المنتدى المتوسطي للذكاء الاصطناعي: خطوة لتعزيز التعاون الإقليمي وبناء ريادة تكنولوجية في المنطقة    وزير التربية: تقدم أشغال حائط معهد المزونة واستكمال مشاريع في 682 مؤسسة    وزير التربية : الإصلاح التربوي في تونس سيقوده المجلس الأعلى للتربية    عراقجي: ترامب عرض على خامنئي خيارين "الحرب أو التفاوض المباشر"    لبنان.. تحديد موعد محاكمة الفنان فضل شاكر أمام المحكمة العسكرية    نابل الهوارية: لهذه الأسباب زراعة الكاكاوية... مهدّدة    في 1550 عملية مداهمة: حجز بضاعة ب30 مليارا في 30 يوما فقط    المعلّق الذي شغل الناس .. عامر عبد الله موهبة إماراتية بروح تونسية    خطبة الجمعة: الإحسان إلى ذوي القربى    اسألوني .. يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    الضريبة في الإسلام رافد هام من روافد التنمية    السبت مفتتح شهر جمادي الثانية 1447 هجري..    عاجل: المسرحية التونسية'عطيل وبعد' تحصد 3 جوائز في مهرجان الأردن المسرحي    JMC VIGUS ب 70 مليون : البيك آب اللي كسّر الأسعار في تونس    الدكتور محمد جماعة يحصد جائزة الباحث الناشئ – المسار الإقليمي ضمن جائزة الحسين لأبحاث السرطان 2025    الشتاء والماكلة: وقتاش ''لازمك تتعشى'' بش تحافظ على صحتك ؟    ضوء خفي يهدد قلبك.. دراسة تكشف خطرا أثناء النوم..!    المؤرخ عبد الجليل التميمي في حوار مع وات: "من الظلم ألا يقع الاهتمام بمن بنوا هذه الأمة، وأن تقبر شهاداتهم بموتهم"    عاجل/ شخص يضرم النار في خمس سيارات ويحاول حرق السادسة..    قهوة مصنوعة من الصراصير تثير الجدل    التحقيقات شملت 13 متهما من بينهم صديقتها: تفاصيل جديدة في قضية مقتل رحمة لحمر..#خبر_عاجل    عاجل : خبر سار لصغار الفلاحين التونسيين ...اجراءات جديدة و هذه أهمها    سجّل في الباك 2026 قبل ما يفوتك الوقت: آخر فرصة لغاية 20 نوفمبر!    عاجل: تحذير...الثلوج والأمطار الغزيرة في الطريق للجزائر وتونس    شنوا قال وزير الصحة مصطفى الفرجاني على اضراب الأطباء الشبان ؟    كأس العالم 2026: النتائج الكاملة لقرعة الملحق الأوروبي    كأس العرب: التركيبة الكاملة لطاقم تحكيم مواجهة المنتخب الوطني في المباراة الإفتتاحية    يحي الفخراني في تونس    البنك الدولي يؤكد استعداده لدعم تونس في مجال المياه والأمن المائي    الإعلان عن قائمة الأعمال المشاركة في مسابقة قرطاج للسينما الواعدة    قبلي: انطلاق فعاليات شهر التمور من المنتج الى المستهلك بالعاصمة بمشاركة 40 موزعا من قبلي وتوزر    عاجل: وزارة الأسرة توضح للتونسيين تفاصيل فيديو''الاعتداء على الطفل في الروضة''    الصحفيون التونسيون ينفذون تحركا وطنيا دفاعا عن حقوقهم وتأكيدا على وحدة الصف الصحفي    ميزانية الدولة 2026: الزيادة في اعتمادات وزارة التربية بنسبة 8,16 بالمائة    الرابطة الثانية - الهادي المقراني مدربا جديدا لمستقبل القصرين    عاجل/ هذا ما تقرر ضد خيام التركي في قضية تبييض أموال..    تحذير: انخفاض كبير في درجات الحرارة يوم السبت    العاب التضامن الاسلامي (الرياض 2025) – ميدالية برونزية لميساء البريكي في منافسات الجوجوتسو لوزن تحت 57 كلغ    أشرف حكيمي يفوز بجائزة أفضل لاعب كرة قدم أفريقي لسنة 2025    فتح باب الترشح لجائزة الأدب لسنة 2026 البنك الأوروبي لاعادة الاعمار والتنمية    كميات الأمطار المسجلة خلال 24 ساعة    عودة أيام الصيانة هيونداي «Hyundai Care Days» : ألفا هيونداي موتور وتوتال إنرجيز يجددان التزامهما بحملة ما بعد البيع المميزة من 17 إلى 28 نوفمبر 2025    يوفنتوس الإيطالي يعلن عن غياب مدافعه روجاني حتى مطلع 2026    حيلة زوجان حققا تخفيض مذهل في فاتورة الطاقة    ترامب يعلن عن موعد ومكان لقائه مع 'خصمه اللدود' زهران ممداني    وثائق إبستين تفجر الجدل مجددا.. البيت الأبيض حاول التأجيل وترامب يغيّر موقفه    تصنيف الفيفا : المنتخب التونسي يتقدم الى المرتبة 40 عالميا    الدكتور ذاكر لهيذب: ''ملعقة زيت الزيتون... درعك الأوّل ضد الجلطات''    كان المسؤول على شبكات التسفير... احالة الارهابي معز الفزاني على الدائرة الجنائية المختصة    "مقطع فيديو" يشعل أمريكيا.. دعوات لعصيان أوامر ترامب    من 28 نقطة.. تفاصيل خطة واشنطن للسلام بين روسيا وأوكرانيا    اريانة:جلسة عمل حول النظر في أعمال اللجنة الجهوية لمتابعة تطور الأسعار وضمان انتظام التزويد    طقس الخميس: أمطار بالجنوب الشرقي ثم المناطق الساحلية الشمالية    لماذا سمي جمادى الثاني؟ أصل التسمية والأحداث التاريخية    عاجل/ الكشف عن عدد الحجيج التونسيين لهذا الموسم    شنيا حقيقة فيديو ''الحمار'' الي يدور في المدرسة؟    طقس اليوم: أمطار غزيرة ورياح قوية بعدة جهات    يفتتحه فيلم 'صوت هند رجب': مهرجان الدوحة للأفلام ينطلق غداً بمشاركة 97 فيلما    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد المحسن يكتب لكم : حين تحتاج تونس التحرير وهي تستشرف المستقبل بتفاؤل خلاّق
نشر في الصريح يوم 16 - 09 - 2019

قد لا أجانب الصواب إذا قلت إنّ تونس استثناء، إذا ما قيست ببقية البلدان العربية، لاسيما تلك التي استنشقت مثلنا نسيم الحرية، في ظل إشراقات ما سمي بالربيع العربي، لكن روائح البارود سرعان ما انتشرت في أجوائها ليرخي شتاء الخمول بظلاله عليها، ثم يحجَب ربيعها وتتحوّل تبعا لذلك مدنها وقراها إلى مدافن ومداخن، حيث الموت طيف يُرى في الهواء، أو يتجوّل في هيئة قطيع من غربان.
قلت تونس استثناء، فهي ليست مصر ولا سورية ولا العراق، ولا هي اليمن، ولا ليبيا المتاخمة لحدودها شرقا.. بقدر ما هي أيقونة «الربيع العربي»، وهذا يعود إلى شعبها العظيم الذي أدرك بوعيه التاريخي، ونضجه العميق أن التحول الديمقراطي الحقيقي لن يتحقق إلا بالإصرار على المسار السياسي، وإعلاء شأن الانتخابات، لا الانقلابات، مهما كانت أنواعها.
ومن هنا،لا يمكن نفي أهمية التجربة الانتخابية التونسية التي بدت،على الرغم من كل العوائق،خطوة ناجحة لمواصلة السياق الديمقراطي،الذي انخرطت فيه البلاد،واستعدادا جديا لدى القوى السياسية للتداول على السلطة انتخابياً،ما يحمل الوافدين الجدد إلى الحكم مسؤولية كبرى في الحفاظ على هذا المنجز الثوري،وعدم الانجرار إلى رغبة الإقصاء الكامنة في نفوس بعض المهوسيين بالكراسي الوثيرة،لأنه حينها سيكون رد الشارع التونسي عنيفاً،وربما يفضي إلى دخول البلاد في نوع من الفوضى، ليست قادرة على تحمل تبعاتها في ظل محيط إقليمي ملتهب، ووضع دولي تغلب عليه الحسابات والتجاذبات،فهذه الديمقراطية التونسية ولدت لتبقى وتتطور،وليست مما يمكن استغلاله للوصول إلى الحكم، والبقاء فيه بصورة نهائية، فعصر الاستبداد انتهى زمانه في تونس التحرير.
أقول هذالأنّه ببساطة،تونس استثناء، قياسا بالبلدان العربية التي- أسلفت-زارها على عجل الربيع العربي ثمّ غادرها تاركا مكانه لنعيق المدافع ونباح الرشاشات.
وعلى هذا الأساس،تحتاج تونس التحرير وهي تستشرف المستقبل بتفاؤل خلاّق إلى من يؤازرها ويدفع بها في الاتجاه الصحيح كي تستكمل مسارها الديمقراطي الذي بنيت صروحه بدماء الشهداء والجرحي ممن ىقدموا أنفسهم "قربانا" للتحرّر والإنعتاق،تبني مؤسساتها الديمقراطية المنتخبة، وتمضي بخطى ثابتة نحو بناء صرح الديمقراطية الناشئة بسواعد فذة،وفي إطار الهدوء والمحافظة على وحدتنا الوطنية والاجتماعية.
تونس البلد الصغير بحجمه، والكبير بمنجزاته، في المرحلة المقبلة، الاستقرار كي- تهضم مكاسبها الديمقراطية – التي أنجزتها في زمن متخم بالمصاعب والمتاعب.. أنجزتها بخفقات القلوب ونور الأعين، وبدماء شهداء ما هادنوا الدهرَ يوما.. كما تحتاج أيضا إلى استعادة عافيتها،واستعادة ثقة المؤسسات المالية الكبرى،وكذلك الدول القادرة على المساعدة.
تونس اليوم،تصنع التاريخ وهي على مشارف استحقاقات انتخابية تفصلنا عن موعدها سويعات قلائل..تصنع مجدها وحضارتها من جديد..ولا مكان فيها قطعا، للاستفزاز، التجييش، التشهيرالتنابز والتراشق بالتهم.
أقول هذا،لأنّ الوقائع بدورها تقول إنه ليس من السهل الارتداد بحركة التاريخ التي انطلق قطارها من دون توقف.وعلى الرغم مما يعرض لها من تعطيل أو إرباك، فالشعوب ليست جمادات،وإنما هي كائنات فاعلة، طبقا لحرية أصلية فيهم، بحيث«إذا كان ممكناً أن نملي مسبقاً ماذا يجب عليهم أن يفعلوا، فإنه لا يمكن أن نتنبأ بما هم فاعلون، كما يقول كانط، وإن نار الثورة المقدسة التي أوقد جذوتها البوعزيزي، ذات يوم، لن تنطفئ حتى إن خفت نورها، لأن الأجيال العربية قد تسلمت مشعلها وستحافظ عليها مهما كانت الأثمان
إذن ستظل تونس الاستثناء،رغم الانتكاسات التي مرت بها الثورة التونسية عبر ما يناهز تسع سنوات كاغتيال أحد مؤسسي تيار الجبهة الشعبية، الشهيد شكري بلعيد، والمنسق العام لحزب التيار الشعبي الشهيد محمد البراهمي،هذا بالإضافة إلى عديد المطالب الرئيسية، التي ثار من أجلها الشباب التونسي ولم تكتمل بعد، حيث لا تزال نسبة كبيرة من الشعب التونسي ترزح تحت نير الفقر، كما أنّ عددا كبيرا من الشباب لم تتح لهم فرص للعيش الكريم وغدوا بالتالي علامة قاتمة في تاريخ العملية الانتقالية في تونس.
من هنا،ندرك أن المهمة الجسيمة أمام القادة التونسيين هي تحقيق الرخاء والاستقرار في مجتمعهم،وأن يحافظوا،في الوقت نفسه،على المكاسب التي حققتها الثورة في الحرية والديمقراطية.
فمن أولى مسؤوليات الحُكم والحُكام حماية المواطنين،وتقوية شعورهم بالانتماء إلى وطن لهم فيه حقوق،وعليهم واجبات تجاهه،لا أن يتم استغلالهم لمصلحة الحاكم أو النظام.
وهنا أضيف،عند اندلاع "ثورات الربيع العربي"،نشأ أمل في الوطن العربي بأن التغيير القادم هو لمصلحة الشعوب،ولما فيه خيرها وتقدمها وازدهارها، فنالت تأييداً مبكراً، إلا أن تسلط بعض الحكام للبقاء في السلطة بأي ثمن،وانقلاب آخرين على العملية الديمقراطية،مهما كانت خسائر الوطن والمواطن،واستعداء شرائح واسعة من المواطنين الثائرين،فجّرت الشعور الفئوي والقبلي والطائفي والمذهبي،فتمزقت الأوطان وتشرذمت، وطغت أشكال الانتماءات على حساب الانتماء الوطني وخيّمت في الأجواء روائح البارود على حساب نسيم الحرية.
في كل مجريات "الربيع العربي"، تقدّم الهمّ الاجتماعي على الهم الوطني،وكان القاسم المشترك بين الأنظمة التي شملتها هذه الثورات هو القمع وتجاوز القانون وإذلال الناس والمعاملة التمييزية بينهم،على أسس العشيرة أو الطائفة أو الولاء أو الثروة. واللافت للإنتباه ترافق ضعف الحساسية الوطنية تجاه إسرائيل وأمريكا مع اندلاع "الثورات العربية"،ما يؤكد أن الاستبداد العربي المترافق بشتى أصناف الفساد وانعدام المحاسبة حليف موضوعي للاحتلال.
ختاما، يمكن القول إنّ العديد من الدول العربية التي زارها «الربيع» العربي فجأة ثم توارى خلف الغيوم الداكنة، لا تزال غارقة في حروب عبثية، أنتجت قتلا ودمارا وخرابا. ولكن على الرغم من هذه الأجواء الرمادية التي ترخي بظلالها على المنطقة العربية، نرى شعاع أمل يضيء في الأفق التونسي يحدونا أمل في أن تستمر الحال على هذا المنوال، لعل القادة العرب يستيقظون من سباتهم ويحققون لشعوبهم الأمن والاستقرار اللذين تصبو هذه الشعوب إليهما. .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.