لا حديث هذه الأيام إلا على فيروس كورونا الذي أودى بحياة قرابة 490 شخص في الصين البلد الذي ظهر فيه ولا حديث في الإعلام العالمي إلا على الحيرة التي انتابت الكثير من الدول بعد أن انتشر هذا الوباء واجتاح إلى حد الآن قرابة 26 دولة وتسبب في وفاة حوالي 150 شخص فيها ولا اهتمام للناس إلا على الحيرة والقلق الذي بدأت وتيرته تتسع بعد البلاغات التي بدأت ترسلها منظمة الصحة العالمية محذرة من خطورة هذا المرض الذي اتضح أنه سريع الانتشار ويؤدي إلى موت صاحبه في بضعة أيام خاصة وأن اللقاح ضده مفقود وغير متوفر رغم المساعي العالمية الحثيثة لمعرفة سببه والوصول إلى دواء له . وهذا الهلع الذي بدأ يعم المعمورة وهذا الخوف من تواصل انتشاره وتمدده في الجغرافيا وتواصل الوفايات التي تنتح عنه بشكل كبير قد انتقل إلينا رغم أن كل المعطيات تقول بأننا في مأمن من خطر هذا الفيروس وأن كل الاحتياطات الأمنية و الطبية قد اتخذت للتوقي والتصدي له وبدأنا نلمس بوادر شعور بالخوف الحقيقي من تسرب هذا المرض إلى محيطنا الجغرافي ومن مظاهر القلق فماذا يمكن أن نتصوره لو حل هذا الوباء وهذا المرض بأرضنا وهي فرضية دافعها تخيل ولو للحظة أننا نجبر يوما على التعامل مع الحياة بشكل مختلف وبطريقة غير عادية فكيف سيكون حالنا .؟ ماذا لو نتخيل أنه في زمن معين وبينما كنا نعيش حياة عادية ونحن مقبلون على الحياة ومندفعون نحو الاستفادة من خيراتها وملذاتها ونحن في سعي متواصل لتحقيق مكاسب متعددة فيها وجني الكثير من الخيرات ولا هم لنا إلا تحقيق جودة الحياة وبلوغ منتهى السعادة بما توفر لنا من رغد العيش ومن خيرات طبيعية متوفرة وبما رزقنا الله من أهل وأبناء ومركز اجتماعي مرموق وعمل محترم يدر علينا عائدات مالية محترمة تسمح بالترفيه عن النفس وتوفير ما نستحقه من حاجيات ضرورية لحياة كريمة . ماذا لو نتخيل أن كل مظاهر هذه الحياة الجميلة تغادرنا في لحظة من الزمن بسبب طارئ لا دخل لنا فيه .. ماذا يكون حالنا وما هو شعورنا حينما نضطر يوما إلى ترك كل ما حققناه وما كسبناه وكل من نحبهم ويحبوننا بسبب وباء حل بالبلاد وأجبرنا على التخلي عن كل شيء جميل في هذه الحياة. ماذا يكون شعورنا ووضعنا النفسي حينما نجبر على اتباع تعليمات الدولة والحكومة بضرورة لزوم بيوتنا وعدم الخروج لا للعمل أو الدراسة أو حتى للتبضع من الأسواق والمغازات .. لو نتخيل يوما أننا لن نقدر على التحرك خارج منازلنا بسبب وباء خطير او كارثة طبيعية يتطلب التعامل معها الانزواء في المنازل والبيوت . أقول هذا الكلام وأتخيل هذه الوضعية وأنا أرقب ما يحصل في بلد الصين العظيم بعد أن تسبب فيروس كورونا في وفاة الكثير من أبنائه وأدخل فيه حالة من العجز والضعف وأدى إلى تراجع معاملاته التجارية وتوقف الكثير من انشطته وتراجع عملته وكذلك تراجع فرص الاستثمار وتراجع المعاملات في البورصة واضطرار الكثير من الناس البقاء في منازلهم ومنعهم من مغادرتها إلى درجة أن نفد لديهم ما خزنوه من مأكولات ومن مواد غذائية كل ذلك لخوفهم من العدوى وممن أصيبوا بهذا المرض القاتل. هل يتخيل أحدنا أن يأتي يوما يترك فيه في لحظة من الزمن كل ما يشده إلى هذه الدنيا وإلى هذه الحياة بسبب طارئ لم ينتظره ؟ هي يتخيل أحدنا أن يجبر يوما على أن يقبع في بيته لأيام طويلة دون أن يخرج تفاديا للعدوى وتوقيا من مرض حل بالبلاد ؟ فهذه الحالة الشعورية وهذه النفسية وهذا القلق هو الذي تخيلته أن يحصل لنا وأنا أراقب الأنباء والأخبار عما حل بشعب الصين وعما حل بهذا البلد العظيم وبهذه القوة العسكرية والاقتصادية والمالية والتي تجد نفسها اليوم عاجزة أمام فيروس فتاك تحداها وتحدى قوتها وأجبرها على الانحناء رغم قوتها وأدخل شعبها ومن ورائه شعوب العالم في حالة نفسية خطيرة . فهل نحتاج من حين إلى آخر إلى مثل هذه الأحداث حتى تعيدنا إلى حقيقتنا وحتى تذكرنا بأنه مهما تجبرنا وتكبرنا فإن هناك قوة أخرى أعظم منا ..