قد جاء في الاخبار وقد ثبت وقد صح في اثار التونسيين السابقين انهم كانوا في عهد البايات اذا مات باي وقام بعده باي قالوا ودعوا(الله ينصر من اصبح) وانني ولئن كنت اعلم علم اليقين ان معاني ومقاصد هذا الدعاء محمولة على عدة وجوه وعدة نوايا لاختلاف تفكير وعقيدة الداعين الا انني ساكون صادقا وعلى نياتي كما يقول اخواننا المصريون وانا اقول واعلم القراء انني لم اجد افضل من هذا الدعاء في التعليق على اسماء القائمة الجديدة لاسماء الوزراء في حكومة سي الحبيب الجملي التي طال وتعسر مخاضها حتى اصبحنا ندعو الله لييسر ولادتها وخلاصها...ولاشك ايضا ان التعاليق السلبية اكثر من الايجابية ستتعقب وستلاحق هذه القائمة وهذه التشكيلة الوزارية من اولائك الذين لا يعجبهم العجب ولا يطربهم اي طرب ولكنني اقول لهم واذكرهم بذلك المثل التونسي القديم للدلالة على وجوب تقييم كل شخص بصفة وعقلانية واقعية معقولة (ما فماش قمرة ما فيهاش لولة) فالكمال كما يقول المؤمنون بالله وكماله جلاله وتوحيده لله وحده الذي لا لا الاه سواه و ليس هناك بشر مهما كان ومهما سيكون ليس فيه نقص او ضعف يحاول ان كان عاقلا وكيسا ان يتلافاه وان يتحاشاه ... والحقيقة التي لا اراها تغيب على العقلاء وعلى المنصفين ان رئيس الحكومة المكلف قد قام بواجبه وادى الذي عليه في اختيار رجال حكومته وهو يرى طبعا انه قد اجتهد في ما طلب منه في مهمته في اداء امانته ولعل اكبر دليل على ما اقول ان الرجل قد اخذ والحق يقال وقته الكافي الطويل وطالت مشاوراته التي سلك فيها كل طريق وانتهج فيها كل سبيل وقد تابع التونسيون عمله عن كثب ولقد تاسف الكثيرون منهم وعجبوا لما راوا احزابا فرت من تحمل مسؤوليات في ما عرض عليهم من الوزارت وهي تدعي انها تحمل مشاريع اقتصادية واجتماعية ستغير ايجابيا حياة التونسيين والتونسيات واننا نرى انه مهما كانت اسبابهم الظاهرة والخفية ما كان عليهم ان يرتكبوا هذه الحماقة السياسية واغرب ما سجله التونسيون الملاحظون في هذا المخاض الوزاري الذي طال وشغل كل بال ان الكثير من المحللين السياسيين المعارضين لاختيار هذا الرجل المكلف بتشكيل هذه الوزارة قد اخافوه واحبطوه وقالوا له ان حكومتك محكوم عليها بالفشل قبل ان تقدم على اي نشاط واي عمل اذ عليك وعليها ان توفر كذا وكذا من الاموال حتى تبلغ بر وشاطئ الامان ووو... ونحن نسالهم الم تفكروا قليلا ماذا لو تخلى هذا الرجل وغيره عن هذه المهمة الوطنية كيف ستكون اوضاع البلاد اذا يقيت تعيش طويلا حالة فوضوية احتقانية؟ الم يكن الرجل اذا من الشجعان وم المغامرين الوطنيين عندما صمد في سبيل تكوين حكومة حتى ولو كانت متوسطة او (نصف لباس)او (عندكشي عندي) كما يقول عامة التونسيين؟ اولم نحفظ من كلام الحكماء الأولين(ما لا يدرك كله لا يترك جله)؟ فهل بقي اذا للعقلاء وقد تابعوا المسار العسير الذي عرفه تشكيل هذه الحكومة كل صباح وكل مساء الا ان يدعون لها بالنجاح والنصر والسداد مادامت ستسعى في سبيل خدمة مصالح البلاد والعباد؟ ومما لا شك فيه انها قد تقع في بعض الأخطاء ككل البشر فهذا امر ثابت ومحقق ولكن علينا الا نسبق الأحداث والا نتوجس دائما السوء و الشر حتى لا نكون كمثل اولائك الذين قال فيهم ذلك المثل الحكيم المدقق يريدون قطع يد السارق قبل ان يسرق) واخيرا ما احسن وما اجمل ان ندعو بالنصر والتاييد لكل من تحملوا مهمة او امانة ثقيلة في هذا الوقت وهذا الزمن الصعب العسير وان نقول لكل من ظنوا وقرؤوا فيهم السوء لضعف او نقص او تشاؤم في التفكير والتدبير ( سبقوا الخير تلقوا الخير) والله على كل شيء قدير...