مصر.. الحرب في غ.زة انتهت وترامب هو الضمانة الأولى لتنفيذ الاتفاق    مظاهرات طلابية ضخمة في إسبانيا نصرة لفلسطين    الاحت.لال يستلم جثماني أسيرين    الاجتماع الوزاري لحركة عدم الانحياز.. النفطي يؤكد على ضرورة مراجعة النظام المالي العالمي ومحاسبة الكي.ان المحت.ل    خلال تكريمهم من قبل نقابة الصحافيين ...صحافيون مشاركون في أسطول الصمود يدلون بشهاداتهم    البطولة الوطنية المحترفة لكرة السلة: شبيبة القيروان تهزم اتحاد الأنصار في مباراة متأخرة    تراوحت بين 12 و31 سنة.. صدور أحكام سجنية ضد عناصر شبكة دولية لتهريب الكوكايين    بلغت 58 مليمترا.. امطار غزيرة بولايتي القيروان وسوسة    ليالي المدينة الهائمة    قراءة في كتاب د. ضياء خضير عن د. علاء بشير «جرّاح التشكيل العربي» وثيقة جمالية وفكرية عن مسار التّشكيل العراقي والعربي    بعد تهديد ترامب بنقل مباريات في المونديال.. الفيفا يعلق    حجز أكثر من 11 طنا من الأغذية الفاسدة: وداعا «للإرهاب الغذائي» بداية من السنة الجديدة    التمديد في غلق موسم صيد الأخطبوط بشهر آخر    صفاقس: انطلاق موسم جني الزيتون يوم 29 أكتوبر الجا ري وسط توقعات بصابة قياسيّة تناهز 515 ألف طن    النادي الافريقي يفوز وديا على موج منزل عبد الرحمان 3-1    المنستير : عروض فنية مختلفة وثرية في "أكتوبر الموسيقي" بالمنستير من 18 إلى 31 أكتوبر    محمد بوحوش يكتب:صورة الأرامل في الأدب والمجتمع    انتبه: رياح قوية تصل سرعتها إلى 60 كم/س مع السحب الرعدية    الليلة ستشهد انخفاضا في درجات الحرارة    الوسلاتية: سرقة 39 رأس غنم على ملك شقيقين    صندوق الضمان الاجتماعي: تمديد أجل إيداع التصاريح بالأجور وخلاص الإشتراكات للثلاثية الثالثة لسنة 2025 إلى الاثنين 20 أكتوبر    هطول كميات متفاوتة من الامطار خلال الاربع والعشرين ساعة الماضية    مسيرة قابس: إصابات في صفوف الأمنيين والمحتجين    المهرجان الوطني للمسرح التونسي "مواسم الإبداع" يفتتح دورته الثالثة من ولاية توزر    القصرين تستقبل 27,500 دعسوقة    مستشفى الحبيب بورقيبة بصفاقس: إنقاذ طفل ال 12 سنة بعد تعرّضه لتوقف قلبي مفاجئ    البعثة الدائمة لتونس لدى الأمم المتحدة : "لا معنى لوضع المعاهدات والصكوك الدولية في غياب الردع والمحاسبة"    في أول زيارة له : الرئيس السوري أحمد الشرع يلتقي ببوتين و السبب الأسد ؟    باحث تونسي يتصدر قراءات العالم الأكاديمية ويحصد جائزة «Cairn / الفكر 2025»    في بالك : 15 أكتوبر هو اليوم العالمي لغسل اليدين ...شوف الحكاية كاملة    تنبيه/ هذا آخر أجل لإيداع التصريح الشهري و التصريح الثلاثي..    عاجل/ نشرة متابعة للوضع الجوي لبقية اليوم..أمطار رعدية بهذه المناطق..    بإشراف وزير الفلاحة ووالي جندوبة: خبراء يبحثون آفاق زراعة اللفت السكري    النادي الإفريقي يتعادل وديا مع النجم الخلادي    النادي الإفريقي: «حل» فرع شبان كرة الطائرة    البرتغالي كريستيانو رونالدو يصبح الهداف التاريخي لتصفيات كأس العالم    الإعلان عن مبادرة سياسية جديدة تحت عنوان "التزام وطني"    عاجل/ الجيش اكد انها ليست لرهائنه: ما قصة الجثة التي حيرت إسرائيل..؟    عاجل/ يهم التصاريح الجبائية: وزارة المالية تعتمد هذا الاجراء الجديد بداية من نوفمبر..    في ذكرى الجلاء .. مجلس نواب الشعب يحث على "الاقتداء بنضالات وتضحيات شهداء تونس"..    مستشفى الرابطة: يوم مفتوح لتقصي هشاشة العظام في هذا الموعد    عاجل ولأوّل مرة في تونس: مشروع وطني لإنتاج أمهات الدواجن    نسور قرطاج في مواجهة قوية قبل كأس العرب: البرازيل والأردن في الطريق!    مرصد الطقس والمناخ يُحذّر: المنخفض الجوي يقترب من الأجواء التونسية!    شنوّا صار في تونس نهار 15 أكتوبر 1963؟    رياض دغفوس: تسجيل حالات كوفيد-19 محدودة ولا تهدد النظام الصحي    بين الأسطورة والذكاء الاصطناعي: قصة جواز سفر من دولة لا وجود لها تهزّ الإنترنت    الزهروني : الاطاحة بعصابة السطو على المنازل    بداية من اليوم..انطلاق حملة التلقيح ضد "القريب"..    عاجل : أمريكا تلغي تأشيرات دخول ل6 أجانب من هذه الجنسيات    صندوق النقد الدولي يتوقع ان تبلغ نسبة النمو في تونس 2،5 بالمائة سنة 2025    غدا الاربعاء: الدخول مجّاني الى هذه المواقع.. #خبر_عاجل    تكريم الدكتور عبد الجليل التميمي في نوفمبر المقبل خلال حفل تسليم جائزة العويس للثقافة    عاجل/ بشرى سارة بخصوص صابة زيت الزيتون لهذا العام..    أولا وأخيرا .. البحث عن مزرعة للحياة    الزواج بلاش ولي أمر.. باطل أو صحيح؟ فتوى من الأزهر تكشف السّر    وقت سورة الكهف المثالي يوم الجمعة.. تعرف عليه وتضاعف الأجر!    يوم الجمعة وبركة الدعاء: أفضل الأوقات للاستجابة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد المحسن يكتب لكم : حين تحتاج تونس التحرير وهي تستشرف المستقبل بتفاؤل خلاّق
نشر في الصريح يوم 16 - 09 - 2019

قد لا أجانب الصواب إذا قلت إنّ تونس استثناء، إذا ما قيست ببقية البلدان العربية، لاسيما تلك التي استنشقت مثلنا نسيم الحرية، في ظل إشراقات ما سمي بالربيع العربي، لكن روائح البارود سرعان ما انتشرت في أجوائها ليرخي شتاء الخمول بظلاله عليها، ثم يحجَب ربيعها وتتحوّل تبعا لذلك مدنها وقراها إلى مدافن ومداخن، حيث الموت طيف يُرى في الهواء، أو يتجوّل في هيئة قطيع من غربان.
قلت تونس استثناء، فهي ليست مصر ولا سورية ولا العراق، ولا هي اليمن، ولا ليبيا المتاخمة لحدودها شرقا.. بقدر ما هي أيقونة «الربيع العربي»، وهذا يعود إلى شعبها العظيم الذي أدرك بوعيه التاريخي، ونضجه العميق أن التحول الديمقراطي الحقيقي لن يتحقق إلا بالإصرار على المسار السياسي، وإعلاء شأن الانتخابات، لا الانقلابات، مهما كانت أنواعها.
ومن هنا،لا يمكن نفي أهمية التجربة الانتخابية التونسية التي بدت،على الرغم من كل العوائق،خطوة ناجحة لمواصلة السياق الديمقراطي،الذي انخرطت فيه البلاد،واستعدادا جديا لدى القوى السياسية للتداول على السلطة انتخابياً،ما يحمل الوافدين الجدد إلى الحكم مسؤولية كبرى في الحفاظ على هذا المنجز الثوري،وعدم الانجرار إلى رغبة الإقصاء الكامنة في نفوس بعض المهوسيين بالكراسي الوثيرة،لأنه حينها سيكون رد الشارع التونسي عنيفاً،وربما يفضي إلى دخول البلاد في نوع من الفوضى، ليست قادرة على تحمل تبعاتها في ظل محيط إقليمي ملتهب، ووضع دولي تغلب عليه الحسابات والتجاذبات،فهذه الديمقراطية التونسية ولدت لتبقى وتتطور،وليست مما يمكن استغلاله للوصول إلى الحكم، والبقاء فيه بصورة نهائية، فعصر الاستبداد انتهى زمانه في تونس التحرير.
أقول هذالأنّه ببساطة،تونس استثناء، قياسا بالبلدان العربية التي- أسلفت-زارها على عجل الربيع العربي ثمّ غادرها تاركا مكانه لنعيق المدافع ونباح الرشاشات.
وعلى هذا الأساس،تحتاج تونس التحرير وهي تستشرف المستقبل بتفاؤل خلاّق إلى من يؤازرها ويدفع بها في الاتجاه الصحيح كي تستكمل مسارها الديمقراطي الذي بنيت صروحه بدماء الشهداء والجرحي ممن ىقدموا أنفسهم "قربانا" للتحرّر والإنعتاق،تبني مؤسساتها الديمقراطية المنتخبة، وتمضي بخطى ثابتة نحو بناء صرح الديمقراطية الناشئة بسواعد فذة،وفي إطار الهدوء والمحافظة على وحدتنا الوطنية والاجتماعية.
تونس البلد الصغير بحجمه، والكبير بمنجزاته، في المرحلة المقبلة، الاستقرار كي- تهضم مكاسبها الديمقراطية – التي أنجزتها في زمن متخم بالمصاعب والمتاعب.. أنجزتها بخفقات القلوب ونور الأعين، وبدماء شهداء ما هادنوا الدهرَ يوما.. كما تحتاج أيضا إلى استعادة عافيتها،واستعادة ثقة المؤسسات المالية الكبرى،وكذلك الدول القادرة على المساعدة.
تونس اليوم،تصنع التاريخ وهي على مشارف استحقاقات انتخابية تفصلنا عن موعدها سويعات قلائل..تصنع مجدها وحضارتها من جديد..ولا مكان فيها قطعا، للاستفزاز، التجييش، التشهيرالتنابز والتراشق بالتهم.
أقول هذا،لأنّ الوقائع بدورها تقول إنه ليس من السهل الارتداد بحركة التاريخ التي انطلق قطارها من دون توقف.وعلى الرغم مما يعرض لها من تعطيل أو إرباك، فالشعوب ليست جمادات،وإنما هي كائنات فاعلة، طبقا لحرية أصلية فيهم، بحيث«إذا كان ممكناً أن نملي مسبقاً ماذا يجب عليهم أن يفعلوا، فإنه لا يمكن أن نتنبأ بما هم فاعلون، كما يقول كانط، وإن نار الثورة المقدسة التي أوقد جذوتها البوعزيزي، ذات يوم، لن تنطفئ حتى إن خفت نورها، لأن الأجيال العربية قد تسلمت مشعلها وستحافظ عليها مهما كانت الأثمان
إذن ستظل تونس الاستثناء،رغم الانتكاسات التي مرت بها الثورة التونسية عبر ما يناهز تسع سنوات كاغتيال أحد مؤسسي تيار الجبهة الشعبية، الشهيد شكري بلعيد، والمنسق العام لحزب التيار الشعبي الشهيد محمد البراهمي،هذا بالإضافة إلى عديد المطالب الرئيسية، التي ثار من أجلها الشباب التونسي ولم تكتمل بعد، حيث لا تزال نسبة كبيرة من الشعب التونسي ترزح تحت نير الفقر، كما أنّ عددا كبيرا من الشباب لم تتح لهم فرص للعيش الكريم وغدوا بالتالي علامة قاتمة في تاريخ العملية الانتقالية في تونس.
من هنا،ندرك أن المهمة الجسيمة أمام القادة التونسيين هي تحقيق الرخاء والاستقرار في مجتمعهم،وأن يحافظوا،في الوقت نفسه،على المكاسب التي حققتها الثورة في الحرية والديمقراطية.
فمن أولى مسؤوليات الحُكم والحُكام حماية المواطنين،وتقوية شعورهم بالانتماء إلى وطن لهم فيه حقوق،وعليهم واجبات تجاهه،لا أن يتم استغلالهم لمصلحة الحاكم أو النظام.
وهنا أضيف،عند اندلاع "ثورات الربيع العربي"،نشأ أمل في الوطن العربي بأن التغيير القادم هو لمصلحة الشعوب،ولما فيه خيرها وتقدمها وازدهارها، فنالت تأييداً مبكراً، إلا أن تسلط بعض الحكام للبقاء في السلطة بأي ثمن،وانقلاب آخرين على العملية الديمقراطية،مهما كانت خسائر الوطن والمواطن،واستعداء شرائح واسعة من المواطنين الثائرين،فجّرت الشعور الفئوي والقبلي والطائفي والمذهبي،فتمزقت الأوطان وتشرذمت، وطغت أشكال الانتماءات على حساب الانتماء الوطني وخيّمت في الأجواء روائح البارود على حساب نسيم الحرية.
في كل مجريات "الربيع العربي"، تقدّم الهمّ الاجتماعي على الهم الوطني،وكان القاسم المشترك بين الأنظمة التي شملتها هذه الثورات هو القمع وتجاوز القانون وإذلال الناس والمعاملة التمييزية بينهم،على أسس العشيرة أو الطائفة أو الولاء أو الثروة. واللافت للإنتباه ترافق ضعف الحساسية الوطنية تجاه إسرائيل وأمريكا مع اندلاع "الثورات العربية"،ما يؤكد أن الاستبداد العربي المترافق بشتى أصناف الفساد وانعدام المحاسبة حليف موضوعي للاحتلال.
ختاما، يمكن القول إنّ العديد من الدول العربية التي زارها «الربيع» العربي فجأة ثم توارى خلف الغيوم الداكنة، لا تزال غارقة في حروب عبثية، أنتجت قتلا ودمارا وخرابا. ولكن على الرغم من هذه الأجواء الرمادية التي ترخي بظلالها على المنطقة العربية، نرى شعاع أمل يضيء في الأفق التونسي يحدونا أمل في أن تستمر الحال على هذا المنوال، لعل القادة العرب يستيقظون من سباتهم ويحققون لشعوبهم الأمن والاستقرار اللذين تصبو هذه الشعوب إليهما. .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.