سيبقى يوم 10 جانفي 2020، تاريخا مرجعيا في تونس ، لاول مرة تسقط حكومة في البرلمان وتفشل في نيل ثقة مجلس نواب الشعب ، منذ الثورة لليوم ، شهدنا 3 حالات لا تنسى الاولى مغادرة الحبيب الصيد دون عرض حكومته التي اصبحت تلقب ب"الحكومة الصفر"والثانية بفشله اثر "مشاورات وثيقة قرطاح ومبادرة حكومة الوحدة الوطنية" في تجديد الثقة له والثالثة باسقاط اول حكومة بعد انتخابات 2019 التشريعية. لكن قصة سقوط حكومة الحبيب الجملي لم تكتب في جلسة منح الثقة المنعقدة امس وفق تقارير اعلامية ، البداية كانت بتأجيل الجلسة في اجتماع مكتب المجلس الذي رحلها من يوم الثلاثاء 7 جانفي 2020 ليوم الجمعة 10 جانفي 2020 بتحالف بين اعضاء المكتب المنتمين للنهضة وقلب تونس ، انتهى الاجتماع وقتها بتساوي عدد الاصوات بين قلب تونس والنهضة من جهة (5) والاصلاح الوطني والتيار وحركة الشعب والدستوري الحر (5) من جهة اخرى ، ليكون صوت رئيس البرلمان راشد الغنوشي مرجحا ويتقرر ترحيل الجلسة ليوم الجمعة. الترحيل تم وقتها لخلفيات اخرى.. لم يكن مطروحا في تحالف النهضة وقلب تونس اسقاط الحكومة بل البحث عن فتح باب المشاورات مع رئيس الحكومة المكلف الحبيب الجملي لاعادة النظر في تركيبة حكومته المقترحة ، وادخال تغييرات عليها ، النهضة دفعت لتغيير بين 5 و10 وزراء وقلب تونس 7 وزراء وكان غاضبا من ضعف تمثيليته فيها التي كانت في حدود وزير وكاتبة دولة ، الا ان الجملي ورفض التغيير "رفضا باتا"، بل وتغيب عن اجتماع كان سيجمعه بنبيل القروي وراشد الغنوشي وحسونة الناصفي ، تهرب مثلما اتُهم في ما بعد ، ازداد غضب ممثلي الحزام البرلماني المفترض ( النهضة وقلب تونس والاصلاح الوطني والمستقبل ) الرباعي يريد التغيير ، بعدها دعت النهضة مجلس شوراها للانعقاد لكن الجملي واصل التحدي تزامنا مع انعقاد مجلس الشورى واكد في تصريح اذاعي وقتها انه لن يغير اي عضو من حكومته وهو ما تسبب في انشقاق وخلافات داخل مجلس الشورى وموجة غضب كبيرة من الجملي وانقلاب على راشد الغنوشي وتحميله المسؤولية. في الاثناء ، تطورت النقاشات الجانبية بين مقربين من قلب تونس وتحيا تونس ، وتحولت الى نقاشات رسمية ، وعُقد اللقاء الاول بين القروي وامين عام تحيا تونس سليم العزابي ، تم الاتفاق على المرور نحو “مصالحة” تنهي الخلافات بين القروي والشاهد والحرب المفتوحة بينهما وبين حزبيهما ، وكان رئيس الجمهورية قيس سعيد وفق مصادر الصريح على علم بالتفاصيل بعد تنسيق مع رئيس الحكومة الحالي يوسف الشاهد،ثم الاتفاق بعد ذلك على مصالحة مع قيس سعيد واقناع لحركة الشعب عن طريق مبروك كورشيد لدعم مواقف جبهة تحيا تونس وقلب تونس والاصلاح والمستقبل وإمكانية الالتحاق بالجبهة وهو ماوافق علية شق من حركة الشعب وعارضه شقا اخر. الكواليس كانت ساخنة في مكتب راشد الغنوشي ساعات قبل التصويت على الحكومة في محاولة لاقناع نبيل القروي بمنح الثقة للجملي لكنه تمسك بموقفه وشاهدنا لاول مرة تقاربا في وجهات النظر واحاديث جانبية بين عبو القروي وعبير موسي والمغزاوي والشاهد في أروقة البرلمان حيث تم اقتراح عريضة من موسي من اجل سحب الثقة من الغنوشي في نفس الجلسة لم يلق إجماعا هذا كما شهت كواليس البرلمان امس اتهامات وخلافات داخل النهضة وموجة غضب من موقف زياد العذاري الذي صوت ضد الجملي وحاول التأثير على بعض نواب الحركة في مشهد غير مسبوق بتونس قد ياتي بتطورات جديدة وموازين قوى اخرى أطلق عليها البعض "انقلاب" على النهضة ورئيسها.