تونس تحتفل بعيد الشغل العالمي وسط آمال عمالية بإصلاحات تشريعية جذرية    دوري ابطال اوروبا.. التعادل يحسم مباراة مجنونة بين البرسا وانتر    شهر مارس 2025 يُصنف ثاني الأشد حرارة منذ سنة 1950    يظلُّ «عليًّا» وإن لم ينجُ، فقد كان «حنظلة»...    الاتحاد يتلقى دعوة للمفاوضات    تُوّج بالبطولة عدد 37 في تاريخه: الترجي بطل تونس في كرة اليد    زراعة الحبوب صابة قياسية منتظرة والفلاحون ينتظرون مزيدا من التشجيعات    قضية مقتل منجية المناعي: إيداع ابن المحامية وطليقها والطرف الثالث السجن    رحل رائد المسرح التجريبي: وداعا أنور الشعافي    القيروان: مهرجان ربيع الفنون الدولي.. ندوة صحفية لتسليط الضوء على برنامج الدورة 27    الحرائق تزحف بسرعة على الكيان المحتل و تقترب من تل أبيب    منير بن صالحة حول جريمة قتل المحامية بمنوبة: الملف كبير ومعقد والمطلوب من عائلة الضحية يرزنو ويتجنبو التصريحات الجزافية    الليلة: سحب مع أمطار متفرقة والحرارة تتراوح بين 15 و28 درجة    عاجل/ الإفراج عن 714 سجينا    عاجل/ جريمة قتل المحامية منجية المناعي: تفاصيل جديدة وصادمة تُكشف لأول مرة    ترامب: نأمل أن نتوصل إلى اتفاق مع الصين    عاجل/ حرائق القدس: الاحتلال يعلن حالة الطوارئ    الدورة 39 من معرض الكتاب: تدعيم النقل في اتجاه قصر المعارض بالكرم    قريبا.. إطلاق البوابة الموحدة للخدمات الإدارية    وزير الإقتصاد يكشف عن عراقيل تُعيق الإستثمار في تونس.. #خبر_عاجل    المنستير: إجماع خلال ورشة تكوينية على أهمية دور الذكاء الاصطناعي في تطوير قطاع الصناعات التقليدية وديمومته    عاجل-الهند : حريق هائل في فندق يودي بحياة 14 شخصا    الكاف... اليوم افتتاح فعاليات الدورة العاشرة لمهرجان سيكا جاز    السبت القادم بقصر المعارض بالكرم: ندوة حوارية حول دور وكالة تونس إفريقيا للأنباء في نشر ثقافة الكتاب    عاجل/ سوريا: اشتباكات داخلية وغارات اسرائيلية وموجة نزوح..    وفاة فنانة سورية رغم انتصارها على مرض السرطان    بمناسبة عيد الإضحى: وصول شحنة أغنام من رومانيا إلى الجزائر    أبرز مباريات اليوم الإربعاء.    عملية تحيّل كبيرة في منوبة: سلب 500 ألف دينار عبر السحر والشعوذة    تفاديا لتسجيل حالات ضياع: وزير الشؤون الدينية يُطمئن الحجيج.. #خبر_عاجل    الجلسة العامة للشركة التونسية للبنك: المسيّرون يقترحون عدم توزيع حقوق المساهمين    قابس: انتعاشة ملحوظة للقطاع السياحي واستثمارات جديدة في القطاع    نقابة الفنانين تكرّم لطيفة العرفاوي تقديرًا لمسيرتها الفنية    زيارات وهمية وتعليمات زائفة: إيقاف شخص انتحل صفة مدير ديوان رئاسة الحكومة    إيكونوميست": زيلينسكي توسل إلى ترامب أن لا ينسحب من عملية التسوية الأوكرانية    رئيس الوزراء الباكستاني يحذر الهند ويحث الأمم المتحدة على التدخل    في تونس: بلاطو العظم ب 4 دينارات...شنوّا الحكاية؟    ابراهيم النّفزاوي: 'الإستقرار الحالي في قطاع الدواجن تام لكنّه مبطّن'    القيّمون والقيّمون العامّون يحتجون لهذه الأسباب    بطولة إفريقيا للمصارعة – تونس تحصد 9 ميداليات في اليوم الأول منها ذهبيتان    تامر حسني يكشف الوجه الآخر ل ''التيك توك''    معرض تكريمي للرسام والنحات، جابر المحجوب، بدار الفنون بالبلفيدير    أمطار بكميات ضعيفة اليوم بهذه المناطق..    علم النفس: خلال المآزق.. 5 ردود فعل أساسية للسيطرة على زمام الأمور    بشراكة بين تونس و جمهورية كوريا: تدشين وحدة متخصصة للأطفال المصابين بالثلاسيميا في صفاقس    اغتال ضابطا بالحرس الثوري.. إيران تعدم جاسوسا كبيرا للموساد الإسرائيلي    نهائي البطولة الوطنية بين النجم و الترجي : التوقيت    اتحاد الفلاحة: أضاحي العيد متوفرة ولن يتم اللجوء إلى التوريد    في جلسة ماراتونية دامت أكثر من 15 ساعة... هذا ما تقرر في ملف التسفير    ديوكوفيتش ينسحب من بطولة إيطاليا المفتوحة للتنس    رابطة ابطال اوروبا : باريس سان جيرمان يتغلب على أرسنال بهدف دون رد في ذهاب نصف النهائي    سؤال إلى أصدقائي في هذا الفضاء : هل تعتقدون أني أحرث في البحر؟مصطفى عطيّة    أذكار المساء وفضائلها    شحنة الدواء العراقي لعلاج السرطان تواصل إثارة الجدل في ليبيا    الميكروبات في ''ديارنا''... أماكن غير متوقعة وخطر غير مرئي    غرة ذي القعدة تُطلق العد التنازلي لعيد الأضحى: 39 يومًا فقط    تونس والدنمارك تبحثان سبل تعزيز التعاون في الصحة والصناعات الدوائية    اليوم يبدأ: تعرف على فضائل شهر ذي القعدة لعام 1446ه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإنهيارغربي،الوارثون شرقيون، والعرب متفرجون(1)
نشر في الحوار نت يوم 26 - 04 - 2010

كل الحضارات قد انهارت،غير أن الطرق اختلفت :فانحطاط الشرق سلبي، مطاوع ومستسلمPassive، في حين أن الانحطاط الحالي للغرب": مهاجم و"فاعل"active ومعضلةا لشرق–الذي انهار-أنه شُل عن التفكير، بينما معضلة الغرب المنهار،أنه مغرق في التفكير باستمرار، ولكن بأسوإما يمكن.
إلاأن الشرق،الذي انهارفي الماضي ،لايزال ينام على"حقائق ميتافيزيقية وروحية عليا" بينمايعيش الغرب،المنهاراليوم،علىأخطاء تاريخية شنيعة مستمرة،ستؤدي بالبشرية حتما إلى"النهاية"بالمعنى (التوراتي-المسيحي) ،انتظارا للمخلص..
آفاق روحية – الفيلسوف السويسري فريتجوف شيونFrithhof Schuon, Perspectives Sirituelles ص 26
بانوراما عالم ما قبل الحرب الحضارية الفاصلة القادمة:
لامراء في أن الحضارة الغربية المعاصرة قد قزمتها أزماتها االى حجمها الطبيعي،وتهددها بالنكوص والعودة الى غياهيب ظلمات"القرون الأوسطية"،بموجب تفاقم معضلاتها المتزايدة بشكل غيرمسبوق، مع العجز الكلي عن التوصل إلى أية مرجعيات فكرية ،أو سياسية، أو قيمية، أوإيديولوجية جديدة ، تستند إليها لدعم انتكاستها..لانتشالها من مستنقعاتها العفنة المتراكمة على جميع المستويات"حيث لم يعرف العالم منذ قرون فراغا إيديولوجيا وقيميا كهذا ،لتعودنا على تعويض الفراغ الطارئ بإيديولوجية أخرى... وهانحن اليوم نقترب من درجة الصفر،بعد انهيارالمعسكر الإشتراكي" -حسب التعبير الحرفي للمفكر اليهودي الفرنسي المعروف " ألان مانك" في كتابه: القرن الأوسط الجديد) ص:205Minc Alain-Le nouveau Moyen Age ،حيث أصيب الغرب المعاصر بعضال العقم المزمن ،والشلل الكلي عن إيجادحلول عقلانية" و"حكيمة "لأزماته الخصوصية فما بالك بمعضلات البشرية ،التي آلى على نفسه منذ الزمن( الإغريقي-الروماني( بالإستفراد بقيادة كل الحضارات،ووأد كل الثقافات - ثم انتكس في القرن السادس الميلادي بمجيء الاسلام الذي خبا وميضه بدوره بانحطاط الملسمين ،فعاد الغرب الى الواجهة الحضارية مع انطلاقته المظفرة والحاسمة لتغيير خارطة العالم بدءا من القرن السادس عشر، ذلك العصرالذهبي للغرب الذي التحمت فيه أهداف كبار مغامري السماء (الكنيسة عبرحملات التبشير)مع التطلعات اللامحدودة لمغامري الأرض عبر كبار المكتشفين و عظماء الملاحين ،حيث تبدت الصورة الواضحة للعالم "اللامتناهي" الذي يجب السيطرة عليه ،مع اكتشافات ماجلان وفاسكو دي غاما و حملات التبشير لتنصير آسيا واليابان لأحد الرواد الاوائل (للأخوة اليسوعية) القديس "فرانسوا خابير"(1552-1506 ) استجابة لنداء السماوات والعالم الفسيح الذي لا بد من تلفيق مسوغات اكتساحه ،تنفيذا للانظومة الغربية الأساسية-التي هي: الهيمنة ،عبر إحكام توليفة عناصر إلامبريالية الثلاثة: (العسكر،التجار،المبشرون) ،حيث تكلفت الأولى بغزو البلدان وتقتيل البشر،والثانية بغزو الأسواق ونهب الخيرات، والثالثة بغزو الأرواح وتضليل العقول،وتلك هي الخيارات التي تبناها الغرب إلى غير رجعة ،منذ تنويره وحداتثه حتى قبيل حربه العبثية اللاعقلانية عام 1914 و وتساؤلات ما بعد حداتثه بعد حربه المدمرة الكونية الثانية لعام 1938، منتهيا بما بعد أطروحاته الجديدة لفهم العالم الجديد –حسب زعمه-:نهاية التاريخ /صدام الحضارات،/والفوضى العالمية الجديدة ومشاريعه وما أنتجتتها من حروب لاحقة بدءا من العدوان الثلاثي على مصر(اسرائيل-فرنسا -بريطانيا) عام 1956الى الهجمة على العراق في حربي الخليج الاولى والثانية والهجمة على لبنان(التي كانت الاداة فيها إسرائيل والتنسيق بريطاني والتسييرمن مقر البنتاغون ) ومحرقة غزة بقرار وإجماع وتواطؤمجموعة بروكسل وأمريكا)
-فأزمته الإقتصادية المختنقة الحالية: تنذرب"العولمة " الأكيدة للمسغبة والفاقة والبطالة الكونية والمزيد من الإقصاء والتهميش لثلاثة أرباع سكان اليابسة،-حسب الدراسات الجادة- والزج بالبشرية في متاهات التخبط والمعاناة مابين هراسات عوالم الجوع الجنوبية المرتعبة، وسرابات أوهام عوالم"التخمة" والبطالة المقننة، وفانتازمات الجنة الموعودة في الشمال "الشبعان"،الذي تنخره ديدان معضلاته المتعملقة الظاهرة المهلكة مثل التورمات السرطانية الخفية ،التي لا يلوح في الأفق القريب ،أية معجزة تنظيرية، أوعملاتية لإجلائها ،سوي:
- مشاريع اختلاق الحروب الجديدة لطمسها وتصديرها، بغية الإثراء الجشع السريع ، واكتساح الأراضي الجديدة لإنعاش النظام الغربي المتهاوي وحمايته من التآكل من الداخل
-ترهيب الأمم قصد إعادة تغيير الخرائط ،وإزاحة أنظمة متمردة مناهضة ومارقة، واستنباث أًخرَ موالية وخاضعة، وهي ما يسمى-(جيو-إستراتيجي) بالدول "العازلة"أو دول التماس، أو ما يسمى بدول "الليمس" Le Limes ، وهي الدول المجاورة" لإمبراطورية الشمال" التي أسندت اليها مهمة أن تصبح حاجزا طبيعيا يحمي "الرجل الأبيض" وحضارته وقيمه من هجمات الدول البربرية الجنوبية(النموذج العملي هو الجدار الفولاذي المصري)، فيجب الحفاظ على تلك الدول وحماية مصالح حكامها ودعم أنظمتها، ومراقبة شعوبها وترويض واحتواء مثقفيها، وتطويع وتدجين متمرديها، ليتم تذويبهم بالكامل بالترويج "لنخبها الحداثيين المتنورين" الذين أنيطت بهم مهمة ترويع الامة وتحذيرها من تبني تيارات مناهضة مشاريع الغرب، حيث تعتبردول الاعتدال العربي-وخاصة مصر والسعودية- أهم المحاور الأساسية للتوجيه (الديني-الثقافي) لتفكيك شعوبها من الداخل ،لكون هذه الدول تشكل اليوم تلك المعاقل الدفاعية والأحزمة الأمنية للدفاع عن المصالح الغربية في العالم العربي-الإسلامي– ونحن في عشية الحرب الحضارية الأخيرة التي تطبخ في تل أبيب وعواصم المجموعة الأوروبية وواشنطن، وقد تتحلب أفواه أباطرة موسكو الجدد الى ألاكل من الكعكعة كما تتلمظ لها شفاه ميكيافيللي"بكين"-
-دعم ما يسمىب "الأبارتايد العالمي الجديد" الذي هوالإيديولوجية الجديدة المتنبناة في الغرب بعد الترويج لأطروحات "المابعد" the postوالنهايات the end-التي فصلت فيها في مقال سابق"والتي تم التنظير لها بعيد نهاية الإتحاد السوفياتي المسماة ب"خطاب النهايات" وخاصة نهاية الإيديولوجيات، باستحداث ":إيديولوجية القطيعة" المطلقة مع عالم الفقر، وتعميق اللامساواة البينة بين الشمال والجنوب
- اختلاق المجاعات والأوبئة المنظٌمة في العوالم المسالمة والمهادنة التي توجد في" الأراضي المجهولة" البعيدة،وهي مناطق ومدن وأقاليم العالم الثالث، الذي ترزح تحت الفوضى الشاملة ، والتخلف،والصراعات العرقية، والفقر المذقع (ليبيريا، إثيوبيا، الصومال، أوغاندا، رواندا ،الكونغو، جنوب السودان، الكومبدج، التايلاند، الهند، الخ مع معظم دول أمريكا اللاتينية ، وبالأخص أفغانستان (التي هي اليوم، حصان طروداة ،وكعب أخيل، والمفتاح الذهبي لتعطيل مصباح "علاء الدين "الإسلامي ولمحاصرة وترويض "التنين" الكونفوشيوسي، واخضاع الدب الروسي) وذلك عبر المشاريع المالتوزية الجديدة المعدة منذ أوائل التسعينات، وزرع فوضى العنف والاقتتالات الداخلية (بعد نجاح التجربة في العراق وفشلها في لبنان) لتواجه هذه الدول مصيرها المشؤوم،بعد أن تم التخطيط النهائي الى تحويل الغرب الى قلعة محصنة ضد تهديدات "برابرة الجنوب" المستنفرين للانقضاض على قيم الغرب الثابثة ومنجزاته الحضارية الكبرى: (التقاليد الإغريقية –الرومانية، والقيم الأخلاقية اليهودية- المسيحية) حيث لا مكان لقيم "الآخرين" في هذا التعريف المعجمي للحضارة الغربية مما حدا بهنري كيسينغر الى التحذيرمن "برابرية الجنوب" في اواخر التسعينات من "....أن تصبح الحضارة الغربية عرضة للهجمات البربريةالجماعية كالتي حصلت للأمبراطورية الرومانية في أواخرها ،فحطمتها"وهي المهمة الجديدة للأطلسي(الذي بدأت حتى بغاث الدويلات الصغيرة مثل إيسلاندا، تتنافس في إرسال ما يمكن إرساله،ولورمزيا، لدعم"لحمة الأخوة الحضارية الغربية" التي حطت عصاها وبندقيتها في كابول لحماية"الرجل الابيض" المتواجد على بعد آلاف الكيلومترات وبرصد ميزانيات مهولة تكفي لتحويل أرباض افغانستان وفجاجها الى خضرة يانعة... فانظر!إنها نموذج الحروب الوقائية ضد الشعوب والأمم
- أزمة التلوث البيئي –التي هي إنتاج (غربي- حداثي) محض، أرضا وسماء وبحرا: التي تهدد بتشظي هذا الكون ونسفه"باستغلال الأعراق ،المجتمعات ،الافراد، الفضاء، الطبيعة، الغابات ، باطن الأرض وأجواف البحار،المحيطات،الوديان،الأنهار،ينابيع المياه، حيث كل شيء ينبغي أن يكون نافعا،وكل شيء ينبغي أن يكون مستغلا،وكل شيء ينبغي أن يكون منتجا إنتاجا مدفوعا إلى طاقته القصوى حتى النهاية" حسب التعبير المرعب للانثربولوجي "بيير كلاستر" في كتابه"Pierre Clastres , Recherches d'anthroplogie polotique،ص (56)
- أزمةالسقوط التام لكل الأفكارالتي قامت عليها"المقولة الغربية ":فكان لابد أن تتداعى معها الإمبراطوريات المؤسسة على تلك الأفكار،فتتهاوى، بدورها، فلسفاتها وادعاءات عقلانيات رؤاها، وأسطورة صوابيتها المطلقة ،فارتدت من جديد ، -في هذا الغرب المنهار-،عقارب ساعته إلى نقطة الصفر،كما حدث في القرن الثامن عشرعندما زعزع "عمامويل كانط " عام 1784 كل الطمأنينات واليقينيات الفلسفية الغربية الكبرى بطرح تساؤله الذي أعجز فلاسفة الغرب مجتمعين(وتلك مشكلتهم وليشت مشكلتنا) حتى يومناهذا، للاجابة عنها وهي :"ما هو الانسان،؟ وما هو التنوير؟ " حيث ارتدت المعرفة الغربية إلى تساؤلات رعشاتها الأزلية الأولى من جديد، بعد موات أطروحتا (نظاما : العالم الاقتصادي الجديد و النظام العالمي الجديد) اللتان أنتجتا حروب تدمير العراق وحرب الإبادة على لبنان المؤدية إلى الفراغ والفوضى الكونية، بدعوى إعادة ترتيب وضعية البشرية،وترنيب أوراقها، وإعادة تحديد أولويات العالم الجديد ،مع فقدان البوصلات الموجهة ،وكوابيس تزأبق المعطيات، وانتفاء الحلول، والإنحشارفي ثلمة الحلقة المفرغة المرعبة ،التي يستحيل للمنطق الإرسطي الخالص،بأن ينتزعها من مكانها-حسب تعبير"أورتيغا إيجاست"
ومن هذا المنظور،فقد أخذت الأبحاث الأكاديمية في الغرب اليوم، تضرب أخماس في أسداس، باحثةعن البدائل،وتفكر–بجدية- في هول وعبثية تلك الصورة السوداوية للمستقبل المعتم لهذه الحضارة التي صبغت كل مناحي التفكير،وطرق تدبير شؤون البشرمنذ قرون، بضياغة تصورها الكوني المعرفي في قالب واحدي وأحادي مهاجم ، وصل الى قمة بهرجته في القرن التاسع عشر الأكثرالقرون بريقا وتهريجا وشؤما على شعوب العوالم المتخلفة،التي انتشت فيه المعلمات المظفرة للإمبيرياليات الأوروبية المكتسحة للمعمورة، و المتسترة وراء تنظيرات الأنوارالألمانية ( النتشية-الكانطية-الهيغلية) المؤصلة للنازية والفاشية والصهيونية والبراغماتية الأمريكية الداعية إلى المغامرات البشعة في العالم،أوعبرعبقريات التنوير الفرنسي (فولتير- مونتيسكيو-ديدرو) المنتجة للثورة الفرنسية الكبرى، المفرزة للديكتاتورية البونابارتية، والكولونياليات الفرنسية اللاحقة في إفريقيا السوداء،والمغرب العربي،وبلاد الشام،(سوريا ولبنان وغزو بيت المقدس) وأطروحات "عبء الرجل الأبيض" المسوغة لاستأصال الإثنيات والثقافات "الهمجية" ، وعبرالنفعيات ا لليبرالية الأنجلوساكسونية ،المنظرة لسطوة الإميراطورية البريطانية لتي لا تغرب عنها الشمس "الهادية" للشعوب الضالة ،حيث أدت عقائد 'آدم سميث" و"توماس هوبز" إلى تحويل الإنسان الأوربي،إلى رجل جشع،ومصاص دماء، والى"ذئب لأخيه الإنسان-حسب تحريض" هوبز"، والىمحتال ونصاب وأفاق، يروج للأكاذيب، ويزورالتاريخ البشري، ويبريراللصوصية لاكتساح البلدان، ودك العمران، وزهق الأرواح، وبيع أرض فلسطين – التي لا يملك منها شبرا واحدا- الى أخطرعصابة مرتزقة عنصرية في التاريخ المعاصر لصعاليك ظلمات همج التاريخ واقامة "دولة ديموقراطية حداثية عصرية"مؤسسة على أغرب وأبشع تنظير لاعقلاني بتقاليد (خرافية -ماروراء –ميتافيزيقو- قبرية)،بأكبرسيناريو"هوليودي"غربي جماعي بشع، بمصادقة "المجتمع الدولي الإنساني" وتواطء كل ديموقراطيات العالم، المتحضر،عبربؤر وأوكار"مافياته" التي يطلق عليها تحقيرا لعقول الأنام ب"المنظمات الدولية والهيئات الإنسانية" التي -للغرابة- لانرى لها أثرا لا في غزة ولا في العراق أو الصومال أو افغانستان أوجنوب السودان، ولا تتواجد إلا في أماكن تأجيج الصراعات الإثنية الداخلية ، التي تمهد الطرق وتعبد المسالك للدول الغربية المفترسة للانقضاض والتدخل بغرض "الحماية" و"الامن " و"التدويل"حيث حلت هذه "المنظمات الإنسانية-للغرابة- محل الارساليات التبشيرية اليسوعية، في مراحل الغرب الكولونيالية بالأمس القريب
وتزداد الأمور تعقيدا عندما يتم التوصل إلى مسلمة وجود عامل ميكروبية الفناء والانهيارحتى داخل التقدم العلمي الفائق في هذه الحضارة ،ذلك التقدم الذي تحول إلى آسيا بفعل"هجرات العقول العكسية المضادة" من دول الغرب نحو الصين ،وكوريا واليابان وإيران و تركيا،وماليزيا،وأندونيسيا وستغافورة وهونغ –كونغ،وذلك بعد نهاية وهم أكذوبة"الوفرة الاقتصادية"وبزوغ المستقبل الأسود المريع المالي في أوروبا وأمريكا، مع تزايد الإفلاس اليومي للشركات الكبرى المتعاقدة مع مراكز البحوث المتخصصة ،وشح مصادر التمويل من طرف الحكومات (فلا يزيد ما يتقاضاه الباحث المتخصص في التقنيات العليا في فرنسا،عما يتقاضاه ساعي البريد فيها-على سبيل المثال- مما أدى إلى الإضراب الجماعي لهؤلاء في عام 2008 والتهديد بالهجرات خارج البلاد)،
و كما تبين في لقاء"شنغهاي"الأخيرلعام 2009، فإن التقنية العلمية انتقلت بكاملها إلى آسيا، وهناك من يضم روسيا ألى هذه المنطقة ،لان أكثر من ثلث أراضيها مسلمة، أومتاخمة للمناطق الأسيوية المسلمة أوالبوذية، او البراهماتية،أو الكونفوشيوسية،علما بأنه ليست هي المرة الأولى التي تنهار فيها الحضارة الأرقي والأكثر تقدما في التاريخ، مما يزيد المشتغلين بالشان الغربي ارباكا وتشويشا،الذين توصلوا الى يقينية أن شمس الحضارة المقبلة ستشرق من جديد من مشرقها، وأن غروبها عن الغرب لا ريب فيها حيث تضم لائحة الوارثين الجدد تلك الدول الشرقية الأصلب عودا والأقل مكسرا وهي : الصينيون (الكونفوشيوسيون) ،والروس ( الأرثوذوكس القيصريون) و الإيرانيون ( الفرس الشيعة)، والأتراك(التتارالسنيون) الذين يقضون ليل نهار مضاجع الوليدين الشعيين للغرب المنهار:إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية ، اللذان يعانيان اليوم أكثرمن أي وقت مضى، من الأعراض الباثولوجية الإكلينيكية ،للتفكك والانهيار والنهاية الحتميةلأنظمتهما، بالرغم من هذاءات وألاعيب أوباما المسرحية ،وشطحات ساديات ناتانياهوالتلمودية ،وخربشات مجموعة بروكسل المهترئة المتواطئة، وترقيعات المنظمات الدولية التحايلية، وخنوع وخيانات الأنظمة العربية المعتدلة ومساندتهما في اطالة أمدهما في السر والعلن بالتضحية بشعوبهم وبخيرات بلدانهم ..وتلك وأيم الحق من أكثر الأشياء عجبا في هذا الزمن(الأمريكي –الإسرائيلي ) الغريب
أين هم العرب اللاهون؟
والملاحظ أنه لا ذكر للأعراب الجدد في قائمة الوارثين للحضارة الغربية المنهارة،، بالرغم من عزهم النفطي، وتعاليهم في البنيان، وعلو شأوهم في المال، وذيع سيطهم في التأمرك والتغرب والتأسرل، و التحديث الفج والتحضر القمئ، مع كثرة أحزابهم ومنظماتهم وجمعياتهم المدنية و كثرة تهاطل بذاءات مبدعيهم ومبدعاتهم ومتنوريهم ومتنوراتهم واعلامييهم تهريج قنواتهم ، بل ومن المضحك-ذلك الضحك المرير الثقيل الضحل، الذي هوأخبث انواع الضحك- حسب صمويل بيكيت" أن هؤلاء العرب المحدثون،هم من يجاهد في إطالة أمد هذه الحضارةالمنهارة في السربضخ المزيد من الأموال في الأبناك الغربية المنهارة، والإستثمار في المشاريع الأجنبية المشبوهة والمساهمة في تحريك ماكينات الصناعات الغربية الرهيبة ،لإصرارهم على البقاء مجرد متسكعين لاهين ومعربدين على هذا الكوكب،بالإستهلالك المحموم لكادجيات الغرب مثل الأطفال والمراهقين والتطبيع النفسي والأخلاقي والسلوكي والثقافي مع الأسرلة والأمركة والتأورب،وفي العلن عن طريق "النخب"التنويرية" اللامعة التي تمارس ساديتها ونرجيستها على الأمة تى يستقرفي قيعان لاشعورها،أنه لا سبيل إلى التغلب على بني صهيون،لا بالنفير ولا بالنقير،وأنه لا مناص لها من "الحداثة الغربية"ونبذ التراث جملة وتفصيلا، والقبول بالعيش المشترك والاندماج الكلي مع "تراث البشرية الأعظم ":التراث العبري"، أو الطوفان، ولا عاقل يدري عن أي تراث يتحدثون ! وأي حداثة يلهجون بها ويدندنون !، وبأي طوفان يهددون !!!
للبحث صلة
د‌. الطيب بيتي العلوي:باحث مغربي في العلوم الأنثروبووجية /باريس/فرنسا


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.