قلت وأنا أكتب هذه السطور اما كان بِنَا ان ننحني أمام الموت التي فرضها علينا رب العالمين الذي له وحده البقاء. وأنا اليوم أشعر بالحزن على وفاة الرئيس الأسبق زين العابدين الذي جاءنا خبر نعيه من جدّة بالسعودية التي اختارها مقاما له وقتيا بعدما تعذر عليه البقاء في بلده تونس لأسباب يجبها الموت المكتوب علينا جميعا. كنت تمنيت عليه أن يعتذر في حياته عن التجاوزات التي وقعت في أيّامه نتيجة لإكراهات الحكم والسياسة. ولكنه فضّل السكوت وحرم نفسه وأهله من الصفح والغفران ويبقي لنا رجاء واحد من الله ان يتجاوز عنا وعنه كما وعدنا في كتابه المكنون: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ} [الزمر: 53-54]. كانت أيّام حكمه عصيبة أشتدت فيها قبضة البوليس والاخذ بالشبهات، وقد كلفت البلاد الكثير من التضحيات والآلام واتمنى الصفح ممن تحملوها صابرين لوجه رب العالمين وذلك تخفيفا عليه يوم الحساب، يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ (88) إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (89) الشعراء. وذلك استجابة لما وعد الله الصابرين بالحسنات وتلك هي الدنيا التي لم يأخذ معه منها شيئا مستقبلا وجههه الكريم الذي له التجاوز عن الذنوب. لم يبق لي في هذه المناسبة الاليمة الا الترحم عليه وطلب التجاوز والغفران من الله غفار الذنوب، واغتنم هذه المناسبة الاليمة لاتقدم بتعازي لأهله وأحبته طالبا ان الله يرزقهم الصبر والسلوان وانا لله وإنا إليه راجعون.