من معاني اسم الغفور والمغفرة أنه اسم يحيا به الصّالحون ليلا نهارا، ويستمتع به الذّاكرون، ويبكي العاصين، ويرزق السّائلين، ويطعم الجائعين والمحرومين، ويسقي أراضي الفلاّحين، ويعمّر بيوت العاقرين ويقوّي المستضعفين، ويبعث الأمل في العصاة المسرفين، ويؤمّن المذنبين، من أقرب الأسماء الحسنى إلى المؤمن. اسم الله الغافر والغفّار والغفور. سبحانه بالرّغم أنّه قادر على عباده شديد العقاب ذي الطول ولكنّه يغفر ويسامح. وكلمة غفَر تعني غطَى، ستَر، صانَ. من ثمرات اسم الله الغفور- ينسيك الذنب حتى تستمرّ الحياة: الإنسان لا يقوى على احتمال هذه الحياة مع إحساسه بالجريمة، فكيف إذا كثرت جرائمه وتذكرها واحدة بعد الأخرى؟ لا شك أنّه سينهار وتتوقف حياته، وكم رأينا أناسا انتحروا أو فقدوا لذّة الحياة لمجرد تذكرهم لشيء ارتكبوه في حق إنسان. إذا تذكره يجدد الأحزان ويفسد حلاوة الأيّام، فكان من رحمة الله ببني الإنسان أن كتب عليهم النسيان، وذلك بستر الذاكرة بحجاب النسيان وتغطية الأحداث بأحداث بعدها، فيستر الجديد القديم فينساها الإنسان.- مغفرة الله لا حدود لها: عن أبي ذر رضي الله عنه عن النّبيّ صلى الله عليه وسلّم يرويه عن ربّه قال: «يا ابن آدم إنّك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان فيك، ابن آدم إن تلقني بقراب الأرض خطايا لقيتك بقرابها مغفرة بعد أن لا تشرك بي شيئا، ابن آدم إن تذنب حتّى يبلغ ذنبك عنان السّماء ثمّ استغفرتني أغفر لك ولا أبالي.» (رواه أحمد) - مغفرة الله لا حدود لها حتى مع الكفار: قال تعالى {قُل لِلَّذِينَ كَفَرُواْ إِن يَنتَهُواْ يُغَفَرْ لَهُم مَّا قَدْ سَلَفَ} (الأنفال 38) والله للكافر المُحارب لرسول الله، {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّمَن فِي أَيْدِيكُم مِّنَ الأَسْرَى إِن يَعْلَمِ اللّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِّمَّا أُخِذَ مِنكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} (الأنفال 70) فإن كان الله يغفر للكافر، أفلا يغفر لنا؟ - ستر فيه جمال: قال تعالى {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} (الزمر 53) الله عزّ وجلّ لم يقل قل يا عبادي الذين فسقوا، أو قال: قل يا عبادي الذين شربوا الخمر أو قال: قل يا عبادي الذين ارتكبوا الفاحشة، أو قال: قل يا عبادي الذين قتلوا، بل قال {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ} (الزمر 53) فيها تلطف فيها ستر، فيها ستر لحالهم،...- مغفرته كلّها ستر: تدبّر لو أنّك كلّما أذنبت ذنبا كتب على جبينك...؟- يروى أنّ بني إسرائيل إذا فعلوا معصية يصبح العبد مكتوبا على باب بيته، فلان فعل البارحة فعل كذا وكذا. كم من سنة وأنت تبارز الغفور بالمعاصي وهو سترها لك؟ ألا تخشى أن يأخذك وأنت تعصيه.؟ يوم يقول اقرأ كتابك {إِنَّا كُنَّا نَسْتَنسِخُ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُون}َ (الجاثية 29) من كتابه «فسحة في أسماء الله الحسنى»