخ فتحي العياري:
يعتقد كثيرون أنّ الدولة مقبلة على التأهيل بما أنّه ستتوفر لها مساعدات من الاتحاد الاوروبي بملايين اليورو، فهل من توضيح سي الهادي العاشوري؟.
الدكتورالهادي العاشوري
السيد الاسعد زروق مؤهل اكثر مني للاجابة لكن دعني أقول أنّه ثمة اتفاق مع الاتحاد الاوروبي لمساعدة تونس على تنفيذ الاصلاحات المرتبطة بالنظام الجديد للتأمين على المرض، وعلى حدّ علمي، فإنّ المبالغ المرصودة توجّه رأسا الى ميزانية الدولة، وعلى حدّ علمي فان هذه المبالغ لا تزيد عن 40 مليون يورو أي تقريبا 60 مليون دينار وهي مبالغ تساوي مصاريف الصندوق في شهر واحد وتساوي أقل من نصف ميزانية التجهيز لوزارة الصحة مدة سنة واحدة علما وان ميزانية الوزارة الجملية تزيد عن ألف مليار سنويا.
وبالمناسبة فإنني أوضح أنّ الاصلاح الذي نحن بصدده ليس استجابة لرغبة البنك الدولي او غيره من المؤسسات، وإنّما برنامج انطلقنا في الحديث بشأنه منذ 95 و96 مع السيد محمد شعبان (مدير عام الضمان الإجتماعي سابقا ومدير عام مركز الدراسات الخاصة بالضمان الاجتماعي حاليا) وعدد آخر من الاخوان والمسؤولين في عدّة هياكل.
أريد أن أضيف تعقيبا على السيد رضا بوزريبة أن للقطاع الخاص مهامه وطرق تسييره معينة كما للقطاع العام مهام وطرق تسييره ومفهوم الخدمة العمومية (la notion du service public) ليست من مشمولات القطاع الخاص، فهو ليس مسؤولا عن المواطن في حيدرة بل الدولة هي المسؤولة عنه، كما هي مسؤولة عن وجود الطبيب الجراح والطبيب الاختصاصي في تطاوين، ثم اننا لن نقتسم الادوار بمعنى إذا توفّر القطاع الخاص في مكان ما يتراجع القطاع العام لا، أبدا لانّ للقطاع العام دوران أساسيان، الاوّل دور الخدمة العمومية والثاني دور الملجأ الأخير.
إنّ تطوير القطاع العام يتم على أساس اتجاهات تهدف الى تغطية حاجيات المواطنين حسب الوضع الماثل أمامنا بحيث يمكن لهم الاقبال عن قناعة على القطاع العمومي الذي يجب ان يكون قادرا على الاستجابة للطلبات ولا أقول مواجهة المنافسة، ثم إنّ هناك خدمات أخرى ليست من اختصاصات القطاع الخاص، مثال ذلك التلاقيح أو الوقاية من الأوبئة، فهذه مسائل استراتيجية من اختصاص الدولة، أعني من اختصاص القطاع الصحي العمومي.
السيد الأسعد زروق
لو عدنا الى التاريخ، هناك في المنظومة الصحية ثلاثة أشياء ورافد رابع، أوّلا، الوقاية، ثانيا، العلاج، وبينهما التكوين والبحث.
هذه الروافد الثلاثة هي أساس المرفق العمومي (l'essence du service public) والتي لا يمكن لها، لا من حيث الاختصاص ولا من حيث التنظيم والكلفة والتسيير، ان تكون من مهام القطاع الخاص، وبالتالي فإنّه من الضروري أن يكون القطاع العمومي موجودا بقوة وذا مردودية كبيرة لتخفيف العبء وتقليص الاشكاليات على المستوى العلاجي، ولولا وجود قطاع عمومي قوي، ما كان يمكن وجود قطاع خاص ناجع، ذلك أنّه أي القطاع العام قام بوقاية كبرى حيث وصلنا الى درجة من التلاقيح بلغت 100 بالمائة كما أنّه كان الاطار الأمثل الذي تكوّن فيه الاطباء حتى بلغوا مستوى عاليا وعالميا وبالتالي هناك تكامل، وأفضّل شخصيا هذه الكلمة لأنّ الروابط الاربعة للمنظومة الصحية متكاملة وكلّ له مكان.
وتعرض السيد الاسعد زروق الى موضوع التعاون مع الاتحاد الاوروبي وقال أنّ تعاونه معنا سيوفر لنا إمكانية الاطلاع على تجارب الدول في هذا المجال، ولا اخفى عليكم هنا أننا اطلعنا في ادق تفاصيلها على التجربة الفرنسية منذ سنة 1960 والى الان وعرفنا مساوئها كما اطلعنا على التجربة الاسبانية والايطالية والالمانية.
وعلى فكرة، فانّ ما وصلنا من الاتحاد الاوروبي هو ما ذكره سي العاشوري، فقط لا غير وهو لا يغطي 20 او 25 يوما من مصاريف الصندوق.
لذلك فانّ ما قمنا به هو خيار تونسي وقد عولنا وسنعوّل على امكانياتنا في التمويل.
كما تطرق السيد الاسعد زروق الى موضوع الخارطة الصحية واشار ان اعلان سيادة رئيس الجمهورية على الانطلاق في هذا العمل منذ سنة 1995 ليس اعتباطيا وانما جاء في إطار البحث عن كيفية الاستجابة للطلب المتزايد الصادر عن المضمون الاجتماعي.
الدكتور رابح الشايبي
نحن نتفق على أنّ المستشفى هو دعامة الصحة في تونس لكن دعونا نذكر بأنّ الطبّ التونسي انطلق تاريخيا بالطبّ الخاص، لذلك من البديهي ومن الطبيعي ان تحاول الدولة والاتحاد العام التونسي للشغل تأهيل المستشفى والقطاع العام ووضع خارطة صحية عامة.
نحن نرى من جهتنا أنّ المحدّد في التكامل او التنافس هي سلوكات المضمون الاجتماعي، المريض، فالعائلات التونسية تساهم في كلفة الصحة بنحو 50 بالمائة لكنّها لم تذهب الى المستشفى بل اتجهت في الأغلب الى القطاع الخاص رغم انخراط عائلها في الضمان الاجتماعي معناه ان هناك ميولا نحو القطاع الخاص، واذا تواصل فانّه سيخفف على المستشفى، إذ أنّ المواطن لا يحتمل الانتظار مدة ساعات، فيحسّن خدماته وخاصة منها طرق إستقبال المرضى ويجهزّ نفسه ويصبح قابلا لكي يكون في منافسة جدية وطبيعية مع القطاع الخاص لذلك أؤكد انّ المحدّد هو سلوكات المريض.
طبعا الدولة مسؤولة عن الاشكاليات الكبرى في الحالات الصعبة، في المصائب، لا قدّر الله، لكن من السهل جدّا خاصة وانّ 95 بالمائة من المواطنين ستشملهم التغطية فتح عيادة في سيدي بوزيد أو مخبر او غيره، وذلك أفضل من بناء مستشفى يبقى مغلقا.
واستنتج الدكتور الشايبي أنّ في المسألة عرضا وطلبا، ذلك ان التنظيم الجديد سيزيد في طلب الخدمات (appel de services) لذلك فان المطروح هو تنظيم عملية العرض والطلب وترشيدها وتكوين واعلام المضمون الاجتماعي لانه هو الذي سيحدّد السلوكات.
وأقول بالمناسبة لزميلي الدكتور محمد علولو أنّ العملية ستحل جانبا كبيرا من اشكال بطالة الاطباء سواء في العام (généralistes) أو في الاختصاص.
الدكتور محمد علولو ذكر من ناحيته ان الواقع اليوم يفرض على الجميع وضع اليد في اليد وتجاوز الاشكاليات المطروحة خصوصا في ظل وجود تضارب وتخوفات من القطاع الخاص.
وبخصوص موقف الاتحاد العام التونسي للشغل ونظرته للقطاع الخاص ذكر السيد محمد علولو ان الاتحاد من حقه ان يدافع على بقاء القطاع العام ولكن وجب عليه ايضا الاهتمام بالقطاع الخاص واضاف قائلا: «نعم لتطوير القطاع العام مطالبا بضرورة الارتقاء بالخدمات الصحية الى ماهو افضل ونفس الشيء ايضا بالنسبة للقطاع الخاص وهذا لن يتم الا بتعديل النظرة والتعامل بنفس القدر المطلوب من الشراكة وروح المسؤولية بين جميع الاطراف». واستطرد الدكتور علولو قائلا «نحن نقر بدور الاتحاد العام التونسي للشغل في الدفاع عن منظوريه والمطالب المرفوعة لتأهيل القطاع العام ونحييه على ما يقوم به في هذا الاطار نظرا للانعكاسات الايجابية التي ستحصل ولكن علينا ايضا جميعا عدم اغفال دور القطاع الخاص»
الدكتور منذر الشعبوني:
إنني سعيد بأن أعلم ان الاتحاد العام التونسي للشغل يلح على هذه النقطة، ففي نظام مثل المعمول به في تونس، لا يمكن خوصصة الطب، وقد قرأت مؤخرا وثيقة عن نضالات يجري خوضها في أوروبا من أجل إبقاء المستشفى عموميا، وعلى غرار ما قيل، وعلى غرار ما كتبناه وناضلنا من أجله، يجب ان يبقى المستشفى العمومي مرجعا، وان يبقى المكان الذي لا يكتفي فقط بإسداء العلاج، بل يؤمّن التكوين والبحث وفي رأيي، إنّ الأمر بعيد جدّا عن التنافس، إنّه يتعلق بالتكامل، والصحة هي أحد القطاعات الاستراتيجية ويستحيل في نظري خوصصته بل لا يجب أن نفكر في ذلك إطلاقا.
على أنّني أدعو الى ان يشهد هذا القطاع العمومي تحوّلا كيفيّا (Une mutation qualitative) يستند الى عدة قواعد منها تغيير العقليات والسلوكات لا سيما إزاء استقبال المرضى وعلاجهم وغيره.
الدكتور سليم بن صالح
أريد أن أشير تعقيبا على كلام الدكتور الهادي العاشوري إلى أننا كأطباء قطاع خاص نلاقي صعوبات مع زملائنا في القطاع العام وكذلك مع الادارة.
وألاحظ أنّ التكوين، على أهميته، لا يمكن أن يحصل في ظرف سنة أوسنتين وكنت أتمنى لو أنّ بادرة التأهيل انطلقت من قبل، وتحديدا منذ سنة 1995، فأنتم تعرفون العلقيات السائدة وتعرفون النظام الاداري المعمول به (مؤسسات الصحة العمومية E.P.S) وأنا أقول أننا لا نملك حسابات مدققة حول كلفة أيّ عمل طبّي في ال E.P.S وتقديري أن كلفة علاج زائدة دودية (appendicite) في المستشفى العمومي أكثر ارتفاعا من كلفتها في القطاع الخاص باعتبار التكوين والبحث وخاصة إذا تعلق الامر بمستشفى جامعي.
وفي مجال آخر، أريد أن أتحدث عن الخارطة الصحية وأذكر انني لما عدت الى تونس سنة 1984، انخرطت في نقابة الاطباء الاستشفائيين وبحثنا مع وزيرة الصحة انذاك، السيدة سعاد الوحشي، هذه الخارطة وكيفية الانتصاب في الداخل ولما غادرت المستشفى والتحقت بالقطاع الخاص، عملت على الانتصاب في سوسة، لكن لم أتمكّن من ذلك، لانّ اختصاصي في جراحة الاطفال كان يفرض ان يتوفّر قريبا مني طبيب الاشعة من نوع خاص، ومبنج من نوع خاص وانعاش من نوع خاص أضف الى ذلك أنّه كان لابدّ ان أكون قريبا من المستشفى، وتبين ان مستشفى سوسة لم يكن يحو هذه الاختصاصات بل كانت موجودة في مستشفى المنستير ومختصرة في قسم الجراحة فيما قسم الاشعة غير مؤهل بل والى اليوم لا يوجد في مستشفى المنستير مبنّج مختص مشهود له بالكفاءة خاص بالاطفال وبالمولودين الجدد.
وأنا أتصوّر أنّ بعض الجراحين يريدون الانتصاب داخل الجمهورية لكن إذا لم يجدوا الارضية التقنية اللازمة (plateau technique) ، فما الذي سيفعلونه؟ إنّهم بمثل هذا الصنيع يضحّون بأوضاعهم ويقبلون بالانتقال الى الداخل لكن إذا لم يجدوا الارضية التقنية فإنّهم لا يستطيعون الانتصاب، فالجراح الذي يريد الانتصاب في سيدي بوزيد مثلا يحتاج الى طبيب معدة قريبا منه، وطبيب أشعة وطبيب مبنج، على الاقل ولا اتحدث هنا عن طبيب أعضاء وعظام، فإذا لم يتوفروا فإنّه لا يستطيع الانتصاب.
وأتصوّر ان البعض يمكن ان ينتصب، خذ مثال طبيب القلب، لكن إذا لم تتوفر عنده سيارة إسعاف مثلا ولم تتوفر له إمكانية عمل (trombolise) فإنّ المريض قد راح.
خلاصة القول ان المنظومة الصحية الجديدة او الخارطة يجب ان توفّر كلّ هذا وان تتفطّن الى كل هذه المشاكل والنقائص. إننا كأطباء مع المشروع نسانده ندعمه، خاصة وقد تبنّته الدولة كما تبنّاه رئيس الدولة، إلى آخر رمق وإذا حص مكروه فإننا سنغرق جميعا بطبيعة الحال.
إن المستشفى العمومي هام جدّا، والقطاع الخاص هام جدّا هو الآخر، والتكامل بينهما ضروري، بل أقول أنّ الاطباء الخواص مستعدون للعمل في المستشفى في إطار التعاون ومقابل خلاص أتعاب، فمن حق المواطنين الذين يعالجون في المستشفيات ان يداويهم أطباء القطاع الخاص الماهرون مقابل مبالغ يقع الاتفاق بشأنها.
وتعقيبا على الأخ الذي تحدث عن نسبة ال 6.75 كتمويل، أقول ان الامور لا يمكن أن تستمرّ بهذا الشكل، لأنّ الاسعار تتطوّر بشكل لافت.
وأضيف في الاخير اني كنت أتمنّى لو حصلت استشارة وطنية في الموضوع.
الاخ فتحي العياري
ولكن الجميع شارك
الدكتور بن صالح
لا أقصد الآن بل منذ انطلاق المشروع
الاخ فتحي العياري
الكل موجود والكل شارك في الدراسات وفي المفاوضات وحتى في هذا المنبر.
الدكتور بن صالح
كنت أتمنّى لو دعوتم الى هذا المنبر ممثلا عن منظمة المستهلكين
السيد الأسعد زروق
في 16 فيفري 1996، انعقد مجلس وزاري خاص بالتأمين على المرض، وفي جويلية 1996، تم احداث اللجنة الوطنية للتأمين على المرض ومن بين اعضائها الاطراف الاجتماعيون، كل مقدّمي الخدمات الصحية، ممثلون عن الوزارات المعنية، عن منظمة الدفاع عن المستهلك، وكل من له علاقة بالموضوع واعتقد ان أوّل إستشارة وطنية بدأت فعلا بالتأمين على المرض.
الدكتور الهادي العاشوري
لا نريد الخروج عن الموضوع، نحن نتحدث عن التأهيل وأريد هنا أن أتوقف عند من قال أن من يذهب الى قابس او سيدي بوزيد قد نفي.
نحن نريد أن نؤهل القطاع العمومي لكن هل تعلمون انّ نصف الاطباء نساء، احتفظوا بهذا الرقم، واحفظوا ان الطبيب التونسي في سنة 2000 يشترط قبل الذهاب للعمل في المستشفى العمومي بسيدي بوزيد وجود زملاء مختصين والاّ فإنّه لا يذهب، واحفظوا أنّه قبل ذلك قدّم مطالب ووساطات في كل مكان ليبقى في العاصمة أو سوسة او صفاقس.
حضرات الاخوان، انّ الجمهورية التونسية أكبر وأوسع من هذا الذي ذكرت، وهنا أوافق الدكتور الشابي من أنّ الطب في تونس بدأ بالقطاع الخاص وأذكر كما يذكر الناس جميعا الاطباء الخواص الاوائل الذين انتصبوا في المدن والقرى، بينما لا يوجدون الآن.
وهنا مربط الفرس، حيث أنّ هناك اشياء لابد أن تتغيّر، وأوافق بهذا الصدد رأي السيد رضا بوزريبة من أنّه لابدّ من ان نفرض على الطبيب الذي تكوّن بمال المجموعة الوطنية ان يمارس مدة سنة او اثنين او ثلاث في المكان الذي يجب ان يوجد فيه وفي المدينة او القرية التي يجب وجوبا ان يذهب اليها وان يمارس فيها، وهذا من دور الدولة حيث إذا واصلنا بهذا الشكل، فإنّ الاغلبية الساحقة من الاطباء ستعمل في تونس وسوسة وبدرجة اقل في صفاقس، فيما بقية البلاد منقوصة من الاطباء.
واعلموا، حضراتكم، اننا مازلنا نشهد الى اليوم وفاة نساء نظرا لعدم وجود اطباء توليد ثم تتحدثون عن بطالة وعن ان وزارة الصحة لم تنتدبه،قد يكون ذلك حصل اذا طلب انتدابه في مستشفى معين، ولم يمكن انتدابه نظرا لعدم وجود شغور، لكن إذا قبل العمل في القصرين اوسيدي بوزيد فمرحبا به وسيتمتع بثلث اجر اضافي، وهذا من صلب الدور الاستراتيجي للدولة.
الدكتور سليم بن صالح:
لم أقصد النفي بمعنى النفي العقابي المعروف..
الدكتور الهادي العاشوري:
إنّ التوانسة توانسة أينما كانوا ومن حقهم أن ينعموا بالخدمات التي يريدون... وأضيف ان هناك جانبا من النضالية يجب ان يبذله الاطباء، ونحن نذكر أنّ الاوائل كانوا يركبون البغال والأحمرة حتى يصلوا الى المواطنين أينما كانوا.
الاخ فتحي العياري:
أنا أنقل إليكم سؤالا يتردّد بين النّاس، عمال وموظفين ومدرسين، يقول لماذا تعامل الدولة الاطباء معاملة خاصة مغايرة لبقية موظفي الدولة فلا تفرض عليهم فرضا الذهاب الى داخل البلاد. لا أريد جوابا في الحال.
ودعونا الآن نأتي إلى المحور الموالي وهو التعاقد
التعاقد: صعوبات وحرص على الوصول الى اتفاقيات
3 أشهر قبل بدء العمل بالنظام الجديد للتأمين على المرض تطرح عديد الاسئلة بخصوص التعاقد والاتفاقيات التي ابرمها الصندوق الوطني للتأمين على المرض والهياكل والاطراف المسدية للخدمات خصوصا امام تعثر جوانب من هذه المفاوضات مع بعض الهياكل الممثلة للمهنيين في المهن الطبية او شبه الطبية وهو ما قد ينعكس سلبا في الفترة القادمة على مستوى نجاعة تدخلات الصندوق الوطني للتأمين على المرض.
هنا يتنزل المحور الرابع في المنبر الحوار ي لجريدة الشعب الخاص «بملف التأمين على المرض» محور اعتنى بمكانة التعاقد في نظام التأمين على المرض وعرض المشاكل والنقاط الخلافية التي لا تزال قائمة...
اوضح السيد الناصر الغربي ان نظام التأمين على المرض بني على التعاقد من خلال اتفاقية اطارية ولم يخف الرئيس المدير العام للصندوق الوطني للتأمين على المرض ان العملية كانت مرهقة احيانا ولكن تم في الاخير الوصول الى اتفاق يعكس درجة توازن في مرحلة معنية وهذه خطوة مهمة بالنسبة لجميع الاطراف خصوصا وان التعاقد قد تم مع هيئات وليس مع افراد واوضح السيد الناصر الغربي ان الانخراط في الاتفاقيات حرّ.
واعلن السيد الناصر الغربي بالمناسبة انه قد تم التوصل يوم الخميس 29 مارس الماضي الى امضاء الاتفاقية الخاصة مع اصحاب المصحات الخاصة (جرى منبر الحوار يوم الجمعة 30 مارس 2007) ليبلغ بذلك عدد الاتفاقيات الممضاة 4 وهي التي تهم اطباء الممارسة الحرة والاطباء البيولوجيين ونقابة صيادلة الممارسة الحرّة ليبقى التفاوض قائما مع من تبقى.
واوضح الرئيس المدير العام للصندوق ان خلاص اطباء المصحات الخاصة سيتم من طرف الصندوق وليس من المصحات.
واكد السيد الناصر الغربي عند حديثه عن الخطة الاعلامية التي وجب القيام بها لمزيد التعريف بمجالات تدخل الصندوق الوطني للتأمين على المرض انه يحضر وللمرة الاولى ندوة اعلامية بهذا الحجم لشرح ضوابط الخطة.
واستطرد قائلا ان القانون ينص وفي باب القطاع العام على ان العلاقات ينظمها الصندوق من خلال اتفاقية بين وزارتي الصحة العمومية والشؤون الاجتماعية والتضامن والتونسيين بالخارج في الغرض وبعد توحيد سير النظامين هناك توجه نحو امضاء اتفاق بين الصندوق الوطني للتأمين على المرض ووزارة الصحة لتحديد ضمانات الجودة وكل ما له علاقة بالتدخلات الصحية وسيتم في هذا السياق الحرص على ضمانات القطاع العام من اجل توفير كل الخدمات المتفق عليها.
وإجابة على كم من الاسئلة طرحت طوال الحوار، وابرزها مرجعية التكفّل التي سيتمّ اعتمادها من طرف الصندوق، وهل سيتم اعتماد التعريفة المعمول بها في القطاع العام أم في الخاص، أوضح السيد الناصر الغربي أن التفاوض سيتم على مرحلتين، الأولى تخصّ تعريفة الاقامة الاستشفائية مفصّلة (في القطاع الخاص) ثم يتكفل الصندوق بتغطية جانب يساوي بالضبط ما يحدده القطاع العمومي بالنسبة للعمليات انطلاقا من مبدإ بسيط وهو ان الصندوق الوطني للتأمين على المرض مؤسسة عمومية ولا يمكن ان يشتري نفس الخدمة بثمنين مختلفين، مع العلم وان المبالغ التي يحددها القطاع العمومي ليست متواضعة كما يمكن أن يتبادر الى الاذهان، ولا أخفي عليكم هنا ان التفاوض مع سي الهادي العاشوري في هذا الباب ليس أهون من التفاوض مع سي رابح الشايبي، باعتبار ان القطاع العمومي أيضا يطالب بمراجعة الأسعار وترفيعها.
هذا الامر يهمّ الامراض العادية، أمّا بالنسبة للامراض الثقيلة فإن التكفل يتم بصورة تامة.
الدكتور رابح الشايبي
لقد وقفنا كنقابة عمرها 25 سنة أمام ثلاثة ثوابت أوّلها الدفاع عن منخرطينا وعن مصالحهم أمام ما سيأتي من جديد، ثانيا، إننا تركنا أخلاقيات المهنة للعمادة، وعلى ضوئها قمنا بالمفاوضات مع الصندوق وكانت مفاوضات صعبة.
أمّا ثالثا فيخص الجانب الاجتماعي والانساني للطبيب والذي كان لابدّ من تكريسه.
كما كان امامنا معطيان آخران، الاول اننا لم نكن وحدنا بصدد التفاوض، بل هناك اطراف متعددة مما زاد في صعوبة المأمورية، اما المعطى الآخر فكان ضرورة الوصول الى نظام يجب ان تكتب له الديمومة.
وتأسيسا على ما سبق، فإنّ الاتفاق لا يمكن أن يكون إلاّ وفاقيا. وكان واضحا امامنا اننا سنصل الى «اتعاب» (Honoraires) تعاقدية ومراقبة طبية، وقد وصلنا فعلا وأقوله من خلال منبر جريدة الشعب الى اتفاقية ليست مثالية ولكنها معقولة ومقبولة وقابلة للتطوّر والتحسن، بالنسبة للاطباء ولمسديي الخدمات وللمواطنين بصورة عامة.
الدكتور سليم بن صالح
لقد كلفني الزملاء ممثلو نقابة أطباء الاختصاص الذين اضطروا للمغادرة نتيجة التزامات سابقة (د. علي جبيرة ود. الشرفي) بلفت النظر الى أنّ مشكلتهم مازالت قائمة (30 مارس 2007) وأنّ ملف التعاقد معهم مازال مفتوحا ولم يحسم، علما وانهم طرف مهم في البلاد وانّ عددهم كبير والنقابة تمثل أغلبيتهم.
في هذه النقطة تدخل الاخ رضا بوزريبة ليقول انه لا يمكن الوصول الى نظام ثابت ودائم الا بنظرة واقعية تستند الى تقييم الواقع بكل موضوعية وهو ما جعل الجميع يصل الى تحقيق اتفاقية تراعي جميع الاطراف.
وأشار ممثل نقابة اطباء الاختصاص ان التفاوض متوقف بين النقابة والصندوق رغم اقرار الجميع بفاعلية هذا القطاع المهم في المنظومة الجديدة.
الدواء الجنيس:
اضف تعليقك على المقال:
ملاحظة
* إن أي تعليق جديد على المقال لا يمكن ظهوره ضمن قائمة تعليقات القراء إلا بعد مراجعته و التثبت منه من قبل محرري الموقع
* نرجو التقيد بالآداب العامة عند التعليق . وللمعلومية سيتم حذف التعليقات المخالفة تلقائياً.
* الرسائل أو المقالات أو المشاركات أو الآراء المنشورة في الموقع بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لموقع الشعب بل تمثل وجهة نظر كاتبها
الإسم *
البريد الإلكتروني *
الجنسية
العنوان
التعليق*
الرجاء كتابة التعليق باللغة العربية. وإذا كان جهازك لا يدعم العربية يمكنك مشكوراً اسخدام لوحة مفاتيح .للكتابة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.