تفاصيل الاحكام السجنية الصادرة في قضية "التسفير"    دعما للتلاميذ.. وزارة التربية تستعد لإطلاق مدارس افتراضية    ترامب يبحث ترحيل المهاجرين إلى ليبيا ورواندا    الدوريات الأوروبية.. نتائج مباريات اليوم    جلسة عمل بين وزير الرياضة ورئيسي النادي البنزرتي والنادي الإفريقي    نصف نهائي كأس تونس لكرة اليد .. قمة واعدة بين النجم والساقية    ملكة جمال تونس 2025 تشارك في مسابقة ملكة جمال العالم بالهند    مهرجان «كنوز بلادي» بالكريب في دورته 3 معارض ومحاضرات وحفلات فنية بحديقة «ميستي» الاثرية    تونس: مواطنة أوروبية تعلن إسلامها بمكتب سماحة مفتي الجمهورية    الاتحاد الجهوي للفلاحة يقتحم عالم الصالونات والمعارض...تنظيم أول دورة للفلاحة والمياه والتكنولوجيات الحديثة    تحسّن وضعية السدود    معدّل نسبة الفائدة في السوق النقدية    عاجل: بينهم علي العريض: أحكام سجنية بين 18 و36 سنة للمتهمين في قضية التسفير مع المراقبة الإدارية    القيروان: هلاك طفل ال 17 سنة في بحيرة جبلية!    اللجنة العليا لتسريع انجاز المشاريع العمومية تأذن بالانطلاق الفوري في تأهيل الخط الحديدي بين تونس والقصرين    تحيين مطالب الحصول على مقسم فردي معدّ للسكن    المانيا.. إصابة 8 أشخاص في عملية دهس    تونس تسجّل أعلى منسوب امتلاء للسدود منذ 6 سنوات    عاجل/ تحويل جزئي لحركة المرور بهذه الطريق    مأساة على الطريق الصحراوي: 9 قتلى في حادث انقلاب شاحنة جنوب الجزائر    عاجل: إدارة معرض الكتاب تصدر هذا البلاغ الموجه للناشرين غير التونسيين...التفاصيل    عاجل/ أمريكا تجدّد غاراتها على اليمن    تونس تستعدّ لاعتماد تقنية نووية جديدة لتشخيص وعلاج سرطان البروستات نهاية 2025    اتخاذ كافة الإجراءات والتدابير لتأمين صابة الحبوب لهذا الموسم - الرئيسة المديرة العامة لديوان الحبوب    النّفطي يؤكّد حرص تونس على تعزيز دور اتحاد اذاعات الدول العربية في الفضاء الاعلامي العربي    عاجل/ زلزال بقوة 7.4 ودولتان مهدّدتان بتسونامي    الشكندالي: "القطاع الخاص هو السبيل الوحيد لخلق الثروة في تونس"    الليلة: أمطار رعدية بهذه المناطق..    جريمة قتل شاب بأكودة: الإطاحة بالقاتل ومشاركه وحجز كمية من الكوكايين و645 قرصا مخدرا    مدنين: مهرجان فرحات يامون للمسرح ينطلق في دورته 31 الجديدة في عرس للفنون    عاجل/ تسجيل إصابات بالطاعون لدى الحيوانات..    غرفة القصّابين: أسعار الأضاحي لهذه السنة ''خيالية''    منوبة: احتراق حافلة نقل حضري بالكامل دون تسجيل أضرار بشرية    سليانة: تلقيح 23 ألف رأس من الأبقار ضد مرض الجلد العقدي    مختصون في الطب الفيزيائي يقترحون خلال مؤتمر علمي وطني إدخال تقنية العلاج بالتبريد إلى تونس    فترة ماي جوان جويلية 2025 ستشهد درجات حرارة اعلى من المعدلات الموسمية    الانطلاق في إعداد مشاريع أوامر لاستكمال تطبيق أحكام القانون عدد 1 لسنة 2025 المتعلق بتنقيح وإتمام مرسوم مؤسسة فداء    حزب "البديل من أجل ألمانيا" يرد على تصنيفه ك"يميني متطرف"    جندوبة: انطلاق فعاليات الملتقى الوطني للمسرح المدرسي    فيلم "ميما" للتونسية الشابة درة صفر ينافس على جوائز المهرجان الدولي لسينما الواقع بطنجة    كلية الطب بسوسة: تخرّج أول دفعة من طلبة الطب باللغة الإنجليزية    بطولة افريقيا للمصارعة بالمغرب: النخبة التونسية تحرز ذهبيتين في مسابقة الاواسط والوسطيات    خطر صحي محتمل: لا ترتدوا ملابس ''الفريب'' قبل غسلها!    صيف 2025: بلدية قربص تفتح باب الترشح لخطة سباح منقذ    تطاوين: قافلة طبية متعددة الاختصاصات تزور معتمدية الذهيبة طيلة يومين    إيراني يقتل 6 من أفراد أسرته وينتحر    الرابطة المحترفة الثانية : تعيينات حكام مقابلات الجولة الثالثة والعشرين    الأشهر الحرم: فضائلها وأحكامها في ضوء القرآن والسنة    الرابطة المحترفة الأولى (الجولة 28): العثرة ممنوعة لثلاثي المقدمة .. والنقاط باهظة في معركة البقاء    ريال بيتيس يتغلب على فيورنتينا 2-1 في ذهاب قبل نهائي دوري المؤتمر الاوروبي    أبرز ما جاء في زيارة رئيس الدولة لولاية الكاف..#خبر_عاجل    الصين تدرس عرضا أميركيا لمحادثات الرسوم وتحذر من "الابتزاز"    الجولة 28 في الرابطة الأولى: صافرات مغربية ومصرية تُدير أبرز مباريات    صفاقس ؛افتتاح متميز لمهرجان ربيع الاسرة بعد انطلاقة واعدة من معتمدية الصخيرة    "نحن نغرق".. نداء استغاثة من سفينة "أسطول الحرية" المتجهة لغزة بعد تعرضها لهجوم بمسيرة    خطبة الجمعة .. العمل عبادة في الإسلام    ملف الأسبوع.. تَجَنُّبوا الأسماءِ المَكروهةِ معانِيها .. اتّقوا الله في ذرّياتكم    أولا وأخيرا: أم القضايا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المقاومة من منطلق ديني 1/ 2
في مقاومة الهيمنة اكتساب للكرامة :
نشر في الشعب يوم 02 - 06 - 2007

اخترنا من كتاب «asking we walk» (*) الذي يعتبر الكتاب المفتوح لحركة المنتدى الاجتماعي العالمي الساعية لعولمة بديلة، والذي شارك فيه العشرات ن المفكّرين حول العالم تحت اشراف كورين كومار الكاتبة العامة لمنظمة طالار (العمران الجديد) وهي شبكة عالمية يرأسها نلسون مانديلا، مقالا لمفكّر من ماليزيا، شاندرا مظفر معنون:raising dignity reseisting hegemony.
والمؤلف يلخص بنفسه حياته في كلمتين هي:
السعي الى العدالة وهوو الآن يرأس شبكة عالمية تسمّى «الحركة العالمية من أجل دنيا عادلة» وتنشر وتوزع في دولة، شهرية «كومنتري» مَُّمٍٍُ.
وتصرفنا في الترجمة بتلخيص ما أمكن تلخيصه تفاديا للإطالة. ولكننا خفنا المس بتسلسل منطق المؤلف، فأبقينا على جل ما أتى في المقال كما هو لننشره في جزئين.: الكتاب كله بصدد الترجمة الى الفرنسية، وربّما الى العربية ولغات أخرى.
الحبيب حواس
تجليات الهيمنة:
يعرض الأستاذ المناضل الهيمنة العالمية فيلاحظ أنّها متعدّدة الوجوه:
أوّلا: عسكرية: فهيمنة أمريكا على الكون في هذا المجال برّا وبحرا وجوّا، بما لا يضاهي من قوة تتواصل بالتأثير على جل حكومات العالم، وكذلك على النخب التي تدين لها بصغة أو بأخرى، لتجد هذه الهيمنة تعبيرها في المؤسسات الدولية وعلى مجلس الأمن بالخصوص.
أمّا هيمنتها الاقتصادية فتتمثل في نجاحها في املاء الشروط العامة بكيفية تُغلب الليبرالية الرأسمالية وفي تأثيرها على مصادر التمويل وقدرتها على لخبطة موازين التجارة والصرف لتجعل المؤسسات العامة عرضة للإفلاس والخوصصة. وهو ما يعطي لدولارها سلطة تخوّل لها الاستمرار في حجم استهلاك جنوني على حساب الانسانية جمعاء.
وهو ما يدفعها الى التحكم في جزء هام من التدفق الإعلامي العالمي ويخوّل لها تقديم المأكول والملبوس والمرئي والمسموع الآتي من الولايات المتحدة الأمريكية (ءسص) كأحسن ما تتمتع به ذات الانسان عبر العالم خاصّة وأنّ تدريبات الجامعات الأمريكية التي تعتبر أكبر مادة مصدره منها تلمّع كل ذلك على الدوام بمفاهيم عن الحرية والقيمة الذاتية للشخص والتقدمية والحركية والتطوّر، مفاهيم من شأنها أن تستعمر القلوب والعقول () وهذا ما يعتبره شاندرا مظفر، المظهر اللين للهيمنة.
ويعرّج المحلل الى العلاقة التعايشية كىُُّىقٌٍّس، بين عقيدتي الرأسمالية والصهيونية، واحتياج ساستهما لبعضهم البعض وهذا ما توضح بصفة جلية بعد سبتمبر في تناغم مشاريعهما المعلنة في الشرق الأوسط الجديد (أو الكبير) ومحاولات تجنيد العملاء لها من كليهما. فيقول الأستاذ المناضل:
«ولقي هذا الرباط في السنوات الأخيرة دعما عبر طائفة «الحق المسيحي ُّوهىز َفىَُّّىْو» إذ يعتقد قطاع غير يسير من هذه الطائفة اعتقادا حميما بأنّ المسيح لن يتسنّى له الرجوع على الأرض إلاّ متى كانت إسرائيل معافاة، آمنة ومهيمنة، وبرجوع المسيح تغمر المسيحية العالم كلّه. وكل من يعيق القوّة الاسرائلية وجب محقه.
هذه القرابة الحميمة بين الصهيونية و «الحق المسيحي» تمّ ختمه بإيديولوجيا «الصهيونية المسيحية» التي ترنو الى إعطاء قناع مسيحي، مغشوش لتبرير مشاريع الاحتلال والتوسّع للصهيونية في الشرق الأوسط.
فصارت المسيحية الصهيونية، التي تحظى بعدد ضخم من المنخرطين، بهذا التحالف المتين المتداخل الشبكات مع قوى الهيمنة و «الحق المسيحي» بصفة عامة في يومنا الحاضر هي ولا الصهيونية التي توفر السند الانتخابي والشرعية لنظام يبحث عن الهيمنة الشاملة!!
ويرد الدكتور مظفر على من يدعي أنّ هذه الهيمنة لا ترد وقد تجنى منها فوائد فيقول:
هيمنة مناسبة ؟
هل هي مناسبة ومقبولة هاته الهيمنة كما يروج دعاتها في الغرب وفي الشرق؟ كيف يكون ذلك صحيحا وهي التي بدأت منذ خطواتها الأولى مع الحرب العالمية الثانية بملايين القتلى وما انفكّت تنشر الفناء والدمار وتريق دم الأبرياء ولا تعفيهم من التعذيب ومن التجاوزات الشنيعة، وما أبو غريب إلاّ مثال منها. وكيف تكون كذلك وهي التي ترسي وتصون أينما حلّت النفوذ المطلق لأقلّية مهمِّشة لكل ما هو دونها وهو ما يمثل وخزة عار في شرف الانسانية جمعاء وكرامتها.
هل هي مناسبة هاته الهيمنة لما توسع الهوّة الفاصلة بين أقلية قليلة من المحظوظين والأكثرية الساحقة من الجنس البشري التي تبقى تجاهد حياتها لتسد الرمق؟
هل يمكن للضحايا اعتبار العولمة (المهيمنة) مناسبة وهي ترى تدفق العملة عبر الحدود يهدّد تحطيم الاقتصاديات بالكامل ويسبب طرد الملايين من عمالهم ويجبر ملايين أخرى للعيش في الحضيض؟
كيف تكون مناسبة الهيمنة الأمريكية لما تقولب الثقافة على الصعيد الكوني وتهمش ثقافات وتسلط أذواقها وقيمها كنماذج عليا وجب الاقتداء بها على كل البشر. هل هي مناسبة هذه الهيمنة التي تهين وتحقر ديانة خمس الإنسانية وتنسب تعاليمها الى شر الشياطين لغاية التمويه وتعليل اجتياح أراضيهم وسرقة ثرواتهم؟ كيف تكون مناسبها الهيمنة حين تنمي الضغينة وقلة الثقة والخلافات بين الشعوب ذات الديانات والثقافات والحضارات المختلفة؟
المقاومة الإسلامية:
إذا بدأنا بملاحظات عامّة: فبالنسبة للجماهير المسلمة ربما لا يوجد بطل أكبر من ذاك الذي يقف ضد الهيمنة الغربية حتى في صورة عدم وجود نجاح ملموس، فان مجرد مقاومة قوّة جامحة يكفي في الغالب لكسب التأييد والترحيب والاستبشار: د. محمد مصدق الوزير الإيراني الذي حاول كسر أقفال الغرب عن نفط بلاده سنة ، وجمال عبد الناصر الذي أمم قناة سويس انهال عليهم تهليل العز والافتخار من طرف المسلمين في كل أرجاء العالم. وكذلك سوكارنو وياسر عرفات وآية الله الخميني لمّا أطاح بشاه إيران عميل ال . و . م سنة ود.موهاتير محمد، لرفضه التعامل مع تلاعبات صندوق النقد الدولي والمضاربين بالعملة الغربية في أزمة آسيا النقدية ل ، نالوا إعجاب الأمّة الإسلامية كأبطال ورموز لمقاومة الهيمنة الغربية، وأما اليوم فمعبود الأمة من المغرب حتّى مليزيا فهو اللبناني السيد حسن نصر الله، الذي لا فقط قاوم بنجاح الاجتياح الاسرائيلي بل كبّد قواته المسلّحة خسائر كبيرة.
غني عن التوضيح لماذا الجماهير الاسلامية تكن مثل هذا التقدير لشجاعة المقاومة: المسلمون ككل واعون بعمق جرح المظالم التي وجهت ضدهم من طرف الاستعمار الغربي وكيفية تكوّن اسرائيل هو مثل ساطع.
فحتّى تعوّض عن فشلها في حماية يهود أوروبا من المحرقة النازية عملت الأمم الغربية على نحت دولة اسرائيل عبر طرد السكان الأصليين من أرضهم واحتلالها ثمّ التوسّع باستعمال القوّة العسكرية الغاشمة وممّا زاد في غضب المسلمين معرفتهم أنّ عربدة اسرائيل الوقحة ترجع أصلا الى حاميها ومنقذها وسيد وجودها وأعمالها: أي هاته الدولة العظمى المسيطرة على العالم، وكارثة سلب الفلسطينيين أرضهم وما تبع ذلك من مآس لملايين النساء والرّجال والأطفال، بعثت في وجدان المسلمين كلّهم التعاطف الممزوج بالغضب وحتّى المآسي الأخرى في المنطقة التي أثارت شعور المسلمين مثل الاعتداء الإسرائيلي على لبنان ( ) والتي خلّفت موتى ثلثهم أطفال، فهم يربطونها بصفة أو بأخرى بكارثة فلسطين.
منذ وطنان مسلمان لحقتهما عجلة الاحتلال الغربي: أفغانستان، العراق والآن هناك مقاومة عتيدة ضد قوات ال «الناتو» في افغانستان.. وهو من الغلط أن نعتبر أنّ المقاومة من فعل طالبان وحدهم. ولكن اهتمام المسلمين والعالم مسلط أكثر على اجتياح العراق منذ من طرف القوات الأنلو الأمريكان وبقطع النظر عن كون الاحتلال وقع خارج القوانين الدولية وليس له ما يبرره فإنّ استمراره بالقساوة التي نراها كل يوم هو الذي صدم الكثير وخلّف جرحا لا يضمد في ضمير الأمّة من فرط بشاعته...
والذي زاد في غضب المسلمين بالنسبة للعراق المحاولات اليائسة التي قامت بها النخب الأمريكية والأنليزية والاتجاه العام للإعلام الأمريكي في تغطية الأسباب الحقيقية للاحتلال. شهور قبل ذلك عرف الرأي العام العالمي بأنّ السبب الأصلي يكمن في النفط العراقي وإرادة التحكّم فيه، فالعراق كان ثاني مصدر للنفط في العالم. وأغلب النفط المصدّر يتدفّق تحت أقدام المسلمين فكان تسليط الضغط على أكبر الدول المسلمة المصدرة يقود أهم مظاهر سياسات الهيمنة ولا فائدة في التأكيد أنّ المقاومة لهاته السياسات كانت احدى النضالات المزمنة للقادة المسلمين الذين يرومون السيادة على اقتصادهم والاستقلال في سياساتهم.
ولكن في نفس الوقت هناك من النخب الاسلامية (خاصة تلك التي تسهر على مكامن ضخمة نفطية) من اختار التحالف مع قوى الغرب يعطوها نفط الأمة لغاية حماية مصالحهم الضيقة. هذه النخب الشديدة القبضة والتي لا تحظى بتعاطف مخلص أو احترام كبير من طرف شعوبها، تكوّن سببا آخر لتنامي الكره تجاه الهيمنة الغربية وسط العالم الإسلامي. ولهذا يبدو التصدي للنخب المحلية لكونها إمّا عميلة للغرب أو متمعشة منه كهدف مهم لكثير من الحركات الإسلامية. هذه الحركات لها اعتقاد بأنّ على الأجندا الأمريكية هي وحلفاؤها بخصوص الشرق الأوسط كلمتان اثنتان لا ثلاثة، النفط واسرائيل، تمررهما بوساطة خدّامها (ََُّىَىح) المحليين. أمّا بقية ما تعلنه من أهداف لطيفة من حين لآخر فتمويه في تمويه. وليس أبدا في نيتها مثلا أن تأتي بالحرية والديمقراطية للشرق الأوسط. وموقفها مع أوروبا تجاه نجاح حماس في جانفي في الانتخابات التشريعية الفلسطينية تفضح عدم صدقهم. فعوض احترام اختيار الشعب وتسهيل عمل حكومة حماس المنتخبة ديمقراطيا (مثلما تتصرف تجاه اسرائيل) خرجوا كلهم للضغط على حماس بقطع الإعانة المالية وفرض العقوبات الاقتصادية وذهبوا حتّى الى تأييد اختطاف ثلث وزراء حكومة حماس من طرف السلطات الاسرائيلية ()! شروط مسبقة يضعونها لمعاضدة حق حماس في الإدارة والتحرك هي تخليها مبدئيا عن العنف والاعتراف بإسرائيل وعبثا أن ردّت قيادة حماس عن حق بأنّ على اسرائيل بصفتها القوّة المحتلة أوّلا أن تنسحب من الضفة الغربية وغزّة، والاعتراف بالسلطة الفلسطينية على الأراضي المحتلة وتقبل سيادتها عليها كدولة مستقلة عاصمتها القدس الشريف، فإنّ الغرب غير مستعد لإقناع تل أبيب للتحرك في هذا الاتجاه ولو أنّ الشيء المطلوب مطابق تماما لقرارات الأمم المتحدة وللقانون الدولي. واضح أنّ ما يريده الغرب من حماس هو قبولها للتصوّر الإسرائيلي لدولة فلسطينية تكون نوعا من بانتس لاند (َفََُُِّّّّف) تحت الرقابة الاسرائيلية. إذا كانت الديمقراطية تدفع المقاومة الى هذا فالأولى بالغرب أن يمحو الديمقراطية من قاموسه. الديمقراطية الوحيدة المقبولة من حكومات أمريكا وأوروبا هي تلك التي تشرّع لهيمنتهم وسيطرة اسرائيل على الشرق الأوسط .
إنّ نفاق الغرب مع الديمقراطية يتماشى مع منطق المكيالين الصارخ الذي يتوخاه في تعامله مع مختلف الدول في الشرق الأوسط. فأمريكا مع بريطانيا وألمانيا وفرنسا هم بصدد ممارسة ضغط جبّار على إيران لإيقاف تخصيب الأورانيوم لخوفها من قرب تمكنها من صنع قنابل ذرية. ورغم أنّ إيران تؤكّد أنّ برامج بحوثها سلمية الغاية وأنّها مستعدة للسماح للوكالة العالمية للطاقة الذرية (و . عا . طا .ذ) كي تستمر في مراقباتها الشاملة والفجئية فإنّ الأنظمة الأوروبية الأربعة تُبقى على شكها (وضغوطها).
والى حد الآن فانّ هاته الدول الأربعة عارضت بقوّة أي محاولة لإقناع اسرائيل لفتح منشآتها النووية لأي تفقد من طرف (و . عا . طا . ذ) أو من أي كان آخر. بينما الكل يعلم أنّ اسرائيل تملك رأس نووي. بتعبير آخر: إيران لا يسمح لها حتّى مواصلة بحوثها السلمية بينما اسرائيل لا تطالب حتّى بإعطاء معلومات عمّا تكسبه من قنابل ذرية ( ! )
إنّ مثل هذا الكيل بالمكيالين المشين هو الذي يغضب الأمة ويقوّي عزمها على مقاومة الهيمنة الغربية مهما كان الثمن.
في كلمات: الكيل بالمكيالين، النفاق، الأنظمة العميلة، التحكم في النفط، افغانستان، العراق، فلسطين، لبنان، هي كلّها غذاء لطاحونة المقاومة قد ينزاد عليه ليحفزه استهداف الأقليات الإسلامية في كثير من البلدان الغربية وحتّى غيرها وصعود الإسلاموفوبيا كظاهرة عالمية وبعض الحوادث الطارئة مثل الصور الكاريكاتورية التي ظهرت في الدنمارك وملاحظات البابا بنديكتو ةضظ، من الواضح أنّ ردود فعل المسلمين على هذه الاتجاهات أو الحوادث دليل على تنامي المقاومة ضد الهيمنة وهي تأخذ مسالك متعددة سوف ننظر الى اثنين منها:
حزب الله والقاعدة
إذ يعتبر العرب والمسلمون الأول كحركة تحرير وطنية بينما يعتبروا الثاني أحيانا كشبكة ارهابية عالمية.
حزب الله (حزب الإله) الذي بدأ كرد على اجتياح إسرائيل للبنان سنة هو أصلا حركة شيعية ولكن له أنصار عديدون بين السنة وحتّى بين السكان المسيحيين، والشيعة هي أكبر الطوائف الدينية الثلاثة في لبنان.
وحربه الموفقة ضد الاحتلال الإسرائيلي (انسحاب الجيش إلاّ من شبعا ماي ، وصد اعتدائه جويلية ) أعطاه شهرة وتأييدا لا في لبنان فحسب ولكن في كامل العالم الإسلامي. «والمستهدف الأول لحزب الله كحركة اختارت النضال المسلح، يتمثل في القوات المسلحة الاسرائيلية ولا في المدنيين الاسرائيليين، وإن سبق له أن قتل إسرائيليين غير ماسكين بالسلاح، كما وقع ذلك في حيفا في حرب .
وللحزب.. إلى جانب قوته المسلحة ذات التدريب والكفاءة العالية، جناح سياسي ومشروع خدمات مدنية وقد شارك في الانتخابات الأخيرة اللبنانية وفاز بعدد من المقاعد وله حتّى من يمثله في الحكومة اللبنانية وهو يدير برنامج خدمات واسع وفعّال يحتوي على طيف كامل من النشاطات، وهو يدير مدارس ومستشفيات، يبني الدور للفقراء ويسدي إعانة مالية مباشرة للمحتاجين، دون اعتبار لأي انتماء ديني.
هاته النشاطات تعكس إيديولوجية الحركة فهو يتبنى مقاربة توحيدية، كونية للإسلام. وقد بينّا كيف يتخطى عمله الاجتماعي الحدود الدينية، وفي نفس الاتجاه فله علاقات أخوية حميمة مع كل من اللائكيين والهيئات المسيحية وحتّى مع الحزب الشيوعي اللبناني الذي يتحالف معه وله ناشطات من النسوة في وسطه ومواقفه مرنة بالنسبة لدعوات تدخل الدين في الحياة الشخصية.
القاعدة: هي الأخرى بمعنى من المعاني رد فعل ضد الاحتلال: فتواجد عدد كبير من القوات المسلحة الأمريكية في قاعدة ظهران الجوية بالعربية السعودية سنة رأى فيه رئيس القاعدة أسامة بن لادن سبة للإسلام وللسعودية حيث البقاع المقدسة. وفي ضربت القاعدة ظهران مخلفة قتيلا وتبع الضربة انفجار بسفارتي كينيا وطانزانيا وفي عام كان الهجوم على حاملة الطائرات الأمريكية (كول) الراسية في خليج اليمن وقمّة الضربات كانت بالطبع في مجزرة سبتمبر والأكثرية الساحقة من أولئك الذين ماتوا في الهجوم على المركز التجاري العالمي في نيويورك وعلى البنتاون في واشنطن في هذا اليوم المشهود كانوا مدنيين. ومنذ ، يعتقد أنّ القاعدة مورّطة في مجازر مدنية أخرى (بالي أكتوبر ، مدريد وفي لندن ...)
وربّما يمكن تفسير تقتيل المدنيين بالرجوع الى إيديولوجيا القاعدة. فهي تقسم البشرية بنظرة مانوية الى العالم بين مؤمنين وكفّار. وحتّى من بين المؤمنين فهي لا تعتبر إلاّ الذين يتمسّكون بنظرتها الدغمائية المتصلبة للاسلام التي تشرّع لها قتل أيّ كان مسلما أو غير مسلم اللي يخرج عن دائرتها الضيقة.
وكثيرا ما ترجع القاعدة عقيدتها الى الوهابية، المرتبطة بداعية القرن الثامن عشر في نجد محمد بن عبد الوهاب الذي رأى العودة الى سلام صافي غير مشوّه بتأثيرات الشيعة والصوفية وخطابه يعتمد في الحقيقة على الحركية والشمولية الكامنة في الاسلام وينزوي به في مسلك ضيّق وصيغة متعصبة للدين. وبالتالي فلا نتعجّب أن يكون تأويل القاعدة لأحكام الإسلام (الشريعة) وخاصّة فيما يخص المرأة والغير المسلم، قديمة ومن غير هذا العصر، فالنساء مثلا ليس لهنّ أيّ دور في الشؤون العامة وتكاد تخلو من الحقوق في الميدان الخاص.
ومن أجل هذه المقاربة المتعصبة لم تجد هذه النظرة للإسلام تأييدا من طرف أغلبية المسلمين، وكثير من المحللين، مسلمين وغير مسلمين، يشكّون في صدق القاعدة كحركة تحرّرية.
وأظهر المرحوم روبين كوك الذي شغل منصب وزير خارجية أنلترا أنّ لفظ «القاعدة» مخترع من طرف ءة لتشير به الى قاعدة المعلومات بالحاسوب عن المجاهدين المنتدبين من كل أنحاء العالم والمدربين الذين كان يمسكها أسامة بن لادن ومن المؤكّد أنّ أسامة بن لادن نفسه كانت له علاقات وثيقة مع ءة لمّا كان هو ومجاهدين أخرين ينتمون الى المقاومة الاسلاموية الشديدة للاحتلال السوفياتي لأفغانستان في ال ت. وحتّى نائبه في القاعدة أيمن الظواهري كان، أو هو مايزال مخبرا لل ءة، حسب بعض التقارير السرية.
ومهما كانت الحقيقة بالنسبة للقاعدة، فدورها في المقاومة الإسلامية ضد الهيمنة جلب الانتباه إلى :
مكانة العنف في المقاومة
الاتجاه الإيديولوجي لهذه المقاومة
لمّا تتوخّى أعمال المقاومة بصفة مبيتة أعمال عنف ضد المدنيين، فمهما كانت نبيلة مطامحها، فهي تفقد كل مصداقية إذ لا يمكن اعتبار هذا العنف إلاّ ارهابا، وارهاب القاعدة مس المقاومة الاسلامية ضد الهيمنة وشوّهها إلى أبعد الحدود وكل الحركات الاسلامية المقاومة للهيمنة عليها ، لا فقط التخلي عن الارهاب بكل مظاهره ولكن أيضا القيام بحملات جدية ضد هذا العنف المستهدف حياة الأبرياء والخالي من أي معنى وأي فكر .
في نفس الوقت على المناهضين للهيمنة العالمية التأكيد أنّ ايديولوجيتهم كونية لا تقصي أحد وتبغي التقدّم للجميع، والغاية من النضال ضد الهيمنة، يجب أن تكون قبل كل شيء في سبيل كرامة كل واحد من بني آدم بقطع النظر عن الجنس أو الدين أو الانتماء الثقافي. وعلى نضال حزب الله ولو، الى حد معين، تجسيم هذا الوعد إذ لا يمكن لمقاومة الهيمنة التقدّم إذا كانت نيّتها في تعويض نظام قائم بآخر يكون ضيق الأفق، من غير هذا لعصر، ويعتمد الاضطهاد.
المقاومات الدينية الأخرى:
مجموعات من ديانات أخرى انخرطت هي أيضا في النضال ضد هيمنة العولمة ، واهتماماتها في مثل اهتمامات المسلمين، وإن أكّدوا على أشياء أخرى لم ترع باهتمامهم.
ومن بين المسيحيين شخصيات وجماعات مثل المركزية البروتستانت لمجلس الكنائس العالمي (ككٌّ) و «ملتقيات القساوسة الكاثوليك بآسيا و ال . و .م» يناوئون احتلال العراق والمظالم المقترفة ضد الفلسطينيين، وقد اتّخذوا أيضا مواقف مبدئية من الفقر المعولم ومن الديون والابتزاز العالمي. وهناك مجموعات أخرى مثل «باكس كريستيف َّىَُّّىْو ٍّفذ» (سلام مسيحي) و»الحركة العالمية المسيحية للسلام» و «السلام من أجل الحياة» المتمركزة في الفلبين وهم يقومون بحملات بالنسبة لكل هاته المسائل مع تأكيدهم على مسائل الحرب والتسليح.
هذه المسائل هي أيضا مهمّة لشق صغير من الطائفة البوذية وحاولت جمعية بوذية غير حكومية (جم . غي . حك اخد) عالمية تسمّى «شبكة عالمية للبوذيين الملتزمين» (ش . عا . بو . م خة) لتربط بين القضايا العالمية المتصلة بالعسكرية الشرسة والعولمة والمبادئ الأخلاقية للبوذية فهي ترى أنّ الاتجاه نحو الهيمنة إقتصادية كانت أو سياسية أو عسكرية هو في جذوره متأتّ من هوس الهيمنة والبذخ. وهذا الهوس أو التعلّق (َُّمٍموكفُُّّء) بالتعبير البوذي هو ما وجب التخلّص منه. وهو ، في آخر تحليل، تعلّق بما تعتبره الديانة السموم الثلاثة وهي : الجشع (لوبحا) والضغينة (دوزا) والغرور (موحا). ومن خلال انخراطها في مبارزات فعلية تجاه طوائف بوذية وغير بوذية في تايلاندا وغيرها، حاولت «شا . عا . بو . م» (خة) التدليل على النتائج الوخيمة لهذه السموم الثلاثة في وضعيات واقع الحياة.
كما أنّ جماعات هندوسية تقدمية في جهات مختلفة من الهند حاولت كذلك فهم الهيمنة العالمية بالاعتماد على المفاهيم المتجذرة في الفلسفة الهندوسية وحاجج البعض بأنّ المثل المقدسة ٌفملى ًىلمض ل «فازودهايفا كوكمباكام» (ٍفًفقٍُِِّّّث فًّىفولَِّّفض) الذي ينظر الى مجموع الأصناف البشرية كعائلة كبرى هو مستحيل التحقق في عالم استأثرت أقلية فيه بالثروة والقوّة والعلم. الهيمنة هي مناقض للوحدة المرتكزة على المساواة كما تصورها الكتب القديمة (فيدا) وهناك أفكار أخرى في كتب أخرى «لفوَّىَفِص» ضد البذخ والأنانية، تعتمد أحيانا لنبذ الهيمنة ومقوّماتها.
وحتّى نلخص الكلام فالمجموعات المسيحية والبوذية والهندوسية مثلت إضافات بالنسبة لاهتمامات المسلمين فيما يخص النتائج الفورية للهيمنة العالمية المتمثلة في مآسي كبرى مثلما هو الحال في فلسطين والعراق. المسيحيون وجّهوا التفكير نحو التحديات في عمق العسكرة والعولمة بصفتهما سببين يدفعان الى الهيمنة بينما حاول البوذيون والهندوس النظر إلى ما وراء الهيمنة والوصول الى هاته العقليات المغشوشة التي تقف وراءها و وراء استمرارها.
مع هذا، تبقى الملاحظة أنّ المواقف المتخذة من طرف هاته الجماعات المسيحية والبوذية والهندوسية، المناهضة للعولمة المهيمنة مازالت لم تتطوّر الى اتجاه عام وسط مجتمعاتها . فالأغلبية في هذه الأوساط كما في أوساط ديانات أخرى ليست متيفظة للقطيعة المطلقة (ٍَِّّّمخ) بين الهيمنة وتلك القيم الروحية والأخلاقية التي تكوّن القاعدة والمنطلق (مَْمث) لمعتقداتهم.
() ترجمناه ب «بالمساءلة نرتقي القمم» مع عنوان فرعي «الجنوب كخيال سياسي» وهو مهدى إلى كل من يتمرّد ويقاوم ويأبى أن يعرض عن أحلامه. انظر «الشعب عدد «.
() وقد نختزل نحن في تونس كل هذا في كلمة «حداثة».
() زاد على ذلك منذئذ أسر وزير آخر من حكومة الوحدة، إلى جانب ثلث أعضاء المجلس التشريعي......
الجزء القادم:


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.