تونس تُطلق مرحلة جديدة في تشخيص سرطان الثدي عبر التلّسَنولوجيا    ثلوج تحاصر عشرات المواطنين... والحماية المدنية تتدخل    سريلانكا.. مصرع 20 شخصا وفقدان 14 بسبب الأمطار الغزيرة    القضاء البنغالي يصدر حكما جديدا بحق الشيخة حسينة    تسجيل 53 مليمتراً من الأمطار ببني مطير خلال ال24 ساعة الماضية    الحماية المدنية : 501 تدخلات خلال 24 ساعة الماضية    البنك المركزي التونسي يعزّز شراكته مع البنك الإفريقي للتصدير والتوريد من أجل فتح آفاق تعاون أوسع داخل إفريقيا    بمناسبة ال "بلاك فرايدي": منظمة إرشاد المستهلك تدعو الى التوقف عن الشراء ...    مستجدات ملف حليمة بن علي: القضاء الفرنسي يطلب معطيات إضافية قبل الحسم في مطلب التسليم    24 سنة سجناً مع النفاذ العاجل للمدير العام السابق لشركة الحلفاء و6 سنوات للكاتب العام الجهوي السابق لاتحاد الشغل بالقصرين    حظر للتجول واقتحامات.. الجيش الإسرائيلي يواصل عملياته في طوباس    عاجل/ 16 قرار غلق لهذه المراكز..    عاجل : لسعد الدريدي مدربًا جديدًا للملعب التونسي    أرسنال يهزم بايرن ميونيخ وينتزع صدارة رابطة أبطال أوروبا    الترجي الرياضي: الوفد يشد الرحال إلى لواندا.. وحصة تمارين واحدة في البرنامج    المنتخب الوطني: اليوم شد الرحال إلى الدوحة.. وسداسي في الرحلة    المنتخب الوطني للكرة الطائرة يشد الرحال إلى عمان    "منع التصوير وعضوية بنظام الدعوات فقط".. مشروع فاخر جديد لرونالدو    السكن الاجتماعي: شنوا الشروط والمعايير للمنتفعين ووقتاش باش يتسلموا القسط الثاني؟    عاجل: معهد الرصد الجوي يعلن اليقظة الصفراء في عدة الولايات    شنوا الفرق بين التبروري والثلج ؟    الجمهور يتأثر: الإعلامية المصرية هبة الزياد رحلت عن عالمنا    النفيضة ..احتجاجات وغلق طريق في عين مذاكر لهذه الأسباب    الاولمبي الباجي - نصف شهر راحة للمدافع الغيني شريف كامارا بعد تدخل جراحي على مستوى اليد    ر.م.ع ''عجيل'' يطمّن التوانسة: قوارير الغاز متوفّرة    تهديد إعلامية مصرية قبل وفاتها.. تفاصيل اللحظات الأخيرة في حياتها    سوسة: ندوة اقليمية حول آفاق تصدير زيت الزيتون    محرز الغنوشي يُبشر: ''ثلوج ممكنة بالمرتفعات والاجواء باردة''    وكالة المخابرات المركزية الأمريكية: مطلق النار في واشنطن عمل لصالحنا في أفغانستان    زلزال بقوة 6.6 درجة يهز جزيرة سومطرة الإندونيسية    حريق هونغ كونغ.. 44 قتيلا واكثر من 200 مفقود    أرق    من قتل النقد الأدبي؟    ارتسامات تشكيليّة    انهزامك مستحيل    بين الرّموز والواجهات الافتراضية ..الحبّ تحت طبقات من الضجيج الرقمي    عاجل: إصابة عسكريين اثنين بإطلاق نار قرب البيت الأبيض    البنك الدولي يرفع توقعاته لنمو الاقتصاد التونسي الى 6ر2 بالمائة في 2025 مقابل 9ر1 بالمائة سابقا    وزارة الداخلية تنتدب حفّاظ أمن: شروط وآليات الترشّح    غرفة مصعني المرطبات تنبه    طقس الليلة.. بارد مع امطار غزيرة بهذه المناطق    عاجل/ وفاة مسترابة لمحامية داخل منزلها: تطورات جديدة في القضية..    منظمة الصحة العالمية تحذر من الاستعمال العشوائي للمضادات الحيوية دون وصفة طبية    انقلاب عسكري في غينيا بيساو واعتقال الرئيس    نجاح أول عملية استئصال لورم كبير في الرحم بهذا المستشفى الجهوي..#خبر_عاجل    العاصمة: شهر التمور من المنتج الى المستهلك يتواصل الى غاية هذا الموعد    الطقس برد والقطط تتخبّى في محرّك سيارتك...ردّ بالك!    علاش بكات إلهام شاهين في مهرجان شرم الشيخ    دراسة علمية : شوف شنوا يصيرلك كان تعدي جمعة بلاش فايسبوك و لا انستغرام ؟    ارتفاع عدد وفيات فيروس ماربورغ في إثيوبيا    قابس: الاعداد للانطلاق في استغلال القريتين الحرفيتين بقابس المدينة والمطوية    طقس اليوم: أمطار غزيرة والحرارة في انخفاض    اليونسكو تطلق مشروعا جديدا لدعم دور الثقافة في التنمية المستدامة في تونس بقيمة 1.5 مليون دولار    "سينيماد" تظاهرة جديدة في تونس تقدم لعشاق السينما أحدث الأفلام العالمية    عاجل: هذا موعد ميلاد هلال شهر رجب وأول أيامه فلكياً    جائزة عربية مرموقة للفاضل الجعايبي في 2025    في ندوة «الشروق الفكرية» «الفتوى في التاريخ الإسلامي بين الاجتهاد والتأويل»    اليوم السبت فاتح الشهر الهجري الجديد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القديدي يكتب لكم : صورة الغرب مشوهة لدينا.. كذلك!
نشر في الصريح يوم 21 - 02 - 2020

في زحمة هذه المؤتمرات والندوات والحلقات العربية التي تنعقد هنا وهناك في عواصمنا حول موضوع صورة العرب والمسلمين المشوهة في الغرب او في الاعلام الغربي او لدى الرأي العام الغربي.. وقد حظيت بالاسهام بقسط في بعضها، أخرها في جامعة السربون بدعوة من زملائي أساتذة الحضارة العربية بالسربونخرجت بخلاصة موضوعية وهي أننا نحن العرب نجهل الغرب كما يجهلنا هو وللحقيقة كنت شخصيا خائفا يوم الثلاثاء الماضي حين أعلن عن إطلاق نار في مدينة ألمانية و مقتل 10 مواطنين ...خائفا من أن يكون الجاني إرهابيا مسلما قتل ألمانا أبرياء ثم تنفست الصعداء حين أعلن أن القاتل عنصري مسيحي نازي و أن الضحايا مسلمون أبرياء رحمهم الله! اعتقد ان اثارة هذا الموضوع اليوم امر موفق وضروري لان القضية حقيقية وتستحق النقاش وتقديم الحلول..و لها إنعكاس على وصول الأحزاب اليمينية العنصرية للسلطة في بلدان الإتحاد الأوروبي لكن لا احد أثار الوجه الثاني للموضوع وهو ان صورة الغرب كذلك مشوهة لدينا نحن العرب والمسلمين. وهذا الوجه الثاني يحمل درجة الخطورة نفسها ان لم يكن اكثر لان للغرب منذ قرون مستشرقين ومستعربين، وليس لدينا نحن «مستغربون» اي خبراء في حضارة الغرب وعارفون بشؤونه. والنتيجة هي ان الغرب عرفنا ودرسنا وعجننا وطبخنا منذ القرن السابع عشر، ونحن ظللنا نجهله ونتجاهله.. فاعترف الغرب بالاستشراق علماً كاملاً ولم نعترف نحن بالاستغراب.ولعل الله اكرمني بالعيش في احدى عواصم الغرب باريس على مدى ثلث قرن اضطراراً لا اختياراً فكان لي بالرغم مني شأن بل شئون مع المجتمعات الغربية، ثم اكرمني معهد شيلر العالمي لحوار الحضارات فانتدبني محاضرا حول العلاقات بين الاسلام والغرب من المنظور التاريخي والثقافي والاستراتيجي، فحاضرت في واشنطن وبون وروما وباريس وبروكسل وغيرها من المدن الغربية واكتشفت اننا لا نعرف الغرب و حين اقرأ الآن الادبيات العربية واجدها «مانيكائية» (نسبة للحكيم اليوناني مانيس الذي يقسم العالم الى خير محض وشر محض)، فنجد ثلة ايديولوجية اسلامية تكفر الغرب تكفيراً وتلعنه في الصباح والمساء وتحمله جميع مصائبنا وجميع اخطائنا كما نجد ثلة ايديولوجية استغرابية تريد الحاقنا بالغرب على الطريقة الاتاتوركية «نسبة لمصطفى كمال اتاتورك»، وتعلق في عنق الغرب باقات الزهور وتضع على صدره الاوسمة وتنادي به قيمة عليا ومثلا سامياً يجب ان نقلده قبل فوات الاوان. وهاتان النظرتان تدلان على جهل متجذر ومتأصل للغرب ولتصحيح صورة الغرب المشوهة هذه لدينا علينا ان نعرف ابجديات بديهية اهمها: الغرب غير موجود كما نتصوره فالغرب ليس وطنا جغرافيا تحده حدود لانه يعني في الواقع الولايات المتحدة الامريكية والاتحاد الاوروبي اساسا وهاتان الكتلتان الكبيرتان مختلفتان جذريا فأمريكا حديثة العهد بالمؤسسات السياسية وأوروبا قارة قديمة نشأت فيها المؤسسات الديمقراطية الحديثة منذ الثورة الفرنسية 1789 ثم ان امريكا خليط هائل من الاعراق والثقافات عرف الدستور الامريكي كيف يصهرها صهراً ويمزجها مزجاً حتى كون منها جميعا وعلى مدى قرنين أمة واحدة فيها الايرلندي والالماني والفرنسي كما فيها الافريقي الاسود واللاتينوس الاحمر والاسيوي الاصفر كما فيها المسلمون و العرب. وامريكا وحدها استطاعت ان تسير مظاهرة شارك فيها مليون مسلم بواشنطن استجابة لنداء الزعيم لويس فرقان في بداية الثمانينيات.. أما في أوروبا فالمسلمون.. الاوروبيون من أفضل المسلمين حالاً من حيث مستوى المعيشة وصيانة الحقوق وقداسة الحريات وتنظيم المنظمات وعددهم هناك يقارب الخمسين مليونا اذا احتسبت البلقان قبل أن تستفحل ظاهرة الإسلاموفوبيا. فما نسميه الغرب اذن هوغربان: الغرب الامريكي والغرب الاوروبي، وفي كليهما يسجل الاسلام حضوره بقوة في مجالات الاقتصاد والثقافة والانتخابات ولكننا بعكس الامم الاخرى لم نفد من حضورنا في الغرب لأسباب عديدة أبرزها 1)الانقطاع أو القطيعة بين جالياتنا وبين حكوماتنا.. فليس هناك جسور دائمة وقنوات موظفة للتنسيق بين هذه القوى الحية العاملة في الغرب وأحيانا في أعلى هرم الأحزاب السياسية والجامعات والمؤسسات العلمية والمنظمات الاهلية ومجالات الاستثمار والمال والاعلام وبين حكومات دولنا العربية. عكس ما تقوم به الجاليات اليهودية وارتباطها العضوي بحكومات اسرائيل المتعاقبة، وعكس ما تقوم به الجاليات الصينية أو السلافية أو اللاتينية مع حكومات دولها. وتقتصر العلاقة بين بعض حكوماتنا وجالياتنا في طلب خدمة سياسية واعلامية تفيد الانظمة الحاكمة ولا تخدم اهدافاً حضارية استراتيجية كبرى لها اليوم الاولوية، هذا ان لم تصنف النخبة العربية المتواجدة في عواصم الغرب على انها من وجهة نظر حكومات دولها مارقة ومناوئة وهدامة في حالة تعودها على الآليات الديمقراطية والجهر برأي مختلف أو اسداء نصيحة لوجه الله والوطن. 2) اما السبب الثاني لسوء التفاهم بيننا وبين الغرب فهو اعتقادنا بأن دوله جمعيات خيرية من واجبها ان ترعانا وترحم قضايانا وتضرب اعداءنا فهذه الدول هي في الغالب الدول المنتصرة على النازية في الحرب العالمية الثانية، وقد انتهزت انتصارها عام 1945 لتنسج شبكة من المؤسسات الدولية العالمية لادارة العلاقات الدولية وفق مصالحها.. ومصالحها فحسب مثل توظيف ميثاق منظمة الامم المتحدة واقرار حق النقض «الفيتو» ومثل انشاء صندوق النقد الدولي والبنك العالمي للانشاء والتعمير، ومثل اقرار حق التدخل في الدول الاخرى انطلاقا من قرارات مجلس أمن قدّوه على قياسهم.واليوم فإن ما نراه من سلوكيات العولمة وقوانين المنظمة العالمية للتجارة وما نشهده من انحياز غربي لإسرائيل خاصة الموقف المتعصب لإسرائيل مع الرئيس ترامب، ما هو إلا نتيجة لاستفراد تلك القوى الغربية بالتقنين الدولي على مدى اجيال.والغرب ذاته منقسم الى امريكا متعملقة وأوروبا رافضة.. فصورة امريكا مشوهة كذلك في اوروبا ونحن لا نعلم، وهي اسوأ مما نتصور لأسباب عديدة. لكل هذه الاسباب علينا ان نرى الغرب بعيون الحقيقة ونحلله ونفهمه ونتعامل معه كما هو.. لا كما يجب ان يكون في خيالاتنا. فلننظر في أنفسنا الى جانب النظر في الآفاق.. لعل كثيرا من الخلل موجود فينا ونحن لا ندري؟
‏سينتهي هذا الإعلان خلال 13

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.