اطلاق بطاقات مسبقة الدفع بداية من 22 جوان 2025 لاستخلاص مآوي السيارات بمطار تونس قرطاج الدولي    الخطوط التونسية: تطور مؤشرات النشاط التجاري خلال أفريل وماي 2025    وزارة التجارة للتونسيين: فاتورة الشراء حقّك... والعقوبات تصل إلى 20 ألف دينار    اتحاد الفلاحين ينظم، اليوم الخميس، النسخة الرابعة لسوق الفلاح التونسي    بطولة برلين للتنس (منافسات الزوجي): التونسية أنس جابر وشريكتها الاسبانية باولا بادوسا في الدور نصف النهائي    كأس العالم للأندية: الفيفا يسلط عقوبة الإيقاف على أبرز نجوم المسابقة    وفاة 5 أعوان في حادث مرور: الحرس الوطني يكشف التفاصيل.. #خبر_عاجل    تحذير للسائقين.. مفاتيح سيارتك أخطر مما تعتقد: بؤرة خفية للجراثيم!    الخطوط الجوية الجزائرية تلغي جميع الرحلات للعاصمة الأردنية عمان    ما حقيقة مقتل مصطفى زماني بطل ''يوسف الصديق'' في قصف قرب كردستان؟    عاجل: تحديد جلسة مفاوضات للزيادة في أجور أعوان القطاع الخاص..    مسؤولون من وزارة الصناعة ومن ولاية قفصة يؤكدون ضرورة تسريع اجراءات مناظرات الانتداب لرفع مردودية المؤسسات    تعرّف على جدول مباريات كأس العالم للأندية اليوم.. مواجهات نارية بانتظارك    نائب بالبرلمان تطالب ب"تفعيل الإجراءات القانونية" لحل حزبي "النهضة" و"التحرير" ورئاسة الحكومة توضح    فضيحة مدويّة: شبكة تستهدف القُصّر عبر ''تيك توك'' تُفكَّك في قلب العاصمة!    عاجل -خطايا ب 20 مليون : وزارة التجارة تعلن ملاحقة المحتالين في التجارة الإلكترونية !    أزمة لقاحات السل في تونس: معهد باستور يكشف الأسباب ويُحذّر    لجنة الصحة تعقد جلسة استماع حول موضوع تسويق المنتجات الصحية عبر الانترنت    تونس: مواطنونا في إيران بخير والسفارة تتابع الوضع عن قرب    عاجل/ إضراب ب3 أيام بشركة الملاحة    بالفيديو: أمطار غزيرة في منزل بورقيبة بولاية بنزرت صباح اليوم الخميس    هكذا علّق بوتين على "احتمال" اغتيال خامنئي.. #خبر_عاجل    النوفيام 2025: أكثر من 33 ألف تلميذ في سباق نحو المعاهد النموذجية اليوم    بداية من العاشرة صباحا: إنطلاق التسجيل للحصول على نتائج البكالوريا عبر الSMS    كأس العالم للأندية: طاقم تحكيم نرويجي يدير مواجهة الترجي الرياضي ولوس أنجلوس    الترجي الجرجيسي يضم مدافع الملعب القابسي مختار بن زيد    قافلة "الصمود" تصل الى الأراضي التونسية    عاجل: أمل جديد لمرضى البروستات في تونس: علاج دون جراحة في مستشفى عمومي    محرز الغنوشي: ''الحمد لله على الأجواء الفرشكة..كلو ولا الشهيلي''    قيس سعيد: يجب إعادة هيكلة عدد من المؤسّسات التي لا طائل من وجودها    عاجل: الإعلان الرسمي عن قائمة المترشحين لهيئة النادي الإفريقي    قيس سعيد: يجب توفير كلّ الوسائل اللاّزمة للمجالس المحلية والجهوية ومجالس الأقاليم لتقوم بدورها    طقس اليوم: انخفاض في درجات الحرارة وأمطار بهذه المناطق.. #خبر_عاجل    بلومبيرغ: واشنطن تستعد لاحتمال توجيه ضربة لإيران خلال أيام    كأس العالم للأندية 2025: الهلال السعودي يفرض التعادل على ريال مدريد الإسباني 1-1    رئيس الجمهورية يشدّد على ثوابت الدبلوماسية التونسية في استقلال قرار الدّولة وتنويع شراكاتها الاستراتيجية    هجوم صاروخي كبير على تل أبيب وبئر السبع    كأس العالم للأندية: العين الإماراتي يسقط أمام يوفنتوس بخماسية    الخارجية الإيرانية.. قادرون على مواجهة العدوان الإسرائيلي المدعوم أميركيا    بعد تعرضها للهجوم .. نجوم الفن المصري يدعمون هند صبري بأزمة "قافلة الصمود"    نابل...وفاة طفلة غرقا    الإعلاء    فرْصَةٌ ثَانِيَةٌ    سأغفو قليلا...    محمد بوحوش يكتب: عزلة الكاتب/ كتابة العزلة    الإعلان عن المتوجين بالجائزة العربية مصطفى عزوز لأدب الطفل    طقس الليلة.. خلايا رعدية مصحوبة بأمطار غزيرة بهذه المناطق    من جوان وحتّى سبتمبر 2025: الشركة التونسيّة للملاحة تبرمج 149 رحلة بحرية    مشاركة اكثر من 500 عارض في النسخة الاولى لمهرجان تونس للرياضة    الموسيقى لغة العالم ، شعار الاحتفال بعيد الموسيقى    عرفها التونسيون في قناة نسمة: كوثر بودرّاجة حيّة تُرزق    عجز ميزان الطاقة الاولية لتونس يرتفع بنسبة 10 بالمائة مع موفى أفريل 2025    وزارة الصحة توجه نداء هام للمقبلين على الزواج..#خبر_عاجل    بعد تعرضها للهجوم .. نجوم الفن المصري يدعمون هند صبري بأزمة "قافلة الصمود"    علاء بن عمارة يصل إلى تونس    نسبة امتلاء السدود بلغت حاليا 55 بالمائة    عاجل : عطلة رأس السنة الهجرية 2025 رسميًا للتونسيين (الموعد والتفاصيل)    طواف الوداع: وداعٌ مهيب للحجيج في ختام مناسك الحج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإنهيارغربي،الوارثون شرقيون، والعرب متفرجون(1)
نشر في الحوار نت يوم 26 - 04 - 2010

كل الحضارات قد انهارت،غير أن الطرق اختلفت :فانحطاط الشرق سلبي، مطاوع ومستسلمPassive، في حين أن الانحطاط الحالي للغرب": مهاجم و"فاعل"active ومعضلةا لشرق–الذي انهار-أنه شُل عن التفكير، بينما معضلة الغرب المنهار،أنه مغرق في التفكير باستمرار، ولكن بأسوإما يمكن.
إلاأن الشرق،الذي انهارفي الماضي ،لايزال ينام على"حقائق ميتافيزيقية وروحية عليا" بينمايعيش الغرب،المنهاراليوم،علىأخطاء تاريخية شنيعة مستمرة،ستؤدي بالبشرية حتما إلى"النهاية"بالمعنى (التوراتي-المسيحي) ،انتظارا للمخلص..
آفاق روحية – الفيلسوف السويسري فريتجوف شيونFrithhof Schuon, Perspectives Sirituelles ص 26
بانوراما عالم ما قبل الحرب الحضارية الفاصلة القادمة:
لامراء في أن الحضارة الغربية المعاصرة قد قزمتها أزماتها االى حجمها الطبيعي،وتهددها بالنكوص والعودة الى غياهيب ظلمات"القرون الأوسطية"،بموجب تفاقم معضلاتها المتزايدة بشكل غيرمسبوق، مع العجز الكلي عن التوصل إلى أية مرجعيات فكرية ،أو سياسية، أو قيمية، أوإيديولوجية جديدة ، تستند إليها لدعم انتكاستها..لانتشالها من مستنقعاتها العفنة المتراكمة على جميع المستويات"حيث لم يعرف العالم منذ قرون فراغا إيديولوجيا وقيميا كهذا ،لتعودنا على تعويض الفراغ الطارئ بإيديولوجية أخرى... وهانحن اليوم نقترب من درجة الصفر،بعد انهيارالمعسكر الإشتراكي" -حسب التعبير الحرفي للمفكر اليهودي الفرنسي المعروف " ألان مانك" في كتابه: القرن الأوسط الجديد) ص:205Minc Alain-Le nouveau Moyen Age ،حيث أصيب الغرب المعاصر بعضال العقم المزمن ،والشلل الكلي عن إيجادحلول عقلانية" و"حكيمة "لأزماته الخصوصية فما بالك بمعضلات البشرية ،التي آلى على نفسه منذ الزمن( الإغريقي-الروماني( بالإستفراد بقيادة كل الحضارات،ووأد كل الثقافات - ثم انتكس في القرن السادس الميلادي بمجيء الاسلام الذي خبا وميضه بدوره بانحطاط الملسمين ،فعاد الغرب الى الواجهة الحضارية مع انطلاقته المظفرة والحاسمة لتغيير خارطة العالم بدءا من القرن السادس عشر، ذلك العصرالذهبي للغرب الذي التحمت فيه أهداف كبار مغامري السماء (الكنيسة عبرحملات التبشير)مع التطلعات اللامحدودة لمغامري الأرض عبر كبار المكتشفين و عظماء الملاحين ،حيث تبدت الصورة الواضحة للعالم "اللامتناهي" الذي يجب السيطرة عليه ،مع اكتشافات ماجلان وفاسكو دي غاما و حملات التبشير لتنصير آسيا واليابان لأحد الرواد الاوائل (للأخوة اليسوعية) القديس "فرانسوا خابير"(1552-1506 ) استجابة لنداء السماوات والعالم الفسيح الذي لا بد من تلفيق مسوغات اكتساحه ،تنفيذا للانظومة الغربية الأساسية-التي هي: الهيمنة ،عبر إحكام توليفة عناصر إلامبريالية الثلاثة: (العسكر،التجار،المبشرون) ،حيث تكلفت الأولى بغزو البلدان وتقتيل البشر،والثانية بغزو الأسواق ونهب الخيرات، والثالثة بغزو الأرواح وتضليل العقول،وتلك هي الخيارات التي تبناها الغرب إلى غير رجعة ،منذ تنويره وحداتثه حتى قبيل حربه العبثية اللاعقلانية عام 1914 و وتساؤلات ما بعد حداتثه بعد حربه المدمرة الكونية الثانية لعام 1938، منتهيا بما بعد أطروحاته الجديدة لفهم العالم الجديد –حسب زعمه-:نهاية التاريخ /صدام الحضارات،/والفوضى العالمية الجديدة ومشاريعه وما أنتجتتها من حروب لاحقة بدءا من العدوان الثلاثي على مصر(اسرائيل-فرنسا -بريطانيا) عام 1956الى الهجمة على العراق في حربي الخليج الاولى والثانية والهجمة على لبنان(التي كانت الاداة فيها إسرائيل والتنسيق بريطاني والتسييرمن مقر البنتاغون ) ومحرقة غزة بقرار وإجماع وتواطؤمجموعة بروكسل وأمريكا)
-فأزمته الإقتصادية المختنقة الحالية: تنذرب"العولمة " الأكيدة للمسغبة والفاقة والبطالة الكونية والمزيد من الإقصاء والتهميش لثلاثة أرباع سكان اليابسة،-حسب الدراسات الجادة- والزج بالبشرية في متاهات التخبط والمعاناة مابين هراسات عوالم الجوع الجنوبية المرتعبة، وسرابات أوهام عوالم"التخمة" والبطالة المقننة، وفانتازمات الجنة الموعودة في الشمال "الشبعان"،الذي تنخره ديدان معضلاته المتعملقة الظاهرة المهلكة مثل التورمات السرطانية الخفية ،التي لا يلوح في الأفق القريب ،أية معجزة تنظيرية، أوعملاتية لإجلائها ،سوي:
- مشاريع اختلاق الحروب الجديدة لطمسها وتصديرها، بغية الإثراء الجشع السريع ، واكتساح الأراضي الجديدة لإنعاش النظام الغربي المتهاوي وحمايته من التآكل من الداخل
-ترهيب الأمم قصد إعادة تغيير الخرائط ،وإزاحة أنظمة متمردة مناهضة ومارقة، واستنباث أًخرَ موالية وخاضعة، وهي ما يسمى-(جيو-إستراتيجي) بالدول "العازلة"أو دول التماس، أو ما يسمى بدول "الليمس" Le Limes ، وهي الدول المجاورة" لإمبراطورية الشمال" التي أسندت اليها مهمة أن تصبح حاجزا طبيعيا يحمي "الرجل الأبيض" وحضارته وقيمه من هجمات الدول البربرية الجنوبية(النموذج العملي هو الجدار الفولاذي المصري)، فيجب الحفاظ على تلك الدول وحماية مصالح حكامها ودعم أنظمتها، ومراقبة شعوبها وترويض واحتواء مثقفيها، وتطويع وتدجين متمرديها، ليتم تذويبهم بالكامل بالترويج "لنخبها الحداثيين المتنورين" الذين أنيطت بهم مهمة ترويع الامة وتحذيرها من تبني تيارات مناهضة مشاريع الغرب، حيث تعتبردول الاعتدال العربي-وخاصة مصر والسعودية- أهم المحاور الأساسية للتوجيه (الديني-الثقافي) لتفكيك شعوبها من الداخل ،لكون هذه الدول تشكل اليوم تلك المعاقل الدفاعية والأحزمة الأمنية للدفاع عن المصالح الغربية في العالم العربي-الإسلامي– ونحن في عشية الحرب الحضارية الأخيرة التي تطبخ في تل أبيب وعواصم المجموعة الأوروبية وواشنطن، وقد تتحلب أفواه أباطرة موسكو الجدد الى ألاكل من الكعكعة كما تتلمظ لها شفاه ميكيافيللي"بكين"-
-دعم ما يسمىب "الأبارتايد العالمي الجديد" الذي هوالإيديولوجية الجديدة المتنبناة في الغرب بعد الترويج لأطروحات "المابعد" the postوالنهايات the end-التي فصلت فيها في مقال سابق"والتي تم التنظير لها بعيد نهاية الإتحاد السوفياتي المسماة ب"خطاب النهايات" وخاصة نهاية الإيديولوجيات، باستحداث ":إيديولوجية القطيعة" المطلقة مع عالم الفقر، وتعميق اللامساواة البينة بين الشمال والجنوب
- اختلاق المجاعات والأوبئة المنظٌمة في العوالم المسالمة والمهادنة التي توجد في" الأراضي المجهولة" البعيدة،وهي مناطق ومدن وأقاليم العالم الثالث، الذي ترزح تحت الفوضى الشاملة ، والتخلف،والصراعات العرقية، والفقر المذقع (ليبيريا، إثيوبيا، الصومال، أوغاندا، رواندا ،الكونغو، جنوب السودان، الكومبدج، التايلاند، الهند، الخ مع معظم دول أمريكا اللاتينية ، وبالأخص أفغانستان (التي هي اليوم، حصان طروداة ،وكعب أخيل، والمفتاح الذهبي لتعطيل مصباح "علاء الدين "الإسلامي ولمحاصرة وترويض "التنين" الكونفوشيوسي، واخضاع الدب الروسي) وذلك عبر المشاريع المالتوزية الجديدة المعدة منذ أوائل التسعينات، وزرع فوضى العنف والاقتتالات الداخلية (بعد نجاح التجربة في العراق وفشلها في لبنان) لتواجه هذه الدول مصيرها المشؤوم،بعد أن تم التخطيط النهائي الى تحويل الغرب الى قلعة محصنة ضد تهديدات "برابرة الجنوب" المستنفرين للانقضاض على قيم الغرب الثابثة ومنجزاته الحضارية الكبرى: (التقاليد الإغريقية –الرومانية، والقيم الأخلاقية اليهودية- المسيحية) حيث لا مكان لقيم "الآخرين" في هذا التعريف المعجمي للحضارة الغربية مما حدا بهنري كيسينغر الى التحذيرمن "برابرية الجنوب" في اواخر التسعينات من "....أن تصبح الحضارة الغربية عرضة للهجمات البربريةالجماعية كالتي حصلت للأمبراطورية الرومانية في أواخرها ،فحطمتها"وهي المهمة الجديدة للأطلسي(الذي بدأت حتى بغاث الدويلات الصغيرة مثل إيسلاندا، تتنافس في إرسال ما يمكن إرساله،ولورمزيا، لدعم"لحمة الأخوة الحضارية الغربية" التي حطت عصاها وبندقيتها في كابول لحماية"الرجل الابيض" المتواجد على بعد آلاف الكيلومترات وبرصد ميزانيات مهولة تكفي لتحويل أرباض افغانستان وفجاجها الى خضرة يانعة... فانظر!إنها نموذج الحروب الوقائية ضد الشعوب والأمم
- أزمة التلوث البيئي –التي هي إنتاج (غربي- حداثي) محض، أرضا وسماء وبحرا: التي تهدد بتشظي هذا الكون ونسفه"باستغلال الأعراق ،المجتمعات ،الافراد، الفضاء، الطبيعة، الغابات ، باطن الأرض وأجواف البحار،المحيطات،الوديان،الأنهار،ينابيع المياه، حيث كل شيء ينبغي أن يكون نافعا،وكل شيء ينبغي أن يكون مستغلا،وكل شيء ينبغي أن يكون منتجا إنتاجا مدفوعا إلى طاقته القصوى حتى النهاية" حسب التعبير المرعب للانثربولوجي "بيير كلاستر" في كتابه"Pierre Clastres , Recherches d'anthroplogie polotique،ص (56)
- أزمةالسقوط التام لكل الأفكارالتي قامت عليها"المقولة الغربية ":فكان لابد أن تتداعى معها الإمبراطوريات المؤسسة على تلك الأفكار،فتتهاوى، بدورها، فلسفاتها وادعاءات عقلانيات رؤاها، وأسطورة صوابيتها المطلقة ،فارتدت من جديد ، -في هذا الغرب المنهار-،عقارب ساعته إلى نقطة الصفر،كما حدث في القرن الثامن عشرعندما زعزع "عمامويل كانط " عام 1784 كل الطمأنينات واليقينيات الفلسفية الغربية الكبرى بطرح تساؤله الذي أعجز فلاسفة الغرب مجتمعين(وتلك مشكلتهم وليشت مشكلتنا) حتى يومناهذا، للاجابة عنها وهي :"ما هو الانسان،؟ وما هو التنوير؟ " حيث ارتدت المعرفة الغربية إلى تساؤلات رعشاتها الأزلية الأولى من جديد، بعد موات أطروحتا (نظاما : العالم الاقتصادي الجديد و النظام العالمي الجديد) اللتان أنتجتا حروب تدمير العراق وحرب الإبادة على لبنان المؤدية إلى الفراغ والفوضى الكونية، بدعوى إعادة ترتيب وضعية البشرية،وترنيب أوراقها، وإعادة تحديد أولويات العالم الجديد ،مع فقدان البوصلات الموجهة ،وكوابيس تزأبق المعطيات، وانتفاء الحلول، والإنحشارفي ثلمة الحلقة المفرغة المرعبة ،التي يستحيل للمنطق الإرسطي الخالص،بأن ينتزعها من مكانها-حسب تعبير"أورتيغا إيجاست"
ومن هذا المنظور،فقد أخذت الأبحاث الأكاديمية في الغرب اليوم، تضرب أخماس في أسداس، باحثةعن البدائل،وتفكر–بجدية- في هول وعبثية تلك الصورة السوداوية للمستقبل المعتم لهذه الحضارة التي صبغت كل مناحي التفكير،وطرق تدبير شؤون البشرمنذ قرون، بضياغة تصورها الكوني المعرفي في قالب واحدي وأحادي مهاجم ، وصل الى قمة بهرجته في القرن التاسع عشر الأكثرالقرون بريقا وتهريجا وشؤما على شعوب العوالم المتخلفة،التي انتشت فيه المعلمات المظفرة للإمبيرياليات الأوروبية المكتسحة للمعمورة، و المتسترة وراء تنظيرات الأنوارالألمانية ( النتشية-الكانطية-الهيغلية) المؤصلة للنازية والفاشية والصهيونية والبراغماتية الأمريكية الداعية إلى المغامرات البشعة في العالم،أوعبرعبقريات التنوير الفرنسي (فولتير- مونتيسكيو-ديدرو) المنتجة للثورة الفرنسية الكبرى، المفرزة للديكتاتورية البونابارتية، والكولونياليات الفرنسية اللاحقة في إفريقيا السوداء،والمغرب العربي،وبلاد الشام،(سوريا ولبنان وغزو بيت المقدس) وأطروحات "عبء الرجل الأبيض" المسوغة لاستأصال الإثنيات والثقافات "الهمجية" ، وعبرالنفعيات ا لليبرالية الأنجلوساكسونية ،المنظرة لسطوة الإميراطورية البريطانية لتي لا تغرب عنها الشمس "الهادية" للشعوب الضالة ،حيث أدت عقائد 'آدم سميث" و"توماس هوبز" إلى تحويل الإنسان الأوربي،إلى رجل جشع،ومصاص دماء، والى"ذئب لأخيه الإنسان-حسب تحريض" هوبز"، والىمحتال ونصاب وأفاق، يروج للأكاذيب، ويزورالتاريخ البشري، ويبريراللصوصية لاكتساح البلدان، ودك العمران، وزهق الأرواح، وبيع أرض فلسطين – التي لا يملك منها شبرا واحدا- الى أخطرعصابة مرتزقة عنصرية في التاريخ المعاصر لصعاليك ظلمات همج التاريخ واقامة "دولة ديموقراطية حداثية عصرية"مؤسسة على أغرب وأبشع تنظير لاعقلاني بتقاليد (خرافية -ماروراء –ميتافيزيقو- قبرية)،بأكبرسيناريو"هوليودي"غربي جماعي بشع، بمصادقة "المجتمع الدولي الإنساني" وتواطء كل ديموقراطيات العالم، المتحضر،عبربؤر وأوكار"مافياته" التي يطلق عليها تحقيرا لعقول الأنام ب"المنظمات الدولية والهيئات الإنسانية" التي -للغرابة- لانرى لها أثرا لا في غزة ولا في العراق أو الصومال أو افغانستان أوجنوب السودان، ولا تتواجد إلا في أماكن تأجيج الصراعات الإثنية الداخلية ، التي تمهد الطرق وتعبد المسالك للدول الغربية المفترسة للانقضاض والتدخل بغرض "الحماية" و"الامن " و"التدويل"حيث حلت هذه "المنظمات الإنسانية-للغرابة- محل الارساليات التبشيرية اليسوعية، في مراحل الغرب الكولونيالية بالأمس القريب
وتزداد الأمور تعقيدا عندما يتم التوصل إلى مسلمة وجود عامل ميكروبية الفناء والانهيارحتى داخل التقدم العلمي الفائق في هذه الحضارة ،ذلك التقدم الذي تحول إلى آسيا بفعل"هجرات العقول العكسية المضادة" من دول الغرب نحو الصين ،وكوريا واليابان وإيران و تركيا،وماليزيا،وأندونيسيا وستغافورة وهونغ –كونغ،وذلك بعد نهاية وهم أكذوبة"الوفرة الاقتصادية"وبزوغ المستقبل الأسود المريع المالي في أوروبا وأمريكا، مع تزايد الإفلاس اليومي للشركات الكبرى المتعاقدة مع مراكز البحوث المتخصصة ،وشح مصادر التمويل من طرف الحكومات (فلا يزيد ما يتقاضاه الباحث المتخصص في التقنيات العليا في فرنسا،عما يتقاضاه ساعي البريد فيها-على سبيل المثال- مما أدى إلى الإضراب الجماعي لهؤلاء في عام 2008 والتهديد بالهجرات خارج البلاد)،
و كما تبين في لقاء"شنغهاي"الأخيرلعام 2009، فإن التقنية العلمية انتقلت بكاملها إلى آسيا، وهناك من يضم روسيا ألى هذه المنطقة ،لان أكثر من ثلث أراضيها مسلمة، أومتاخمة للمناطق الأسيوية المسلمة أوالبوذية، او البراهماتية،أو الكونفوشيوسية،علما بأنه ليست هي المرة الأولى التي تنهار فيها الحضارة الأرقي والأكثر تقدما في التاريخ، مما يزيد المشتغلين بالشان الغربي ارباكا وتشويشا،الذين توصلوا الى يقينية أن شمس الحضارة المقبلة ستشرق من جديد من مشرقها، وأن غروبها عن الغرب لا ريب فيها حيث تضم لائحة الوارثين الجدد تلك الدول الشرقية الأصلب عودا والأقل مكسرا وهي : الصينيون (الكونفوشيوسيون) ،والروس ( الأرثوذوكس القيصريون) و الإيرانيون ( الفرس الشيعة)، والأتراك(التتارالسنيون) الذين يقضون ليل نهار مضاجع الوليدين الشعيين للغرب المنهار:إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية ، اللذان يعانيان اليوم أكثرمن أي وقت مضى، من الأعراض الباثولوجية الإكلينيكية ،للتفكك والانهيار والنهاية الحتميةلأنظمتهما، بالرغم من هذاءات وألاعيب أوباما المسرحية ،وشطحات ساديات ناتانياهوالتلمودية ،وخربشات مجموعة بروكسل المهترئة المتواطئة، وترقيعات المنظمات الدولية التحايلية، وخنوع وخيانات الأنظمة العربية المعتدلة ومساندتهما في اطالة أمدهما في السر والعلن بالتضحية بشعوبهم وبخيرات بلدانهم ..وتلك وأيم الحق من أكثر الأشياء عجبا في هذا الزمن(الأمريكي –الإسرائيلي ) الغريب
أين هم العرب اللاهون؟
والملاحظ أنه لا ذكر للأعراب الجدد في قائمة الوارثين للحضارة الغربية المنهارة،، بالرغم من عزهم النفطي، وتعاليهم في البنيان، وعلو شأوهم في المال، وذيع سيطهم في التأمرك والتغرب والتأسرل، و التحديث الفج والتحضر القمئ، مع كثرة أحزابهم ومنظماتهم وجمعياتهم المدنية و كثرة تهاطل بذاءات مبدعيهم ومبدعاتهم ومتنوريهم ومتنوراتهم واعلامييهم تهريج قنواتهم ، بل ومن المضحك-ذلك الضحك المرير الثقيل الضحل، الذي هوأخبث انواع الضحك- حسب صمويل بيكيت" أن هؤلاء العرب المحدثون،هم من يجاهد في إطالة أمد هذه الحضارةالمنهارة في السربضخ المزيد من الأموال في الأبناك الغربية المنهارة، والإستثمار في المشاريع الأجنبية المشبوهة والمساهمة في تحريك ماكينات الصناعات الغربية الرهيبة ،لإصرارهم على البقاء مجرد متسكعين لاهين ومعربدين على هذا الكوكب،بالإستهلالك المحموم لكادجيات الغرب مثل الأطفال والمراهقين والتطبيع النفسي والأخلاقي والسلوكي والثقافي مع الأسرلة والأمركة والتأورب،وفي العلن عن طريق "النخب"التنويرية" اللامعة التي تمارس ساديتها ونرجيستها على الأمة تى يستقرفي قيعان لاشعورها،أنه لا سبيل إلى التغلب على بني صهيون،لا بالنفير ولا بالنقير،وأنه لا مناص لها من "الحداثة الغربية"ونبذ التراث جملة وتفصيلا، والقبول بالعيش المشترك والاندماج الكلي مع "تراث البشرية الأعظم ":التراث العبري"، أو الطوفان، ولا عاقل يدري عن أي تراث يتحدثون ! وأي حداثة يلهجون بها ويدندنون !، وبأي طوفان يهددون !!!
للبحث صلة
د‌. الطيب بيتي العلوي:باحث مغربي في العلوم الأنثروبووجية /باريس/فرنسا


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.